أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-13
466
التاريخ: 2024-07-14
475
التاريخ: 11-10-2015
10689
التاريخ: 2024-07-15
429
|
1- قصته في القرآن :
هو يوسف النبي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل كان أحد أبناء يعقوب الاثني عشر وأصغر إخوته غير أخيه بنيامين أراد الله سبحانه أن يتم عليه نعمته بالعلم والحكم والعزة والملك ويرفع به قدر آل يعقوب فبشره وهو صغير برؤيا رآها كان أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدة له فذكر ذلك لأبيه فوصاه أبوه أن لا يقص رؤياه على إخوته فيحسدوه ثم أول رؤياه أن الله سيجتبيه ويعلمه من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليه وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويه من قبل إبراهيم وإسحاق.
كانت هذه الرؤيا نصب عين يوسف آخذة بمجامع قلبه ، ولا يزال تنزع نفسه إلى حب ربه والتوله إليه على ما به من علو النفس وصفاء الروح والخصائص الحميدة ، وكان ذا جمال بديع يبهر القول ويدهش الألباب.
وكان يعقوب يحبه حبا شديدا لما يشاهد فيه من الجمال البديع ويتفرس فيه من صفاء السريرة ولا يفارقه ولا ساعة فثقل ذلك على إخوته الكبار واشتد حسدهم له حتى اجتمعوا وتآمروا في أمره فمن مشير على قتله ، ومن قائل : {اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف : 9] ، ثم اجتمع رأيهم على ما أشار به عليهم بعضهم وهو أن يلقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة وعقدوا على ذلك.
فلقوا أباهم وكلموه أن يرسل يوسف معهم غدا يرتع ويلعب وهم له حافظون فلم يرض به يعقوب واعتذر أنه يخاف أن يأكله الذئب فلم يزالوا به يراودونه حتى أرضوه وأخذوه منه وذهبوا به معهم إلى مراتع أغنامهم بالبر فألقوه في جب هناك وقد نزعوا قميصه.
ثم جاءوا بقميصه ملطخا بدم كذب إلى أبيهم وهو يبكون فأخبروه أنهم ذهبوا اليوم للاستباق وتركوا يوسف عند متاعهم فأكله الذئب وهذا قميصه الملطخ بدمه.
فبكى يعقوب وقال : {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف : 18] ولم يقل ذلك إلا بتفرس إلهي ألقي في روعه ، ولم يزل يعقوب يذكر يوسف ويبكي عليه ولا يتسلى عنه بشيء حتى ابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم.
ومضى بنوه يراقبون الجب حتى جاءت سيارة فأرسلوا واردهم للاستقاء فأدلى دلوه فتعلق يوسف بالدلو فخرج فاستبشروا به فدنى منهم بنو يعقوب وادعوا أنه عبد لهم ثم ساوموهم حتى شروه بثمن بخس دراهم معدودة.
وسارت به السيارة إلى مصر وعرضوه للبيع فاشتراه عزيز مصر وأدخله بيته وقال { لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } [يوسف : 21] وذلك لما كان يشاهد في وجهه من آثار الجلال وصفاء الروح على ما له من الجمال البديع فاستقر يوسف في بيت العزيز في كرامة وأهنإ عيش ، وهذا أول ما ظهر من لطيف عناية الله بيوسف وعزيز ولايته له حيث توسل إخوته بإلقائه في الجب وبيعه من السيارة إلى إماتة ذكره وتحريمه كرامة الحياة في بيت أبيه أما إماتة الذكر فلم ينسه أبوه قط ، وأما مزية الحياة فإن الله سبحان بدل له بيت الشعر وعيشة البدوية قصرا ملكيا وحياة حضرية راقية فرفع الله قدره بعين ما أرادوا أن يحطوه ويضعوه ، وعلى ذلك جرى صنع الله به ما سار في مسير الحوادث.
وعاش يوسف في بيت العزيز في أهنإ عيش حتى كبر وبلغ أشده ولم يزل تزكو نفسه ويصفو قلبه ويشتغل بربه حتى توله في حبه وأخلص له فصار لا هم له إلا فيه فاجتباه الله وأخلصه لنفسه وآتاه حكما وعلما وكذلك يفعل بالمحسنين.
