أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-4-2018
2150
التاريخ: 27-4-2018
2194
التاريخ: 26-4-2018
2754
التاريخ: 2023-08-26
1137
|
هو أبو العباس أحمد بن المستضيء بالله. مولده يوم الثلاثاء 10 رجب من سنة 550ھ/8آب 1158م، أمه أم ولد تركية اسمها «زمرُّد خاتون»، أدركت خلافته، وكانت من أرغب النساء في فعل الخير وأكثرهن له فعلًا، ولها بِرٌّ وأفضال فضلت به أمثالها في الصدقات الجارية وعمارة المساجد والمشاهد والأربطة والمدارس وغيرها. بُويع له بالخلافة في صبيحة يوم الأحد غرة ذي القعدة من سنة 575ھ/29 آذار 1180م، وكان الناس قبل مبايعته في ضيق من الجدب، وغلاء الأسعار، وقلة الأمطار، وكثرة الأمراض، وتفشِّي الوباء، فجاءت الأمطار، وهبطت الأسعار، وعظم الرُّخْص، وأخذ الناس يهنِّئ بعضهم بعضًا بما عمَّهم من البركات. ثم حمى حريم الدولة باهتمامه وكثرة جنوده، وله آثار جميلة من عمارة المساجد والرُّبُط والمَشاهد على ما كانت تفعل أمه. وقد صنَّف كتابًا في الحديث سمَّاه «روح العارفين»، ثم أجاز لجماعة من أهل العلم وأصحاب الحديث، وقُرئ كتابه بجوامع مدينة بغداد وغيرها من البلاد، ثم جدَّد عزيمة في إزالة السلاطين السلجوقية الذين اهتضموا حقوق الخلفاء والرعية، واتخذ الوسائل الناجعة لقطع دابرهم من العراق. ثم ملك بلاد خُراسان بجيش أرسله إلى هناك، وكذلك دقوقا، وقلعة تكريت، وقلعة الحديثة، ثم ملك همذان، وأسقط ما كان بها من الملوك، وقتل السلطان طغرلبك السلجوقي بتدبير وزيره محمد بن القصاب، وبعث برأسه إلى بغداد، ثم أنشأ دُور الضيافات في سائر محال بغداد لفطور الفقراء في شهر رمضان، وعمَّرَ دارًا لوفد الحاج والغرباء وغيرهم، وأنفق عليهما أموالًا طائلة، ووقف خزائن كتب محتوية على جميع العلوم النافعة وجعلها وقفًا على المسلمين، ولم يبلغ أحد ممن قبله ما استجدَّ من الأبنية التي يبقى ذكرها ويضوع نشرها. وفي أيامه انتُزع بيت المقدس من أيدي الإفرنج على يد صلاح الدين الأيوبي، ومما أنشأه: رباط الحلاطية بمشرع الكرخ، مجاور مشهد عون ومعين، وتربة إلى جنب هذا الرباط، ودفن فيها جثة التي وقف الرباط عليها، وهي «سلجوقي خاتون» بنت السلطان قلج أرسلان مسعود ملك الروم، وكذلك رباط الحريم ورباط المرزبانية، وهذا الرباط بناه وعزم أن يقطع ويترك الخلافة زهدًا في الدنيا، وأنشأ في ذلك كتابًا بليغًا ليُقرأ على الناس، ثم بدا له غير ذلك. وقد وقف على هذه الأماكن وقوفًا متوفرة الحاصل، يبقى ذكرها ويحصل له أجرها، وله مناقب كثيرة وفضائل جمَّة ذكرها ابن الساعي الشنجا في كتاب في خمسة مجلدات سمَّاه كتاب «الروض الناضر في أخبار الإمام الناصر»، وكان الناصر ذا تفنُّن في تجسُّس الأخبار والوقوف على أسرار الناس، من ذلك ما نُقل عما جرى لصاحب مازندران حينما قدم بغداد، فإنه كانت تأتيه ورقة كل صباح بما عمل في الليل، فصار يُبالغ في التكتُّم، والورقة تأتيه بذلك، فاختلى ليلة بامرأة دخلت من باب السر، فصبحته الورقة بذلك وفيها: «كان عليكم دُوَاجٌ فيه صورة الفيلة.» فتحيَّر وخرج من بغداد، وهو لا يشك أن الخليفة يعلم الغيب؛ لأن الإمامية يعتقدون أن الإمام المعصوم يعلم ما في بطن الحامل وما وراء الجدار. وقال ابن واصل: «كان الخليفة مع ذلك رديء السيرة في الرعية، مائلًا إلى الظلم والعسف، ففارق أهل البلاد بلادهم وأخذ أموالهم وأملاكهم، وكان يفعل أفعالًا متضادة، وكان يتشيَّع ويميل إلى مذهب الإمامية.» وقال ابن الأثير: «وكان يفعل الشيء وضده، فكان يرمي بالبندق ويحوي الطيور المناسيب، وعُني بسراويلات الفتوة في البلاد جميعها إلا مَن يلبس منه سراويل يُدعى إليه. ولبس كثير من الملوك منه سراويلات الفتوة، وكذلك منع الطيور المناسيب لغيره إلا ما يُؤخذ من طيوره، ومنع الرمي بالبندق إلا مَن ينتمي إليه، فأجابه الناس بالعراق وغيره إلى ذلك، فكان غرام الخليفة بهذه الأشياء من أعجب الأمور، وكان سبب ما ينسبه العجم إليه صحيحًا، من أنه هو الذي أطمع التتر في البلاد وراسلهم في ذلك، فهو الطامة الكبرى التي يصغُر عندها كل ذنب عظيم.» وقال المؤرخون: قَلَّ بصر الناصر في آخر عمره، وقيل ذهب كله، ولم يشعر بذلك أحد من الرعية، حتى الوزير وأهل الدار، وكان له جارية علَّمها الخط بنفسه، فكانت تكتب مثل خطه فتكتب على التواقيع، وكان الماء الذي يشربه الناصر تأتي به الدواب من فوق بغداد بسبعة فراسخ، ويُغلى سبع غلوات كل يوم غلوة، ثم يُحبس في الأوعية سبعة أيام، ثم يشرب منه، ومع هذا ما مات حتى سُقي المرقد مرارًا، وشُقَّت آلته وأُخرج منها الحصى ومات منه. تُوفي ليلة الأحد سلخ شهر رمضان من سنة 622 (5 ت1 سنة 1225م)، ودُفن بدار الخلافة، ثم نُقل إلى تُربة الرصافة، فدُفن في جانب جده المستنجد بالله.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|