: العلاقات العثمانية – الإيرانية وأثرها على العراق (1639 ــ 1733) المرحلة |
1121
01:27 صباحاً
التاريخ: 2023-06-04
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-03
1099
التاريخ: 2023-05-15
1305
التاريخ: 2024-11-11
208
التاريخ: 2023-06-07
1995
|
اتسمت العلاقات العثمانية - الايرانية منذ عقد معاهدة زهاب عام 1639م بطابع الود والاستقرار على الحدود، ولم تحدث حوادث تعكر صفو الامن بينهما، ويعكس ذلك مدى رغبة الطرفين في ان يجنحا للسلم ويخلدا الى الهدوء والسلام بعد قرن وربع القرن من الحروب والتوتر في العلاقات التي سادت بينهما. ويبدو ان الصفويين كانوا يحرصون على استمرار صفحة العلاقات الحسنة التي فتحت مع الدولة العثمانية بعد معاهدة زهاب عام 1639، وبادلهم العثمانيون التوجه نفسه ففي عام 1656 أرسل الشاه عباس الثاني (1642-1667) هدايا الى السلطان العثماني ومبعوثا يحمل رسال يطلب فيها الحفاظ على الصلح الذي ابرم بين الدولتين الصفوية والعثمانية، فبادر السلطان بإجابة الطلب وحمل رسوله الذي حمل الجواب الى إيران هدايا الى الشاه. وفي عام 1689 أرسل الايرانيون مبعوثا الى العاصمة العثمانية استنبول للتبريك بجلوس السلطان سليمان الثاني (1678-1691) والتأكيد على قواعد الصلح التي ارستها معاهدة زهاب بينهم وبين العثمانيين. وقد استمرت هذه العلاقات الحسنة بين الدولتين العثمانية والصفوية حتى اواخر سنوات الربع الأول من القرن الثامن عشر، ففي عام 1717 هاجمت عشيرة الجاف انحاء بغداد وقتلت امير باجلان مع اثنين من رجاله، ولم يتمكن والي بغداد حسن باشا من معاقبة هذه العشيرة لهروبها واحتمائها بالجبال. ولما كانت هذه العشيرة تقطن إيران آنذاك، وتابعة للحكومة الايرانية كتب حسن باشا الى شاه إيران يشكو له امرها، فبادرت الحكومة الايرانية الى معاقبة بعض خانات الحدود وعزلهم لتهاونهم في منع تجاوز الجاف على الأراضي العثمانية. غير أن التطورات التي حصلت في ايران في العقد الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي، ادت إلى تصدع العلاقات العثمانية - الايرانية، وان هذه التطورات تمثلت في الغزو الافغاني لإيران، ففي نهاية عام 1719 توجه مير محمود بن مير ويس على رأس قوة عسكرية كبيرة ة تألفت 11000 مقاتل نحو مدينة سيستان، واحتلها، ثم توجه نحو مدينة كرمان واحتلها لمدة تسعة اشهر على الرغم من المقاومة التي أبداها حاكمها علي خان، ثم انسحب منها لمواجهة بعض الاخطار التي هددت مركزه في قندهار. في عام 1722م ظهرت قوة افغانية ذات تدريب عسكري عال بقيادة مير محمود بن مير ويس الافغاني، الذي توجه بهذه القوات الى يزد المؤدية الى اصفهان فسقطت في يده، وفتح امامه الطريق المؤدي الى غربي العاصمة، لكنه توقف في كرمان لإعادة تنظيم صفوف قواته والاستيلاء على بعض المعاقل الرئيسة قبل ان يستأنف الزحف نحو العاصمة، فاستولى على فرح آباد بسهولة بعد ان فرت منها الحامية الصفوية. وتجاه هذا التقدم الافغاني ارسل الشاه حسين سفارة الى مير محمود عرضت عليه مبلغا كبيرا من المال لقاء عودته الى ،افغانستان، فاعتقد الزعيم الافغاني بان الصفويين لم يقدموا على هذه الخطوة الا لانهم عاجزين عن التصدي له ووقف زحفه مما شجعه على التقدم الى اصفهان، وعبثا حاول الصفويون، ايقاف التقدم الافغاني الكاسح إذ انهم منوا بهزيمة كاسحة في موقعة كلنا باد في شرقي اصفهان في 8 اذار 