أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-10-2016
2360
التاريخ: 2024-08-24
288
التاريخ: 18-10-2016
1191
التاريخ: 2024-09-16
215
|
وكان من دعائه (عليه السلام) إذا نعى إليه ميّت (1) أو ذكر الموت (2):
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاكْفِنَا طُـولَ الأمَـلِ وَقَصِّرْهُ عَنَّا (3) بِصِدْقِ الْعَمَلِ، حَتَّى لا نُؤمِّلَ اسْتِتْمَامَ سَاعَةٍ بَعْدَ سَاعَةٍ، وَلاَ اسْتِيفَاءَ يَوْمٍ بَعْدَ يَوْمٍ، وَلاَ اتِّصَالَ نَفَسٍ بِنَفَسٍ، وَلا لُحُـوقَ قَدَمٍ بِقَـدَمٍ (4) وَسَلِّمْنَا مِنْ غُرُورِهِ، وَآمِنَّا مِنْ شُـرُوْرِهِ، وَانْصِبِ المَوْتَ بَيْنَ أَيْدِينَا نَصْباً، وَلاَ تَجْعَلْ ذِكْرَنَا لَهُ غِبّاً، وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ صَالِحِ الأعْمَـالِ عَمَلاً نَسْتَبْطِئُ مَعَهُ الْمَصِيرَ إلَيْكَ، وَنحْـرِصُ لَهُ عَلَى وَشْكِ اللِّحَاقِ بِكَ (5) حَتَّى يَكُونَ الْمَوْتُ مَأنَسَنَا الَّذِي نَأنَسُ بِهِ (6) وَمَألَفَنَا الَّذِي نَشْتَاقُ إلَيْهِ، وَحَامَّتَنَا الَّتِي نُحِبُّ الدُّنُوَّ مِنْهَا (7) فَإذَا أَوْرَدْتَهُ عَلَيْنَا وَأَنْزَلْتَهُ بِنَا فَأسْعِدْنَا بِهِ زَائِراً، وَآنِسْنَا بِهِ قَادِماً، وَلاَ تُشْقِنَا بِضِيافَتِهِ، وَلا تُخْزِنَا بِزِيارَتِهِ، وَاجْعَلْهُ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ مَغْفِرَتِكَ، وَمِفْتَاحاً مِنْ مَفَاتِيحِ رَحْمَتِكَ، أَمِتْنَا مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ، طائِعِينَ غَيْرَ مُسْتَكْرِهِينَ، تَائِبينَ غَيْرَ عاصِينَ، وَلا مُصِرِّينَ، يَا ضَامِنَ جَزَاءِ الْمُحْسِنِينَ، وَمُسْتَصْلِحَ عَمَلِ الْمُفْسِدِينَ.
(1) قوله عليه السلام: ميّت
الميت بالإسكان مخفّف الميّت بالتشديد، وقد جمعها الشاعر في بيت واحد:
ليس من مات فاستراح بميت *** إنّما الميت ميّت الأحياء
الأوّلتان على التخفيف والثالثة على التشديد، والأصل ميوت على فيعل من الموت، كما صيّت صيوت من الصوت، وصيّب صيوب من الصوب، وحيّز حيوز من الحوز، وقيم من القوم والقيام إلى غير ذلك من النظائر، نقلت كسرة الواو إلى الياء الساكنة فقلبت ياءً، ثمّ اُدغمت الياء في الياء، فقيل ميّت بالتشديد، ثمّ خفّفت الياء المشدّدة فقيل ميت بالتخفيف، قاله الجوهري (1) وغيره من علماء الأدب.
وإذ قد استبان أنّه فيعل لا فعل قد استوى فيه التذكير والتأنيث، فصحّ أن يجعل صفة للمؤنّث، كما يجعل صفة للمذكّر، من ثمّ قال عزّ من قائل في التنزيل الكريم الحكيم: {فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الزخرف: 11].
والفاضل البيضاوي ذهل عن ذلك في تفسيره تذكيره؛ لأنّ البلدة البلد والمكان ثمّ يرد عليه أيضاً أنّ المراد من البلد هاهنا البلدة بمعنى الأرض واحدة الأراضي لا البلد واحد البلدان، نصّ عليه الأدبيّون عن آخرهم الجوهري (2) وغيره.
وقوله «إذا نعي إليه ميّت» على ما لم يسمّ فاعله، يعني: إذا نعي ميت عنده ورفع إليه خبر موته. قال في المغرب: نعي الناعي الميت نعياً أخبر بموته وهو منعيّ، ومنه الحديث: «إذا لبست اُمّتي السواد فانعوا الاسم» وإنّما قال ذلك تعريضاً بملك بني العبّاس، وفي تصحيفه إلى فانعوا حكاية مستطرفة تركتها لشهرتها. انتهى قوله.
