أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2016
933
التاريخ: 17-10-2016
2246
التاريخ: 17-10-2016
2011
التاريخ: 18-10-2016
957
|
وكان من دعائه (عليه السلام) في الاعتراف وطلب التوبة إلى الله تعالى:
أَللَّهُمَّ إنَّهُ يَحْجُبُنِي عَنْ مَسْأَلَتِكَ خِلاَلٌ ثَلاثٌ، وَتَحْدُونِي عَلَيْهَا خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ، يَحْجُبُنِي أَمْرٌ أَمَرْتَ بِهِ فَأَبْطَأتُ عَنْهُ، وَنَهْيٌ نَهَيْتَنِي عَنْهُ فَأَسْرَعْتُ إلَيْهِ، وَنِعْمَةٌ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ، فَقَصَّرْتُ فِي شُكْرِهَـا، وَيَحْدُونِي عَلَى مَسْأَلَتِكَ تَفَضُّلُكَ عَلَى مَنْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ إلَيْكَ، وَوَفَدَ بِحُسْنِ ظَنِّـهِ إلَيْكَ، إذْ جَمِيعُ إحْسَانِكَ تَفَضُّلٌ، وَإذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِدَاءٌ (1) فَهَا أَنَا ذَا يَا إلهِيْ وَاقِفٌ بِبَابِ عِزِّكَ وُقُوفَ المُسْتَسْلِمِ الذَّلِيْل، وَسَائِلُكَ عَلَى الْحَيَاءِ مِنّي سُؤَالَ الْبَائِسِ الْمُعِيْلِ، مُقـرٌّ لَكَ بأَنّي لَمْ أَسْتَسْلِمْ وَقْتَ إحْسَانِـكَ إلاَّ بالإقلاع عَنْ عِصْيَانِكَ، وَلَمْ أَخْلُ فِي الْحَالاتِ كُلِّهَا مِنِ امْتِنَانِكَ، فَهَلْ يَنْفَعُنِي يَا إلهِي إقْرَارِي عِنْدَكَ بِسُوءِ مَا اكْتَسَبْتُ، وَهَلْ يُنْجِيْنِي مِنْكَ اعْتِرَافِي لَكَ بِقَبِيْحِ مَا ارْتَكَبْتُ؟ أَمْ أَوْجَبْتَ لِي فِي مَقَامِي هَذَا سُخْطَكَ؟ أَمْ لَزِمَنِي فِي وَقْتِ دُعَائِي مَقْتُكَ؟ سُبْحَانَكَ، لاَ أَيْأَسُ مِنْكَ وَقَدْ فَتَحْتَ لِيَ بَابَ التَّوْبَةِ إلَيْكَ، بَلْ أَقُولُ مَقَالَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ، الْمُسْتَخِفِّ بِحُرْمَةِ رَبِّهِ، الَّذِي عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ فَجَلَّتْ، وَأَدْبَرَتْ أَيّامُهُ فَوَلَّتْ حَتَّى إذَا رَأى مُدَّةَ الْعَمَلِ قَدِ انْقَضَتْ، وَغَايَةَ الْعُمُرِ قَدِ انْتَهَتْ، وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لا مَحيصَ لَهُ مِنْكَ، وَلاَ مَهْرَبَ لَهُ عَنْكَ، تَلَقَّاكَ بِالإنَابَةِ، وَأَخْلَصَ لَكَ التَّوْبَةَ، فَقَامَ إلَيْكَ بِقَلْبِ طَاهِر نَقِيٍّ، ثُمَّ دَعَاكَ بِصَوْت حَائِل خَفِيٍّ، قَدْ تَطَأطَأَ لَكَ فَانْحَنى، وَنَكَّسَ رَأسَهُ فَانْثَنَى، قَدْ أَرْعَشَتْ خَشْيَتُهُ رِجْلَيْهِ، وَغَرَّقَتْ دُمُوعُهُ خَدَّيْهِ، يَدْعُوكَ بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَيَا أَرْحَمَ مَنِ انْتَابَهُ الْمُسْتَرْحِمُونَ (2) وَيَا أَعْطَفَ مَنْ أَطَافَ بِهِ الْمُسْتَغْفِرُونَ، وَيَا مَنْ عَفْوُهُ أكْثَرُ مِنْ نِقْمَتِهِ، وَيَا مَنْ رِضَاهُ أَوْفَرُ مِنْ سَخَطِهِ، وَيَا مَنْ تَحَمَّدَ إلَى خَلْقِهِ بِحُسْنِ التَّجاوُزِ، وَيَا مَنْ عَوَّدَ عِبادَهُ قَبُولَ الإنَابَةِ، وَيَا مَنِ اسْتَصْلَحَ فَاسِدَهُمْ بِالتَّوْبَةِ، وَيَا مَنْ رَضِيَ مِنْ فِعْلِهِمْ بِالْيَسيرِ، وَيَا مَنْ كَافى قَلِيْلَهُمْ بِالْكَثِيرِ، وَيَا مَنْ ضَمِنَ لَهُمْ إجَابَةَ الدُّعاءِ، وَيَا مَنْ وَعَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِتَفَضُّلِهِ حُسْنَ الْجَزاءِ، مَا أَنَا بِأَعْصَى مَنْ عَصَاكَ فَغَفَرْتَ لَهُ، وَمَا أَنَا بِأَلْوَمِ مَنِ اعْتَذَرَ إلَيْكَ فَقَبِلْتَ مِنْهُ، وَمَا أَنَا بِأَظْلَمِ مَنْ تَابَ إلَيْكَ فَعُدْتَ عَلَيْهِ (3) أَتُوبُ إلَيْكَ فِي مَقَامِي هَذَا تَوْبَةَ نَادِم عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ، مُشْفِق مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ، خَالِصِ الْحَيَاءِ مِمَّا وَقَعَ فِيْهِ، عَالِم بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الذَّنْبِ الْعَظِيمِ لاَ يَتَعـاظَمُكَ، وَأَنَّ التَّجَـاوُزَ عَنِ الإثْمِ الْجَلِيْلِ لا يَسْتَصْعِبُكَ، وَأَنَّ احْتِمَالَ الْجنَايَاتِ الْفَـاحِشَةِ لا يَتَكَأَّدُكَ، وَأَنَّ أَحَبَّ عِبَادِكَ إلَيْكَ مَنْ تَرَكَ الاسْتِكْبَارَ عَلَيْكَ، وَجَانَبَ الإِصْرَارَ، وَلَزِمَ الاسْتِغْفَارَ، وَأَنَا أَبْرَأُ إلَيْكَ مِنْ أَنْ أَسْتَكْبِرَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أصِـرَّ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا قَصَّرْتُ فِيهِ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لِي مَا يَجبُ عَلَيَّ لَكَ، وَعَافِنِي مِمَّا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، وَأجِرْنِي مِمَّا يَخَافُهُ أَهْلُ الإساءَةِ، فَإنَّكَ مَلِيءٌ بِالْعَفْوِ (4) مَرْجُوٌّ لِلْمَغْفِرَةِ، مَعْرُوفٌ بِالتَّجَاوُزِ، لَيْسَ لِحَاجَتِي مَطْلَبٌ سِوَاكَ، وَلا لِذَنْبِي غَافِرٌ غَيْرُكَ، حَاشَاكَ (5) وَلاَ أَخَافُ عَلَى نَفْسِي إلاّ إيَّاكَ، إنَّكَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاقْض حَاجَتِي وَأَنْجِحْ طَلِبَتِي، وَاغْفِرْ ذَنْبِي، وَآمِنْ خَوْفَ نَفْسِيْ، إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ وَذلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
(1) قوله عليه السلام: وإذ كلّ نعمك ابتداء
إذ قاطبة ما سواك مستندة إليك بالذات أبد الآباد مرّة واحدة دهريّة خارجة عن إدراك الأوهام، لا على شاكلة المرّات الزمانيّة المألوفة للقرائح الوهمانيّة، فطابع الإمكان الذاتي ملاك الافتقار إلى جدتك، ومناط الاستناد إلى هبتك.
