المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 8829 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الدليل العقلي على ولادة وإمامة ووجود الإمام المهدي (عليه السلام)  
  
951   03:03 مساءً   التاريخ: 2023-07-05
المؤلف :  الشيخ خليل رزق
الكتاب أو المصدر : الإمام المهدي ( ع ) واليوم الموعود
الجزء والصفحة : ص 49-60
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن الحسن المهدي / الولادة والنشأة /

اتفّق المسلمون على خروج المهدي في آخر الزمان ، وأنّه من ولد علي وفاطمة عليهم السّلام ، وأن اسمه كاسم النبي محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأخبار في ذلك متواترة عند الشيعة وأهل السنّة . فالاعتقاد بالمهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف هو من ملّة الإسلام ومتواتراته بل وضرورياته ، ولا خلاف فيه بين المسلمين ، وإنّما اختلفوا في أنّه ولد أو سيولد .

فالشيعة وجماعة من علماء أهل السنّة قالوا بأنه ولد وأنه محمد بن الحسن العسكري عليهما السّلام . وذهب أكثر أهل السنّة إلى أنّه لم يولد بعد وسيولد .

ونحن الشيعة نقول بأن الحق هو القول الأول ويدل على ذلك الدليل العقلي والنقلي .

الدليل العقلي :

يعتقد الشيعة كما هو المشهور عنهم بأن الإمامة بعد النبوة أصل من أصول الدين ، وأن النبيّ الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قد أوصى قبل رحيله إلى الرفيق الأعلى بالإمامة والولاية إلى الأئمة الاثني عشر أوّلهم الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام وآخرهم الإمام المهدي المنتظر عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

وهذا الأصل الاعتقادي عند الشيعة ليس مستنده النقل والروايات المتضافرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقط بل الأساس فيه هو العقل الحاكم بضرورة وجود الإمام المعصوم المنصوص عليه من قبل النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن اللّه عزّ وجل .

واعتماد الشيعة على الدليل العقلي لم يقتصر على قضية الإمامة بل إن معظم القضايا الاعتقادية عندهم منشأها هو العقل . وإلى هذا يشير الشيخ الصدوق نقلا عن شيخ المتكلمين وأحد صحابة الإمام الحسن العسكري عليه السّلام إسماعيل بن علي النوبختي فيقول : « . . . إن أمر الدين كله بالاستدلال يعلم ، فنحن عرفنا اللّه عزّ وجل بالأدلّة ولم نشاهده ، ولا أخبرنا عنه من شاهده ، وعرفنا النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وكونه في العالم بالأخبار ، وعرفنا نبوّته وصدقه بالاستدلال ، وعرفنا أنه استخلف علي بن أبي طالب عليه السّلام بالاستدلال وكذلك عرفنا أن الحسن بن علي عليهما السّلام إمام مفترض الطاعة . . . . »[1].

فالمسلك والمنهج العقلي في الاستدلال على ضرورة وجود الإمام المعصوم هو المسلك الشيعي ، ونحن في الاستدلال العقلي على وجود الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف نقسّم الدليل إلى قسمين :

الأول : الدليل على ضرورة وجود الإمام وتعيينه أو نصبه من قبل اللّه عزّ وجل ،

ويمكن التعبير عنه : بالدليل على الإمامة العامة .

الثاني : الدليل العقلي على استمرارية هذه الإمامة للوصول إلى إمامة الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ،

ويمكن التعبير عنه : بالدليل على الإمامة الخاصة .

أما الكلام في الدليل الأول :

فقد ذهب الشيعة إلى القول بأن الإمامة مقام ديني خاضع للجعل والتعيين الإلهي ، وهي ليست سلطة دنيوية خاضعة للعوامل الاجتماعية .

فحتى النبيّ الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يكن له أي دور مستقل في تعيين خليفته ، بل قام بهذا التعيين بأمر إلهي ، وفي الواقع إن الحكمة في ختم النبوّة مرتبطة - تماما - بتعيين الإمام المعصوم .

ومن هنا يتبيّن لماذا طرحت الإمامة في الفكر الشيعي كأصل عقائدي ، لا كحكم فقهي فرعي .

ولبيان وتوضيح ذلك ننقل بشيء من التصرف كلام العلامة الفيلسوف الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي وما ذكره في الاستدلال على ضرورة وجود الإمام المعصوم :

« إن تحقيق الهدف من خلق الإنسان منوط بهدايته بوساطة الوحي ، وقد اقتضت الحكمة الإلهيّة بعثة أنبياء يعلّمون البشر طريق السعادة في الدنيا والآخرة والاستجابة لهذه الحاجة فيه ، وكذلك القيام بتنفيذ الأحكام والتشريعات الاجتماعية الدينيّة .

