أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-20
1462
التاريخ: 2023-11-04
4884
التاريخ: 2023-11-15
1543
التاريخ: 2024-11-19
162
|
وجه الاشتراك والافتراق بين التجارة البشرية والإلهية
قال تعالى : {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } [البقرة: 16].
المعاملات التجارية المتعارفة بين البشر تشتمل على أربعة أركان: البائع، والمشتري، والمبيع، والثمن (أو البائع، والمشتري، والمثمن، والثمن) وهذه الأركان الأربعة هي منفصلة عن بعضها ومتمايزة تماماً؛ لأن البائع يعرض سلعته للبيع. فيتملكها المشتري بالثمن الذي يدفعه وفق شروط خاصة، سواء أصاب البائع الربح من جراء المعاملة المذكورة أو كان مغبوناً فيها.
لكنه في المعاملات المهمة فإنه مضافاً إلى الأركان السالفة الذكر هناك ركنان آخران: أحدهما السند (القبالة) والآخر الشاهد. أما متاجرة الإنسان مع الله، والتي بينت في القرآن الكريم، فهي تشترك مع المعاملات التجارية الشائعة والمتعارفة في وجه، وتتغاير معها في وجه آخر.
فوجه الاشتراك هو في اشتمالها على الأركان الستة المذكورة. يقول عز من قائل في بيانه للأركان الستة للتجارة الإلهية: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111] ؛ فالمشتري في هذه التجارة هو الله سبحانه وتعالى، والبائع هو الإنسان المؤمن، ومورد المعاملة (السلعة) هو النفس الطاهرة والمال المزكى،
والثمن هو الجنة الابدية، والشهود هم انبياء الله، اما القبالة او السند الرسمي الموقع فهو كتبهم السماوية، كالتوراة والإنجيل والقرآن الكريم.
أما وجه افتراق التعاملات الإلهية مع تلك البشرية، فهو في أن التجارة مع الله لها درجات، وأنه في بعض درجاتها، وعلى الرغم من توفر الأركان الأربعة (البائع، والمشتري، والمبيع، والثمن)، يكون البائع عين المبيع، ويكون المشتري عين الثمن، وأن الفرق بينهم يكون بالاعتبار فقط (اتحاد البائع مع المبيع، واتحاد المشتري مع الثمن)؛ وذلك لأن البائع في هذه المعاملة يعطي حقيقته الوجودية، مقابل لقاء المشتري.
وتوضيح ذلك: إن الاختلاف بين البائع والسلعة (البائع والمبيع)، وكذلك التباين بين المشتري والقيمة (المشتري والثمن) يكون أحياناً
حقيقيا؛ حيث إن البائع يبيع بضاعة خاصة (هي غير وجوده)، وإن المشتري يشتري متاع البائع بدفع ثمن خاص (هو غير لقائه). إذن، فالمبيع والثمن هما غير وجود البائع ولقاء المشتري. إلاً أن الاختلاف بين البائع والمبيع وبين المشتري والثمن يكون أحياناً اختلافاً اعتبارياً؛ حيث إن البائع يعطي حقيقة وجوده، وأن المشتري - وبدلاً من دفع أي من آخر - يجعل لقاءه من نصيب البائع، فيسمح له بملاقاته.
إن الله عز وجل هو ذلك المولى الذي يقول لعبده المملوك له: إن وجودك وكل ما لديك هو ملكي أنا، وإنني أنا الذي أوكلك في بيع نفسك لي أو لأي أحد آخر (الشيطان، أو غيره). فإن بعت وجودك ، كيانك لي، فستصبح حينذاك حراً، أما إذا بعته للأغيار، فستصير عبداً مملوكاً لهم. فهنا يتحد البائع مع بضاعته التي يبيعها، كما أنه يتحد المشتري مع الثمن الذي يجعله تحت تصرف البائع؛ هذا وإن كان إدراك الوحدة والعينية بالنسبة للمشتري والثمن أمراً صعباً؛ إذ أن «لقاء الله» هو غير ذاته، إلا أن تحليل مقام الاشتراء يظهر أن «اشتراء الله» هو أيضاً ليس وصفاً لذاته. من هذا المنطلق، إذا ما حللت مرحلة اشتراء الواجب تحليلاً دقيقاً، لأصبح معلوماً أنه لا يفصلها عن مرحلة الثمن والقيمة فاصل كبير.
المؤمنون المتوسطون يبيعون أنفسهم لله عز وجل كي يحصلوا على الجنة في المقابل، إلاً أن بعض أهل الإيمان لا يرضون في هذه المتاجرة بثمن أقل من لقاء الله، فمضافاً إلى {جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة: 25] فان هؤلاء طالبون لبلوغ جنة لقا، الله أيضا: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55]. كي يكون حظهم هو النظر إلى وجه الله، بوجوه ناضرة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22، 23].
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|