فكما أنّ النعم والمواهب فيوض جودك ورحمتك، فكذلك الاستحقاقات والاستعدادات المترتّبة في سلسلة الأسباب والمسبّبات، مستندة جميعاً إليك، فائضة بأسرها من تلقاء فيّاضيّتك.
(2) قوله عليه السلام: من انتابه المسترحمون
انتاب الرجل كذا أتاه مرّة بعد مرّة على التناوب، وهو افتعال من النوبة بالنون قبل الواو، أي: أتوه على التناوب مرّة بعد اُخرى. قال الجوهري في الصحاح: ناب عنّي فلان ينوب مناباً، أي: قام مقامي. وانتاب فلان القوم انتياباً، أي: أتاهم مرّة بعد اُخرى، وهو افتعال من النوبة. ومنه قول الهذلي: لا يرد الماء إلّا انتياباً ويروى «ائتياباً» وهو افتعال من آب يؤوب، إذا أتى ليلاً. وأناب إلى الله، أي: أقبل وتاب (1).
وفي القاموس: النوبة الفرصة والدولة والجماعة من الناس، وواحدة النوب، وناب عنه نوباً ومناباً قام مقامه، وانتبه عنه وناب إلى الله تاب، كأناب، وناوبه عاقبه، وناب لزم الطاعة، وانتابهم انتياباً أتاهم مرّة بعد اُخرى، وسمّوا مناباً (2).
ومن أعاجيب الأغلاط ما وقع هنا لغير واحد من الطغام القاصرين، وهو حسبان ذلك انفعال من التوبة الرجوع من الذنب والندم عليها، ثمّ استناد هذا الحسبان إلى الصحاح أفيكة (3) واختلاقاً، فاستقم كما اُمرت ولا تكن من الجاهلين.
(3) قوله عليه السلام: فعدت عليه
لا من العود، بل من العائدة، وهي الصلة والفضل والمعروف والعطف والإحسان.
(4) قوله عليه السلام: فإنّك مليء
بالهمزة بعد الياء على صيغة فعيل. وفي نسخة برواية «كف» مليّ مشدّدة الياء بالقلب والإدغام من ملأ الإناء يملاءه ومالأه فلاناً، أي: عاونه، وتملأوا تعاونوا.
قال المطرّزي: وأصل ذلك العون الملاء ثمّ عمّ، والملي الغنيّ المقتدر، وقد ملأ ملاءة وهو أملاء منه على أفعل التفضيل، ومنه قول شريح: اختر أملاهم أي: أقدرهم. وقال الزمخشري في الأساس: هو مليء بكذا أي: مضطلع، وقد ملؤه به ملاءة وهم مليؤون به (4).
وقال العزيزي في غريب القرآن: ملأ من بني إسرائيل يعني أشرافهم ووجوههم، ومنه قول النبيّ (صلّى الله عليه وآله): «اُولئك الملأ من قريش» واشتقاقه من ملأت الشيء، وفلان مليء إذا كان مكثراً، فمعنى الملاء: الذين يملؤون العين والقلب وما أشبه ذلك. وقال ابن الأثير في النهاية: وفي حديث الدين: «إذا اتّبع أحدكم على مليء فليتبع» المليء بالهمزة الثقة الغني، وقد ملؤ فهو مليء بين الملا والملاء بالمدّ. وقد أولع الناس فيه بترك الهمز وتشديد الياء (5).
قلت: فقد استبان أنّ مليّاً بهذا المعنى أصله بالهمز على خلاف ملي في قوله سبحانه {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} (6) أي: زماناً طويلاً من الملاوة، على ما قد أسلفنا لك تحقيقه، فلا تكن من المتخبّطين (7).
(5) قوله عليه السلام: حاشاك
بالوقف، ليتعلّق بـ«غافر غيرك». وبالوصل، ليتعلّقّ بـ«ولا أخاف على نفسي إلّا إيّاك» والأحبّ عندي على الأخير الوقف على غيرك ثمّ الابتداء بـ"حاشاك".