وبما أن الدين الإسلامي دين عالمي وخالد ؛ وقد ختمت النبوّة وضمن اللّه تعالى بقاء الرسالة حتى نهاية العالم . . . وقد توفّر القرآن الكريم على هذا التكفّل والضمان ، وتعهّد اللّه عز وجل بحفظ هذا الكتاب من كل تحريف ، ولكن لا تستفاد جميع الأحكام والتعاليم الإسلامية من ظواهر الآيات الكريمة .

فمثلا ، لا يمكن التعرّف من القرآن الكريم على عدد ركعات الصلاة ، وطريقة إقامتها ، ومئات أخرى من الأحكام الواجبة والمستحبة . وقد كانت هذه المهمة ملقاة على عاتق النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ليبيّنها النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، من خلال العلم الذي وهبه اللّه له .

ومن الثابت أن الظروف الصعبة التي عاشها النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وانشغاله بالحروب والمعارك ، لم تسمح له ببيان جميع الأحكام والتشريعات الإسلامية للناس كافة ، وحتى ما تعلّمه الأصحاب ، لم يضمن الحفاظ عليه ، فقد اختلف في طريقة وضوئه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالرغم من أنها كانت بمرأى من الجميع لسنوات طويلة .

هذه القضايا توضح لنا بأن الدين الإسلامي إنما يمكن طرحه كدين كامل وشامل يستجيب لكل احتياجات البشر حتى نهاية العالم ، فيما لو افترض وجود طريق للحفاظ على المصالح الضرورية للأمّة ، ولا يتمثّل هذا الطريق إلّا في تعيين الخليفة الصالح للرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الذي يجب أن تتوفّر فيه الشروط التالية :

« العلم الموهوب من اللّه ، والعصمة ، والتعيين الإلهي » من أجل أن يقوم بالدور الذي قام النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، إذن ، ختم النبوّة إنما يكون موافقا للحكمة الإلهية فيما لو اقترن بتعيين الإمام المعصوم ، والإمام الذي يمتلك خصائص نبيّ الإسلام صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كلّها عدا النبوّة والرسالة »[2].

وهذا هو مبنى الشيعة في اعتقادهم بضرورة الإمامة بعد النبوّة الخاتمة .

ومن الذين استدلّوا بالدليل العقلي على ضرورة الإمامة بعد النبوّة العلامة السيد عبد اللّه شبّر رحمه اللّه كغيره من علماء الشيعة حيث قال في كتابه العقائدي حق اليقين :

« إنه يجب على اللّه نصب الإمام في كل زمان عقلا ونقلا . أما العقل فوجوه :

الأول : إن ما ذكر في بيان الاضطرار إلى الرسل فهو بعينه جار في الاضطرار إلى أوصيائهم وخلفائهم لأن الاحتجاج إليهم غير مختص بوقت دون آخر وفي حالة دون أخرى ، ولا يكفي بقاء الكتب والشرائع من دون قيّم لها عالم بها . . .

الثاني : إن اللطف واجب على اللّه تعالى ، ولا ريب أن وجود الإمام في كل زمان لطف من اللّه تعالى بعبيده لأنه بوجوده فيهم يجتمع شملهم ويتصل حبلهم وينتصف الضعيف من القوي والفقير من الغنيّ ويرتدع الجاهل ويتيقّظ الغافل ، فإذا عدم بطل الشرع وأكثر أحكام الدين وأركان الإسلام كالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقضاء ونحو ذلك فتنتفي الفائدة المقصودة منها .

الثالث : أنه قد دل العقل والنقل على أنه يجب على اللّه أن يفعل بعباده ما هو الأصلح لهم ، ولا ريب أنه لا يتم انتظام أمر المعاد والمعاش والدين والدنيا إلا بنصب رئيس ومعلم يرشد الناس إلى الحق عند اختلافهم . . .

الرابع : أن العقل السليم والفهم المستقيم يحيل على العزيز الحكيم والرسول الكريم مع كونه مبعوثا إلى كافة الأنام وشريعته باقية إلى يوم القيامة أن يهمل أمّته مع نهاية رأفته وغاية شفقته بهم وعليهم ويترك بينهم كتابا في غاية الإجمال ونهاية الإشكال له وجوه عديدة ومحامل يحمله كل منهم على هواه ورأيه ، وأحاديث لم يظهر لهم منها إلا القليل وفيها مع ذلك المكذوب والمحرّف ، ولا يعيّن لهذا الأمر العظيم رئيسا يعوّل في المشكلات عليه ويركن في سائر الأمور إليه ، إن هذا ممّا يحيله[3] العقل على رب العالمين وعلى سيد المرسلين . . .