وقال صاحب الكشّاف في الفائق: وقد ذكر حديث النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يا نعايا العرب إنّ أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفيّة.
وروي يا نعيان العرب، وقال الأصمعي: إنّما هو يا نعاء العرب.
في نعايا ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون جمع نعي، وهو المصدر، يقال: نعي الميت نعياً نحو صأى الفرخ صأياً، ونظيره في جمع فعيل من غير المؤنّث على فعائل ما ذكره سيبويه من قولهم في جمع أفيل ولفيف أفائل ولفائف.
والثاني: أن يكون اسم جمع، كما جاء أخايا في جمع أخيّة، وأحاديث في جمع حديث.
والثالث: أن يكون جمع نعاء التي هي اسم الفعل، وهو فعال مؤنّث، وأخواتها وهنّ فجار وقطام وفساق مؤنّثات، كما جمع شمال على شمائل.
والمعنى يا نعايا العرب جئن فهذا وفتكنّ وزمانكنّ، يريد أنّ العرب قد هلكت.
والنعيان مصدر بمعنى النعي، وأمّا نعاء العرب فمعناه أنع العرب والمنادى محذوف.
الشهوة الخفيّة قيل: هي كلّ شيء من المعاصي يضمره صاحبه ويصرّ عليه. وقيل: أن يرى جارية حسناء فيغضّ طرفه، ثمّ ينظر بقلبه ويمثّلها لنفسه فيفتنها. انتهى كلامه(3) قلت: وعلى رواية نعيان بالضمّ يصحّ أيضاً أن يكون جمع ناع مثل راع ورعيان وباغ وبغيان، كما قاله في أساس البلاغة (4) وذكره ابن الأثير في النهاية (5).
(2) أو ذكر الموت
أي: زوال الحياة الكاذبة الجسدانيّة، والخروج عن ديار الطبيعة الفاسقة الجسمانيّة.
قال الراغب في المفردات، أنواع الموت بحسب أنواع الحياة.
الأوّل: ما هو بإزاء القوّة النامية الموجودة في الإنسان والحيوانات والنباتات، نحو قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الحديد: 17]، وقوله تعالى: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [ق: 11].
الثاني: زوال القوّة الحسّاسة (6)، قال عزّ وجلّ: {قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم: 23]، و{وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا} [مريم: 66]
الثالث: زوال القول العاقلة وهي الجهالة، نحو: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122]، وإيّاه قصد بقوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [الروم: 52].
الرابع: الحزن المكدّر للحياة، وإيّاه قصد بقوله تعالى: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم: 17].
الخامس: المنام، فقد قيل: النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل، وعلى هذا النحو سمّاها الله تعالى توفّياً، فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} [الأنعام: 60]، وقوله:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42]، وقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] فقد قيل: نفي الموت عنهم هو عن أرواحهم، فإنّه نبّه عن تنعّمهم، وقيل: نفى عنهم الحزن المذكور في قوله تعالى: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} [إبراهيم: 17]، وقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185].
فعبارة عن زوال القوّة الحيوانيّة وإبانة الروح عن الجسد.
وقوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] فقد قيل: معناه ستموت تنبيهاً أنّه لا بدّ لكلّ أحد من الموت، كما قيل: والموت حتم في رقاب العباد.
وقيل: بل الميت هاهنا ليس بإشارة إلى إبانة الروح عن الجسد، بل هو إشارة إلى ما يعتري الإنسان في كلّ حال من التحلّل والنقص، فإنّ البشر ما دام في الدنيا يموت جزءاً فجزءاً. وقد عبّر قوم عن هذا المعنى بالمائت، وفصّلوا بين الميت والمائت، فقالوا: المائت هو المتحلّل.
قال القاضي عبد العزيز (7): ليس في لغتنا مائت على حسب ما قالوه، وإنّما يقال: موت مائت كقولنا شعر شاعر وسيل سائل، والميت مخفّف عن الميّت يقال: بلد ميت وميّت، قال تعالى: {فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} [فاطر: 9]، وقال تعالى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [الفرقان: 49] والميتة من الحيوان ما زال روحه بغير تذكية، قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3]، وقال تعالى: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً} [الأنعام: 145].
والموتان بالتحريك بإزاء الحيوان، وهو الأرض التي لم تحيي لزرع وأرض موات. ووقع في الإبل موتان كثير بالضمّ. والمستميت المتعرّض للموت. والموتة شبه الجنون، كأنّه من موت العلم والعقل، ومنه رجل موتان القلب وامرأة موتانة. انتهى كلام المفردات (8).