1722، فانسحبوا إلى داخل المدينة ففرض مير محمود حصارا قاسيا على ،اصفهان، استمر فترة طويلة من الزمن، وقد نجح احد ابناء الشاه حسين وهو طهماسب من اختراق الحصار ليلة 87 حزيران 1722 متوجها الى قزوين مع 600 رجل على امل تجهيز قوة عسكرية هناك لأنجاد العاصمة المحاصرة. ولكنه أخفق في ذلك وكتب الى ابيه يدعوه للهرب من العاصمة التي كان وضعها يزداد سوءا بسبب الحصار وقلة المؤن، وعانى اهلها الكثير من المجاعة والأوبئة. ولم يكن امام الشاه الصفوي في مثل تلك الحال سوى الاستسلام دون شروط لمير محمود في 12 تشرين الأول 1722 وبعد حوالي اسبوعين من ذلك دخل مير محمود العاصمة حيث توج ملكا في 25 تشرين الأول 1722 من قبل الشاه الذي اقتيد بعدها الى السجن. ان التطورات التي حدثت في إيران بدءا من الاحتلال الافغاني شجعت جارتيها القويتين الدولة العثمانية وروسيا القيصرية على استغلال الفرصة والتوسع على حسابها، فالدولة العثمانية كانت تريد تعويض خسائرها في اوروبا، في حين كان قيصر روسيا الشهير بطرس الكبير (1682 - 1725) يركز جهوده على التوسع في منطقة السهول الواسعة بين البحر الاسود وبحر قزوين، لان السيطرة على هذه المنطقة ستمكن روسيا القيصرية من اقامة طريق تجاري عبر بحر قزوين والسيطرة على البحر الاسود. وكانت روسيا تعد حرية الملاحة في البحر الاسود وحرية الوصول منه الى مياه البحر المتوسط عبر المضائق التركية (البسفور والدردنيل) امرا جوهريا لها لتصبح قوة عظمى. عندما استقر مير محمود على سدة العرش في إيران أرسل والي بغداد حسن باشا مبعوثا من قبله الى اصفهان للوقوف بوجه على نواياه تجاه السلطنة العثمانية، فأبدى هذا ولاءه لها وأرسل سفيرا من قبله الى والي بغداد وهو محمد صادق خان لتأكيد هذا الولاء والطلب من حسن باشا توفير الدعم العثماني للأفغان، للاستيلاء على جميع الصفوية، فأرسل حسن باشا تقريرا مفصلا بذلك الى اسطنبول. لقد استغل العثمانيون الفوضى التي اعقبت الغزو الافغاني، فاصدر السلطان العثماني امرا إلى حسن باشا والي بغداد بقيادة حملة إلى بلاد ايران وقد حدد الفرمان السلطاني بعدم التعرض للأقاليم التي هي تحت سيطرة مير محمود الافغاني فتحرك حسن باشا إلى بغداد، بعد أن تجمعت تحت رايته قوات من شهرزور والموصل والبصرة وبعض بيكات الاكراد وعدد من الانكشارية، فتوجه بهم نحو كرمنشاه وفي 16 تشرين الأول 1723م، سقطت المدينة بيد حسن باشا دون مقاومة، بعد ان خرج اليه حاكمها عبد الباقي خان مع اعيان البلدة وسلم له مفاتيح المدينة، في وقت استطاع عبد الرحمن باشا والي شهرزور، أن يزيح قوة افغانية بقيادة علي مردان خان، الذي حاول التصدي للقوات العثمانية بالقرب من خرم آباد بعد كرمنشاه سقط اردلان، وفي ربيع عام 1723م تهيأ حسن باشا لاحتلال همدان، غير أن وفاته حالت دون ذلك، فخفى امر موته عن جنده وارسلت جثته إلى بغداد. في الوقت نفسه استغلت روسيا هي الأخرى هذه الفرصة، إذ بدأ بطرس الكبير عملياته العسكرية ضد إيران عام 1722 عندما هبط عن طريق نهر الفولغا على رأس قوة من 22000 واستولى على دربند الواقعة على الساحل الشمالي الغربي من بحر قزوين واتجه من هناك الى مدينة شماخي للاستيلاء عليها، الا ان مبعوثا عثمانيا وصل الى معسكر بطرس الكبير معلنا احتلال العثمانيين مدينة شماخي ومحذرا الروس من أي تقدم اخر. وتوترت العلاقات بين الطرفين كاد ان يوقع الحرب بينهما ولكن تدخل فرنسا ووساطتها