الخامس : أنه قد اعترف جمهور المخالفين بجريان عادة اللّه تعالى من آدم إلى خاتم الأنبياء أنه لم يقبض نبيّا حتى عيّن له خليفة وصيّا وجرت عادة نبينا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنه متى سافر عين خليفة في المدينة ، فكيف تخلفت هذه السنة بالنسبة إلى خاتم الأنبياء المرسل إلى هذه الأمة المرحومة بان يهملها ويتركها سدى ، مع انقطاع الأنبياء والرسل وبقاء التكليف إلى يوم القيامة . . . »[4].

إلى هنا قد أثبتنا ضرورة وجود الإمام ، ولكن يبقى السؤال التالي ، إن النبوّة كظاهرة إلهية غيبية ، منقطعة وليست مستمرة ، وأنها ختمت بالنبيّ محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فهل الإمامة أيضا ظاهرة منقطعة كالنبوّة ، أم هي مستمرة إلى أن يرث اللّه الأرض ومن عليها ؟

وهذا ما يقودنا إلى البحث التالي :

دلائل استمرار الإمامة :

الذي نستفيده من ظواهر الآيات والروايات الواردة عن الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم التأكيد على استمرار ظاهرة الإمامة والخلافة وعدم انقطاعها ، وطريق إثبات هذه الحقيقة من خلال القرآن والسنّة النبويّة هو :

القرآن الكريم :

قوله تعالى :

وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ[5].

وقد أشارت هذه الآية إلى وجود الخليفة في الأرض ، وأن هذا الخليفة ليس هو مطلق الإنسان ، وإنما المقصود به إنسان بخصوصه ، وأن هذه الخلافة الإلهية غير منقطعة بحسب منطوق الآية ، أمّا من هو ذلك الخليفة في كل زمان فله بحث آخر .

وقوله تعالى في خطاب اللّه عزّ وجل لإبراهيم الخليل عليه السّلام :

إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [6].

وهذه الإمامة هي غير النبوّة والرسالة التي كانت لإبراهيم عليه السّلام ، والدليل على ذلك :

1 - طلب الإمامة للذريّة ، حيث قال : ( ومن ذرّيّتي ) ، وحصول إبراهيم عليه السّلام على الذرية كان في كبره وشيخوخته ، كما قال :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [7].

ولا يصح هذا الطلب إلا لمن كان عنده ذرية ، أما من كان آيسا من الولد ويجيب مبشّريه بقوله :

قالَ أَ بَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ[8].

فلا يصح منه والحالة هذه أن يطلب أي شيء لذريته .

2 - إن قوله تعالى :

وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [9].

يدل على أن هذه الإمامة الموهوبة إنما كانت بعد ابتلائه بما ابتلاه اللّه به من الامتحانات ، وليست هذه إلا أنواع البلاء التي ابتلي عليه السّلام بها في حياته ، ومن أبرزها قضية ذبح ولده إسماعيل عليه السّلام .

وهذا ما أكدته جملة من الروايات الصحيحة الواردة في المقام . عن الإمام الصادق عليه السّلام في حديث مطوّل يقول فيه : « وقد كان إبراهيم عليه السّلام نبيّا وليس بإمام حتى قال اللّه تعالى :

إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [10].

وهذه الإمامة التي ثبتت لإبراهيم عليه السّلام طلبها لذريته من بعده ، حيث قال :

وَمِنْ ذُرِّيَّتِي .

وقد استجاب اللّه تعالى دعاءه ، ولكن لم يجعلها في الظالمين من ذريته ، وإنما في غيرهم .

ومن الواضح أن استجابة دعائه في ذريته ، لا يختص بالصلبيّين فقط ، بل هو شامل لجميع ذريته شريطة أن لا يكون ظالما ، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم في بيان حصول ذرية إبراهيم عليه السّلام على هذا المقام واستمرارها في إسحاق ويعقوب وصولا إلى النبي الأكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمة المعصومين من بعده عليهم السّلام .

الروايات والأحاديث الشريفة :

فقد أشارت الروايات المتعددة إلى أن ظاهرة الإمامة مستمرة غير منقطعة نذكر بعضا منها :

1 - حديث الثقلين :

وهو حديث متواتر عند السنة والشيعة . وقد رواه مسلم في صحيحه وورد في سنن الترمذي وسنن الدارمي ، وأبي داود ، وابن ماجة ، ومسند أحمد ، ومستدرك الحاكم وغيرهم . والحاصل أن هذا الحديث هو موضع اتفاق بين جميع علماء المسلمين ولم يناقش في صحة سنده ومضمونه أحد .