وهو على الأوّل: إمّا بمعنى سبحانك، أو بمعنى إلّا أنت، تأكيداً للمعنى الذي أفاده غيرك، أو للتنزيه والتقديس عن إمكان أن يتصوّر للذنوب غافر غيره.
وعلى الأخير للتنزيه والتقديس عن أن يكون سبحانه، بحيث لا يخاف عنده على نفسه إلّا إيّاه. فأمّا كيف يتصحّح ذلك، وأنّ من درجات العرفان أن لا يخشى العارف إلّا ربّه فمن سبل ثلاثة: الأوّل: أنّه جلّ سلطانه إنّما انتقامه من تمام الحكمة، وعقابه من سعة الرحمة، كما قال عليه السلام في دعائه إذا استقال من ذنوبه: أنت الذي تسعى رحمته أمام غضبه». فالعقوبات الإلهيّة كتأدبيات يتولّاها المؤدّب الرؤوف الرحيم، وإيلامات يأمر بها المعالج العطوف الحكيم. وإنّما الأسماء الحسنى القهريّة للرحمن سبحانه وتعالى، كالقابض والخافض والمذلّ والضارّ من حيث أسماؤه الحسنى اللطيفة، كالباسط والرافع والمعزّ والنافع. وإلى هذا نظر من قال من أهل التحصيل والتحقيق أنّه لا يسوغ للذاكرين الله سبحانه أن يفردوا شيئاً من أسمائه القهريّة عن مقابلة أسمائه الرحمة دون العكس. الثاني: أنّه لمّا كانت غاية شدّة الكمال مستوجبة تعانق الأسماء المتقابلة الكماليّة على الوجه الأتمّ الأكمل، كان كلّ من الأسماء الحسنى المتقابلة الإلهيّة، مقتضاه في شدّة الكمال أن يكون بحيث كأنّه لا يستصحّ إطلاق مقابلة أصلاً. فملاحظة الغفور الرحيم في مقام طلب المغفرة والرحمة، كأنّها تصدّ العبد بحسب ما يستوجبه شدّة كماليّة الاسم عن استشعار ما يقابله من الأسماء المقدّسة، وهو شديد العقاب. وقد لاحظ من ذهب من الأصحاب إلى أنّه لا يسوغ للذاكرين افراد شيء من الاسمين المتقابلين عن مقابلة، بل تحقيق بحسن الأدب القران بين كلّ متقابلين من الأسماء المقدّسة. الثالث: أنّ درجة العارف في مقام الرجاء بحسب أن تصدّه عن استشعار الخوف رأساً، كما يجب أن تصدّه درجته في مقام الخوف عن احتمال الرجاء أصلاً، ولذلك قد وجب أن يكون درجات الرجاء والخوف على التكافؤ والتقاوم أبداً إلى حين الموت. روى شيخنا الأقدم أبو جعفر الكليني (رحمه الله تعالى) في كتابه الكافي عن الحارث بن المغيرة أو عن أبيه، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما كان في وصيّة لقمان لابنه؟ قال كان فيها الأعاجيب، وكان أعجب ما كان فيها، أن قال لابنه: خف الله عزّ وجلّ خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك، وارجو الله رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك، ثمّ قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان أبي يقول: إنّه ليس من عبد مؤمن إلّا وفي قلبه نوران: نور خيفة، ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا، ولو وزن هذا لم يزد على هذا. انتهى ما في الكافي (8).
والذي يستبين لي: أنّه لعلّ في تأخيره (عليه السلام) الرجاء عن الخوف إيماءً لطيفاً إلى أنّه ينبغي أن يكون خاتمة الحياة على مقام الرجاء ورجحان درجته والله أعلم. بأسرار أوصياء رسوله عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
وفي رواية «ع» و «كف» عزّ وجلّ مكان تعالى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الصحاح: 1 / 228 ـ 229.
2. القاموس: 1 / 134 ـ 135.
3. في «ن»: أفكية.
4. أساس البلاغة: ص 601.
5. نهاية ابن الأثير: 4 / 352.
6. سورة مريم: 46.
7. هذا ردّ على السيّد نجم الدين "منه".
8. اُصول الكافي: 2 / 55.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|