قلت: بل الحقّ أنّ المائت في لغة العرب مسموع موضوع لمعنى، وأنّ معناه القابل للموت ما لم يمت، فإذا مات فلا يقال له: مائت بل إنّما يقال له ميّت. وقد نقل عن قدماء حكماء الإسلام في تحديد حقيقة الإنسان أنّه هو الحيّ الناطق المائت، وأنّ الموت متمّم حقيقة الإنسان.
قال الجوهري في الصحاح: قال الغرّاء لمن لم يمت أنّه مائت عن قليل وميت، ولا يقولون لمن مات هذا مائت (9).
وفي أساس البلاغة: فلان مائت من الغمّ ويموت من الحسد (10).
نعم يقال: أيضاً موت مائت أي: شديد، كما يقال: ليل لائل. وسيف سائف، فليعلم.
(3) قوله عليه السلام: واكفنا طول الأمد وقصّره عنّا
إن قلت: قد تكرّر جدّاً في الكتاب الكريم، وفي السنّة الشريفة، وفي أحاديث آل بيت الوحي والعصمة حثّ المؤمن على استكراه الحياة الدنيا والإعراض عنها، والاشتياق إلى الموت وتمنّيه، واستحقار دار النضرة البائدة، واستعظام دار البهجة الخالدة. وقد ورد أيضاً في أحاديثهم (صلوات الله عليهم) النهي عن طلب قطع الحياة يوشك الممات، وفي أدعيتهم المأثورة تأميل العمر وتأخير الأجل، فما وجه التوفيق بين ذا وذا؟
قلت: وجه التوفيق وسبيل التحقيق أنّ لهذه الحياة الدنيا اعتبارين:
اعتباراً لها بما هي هي، وبما أنّها تقلب في أرض الطبيعة الفاسقة المظلم ليلتها، وإقامة في قرية الهيولى السافلة الظالم أهلها، فهي بهذا الاعتبار هي المحثوث على مقتها، وعلى انصراف القلب عن الركون إليها، وإلى نضرتها الذاهبة ولذّاتها الكاذبة وتعتها اللازبة، والمحقوقة بتوقان النفس إلى رفضها والإشتياق إلى الموت الذي هو سبيل أرض الحياة القارّة الحقيقيّة وطريق دار البهجة الحقّة الإلهيّة.
واعتباراً بحسب ما أنّها مزرع المزاد للنفس في سبيل الاستكمال ومتجر الاسترباح للعقل في طريق الكمال، منها يتزوّد أولياء الله، وفيها يتأهّب حزب الحقّ للقاء الله. وهي بهذا الاعتبار ولهذا الامتياز لحاة دار القرار يستحبّ استبقاؤها ويطلب طول البقاء فيها، وإليه الإشارة في حديث أمير المؤمنين عليه السلام: بقيّة عمر المؤمن لا ثمن لها يدرك بها ما فات ويحيي بها ما مات.
وفي الحديث عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه عاد جابر (رضي الله تعالى عنه) في مرضه، فسأله عن حاله؟ فقال: حالي أنّ الموت أحبّ إليّ من الحياة، والمرض من الصحّة، والفقر من الغنى. فقال عليه السلام: ولكن حالنا أهل البيت على خلاف ذلك. قال: وكيف ذاك؟ فقال عليه السلام: إنّ أراد الله لنا الموت كان أحبّ إلينا، وإن أراد لنا الحياة كان أحبّ إلينا، وإن أراد لنا المرض كان أحبّ إلينا، وإن أراد لنا الغنى كان أحبّ إلينا. فقبّل جابر رأسه أو يده، وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وآله إنّك باقر تبقر العلم بقراً.
(4) قوله عليه السلام: حتّى لا نؤمّل استتمام ساعة إلى قوله: ولا لحوق قدم بقدم
إن قلت: أليس سبيل البلاغة التدرّج من الأضعف في إفادة المعنى المروم إلى الأقوى في ذلك؟ فكان الأحقّ أن يقال: حتّى لا نؤمّل استيفاء يوم بعد يوم، ولا استتمام ساعة بعد ساعة، ولا لحوق قدم بقدم، ولا اتّصال نفس بنفس.
قلت: وفيه وجهان:
الأوّل: أنّ مغزى الكلام قطع طول الأمل في اليقظة وعند النوم، وفي حالة القعود وفي حالة المشي. وبالجملة في الحالات كلّها على الاستيعاب، فلا نؤمّل في اليقظة استتمام ساعة بعد ساعة، ولا عند النوم استيفاء يوم مّا بعد النوم بعد يوم مّا قبل النوم (11)، ولا حالة القعود اتّصال نفس بنفس، ولا حالة المشي لحوق قدم بقدم.