ولفظ الحديث برواية الترمذي عن زيد بن أرقم قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم :

« إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفونني فيهما »[11].

ومقتضى عدم افتراق العترة عن القرآن الكريم ، هو بقاء العترة إلى جنب القرآن إلى يوم القيامة ، وعدم خلو زمان من الأزمنة منهما ، لأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض .

2 - حديث أو روايات : « لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجة » .

وقد ورد مضمون هذا الحديث بعبارات مختلفة في كلمات الأعلام من الفريقين .

يقول ابن حجر :

« وفي صلاة عيسى عليه السّلام خلف رجل من هذه الأمة ، مع كونه في آخر الزمان ، وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال ، أن الأرض لا تخلو من قائم للّه بحجة »[12].

وكذلك ورد هذا الحديث في مضامين مئات الروايات عند الشيعة منها :

عن الإمام الصادق عليه السّلام :

« ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها ، ثم قال : ولم تخل الأرض منذ خلق اللّه آدم من حجة للّه فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة للّه فيها »[13].

وقد اعتمد هذا الاستدلال بهذا الحديث عدد كبير من علماء الشيعة منهم الشيخ المفيد والشيخ الطوسي وكذلك الصدوق وغيرهم .

3 - روايات : « من مات ولم يعرف إمام زمانه » .

ومضمون هذا الحديث نقله عدد كبير من علماء السنّة والشيعة وجميع كتب الحديث وبألفاظ مختلفة .

ويدل الحديث دلالة واضحة على وجود الإمام في كل عصر وزمان .

فالإمامة على ضوء ما تقدم من الآيات والروايات ضرورة لا بد منها ووجود الإمام حاجة ضرورية للمجتمع البشري ، وهو من الألطاف الإلهية للأمّة ، لكي يحفظها من الضلال ويقودها نحو الهداية والرشاد .

أما الكلام في الدليل الثاني :

أي في الدليل العقلي على إمامة الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

فإن ما تقدم في الحديث عن ضرورة استمرار الإمامة بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يقودنا إلى نتيجة مؤداها أن اللّه سبحانه وتعالى لم يترك الأرض ولن يتركها على الإطلاق من دون إمام معصوم يحمل مواصفات الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ويستمر في أداء الوظيفة الإلهية التي من أجلها بث إلى البشرية هاديا ونذيرا .

ونشير بالإجمال إلى أن تعيين مصاديق الأئمة والخلفاء بعد النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من الأمور والقضايا التي باتت عند الشيعة من المسلمات والبديهيات نظرا لكثرة ما ورد في ذلك من أحاديث وروايات في كتب الشيعة والسنة .

وأما إثبات خصوص إمامة الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف ، فإنما يستند فيه العقل إلى النقل بعد ثبوت أصل الدليل العقلي على ضرورة الإمامة .

وبهذا استدل الشيخ الصدوق رحمه اللّه حيث قال :

« . . . ويجب عليهم أن يعلموا أن القول بغيبة صاحب الزمان عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف مبني على القول بإمامة آبائه ، والقول بإمامة آبائه عليهم السّلام مبني على القول بتصديق محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وإمامته ، وذلك أن هذا باب شرعي وليس بعقلي محض والكلام في الشرعيات مبني على الكتاب والسنة كما قال اللّه عز وجل : فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ[14] ، فمتى شهد لنا الكتاب والسنة وحجة العقل فقولنا هو المجتبى »[15].

ومحصّل كلام الشيخ الطوسي رحمه اللّه في ما يمكن فهمه من استدلاله بالعقل على وجود صاحب الزمان عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف أن كل من قطع على وجوب اعتبار الدليل العقلي قطع على وجود صاحب الزمان عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وإمامته .

وما سنذكره فيما يأتي من أدلة على وجود الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف وإجماع علماء السنة والشيعة على ولادته ووجوده ، يعضد الدليل العقلي ويقويه لجهة الإيمان بأن الإمام في هذا العصر هو الإمام المهدي بن الحسن العسكري عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

وقد ذكر الشيخ المفيد رحمه اللّه هذا الدليل فقال :

« ومن الدلائل على إمامة القائم بالحق ابن الحسن عليه السّلام ما يقتضيه العقل بالاستدلال الصحيح ، من وجود إمام معصوم كامل غنيّ عن رعاياه في الأحكام والعلوم في كل زمان ، لاستحالة خلوّ المكلفين من سلطان يكونون بوجوده أقرب إلى الصلاح وابعد من الفساد ، وحاجة الكل من ذوي النقصان إلى مؤدّب للجناة ، مقوم للعصاة ، رادع للغواة ، معلم للجهال ، منبه للغافلين ، محذر من الضلال ، مقيم للحدود ، منفذ للأحكام ، فاصل بين أهل الاختلاف ، ناصب للأمراء ، ساد للثغور ، حافظ للأموال ، حام عن بيضة الإسلام ، جامع للناس في الجمعات والأعياد .