وعشقته امرأة العزيز وشغفها حبه حتى راودته عن نفسه وغلقت الأبواب ودعته إلى نفسها {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف : 23].
لك فامتنع يوسف واعتصم بعصمة إلهية وقال {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف : 23] ، واستبقا الباب واجتذبته وقدت قميصه من خلف وألفيا سيدها لدى الباب فاتهمت يوسف بأنه كان يريد بها سوءا وأنكر يوسف ذلك غير أن العناية الإلهية أدركته فشهد صبي هناك في المهد ببراءته فبرأه الله.
ثم ابتلي بحب نساء مصر ومراودتهن وشاع أمر امرأة العزيز حتى آل الأمر إلى دخوله السجن ، وقد توسلت امرأة العزيز بذلك إلى تأديبه ليجيبها إلى ما تريد ، والعزيز إلى أن يسكت هذه الأراجيف الشائعة التي كانت تذهب بكرامة بيته وتشوه جميل ذكره.
فدخل يوسف السجن ودخل معه السجن فتيان للملك فذكر أحدهما أنه رأى في منامه أنه يعصر خمرا والآخر رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ، وسألاه أن يؤول منامهما فأول رؤيا الأول أنه سيخرج فيصير ساقيا للملك ، ورؤيا الثاني أنه سيصلب فتأكل الطير من رأسه فكان كما قال : وقال يوسف للذي رأى أنه ناج منهما : {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } [يوسف : 42].
وبعد بضع من السنين رأى الملك رؤيا هالته فذكرها لملإه وقال : {إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ } [يوسف : 44,43] ، وعند ذلك ادكر الساقي يوسف وتعبيره لمنامه فذكر ذلك للملك واستأذنه أن يراجع السجن ويستفتي يوسف في أمر الرؤيا فأذن له في ذلك وأرسله إليه.
ولما جاءه واستفتاه في أمر الرؤيا وذكر أن الناس ينتظرون أن يكشف لهم أمرها قال : {تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } [يوسف : 47 - 49].
فلما سمع الملك ما أفتى به يوسف أعجبه ذلك وأمر بإطلاقه وإحضاره ولما جاءه الرسول لتنفيذ أمر الملك أبى الخروج والحضور إلا أن يحقق الملك ما جرى بينه وبين النسوة ويحكم بينه وبينهن ولما أحضرهن وكلمهن في أمره اتفقن على تبرئته من جميع ما اتهم به وقلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء ، وقالت امرأة العزيز : {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ } [يوسف : 51] فاستعظم الملك أمره في علمه وحكمه واستقامته وأمانته فأمر بإطلاقه وإحضاره معززا وقال : {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف : 54] وقد محصت أحسن التمحيص واختبرت أدق الاختبار.
قال يوسف : {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ } أرض مصر {إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف : 55] حتى أهيئ الدولة في هذه السنين السبع المخصبة التي تجري على الناس لإنجائهم مما يهددهم من السنين السبع المجدبة فأجابه الملك على ذلك فقام يوسف بالأمر وأمر بإجادة الزرع وإكثاره وجمع الطعام والميرة وحفظه في المخازن بالحزم والتدبير حتى إذا دهمهم السنون المجدبة وضع فيهم الأرزاق وقسم بينهم الطعام حتى أنجاهم الله بذلك من المخمصة ، وفي هذه السنين انتصب يوسف لمقام عزة مصر ، واستولى على سرير الملك فكان السجن طريقا له يسلك به إلى أريكة العزة والملك بإذن الله ، وقد كانوا تسببوا به إلى إخماد ذكره ، وإنسائه من قلوب الناس ، وإخفائه من أعينهم.
وفي بعض تلك السنين المجدبة دخل على يوسف إخوته لأخذ الطعام فعرفهم وهم له منكرون فاستفسرهم عن شأنهم وعن أنفسهم فذكروا له أنهم أبناء يعقوب وأنهم أحد عشر أخا أصغرهم عند أبيهم يأنس به ولا يدعه يفارقه قط فأظهر يوسف أنه يشتاق أن يراه فيعرف ما باله يخصه أبوه بنفسه فأمرهم أن يأتوه به إن رجعوا إليه ثانيا للامتيار ، وزاد في إكرامهم وإيفاء كيلهم فأعطوه العهد بذلك ، وأمر فتيانه أن يدسوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون.