الثاني: أن يكون المقصود مطابقة نظم الكلام لحال الواقع، كما ربّما يقال في قوله سبحانه وتعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255] أنّ السنة لمّا كانت قبل النوم جعلت في البيان أيضاً قبلاً، فحيث أنّ استتمام الساعة قبل استيفاء اليوم، وتتالي الأنفاس قبل تتابع الأقدام في الواقع، روعي تطابق الترتيب الذكري والترتيب الوجودي، فليعلم.
(5) قوله عليه السلام: ونحرص على وشك اللحاق بك
أي: لكونه السبب الباعث على وشك اللحاق بك، بفتح الواو وضمّها وإسكان المعجمة، يقال: عجبت من وشك هذا الأمر بالفتح، ومن وشكه أيضاً بالضمّ، ومن وشكاته بالفتح، ومن وشكاته أيضاً بالضمّ. أي: من سرعته، وخرج وشيكاً أي: سريعاً، وواشك فلان يواشك وشاكاً فهو مواشك، وكذلك أوشك يوشك فهو موشك. أي: استعجل وسارع وأسرع، فهو مستعجل مسرع مسارع، و«اللحاق» بالفتح مصدر لحقته ألحقه لحاقاً، أي: أدركته. وكذلك ألحقته ألحقه إلحاقاً، ومنه في حديث الدعاء: «ونخشى عذابك بالكفّار ملحق» على أحد الأقوال.
قال في المغرب: ألحق بمعنى لحق، ومنه إنّ عذابك بالكفّار ملحق أي: لاحق عن الكساء. وقيل: المراد ملحق بالكفّار غيرهم، وهذا أوجه للاستئناف الذي معناه التعليل.
وفي النهاية الأثيريّة: انّ عذابك بالكفّار ملحق. الرواية بكسر الحاء، أي: من نزل به عذابك ألحقه بالكفّار. وقيل: هو بمعنى لاحق في لحق، يقال: لحقته وألحقه بمعنى تبعته وأتبعته. ويروى بفتح الحاء على المفعول، أي: انّ عذابك ملحق بالكفّار ويصابون به. انتهى كلام النهاية (12).
(6) قوله عليه السلام: حتّى يكون الموت مأنسنا الذي نأنس به
وذلك لأنّ الموت حقيقته الإنتقال عن مضيق الزمان إلى عالم الدهر، والانصراف عن دار الغربة العارضة إلى الوطن الطبيعي المألوف، والمهاجرة من ديار الوحشة والسفالة إلى دار البهجة والكرامة. فيا أيّها المفتون بالحياة الكاذبة الجسدانيّة عن الحياة الحقيقيّة العقلانيّة، لا تخافنّ من الموت، فإنّ مرارته في خوفه، ولا تستحلينّ علاقة البدن، فإنّ حلاوته في رفضه.
(7) قوله عليه السلام: وحامّتنا التي نحبّ الدنوّ منها
بالتشديد، أي: خاصّتنا وخيرتنا التي نستحقّها بالاختيار، أو من الحامّة بمعنى خاصّة أخلّاء المرء وروقة أحبّائه وأقربائه. وإطلاق ذلك على الموت؛ لأنّه سبب الاتصال بهم، كما قال عمّار بن ياسر (رضي الله تعالى عنه) حين الشهادة يوم صفّين: الآن ألقى الأحبّة محمّداً وحزبه (13).
قال ابن الأثير في النهاية: وفيه ـ أي: في حديثه (صلّى الله عليه وآله) في أصحاب الكساء علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام): «اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي وحامّتي، أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً» حامّة الإنسان: خاصّته ومن يقرب منه، وهو الحميم أيضاً. ومنه الحديث: انصرف كلّ رجل من وفد ثقيف إلى حامّته(14).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الصحاح: 1 / 267.
2. الصحاح: 1 / 446.
3. الفائق: 3 / 109.
4. أساس البلاغة: ص 644.
5. نهاية ابن الأثير: 5 / 85.
6. في المصدر: الحاسّة.
7. وفي المصدر: القاضي علي بن عبد العزيز.
8. مفردات الراغب: ص 476 ـ 477.
9. الصحاح: 1 / 267.
10. أساس البلاغة: ص 607. وفيه: مات من الغمّ ...
11. في «ط»: يوم بعد اليوم بعد يوم قبل اليوم.
12. نهاية ابن الأثير: 4 / 238.
13. رجال الكشي: ص 30.
14. نهاية ابن الأثير: 1 / 446.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|