وقيام الأدلة على أنه معصوم من الزلات لغناه عن الأنام بالاتفاق ، واقتضاء ذلك له العصمة بلا ارتياب ، ووجوب النص على من هذه سبيله من الأنام ، أو ظهور المعجز عليه ، لتميزه عمن سواه ، وعدم هذه الصفات من كل أحد سوى من أثبت إمامته أصحاب الحسن بن علي عليه السّلام وهو ابنه المهدي .

وهذا أصل لن يحتاج معه في الإمامة إلى رواية النصوص وتعداد ما جاء فيها من الأخبار ، لقيامه بنفسه في قضية العقول وصحته بثابت الاستدلال »[16].

وقال السيد محسن الأمين رحمه اللّه في أعيان الشيعة في معرض ذكره للدليل العقلي على إمامة الإمام المهدي عجّل اللّه تعالى فرجه الشّريف .

« أما الدليل العقلي فهو حكم العقل بوجوب اللطف على اللّه تعالى وهو فعل ما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية ويوجب إزاحة العلة وقطع المعذرة بدون أن يصل على حدّ الإجبار لئلا يكون للّه على الناس حجة وتكون له الحجة البالغة فالعقل حاكم بوجوب إرسال الرسل وبعثة الأنبياء ليبينوا للناس ما أراد اللّه منهم من التكاليف المقربة من الخير والمبعدة عن الشر ، ويحكموا بينهم بالعدل وأن يكونوا معصومين من الذنوب منزهين عن القبائح والعيوب لتقبل أقوالهم ويؤمن منهم الكذب والتحريف ، وكما يجب إرسال الرسل من قبل اللّه تعالى ، يجب نصب أوصياء لهم يقومون مقامهم في حفظ الشريعة ، وتأديتها إلى الناس ونفي التحريف والتبديل عنها ، والحكم بين الناس بالعدل ، وإنصاف المظلوم من الظالم ، ويجب عصمتهم عما عصم منه الأنبياء ، للدليل الذي دل على عصمة الأنبياء بعينه ، ولقوله تعالى خطابا لإبراهيم عليه السّلام .

إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ .

وغير المعصوم تجوز عليه المعصية فيكون ظالما لنفسه .

ويجب أن يكون نصبهم من اللّه تعالى لا من الناس لأن العصمة لا يطلع عليها إلا اللّه تعالى ، ولأن إيكال ذلك إلى الناس مؤدّ إلى الهرج والمرج ووقوع النزاع والاختلاف وحصول الفساد ، فوجب القول بوجود إمام معصوم في كل زمان منصوب من قبل اللّه تعالى .

وقد أجمع المسلمون على أن من عدا الأئمة ليسوا بهذه الصفات ، فوجب القول بأن أصحاب هذه الصفات هم الأئمة الإثنا عشر ، وإلا لزم خلو العصر من إمام معصوم وقد ثبت بطلانه »[17].

 

[1] كمال الدين ، الصدوق ، ص 92 .

[2] دروس في العقيدة الإسلامية ، اليزدي ، ج 2 ، ص 346 - 348 .

[3] يحيله بمعنى يعتقد باستحالته .

[4] حق اليقين في معرفة أصول الدين ، السيد عبد اللّه شبر ، ج 1 ، ص 137 - 138 .

[5] سورة البقرة ، الآية : 30 .

[6] سورة البقرة ، الآية : 124 .

[7] سورة إبراهيم ، الآية : 39 .

[8] سورة الحجر ، الآية : 54 .

[9] سورة البقرة ، الآية : 124 .

[10] أصول الكافي ، الكليني ، ج 1 ، ص 174 .

[11] الترمذي ، سنن الترمذي ( الجامع الصحيح ) ، ج 5 ، ص 327 ، حديث 3876 .

[12] فتح الباري في صحيح البخاري ، ج 6 ، ص 385 .

[13] بحار الأنوار ، ج 23 ، ح 10 .

[14] سورة النساء ، الآية : 59 .

[15] كمال الدين ، الشيخ الصدوق ، ج 1 ، ص 63 .

[16] الإرشاد ، الشيخ المفيد ، ص 342 - 343 .

[17] أعيان الشيعة ، السيد محسن الأمين ، ج 2 ، ص 49 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.






قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف