أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-04
625
التاريخ: 1-4-2016
16051
التاريخ: 29-3-2016
2435
التاريخ: 11-11-2021
3552
|
كان الرأي السائد فقها وقانونا في أواخر القرن التاسع عشر أن علاقة الموظف العام بالدولة هي علاقة تعاقدية ، وتعتبر من عقود القانون الخاص، ويختلف نوع العقد باختلاف نوع العمل المطلوب القيام به(1). فقد يكون هذا العقد هو عقد خدمات أو عقد وكالة أو عقد إجارة، فيعتبر عقد إجارة إذا عهد إلى الموظف القيام بأعمال مادية ، ويعتبر عقد وكالة إذا عهد اليه القيام بالتصرفات القانونية وهذه العقود هي عقود مدنية وبالتالي تكون خاضعة إلى أحكام القانون المدني والتي تحدد حقوق و واجبات الموظف تجاه الدولة التي تكون ناشئة وناتجة من العقد المبرم بين الطرفين (2).
ومن أنصار هذه النظرية هو الأستاذ ((perriquct)) الذي يرى أن ممارسة الوظائف العامة تعتبر نوعا من انواع الوكالة الأ أن يطبق فكرة الوكالة على العمال والمستخدمين الذين تقتصر مهمتهم على اعداد وتنفيذ القرارات من دون أن يكون لهم سلطة خاصة (3).
وعليه يحدد هذا العقد المبرم بين الموظف العام والدولة التزامات بين الطرفين ، وكل طرف يستمد مركزه القانوني من العقد المبرم بينهما ، وبالتالي لا يجوز تعديل أو فسخ العقد إلا بأراده الطرفين استناداً إلى قاعدة قانونية وهي أن ((العقد شريعة المتعاقدين)) (4).
ومازالت هذه النظرية تجد نوعا من الرواج والتأييد والترحيب والمقبولية بصورة أو بأخرى في الدول الأنكلوسكسونية مثل ((انكلترا والولايات المتحدة))(5).
ولقد لاقت هذه النظرية معارضة وانتقادات فقهية شديدة ولاذعة حتى أصبحت هدفا للنقد من كل جانب لعدم توفر الشروط الشكلية والموضوعية للعقد بين علاقة الموظف العام والدولة، وعليه سنبحث هذه الانتقادات من ناحية الشروط الشكلية والشروط الموضوعية (6).
فمن ناحية الشروط الشكلية فأن فكرة العقد في القانون المدني يقوم على مبدا التفاوض والمناقشة بين أطرافه من أجل تحديد المراكز القانونية بينهما ، ويتم ذلك من خلال تلاقي الايجاب والقبول لإبرام العقد من اجل اعتباره ثمرة هذا الاتفاق (7).
وهذه لا وجود لها في تعيين الموظف العام ،لأن المشرع هو صاحب القول والفصل في تعيين الموظف العام وتحديد حقوقه واجباته من دون أن يكون للموظف يد فيها أو موافقة منه، لذا يلاحظ غياب أي دور لأراده الأطراف في تحديد مضمون هذه العلاقة القانونية التعاقدية ،وبالتالي لاوجود للاتفاق بين الطرفين في تحديد الحقوق و الالتزامات ، بل أنها محددة في قوانين التوظيف ولا يجوز الاتفاق على مخالفة ذلك ،لأنها تعتبر من النظام العام(8).
ونظرا لغياب عناصر الحوار والنقاش والاتفاق على قدم المساواة بين طرفي العقد ، وهي العناصر الأساسية التي تميز العقد المدني عن غيره من العقود ،عليه لا يمكن وصف هذه الرابطة بأنها رابطة تعاقدية مدنية تخضع لأحكام القانون المدني (9).
وإذا كان الأمر كذلك من الناحية الشكلية فأنه يمكن القول إنه من الناحية الموضوعية أن النظرية التعاقدية تعرضت إلى انتقادات لشروط العقد المبرم بين الموظف والدولة وذلك لأن الرضا في القانون الخاص هو عنصر أساس في التعاقد لإبرام العقد ،وبالتالي لا يجوز تعديله او فسخه بالإرادة المنفردة (10).
إن هذا المفهوم يتعارض مع القواعد التي تحكم الوظيفة العامة ،وبالتالي فمن غير الجائز قانونا أن يطلب من الموظف عند تعيينه لأول مرة أن يتم تغيير مركزه القانوني أو تعديله كما أنه لا يجوز الادعاء بوجود حقوق مكتسبة. ويترتب على العقد المبرم على وفق النظرية التعاقدية اثار قانونية في مواجهة الطرفين لاوجود لها عند التعيين في الوظيفة العامة (11).
أذ أن الاثار القانونية تترتب في حالة التعيين من تاريخ صدور قرار بالتعيين الصادر من السلطة المختصة به قانونا ، وليس من تاريخ مباشرة الموظف بالوظيفة المسندة إليه، أذ أن قبول الموظف العام بالوظيفة هو دلالة و اقرار واعتراف منه للالتحاق والانخراط في تلك الوظيفة العامة وليس قبولا منه للإيجاب المقدم من الادارة على الوجه المعروف والشائع في القانون المدني في حالة إبرام العقد (12).
ونتيجة للانتقادات التي تعرضت إليها النظرية التعاقدية حاول البعض من انصارها خلال مدة من الزمن ولا سيما في فرنسا إلى القول إن العلاقة التعاقدية بين الموظف العام والدولة هي علاقة تقوم على اساس عقد من عقود القانون العام وهو عقد الوظيفة العامة ، و هذا العقد الإداري يمنح الإدارة سلطات واسعة في الرقابة والتوجيه وفرض الجزاءات على المتعاقد الآخر وتعديله وانهائه، وهذا ما أيده الاستاذ ((cazalens)) الذي يقول ان تعيين الموظفين يتضمن دائما وجود عقد ملزم للجانبين، ولكن هذا العقد لا يكون إلا عقد إداري يتعلق بالمرفق العام (13).
وقد تأثر مجلس الدولة الفرنسي بهذا التكيف القانوني وقد أخذ به مفوض مجلس الدولة الأستاذ ((Tradiau)) في تقريره المقدم لمجلس الدولة وذلك في قضية ((winkey)) في عام 1909ولقد وردت في هذا التقرير عبارات تسمى بالعقد العام والذي سماه الآخرون أنه العقد الوظيفة ، وهذا ليس من عقود القانون الخاص(14).
غير أن هذا الاتجاه تعرض إلى انتقادات كذلك لأنه وإن كان من شأنه تكييف الرابطة القانونية التي تربط الموظف بالدولة بعقد من عقود القانون العام ، فأنه يسمح بجعل العقد قابلا للتعديل بالإرادة المنفردة من دون الحاجة لموافقة الموظف السابقة على ذلك بما يتلاءم مع مقتضيات التطور الإداري ومتفقا مع قاعدة قابلية المرافق العامة للتغير والتعديل في اي وقت (15).
إلا أن هذا الاتجاه لم يكتب له البقاء الطويل والاستمرار فيه، فتكيف العلاقة على أنها علاقة قانونية من عقود القانون العام يفسر ان من حق الادارة التعديل بإرادتها المنفردة، فلا تملك الإدارة العامة مناقشة المتعاقد في شروط العقد ،فالحقوق والالتزامات لكلا الطرفين ، محددة بنصوص تشريعية (قانون، نظام) وبالتالي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها إلا أذا أجاز القانون ذلك (16).
و يتبين في كل ما تقدم أن هذه النظرية وإن كانت مقبولة في زمن ما إلأ انها لا يمكن أن تكون متفقة مع أحكام وقواعد الوظيفة العامة في الوقت الحاضر وبالتالي لا يمكن التعويل عليها في تفسير علاقة الموظِف العام بالدولة.
_____________
1- ينظر: د. ماجد راغب الحلو ، القضاء الإداري ، الاسكندرية ،دار المطبوعات الجامعية، 1995،ص775.
2- ينظر: د. علي خطار شنطاوي ، القانون الإداري الأردني ، الكتاب الثاني ، ط1، دار الوائل للنشر، 2009،ص23.
3- ينظر: Perriqut.Lce.contrats.del.Eyat1884.p220
4- ينظر: د. مصطفى كامل ، شرح القانون الاداري ، مبادى العامة في القانون الاداري العراقي ، ط1،بغداد ،1984،ص262.
5- مرجع نفسه،ص268.
6- ينظر: د. ماهر صالح علاوي الجبوري، مبادئ القانون الإداري ، بغداد ، دار الكتب للطباعة ،1996 ،ص121.
7- ينظر: د. مهدي حمدي الزهيري ،اثر الجريمة التي يرتكبها الموظف العام في انهاء علاقته الوظيفية، رسالة دكتوراه، جامعة بغداد، كلية القانون، 2004، ص18.
8- ينظر: د. علي خطار شطناوي ، القانون الإداري الأردني ، الكتاب الثاني ، ط1، دار الوائل للنشر، 2009 ،ص24.
9- ينظر: عبد الحميد كمال الحشيش، دراسات في الوظيفة العامة في النظام الفرنسي القاهرة ، دار النهضة العربية ، بلا تاريخ ،ص53.
10- ينظر: د. علي خطار الشطناوي، مرجع سابق ،ص25.
11- ينظر: د. محي القيسي ،مبادى القانون الاداري العام، بيروت، الدار الجامعية،1985،ص215.
12- ينظر: د. مهدي حمدي الزهيري ، اثر الجريمة التي يرتكبها الموظف العام في انهاء علاقته بالوظيفة ، رسالة دكتواره مقدمة إلى كلية القانون ، جامعة بغداد ،2004 ،ص20.
13- ينظر : شاب توما منصور ، القانون الإداري، الكتاب الثاني ، ط1، 1980 ،ص171.
14- ينظر :د. مهدي حمدي الزهيري ، اثر الجريمة التي يرتكبها الموظف العام في انهاء علاقته بالوظيفة ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون ، جامعة بغداد ،2004 ،ص19.
15- ينظر :د. علي خطار الشطناوي، مرجع سابق،ص26.
16- ينظر: عبد الحميد كمال الحشيش، دراسات في الوظيفة العامة في النظام الفرنسي القاهرة ، دار النهضة العربية ، بلا تاريخ ،ص45 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|