ولما رجعوا إلى أبيهم حدثوه بما جرى بينهم وبين عزيز مصر وأنه منع منهم الكيل إلا أن يرجعوا إليه بأخيهم بنيامين فامتنع أبوهم من ذلك ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم فراجعوا أباهم وذكروا له ذلك وأصروا على إرسال بنيامين معهم إلى مصر وهو يأبى حتى وافقهم على ذلك بعد أن أخذ منهم موثقا من الله ليأتنه به إلا أن يحاط بهم.
ثم تجهزوا ثانيا وسافروا إلى مصر ومعهم بنيامين ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه وعرفه نفسه وقال : إني أنا أخوك وأخبره أنه يريد أن يحبسه عنده فعليه أن لا يبتئس بما سيشاهد من الكيد.
ولما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه {أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ } [يوسف : 70 - 75] كذلك نجزي السارق فيما بيننا {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ } [يوسف : 76] ثم أمر بالقبض عليه واسترقه بذلك.
فراجعه إخوته في إطلاقه حتى سألوه أن يأخذ أحدهم مكانه رحمة بأبيه الشيخ الكبير فلم ينفع فرجعوا إلى أبيهم آيسين غير أن كبيرهم قال لهم : {أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يوسف : 80] فبقي بمصر وساروا.
فلما رجعوا إلى أبيهم وقصوا عليه القصص قال : {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف : 83] ثم {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } [يوسف : 84] فلما لاموه على حزنه الطويل ووجده ليوسف {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف : 86] ثم قال لهم : {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف : 87] فإني أرجو أن تظفروا بهما.
فسار نفر منهم إلى مصر واستأذنوا على يوسف فلما شخصوا عنده تضرعوا إليه واسترحموه في أنفسهم وأهلهم وأخيهم الذي استرقه قائلين : يا أيها العزيز قد مسنا وأهلنا الضر بالجدب والسنة وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا بأخينا الذي تملكته بالاسترقاق إن الله يجزي المتصدقين.
وعند ذلك حقت كلمته تعالى ليعزن يوسف بالرغم من استذلالهم له وليرفعن قدره وقدر أخيه وليضعن الباغين الحاسدين لهما فأراد يوسف أن يعرفهم نفسه وقال لهم : {هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف : 89 - 91] فاعترفوا بذنبهم وشهدوا أن الأمر إلى الله يعز من يشاء ويذل من يشاء وأن العاقبة للمتقين وأن الله مع الصابرين.
فقابلهم يوسف بالعفو والاستغفار و{قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يوسف : 92] وقربهم إليه وزاد في إكرامهم.
ثم أمرهم أن يرجعوا إلى أهليهم ويذهبوا بقميصه فيلقوه على وجه أبيه يأت بصيرا فتجهزوا للسير ولما فصلت العير قال يعقوب لمن عنده من بنيه : {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ } [يوسف : 94] قال من عنده من بنيه : {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ } [يوسف : 95] ، ولما جاءه البشير ألقى القميص على وجهه فارتد بصيرا فرد الله سبحانه إليه بصره بعين ما ذهب به وهو القميص قال يعقوب لبنيه : {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يوسف : 96 - 98].
ثم تجهزوا للمسير إلى يوسف واستقبلهم يوسف وضم إليه أبويه وأعطاهم الأمن وأدخلهم دار الملك ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا يعقوب وامرأته وأحد عشر من ولده ، قال يوسف {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف : 100] ثم شكر الله على لطيف صنعه في دفع النوائب العظام عنه وإيتائه الملك والعلم.
وبقي آل يعقوب بمصر ، وكان أهل مصر يحبون يوسف حبا شديدا لفضل نعمته عليهم وحسن بلائه فيهم ، وكان يدعوهم إلى دين التوحيد وملة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب (عليهما السلام) كما ورد في قصة السجن وفي سورة المؤمن.
2- ما أثنى الله عليه ومنزلته المعنوية :
- كان (عليه السلام) من المخلصين وكان صديقا وكان من المحسنين ، وقد آتاه الله حكما وعلما وعلمه من تأويل الأحاديث وقد اجتباه الله وأتم نعمته عليه وألحقه بالصالحين سورة يوسف وأثنى عليه بما أثنى على آل نوح وإبراهيم (عليه السلام) من الأنبياء وقد ذكره فيهم سورة الأنعام.
3- قصته في التوراة الحاضرة :
قالت التوراة : وكان(1) بنو يعقوب اثني عشرة : بنو ليئة رأوبين بكر يعقوب وشمعون ولاوي ويهودا ويساكر وزنولون ، وابنا راحيل يوسف ، وبنيامين ، وابنا بلهة جارية راحيل دان ، ونفتالي ، وابنا زلفة جارية ليئة جاد ، وأشير.
هؤلاء بنو يعقوب الذين ولدوا في فدان أرام.
قالت(2) يوسف إذ كان ابن سبع عشرة سنة كان يرعى مع إخوته الغنم وهو غلام عند بني بلهة وبني زلفة امرأتي أبيه ، وأتى يوسف بنميمتهم الردية إلى أبيهم ، وأما إسرائيل فأحب يوسف أكثر من سائر بنيه لأنه ابن شيخوخته فصنع له قميصا ملونا فلما رأى إخوته أن أباهم أحبه أكثر من جميع إخوته أبغضوه ولم يستطيعوا أن يكلموه بسلام.
وحلم يوسف حلما فأخبر إخوته فازدادوا أيضا بغضا له فقال لهم : اسمعوا هذا الحلم الذي حلمت : فها نحن حازمون حزما في الحفل وإذا حزمتي قامت وانتصبت فاحتاطت حزمكم وسجدت لحزمتي.
فقال له إخوته أ لعلك تملك علينا ملكا أم تتسلط علينا تسلطا ، وازدادوا أيضا بغضا له من أجل أحلامه ومن أجل كلامه.
ثم حلم أيضا حلما آخر وقصه على إخوته فقال : إني قد حلمت حلما أيضا وإذا الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا ساجدة لي ، وقصه على أبيه وعلى إخوته فانتهره أبوه وقال له : ما هذا الحلم الذي حلمت؟ هل يأتي أنا وأمك وإخوتك لنسجد لك إلى الأرض فحسده إخوته وأما أبوه فحفظ الأمر.
ومضى إخوته ليرعوا غنم أبيهم عند شكيم فقال إسرائيل ليوسف : أ ليس إخوتك يرعون عند شكيم؟ تعال فأرسلك إليهم ، فقال له : ها أنا ذا فقال له : اذهب انظر سلامة إخوتك وسلامة الغنم ورد لي خبرا فأرسله من وطاء حبرون فأتى إلى شكيم فوجده رجل وإذا هو ضال في الحفل فسأله الرجل قائلا : ما ذا تطلب؟ فقال : أنا طالب إخوتي أخبرني أين يرعون؟ فقال الرجل : قد ارتحلوا من هنا لأني سمعتهم يقولون : لنذهب إلى دوثان فذهب يوسف وراء إخوته فوجدهم في دوثان.
فلما أبصروه من بعيد قبل ما اقترب إليهم احتالوا له ليميتوه فقال بعضهم لبعض : هو ذا هذا صاحب الأحلام قادم فلآن هلم نقتله ونطرحه في إحدى هذه الآبار ونقول : وحش ردي أكله فنرى ما ذا يكون أحلامه؟ فسمع رأوبين وأنقذه من أيديهم وقال : لا نقتله وقال لهم رأوبين : لا تسفكوا دما اطرحوه في هذه البئر التي في البرية ولا تمدوا إليه يدا لكي ينقذه من أيديهم ليرده إلى أبيه فكان لما جاء يوسف إلى إخوته أنهم خلعوا عن يوسف قميصه القميص الملون الذي عليه وأخذوه وطرحوه في البئر وأما البئر فكانت فارغة ليس فيها ماء.
ثم جلسوا ليأكلوا طعاما فرفعوا عيونهم ونظروا وإذا قافلة إسماعيليين مقبلة من جلعاد ، وجمالهم حاملة كتيراء وبلسانا ولادنا ذاهبين لينزلوا بها إلى مصر فقال يهوذا لإخوته : ما الفائدة أن نقتل أخانا ونخفي دمه؟ تعالوا فنبيعه للإسماعيليين ولا تكن أيدينا عليه لأنه أخونا ولحمنا فسمع له إخوته.
واجتاز رجال مديانيون تجار فسحبوا يوسف وأصعدوه من البئر وباعوا يوسف للإسماعيليين بعشرين من الفضة فأتوا بيوسف إلى مصر ، ورجع رأوبين إلى البئر وإذا يوسف ليس في البئر فمزق ثيابه ثم رجع إلى إخوته وقال : الولد ليس موجودا ، وأنا إلى أين أذهب؟.
فأخذوا قميص يوسف وذبحوا تيسا من المعزى وغمسوا القميص في الدم ، وأرسلوا القميص الملون وأحضروه إلى أبيهم وقالوا : وجدنا هذا ، حقق أ قميص ابنك هو أم لا؟ فتحققه وقال : قميص ابني وحش ردي أكله افترس يوسف افتراسا فمزق يعقوب ثيابه ووضع مسحا على حقويه وناح على ابنه أياما كثيرة فقام جميع بنيه وجميع بناته ليعزوه فأبى أن يتعزى وقال : إني أنزل إلى ابني نائحا إلى الهاوية وبكى عليه أبوه.
قالت(3) التوراة : وأما يوسف فأنزل إلى مصر واشتراه - فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط رجل مصري - من يد الإسماعيليين الذين أنزلوه إلى هناك ، وكان الرب مع يوسف - فكان رجلا ناجحا وكان في بيت سيده المصري.
و رأى سيده أن الرب معه ، وأن كل ما يصنع كان الرب ينجحه بيده - فوجد يوسف نعمة في عينيه وخدمه فوكله إلى بيته - ودفع إلى يده كل ما كان له ، وكان من حين وكله على بيته - وعلى كل ما كان له أن الرب بارك بيت المصري بسبب يوسف ، وكانت بركة الرب على كل ما كان له في البيت - وفي الحفل فترك كل ما كان له في يد يوسف - ولم يكن معه يعرف شيئا إلا الخبز الذي يأكل ، وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر.
وحدث بعد هذه الأمور - أن امرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف - وقالت : اضطجع معي فأبى - وقال لامرأة سيده : هو ذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت - وكل ماله قد دفعه إلي ليس هو في هذا البيت ، ولم يمسك عني شيئا غيرك لأنك امرأته - فكيف أصنع هذا الشر العظيم؟ وأخطئ إلى الله؟ وكان إذ كلمت يوسف يوما فيوما - أنه لم يسمع لها أن يضطجع بجانبها ليكون معها.
ثم حدث نحو هذا الوقت أنه دخل البيت ليعمل عمله - ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت - فأمسكته بثوبه قائلة : اضطجع معي - فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج إلى خارج ، وكان لما رأت أنه ترك ثوبه في يدها وهرب إلى خارج - أنها نادت أهل بيتها وكلمتهم قائلة : انظروا! قد جاء إلينا برجل عبراني ليداعبنا.
دخل إلي ليضطجع معي فصرخت بصوت عظيم ، وكان لما سمع أني رفعت صوتي - وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبي وهرب وخرج إلى خارج.
فوضعت ثوبه بجانبها حتى جاء سيده إلى بيته - فكلمته بمثل هذا الكلام قائلة : دخل إلي العبد العبراني الذي جئت به إلينا ليداعبني - وكان لما رفعت صوتي - وصرخت أنه ترك ثوبه بجانبي وهرب إلى خارج.
فكان لما سمع سيده كلام امرأته الذي كلمته به قائلة - بحسب هذا الكلام صنع بي عبدك أن غضبه حمي - فأخذ يوسف سيده ووضعه في بيت السجن - المكان الذي كان أسرى الملك محبوسين فيه ، وكان هناك في بيت السجن.
ولكن الرب كان مع يوسف وبسط إليه لطفا - وجعل نعمة له في عيني رئيس بيت السجن - فدفع رئيس بيت السجن إلى يد يوسف جميع الأسرى - الذين في بيت السجن ، وكل ما كانوا يعملون هناك كان هو العامل ، ولم يكن رئيس بيت السجن ينظر شيئا البتة مما في يده - لأن الرب كان معه ، ومهما صنع كان الرب ينجحه.
ثم ساقت (4) التوراة قصة صاحبي السجن ورؤياهما ورؤيا فرعون مصر - وملخصه أنهما كانا رئيس سقاة فرعون ورئيس الخبازين - أذنباه فحبسهما فرعون في سجن رئيس الشرط عند يوسف - فرأى رئيس السقاة في منامه أنه يعصر خمرا ، والآخر أن الطير تأكل من طعام حمله على رأسه - فاستفتيا يوسف فعبر رؤيا الأول - برجوعه إلى سقي فرعون شغله السابق ، والثاني بصلبه وأكل الطير من لحمه ، وسأل الساقي أن يذكره عند فرعون - لعله يخرج من السجن لكن الشيطان أنساه ذلك.
ثم بعد سنتين رأى فرعون في منامه - سبع بقرات سمان حسنة المنظر خرجت من نهر - وسبع بقرات مهزولة قبيحة المنظر وقفت على الشاطئ - فأكلت المهازيل السمان فاستيقظ فرعون - ثم نام فرأى سبع سنابل خضر حسنة سمينة - وسبع سنابل رقيقة ملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها - فأكلت الرقيقة السمينة فهال فرعون ذلك - وجمع سحرة مصر وحكمائها - وقص عليهم رؤياه فعجزوا عن تعبيره.
وعند ذلك ادكر رئيس السقاة يوسف - فذكره لفرعون وذكر ما شاهده من عجيب تعبيره للمنام - فأمر فرعون بإحضاره - فلما أدخل عليه كلمه - واستفتاه فيما رآه في منامه مرة بعد أخرى - فقال يوسف لفرعون حلم فرعون واحد - قد أخبر الله فرعون بما هو صانع : البقرات السبع الحسنة في سبع سنين - وسنابل سبع الحسنة في سبع سنين هو حلم واحد ، والبقرات السبع الرقيقة القبيحة - التي طلعت وراءها هي سبع سنين - والسنابل السبع الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية - يكون سبع سنين جوعا.
هو الأمر الذي كلمت به فرعون - قد أظهر الله لفرعون وما هو صانع ، هو ذا سبع سنين قادمة شعبا عظيما في كل أرض مصر - ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعا - فينسى كل السبع في أرض مصر ويتلف الجوع الأرض ، ولا يعرف السبع في الأرض من أجل ذلك الجوع بعده - لأنه يكون شديدا جدا ، وأما عن تكرار الحلم على فرعون مرتين - فلأن الأمر مقرر من عند الله والله مسرع لصنعه.
فلآن لينظر فرعون رجلا بصيرا وحكيما - ويجعله على أرض مصر يفعل فرعون فيوكل نظارا على الأرض - ويأخذ خمس غلة أرض مصر في سبع سني الشبع - فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة - ويخزنون قمحا تحت يد فرعون طعاما في المدن - ويحفظونه فيكون الطعام ذخيرة للأرض - لسبع سني الجوع التي تكون في أرض مصر - فلا تنقرض الأرض بالجوع.
قالت التوراة ما ملخصه - أن فرعون استحسن كلام يوسف وتعبيره وأكرمه - وأعطاه إمارة المملكة في جميع شئونها - وخلع عليه بخاتمه وألبسه ثياب بوص - ووضع طوق ذهب في عنقه - وأركبه في مركبته الخاصة ونودي أمامه : أن اركعوا ، وأخذ يوسف يدبر الأمور في سني الخصب - ثم في سني الجدب أحسن إدارة.
ثم قالت (5) التوراة ما ملخصه - أنه لما عمت السنة أرض كنعان - أمر يعقوب بنيه أن يهبطوا إلى مصر - فيأخذوا طعاما فساروا ودخلوا على يوسف - فعرفهم وتنكر لهم وكلمهم بجفاء وسألهم من أين جئتم؟ قالوا : من أرض كنعان لنشتري طعاما - قال يوسف : بل جواسيس أنتم جئتم إلى أرضنا لتفسدوها - قالوا : نحن جميعا أبناء رجل واحد في كنعان - كنا اثني عشر أخا فقد منا واحد - وبقي أصغرنا ها هو اليوم عند أبينا ، والباقون بحضرتك - ونحن جميعا أمناء لا نعرف الفساد والشر.
قال يوسف : لا وحياة فرعون نحن نراكم جواسيس - ولا نخلي سبيلكم حتى تحضرونا أخاكم الصغير - حتى نصدقكم فيما تدعون فأمر بهم فحبسوا ثلاثة أيام - ثم أحضرهم وأخذ من بينهم شمعون وقيده أمام عيونهم - وأذن لهم أن يرجعوا إلى كنعان ويجيئوا بأخيهم الصغير.
ثم أمر أن يملأ أوعيتهم قمحا وترد فضة كل واحد منهم إلى عدله - ففعل فرجعوا إلى أبيهم وقصوا عليه القصص - فأبى يعقوب أن يرسل بنيامين معهم - وقال.
أعدمتموني الأولاد يوسف مفقود وشمعون مفقود - وبنيامين تريدون أن تأخذوه لا يكون ذلك أبدا - وقال : قد أسأتم في قولكم للرجل : إن لكم أخا تركتموه عندي قالوا : إنه سأل عنا وعن عشيرتنا قائلا : هل أبوكم حي بعد؟ وهل لكم أخ آخر - فأخبرناه كما سألنا وما كنا نعلم أنه سيقول.
جيئوا إلي بأخيكم.
فلم يزل يعقوب يمتنع - حتى أعطاه يهودا الموثق أن يرد إليه بنيامين - فأذن في ذهابهم به معهم ، وأمرهم أن يأخذوا من أحسن متاع الأرض هدية إلى الرجل - وأن يأخذوا معهم أصرة الفضة - التي ردت إليهم في أوعيتهم ففعلوا.
ولما وردوا مصر لقوا وكيل يوسف على أموره - وأخبروه بحاجتهم وأن بضاعتهم ردت إليهم في رحالهم - وعرضوا له هديتهم فرحب بهم وأكرمهم - وأخبرهم أن فضتهم لهم وأخرج إليهم شمعون الرهين - ثم أدخلهم على يوسف فسجدوا له وقدموا إليه هديتهم - فرحب بهم واستفسرهم عن حالهم وعن سلامة أبيهم - وعرضوا عليه أخاهم الصغير فأكرمه ودعا له - ثم أمر بتقديم الطعام فقدم له وحده ، ولهم وحدهم ولمن عنده من المصريين وحدهم.
ثم أمر وكيله أن يملأ أوعيتهم طعاما - وأن يدس فيها هديتهم - وأن يضع طاسة في عدل أخيهم الصغير ففعل - فلما أضاء الصبح من غد شدوا الرحال على الحمير وانصرفوا.
فلما خرجوا من المدينة - ولما يبتعدوا قال لوكيله أدرك القوم وقل لهم : بئس ما صنعتم جازيتم الإحسان بالإساءة - سرقتم طاس سيدي الذي يشرب فيه - ويتفأل به فتبهتوا من استماع هذا القول ، وقالوا : حاشانا من ذلك ، هو ذا الفضة التي وجدناها في أفواه عدالنا جئنا بها إليكم من كنعان - فكيف نسرق من بيت سيدك فضة أو ذهبا ، من وجد الطاس في رحله يقتل - ونحن جميعا عبيد سيدك - فرضي بما ذكروا له من الجزاء فبادروا إلى عدولهم ، وأنزل كل واحد منهم عدله وفتحه - فأخذ يفتشها وابتدأ من الكبير - حتى انتهى إلى الصغير وأخرج الطاس من عدله.
فلما رأى ذلك إخوته مزقوا ثيابهم - ورجعوا إلى المدينة ودخلوا على يوسف - وأعادوا عليه قولهم معتذرين معترفين بالذنب - وعليهم سيماء الصغار والهوان والخجل - فقال : حاشا أن نأخذ إلا من وجد متاعنا عنده ، وأما أنتم فارجعوا بسلام إلى أبيكم.
فتقدم إليه يهوذا وتضرع إليه واسترحمه - وذكر له قصتهم مع أبيهم - حين أمرهم يوسف بإحضار بنيامين - فسألوا أباهم ذلك فأبى أشد الإباء - حتى آتاه يهوذا الميثاق على أن يرد بنيامين إليه - وذكر أنهم لا يستطيعون أن يلاقوا أباهم - وليس معهم بنيامين ، وأن أباهم الشيخ لو سمع منهم ذلك لمات من وقته - ثم سأله أن يأخذه مكان بنيامين عبدا لنفسه ويطلق بنيامين - لتقر بذلك عين أبيهم المستأنس به بعد فقد أخيه من أمه يوسف.
قالت التوراة : فلم يستطع يوسف أن يضبط نفسه لدى جميع الواقفين عنده - فصرخ أخرجوا كل إنسان عني فلم يقف أحد عنده - حين عرف يوسف إخوته بنفسه فأطلق صوته بالبكاء - فسمع المصريون وسمع بيت فرعون ، وقال يوسف لإخوته : أنا يوسف أ حي أبي بعد؟ فلما يستطيع إخوته أن يجيبوه لأنهم ارتاعوا منه.
وقال يوسف لإخوته : تقدموا إلي ، فتقدموا فقال : أنا يوسف أخوكم الذي بعتموه إلى مصر - والآن لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتموني إلى هنا - لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم - لأن للجوع في الأرض الآن سنتين وخمس سنين أيضا - لا يكون فيها فلاحة ولا حصاد - فقد أرسلني الله قدامكم ليجعل لكم بقية في الأرض - وليستبقي لكم نجاة عظيمة فالآن ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا - بل الله وهو قد جعلني أبا لفرعون وسيدا لكل بيته - ومتسلط على كل أرض مصر.
أسرعوا وأصعدوا إلى أبي وقولوا له - هكذا يقول ابنك يوسف : أنزل إلي لا تقف فتسكن في أرض جاسان - وتكون قريبا مني أنت وبنوك وبنو بيتك - وغنمك وبقرك وكل ما لك ، وأعولك هناك لأنه يكون أيضا خمس سنين جوعا - لئلا تفتقر أنت وبيتك وكل ما لك ، وهو ذا عيونكم ترى وعينا أخي بنيامين - أن فمي هو الذي يكلمكم ، وتخبرون أني بكل مجدي في مصر وبكل ما رأيتم وتستعجلون - وتنزلون بأبي إلى هنا ثم وقع على عين بنيامين أخيه وبكى ، وبكى بنيامين على عنقه وقبل جميع إخوته وبكى عليهم.
ثم قالت التوراة : ما ملخصه - أنه جهزهم أحسن التجهيز وسيرهم إلى كنعان - فجاءوا أباهم وبشروه بحياة يوسف - وقصوا عليه القصص فسر بذلك وسار بأهله جميعا إلى مصر - وهم جميعا سبعون نسمة ووردوا أرض جاسان من مصر - وركب يوسف إلى هناك يستقبل أباه - ولقيه قادما فتعانقا وبكى طويلا - ثم أنزله وبنيه وأقرهم هناك - وأكرمهم فرعون إكراما بالغا وآمنهم - وأعطاهم ضيعة في أفضل بقاع مصر - وعالهم يوسف ما دامت السنون المجدبة - وعاش يعقوب في أرض مصر بعد لقاء يوسف سبع عشرة سنة.
_________________________
1- الاصحاح 35 من سفر التكوين تذكر التوراة ان ليئة وراحيل امرأتي يعقوب بنتا لابان الآرامي وأن راحيل يوسف
اتت حين وضعت بنيامين.
2- الاصحاح 37 من سفر التكون .
3- الاصحاح 39 من سفر التكوين.
4- الاصحاح 41 من سفر التكوين .
5- الاصحاح 42-43 من سفر التكوين .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|