ساعد على التوصل الى تفاهم بينهما، اذ سرعان ما دارت مفاوضات بين الروس والعثمانيين حول تقسيم ايران مقابل اعتراف الدولتين بالشاه طهماسب شاها على فارس وانتهت بتوقيع معاهدة تقسيم فارس في 24 حزيران 1724 والتي نصت على ان تحتفظ كل واحدة من الدولتين بالأراضي الايرانية التي تستولي عليها، أي تحتفظ روسيا القيصرية بالمناطق الواقعة في سواحل بحر ،قزوين، اما مناطق بلاد الكرج وشروان و قره باغ و اذربيجان فمن نصيب الدولة العثمانية، الامر الذي فتح المجال امام العثمانيين للتوسع على حساب الاراضي الايرانية لاسيما المجاورة منها للأراضي العراقية. كانت الدولة العثمانية بحاجة ماسة إلى قائد عسكري منحك، يستطيع انقاذ الموقف الذي تردى بعد وفاة حسن باشا، فجاء رد الباب العالي بتعيين احمد باشا ابن حسن باشا قائدا للحملة العسكرية وواليا على بغداد. توجه احمد باشا بعد أن اقام مراسيم العزاء في بغداد نحو كرمنشاه وقد تجمعت تحت رايته قوات ضخمة، قدرت بأكثر من 100 الف جندي اضافة إلى 22 مدفع باليمز وثلاثة مدافع هاون و 648 جبه جي، وقبل زحفه نحو همدان ارسل رسولا إليها يطلب التسليم، غير أن اهالي المدينة رفضوا ذلك، فزحف إليها و فرض حصارا شديدا عليها من جميع الجوانب، وقامت المدفعية العثمانية بقصف سور المدينة المنيعة، إلا أن تأثيرها كان قليلا بسبب متانة السور، فلجا العثمانيون إلى وضع العام تحت السور ولكن اهالي المدينة كانوا يبطلون مفعولها بصب الماء عليها، وفي اليوم الثامن والخمسين من الحصار احدثت المدفعية العثمانية فجوة في سور المدينة اندفع منها الجند إلى الداخل، وقد شهدت المدينة قتالا ضاريا لمدة ثلاثة ايام بلياليها وانتهى الامر بتسليم المدافعين انفسهم لأحمد باشا في 31 اب 1724م، بعد الاتفاق على شروط الاستسلام التي تضمنت ان تكون همدان ولاية عثمانية وان يذكر اسم السلطان العثماني في الصلاة العامة، وعين احمد باشا، قره مصطفى باشا واليا عليها، وقد قوبلت انباء فتح همدان بثناء عظيم في الباب العالي وكتب السلطان إلى احمد باشا يشكره على انتصاره العظيم. وزحف احمد باشا بعد فتح همدان نحو نهاوند التي سقطت دون مقاومة تذكر، ثم اصبحت لورستان تحت السيطرة العثمانية أيضاً، وبعدها عاد احمد باشا إلى بغداد 1725م. وخلال احتلال القوات العثمانية لكرمنشاه و همدان حدثت تطورات خطيرة في العائلة الافغانية، فمير محمود لم يسلك سياسة حسنة مع الافغانيين الذين ذاقوا الامرين من فتكه واسرافه في القتل والاضطهاد، فقد كشف اسرافه في الفتك بالناس عن كونه مجنونا، مما دفع زعماء الافغان إلى عزله واطلاق سراح ابن عمه اشرف خان، وتنصيبه ملكا عليهم في 23 ايار 1725م، وقد بدا اشرف خان يقترب من العائلة الصفوية، إذ قيل انه تزوج ابنة الشاه حسين الصفوي، يبدو أن اشرف خان كان شخصا ذكيا ذا حنكة سياسية ومعرفة بالأساليب الدبلوماسية ودراية بطرق اثارة الراي العام على السلطان العثماني، فبعد اعتلاء العرش ارسل في تشرين الأول 1725م وفدا إلى الباب العالي، وقد عرض الوفد احتجاج اشرف خان على تلك المعاهدة التي عقدها السلطان العثماني مع دولة مسيحية (روسيا) ضد دولة اسلامية (أي ايران كما طلب بإعادة جميع المقاطعات التي سيطر عليها العثمانيون في حربهم الاخيرة. لقد كانت الحجة الافغانية قوية، وذات تأثير فعال على الراي العام في الآستانة والذي وقف إلى جانب اشرف خان، ولم يكن تأثير هذه الحجة قاصرا على الباب العالي، بل أن احمد باشا والي بغداد عرض على المسؤولين في العاصمة انتشار تأثير الحجة الافغانية في صفوف جيشه فأسرعت الدولة العثمانية إلى اصدار منشور وقع عليه شيخ الإسلام، الذي اجاز محاربة اشرف خان باعتباره مارقا عن الدين الإسلامي. وبناءً على فتوى شيخ الإسلام، كلف السلطان العثماني احمد باشا لقيادة حملة على البلاد الايرانية وقد تجمعت تحت رايته قوات من ديار بكر و همدان والبصرة اضافة إلى عدد من امراء البابان حتى بلغ عددهم أكثر من ثمانين الف مقاتل و 70 مدفعا من النوع الكبير وثلاثة مدافع هاون فتحركت الحملة من بغداد متجهة نحو اصفهان، وبالقرب من المدينة في موضع يقال له نجدان تقابلا الجيشان العثماني والافغاني الذي كان اقل عدد وعدة، وفي 1 تشرين الثاني 1726م استعد الجيشان لخوض المعركة الحاسمة، غير أن اشرف خان لجا إلى اسلوب الخداع، فارسل عدد من العلماء الافغان ليسالوا احمد باشا، لماذا الحرب بين حكومتين مسلمتين وهل أن الشريعة تجيز أن يشهر المسلم السيف على اخيه المسلم، وكان رد احمد باشا بانه يقوم بتنفيذ واجبه كقائد خاضع للسلطان العثماني الذي يجب أن يطاع ،امره حدث القتال بين الطرفين في 2 تشرين الثاني سنة 1726م وقد احرز الجيش العثماني في بداية المعركة انتصارا حاسما، ولكن في اليوم الثالث حدث شيء لم يكن بالحسبان قلب حلاوة النصر إلى مرارة، إذ انسحب فجأة معظم الاكراد من ساحة المعركة التي بدأت تميل لصالح اشرف خان، وقد تكبد الجيش العثماني خسائر فادحة على يد الافغانيين، حتى اضطر إلى التراجع إلى كر منشاه في حالة يرثى لها تاركا المدافع والامتعة غنيمة بيد اشرف خان. وتشير المصادر العثمانية إلى أن السبب في انسحاب الاكراد من ساحة المعركة، يعود إلى وعود أشرف خان المعسولة لهم، وانه سوف يترك لهم بعض الاراضي الايرانية في حالة مساعدتهم له، فضلا عن عدم ثقة الأكراد بالحكومة العثمانية. أرسل احمد باشا تقريرا مفصلا الى اسطنبول يشرح فيه وضعه، فأرسل اليه الباب العالي يأمره بمواصلة القتال فزحف مرة اخرى الى اصفهان، وتعرض مير أشرف في غضون ذلك لخطر داخلي تمثل بتنامي قوة الشاه طهماسب الثاني، فاضطر ان يتفاهم مع العثمانيين للحفاظ على قواته من جهة ومواجهة هذا الخطر من جهة اخرى، فاتصل بأحمد باشا واقترح عليه توقيع اتفاقية صلح بين الجانبين، وبادر بأطلاق سراح الاسرى العثمانيين كدليل على حسن نيته، ويظهر اسفه على ما اصاب الجيش العثماني من اضرار في الارواح والاموال في الحرب الأخيرة. عرض احمد باشا طلب أشرف خان بعقد الصلح مع الدولة العثمانية التي وافقت على ذلك، فوقعت في 3 تشرين الثاني 1727م معاهدة بين الطرفين، تألف من اثنتي عشر مادة وتضمنت المادتان العاشرة والحادية عشر تفصيلات عن المناطق الايرانية التي منحت للدولة العثمانية. ويمكن تلخيص المعاهدة بالنقاط التالية:
1. تبقى الاقاليم التي سيطر عليها الجيش العثماني تحت السيطرة العثمانية، وهي اقاليم إيران الغربية والشمالية الغربية، مقابل احتفاظ أشرف خان بأصفهان، ومناطق وسط إيران وشرقها، واعتراف الدولة العثمانية بحكمه.
2. يعمل العثمانيون على حماية قوافل الحجاج الذاهبة إلى العتبات المقدسة في العراق وإيران، وعدم قبول المجرمين أو الفارين لدى كلتا الدولتين.
3. اعترف مير أشرف بتبعيته للدولة العثمانية، وان السلطان العثماني خليفة على المسلمين، واعترف السلطان بأشرف شاها على إيران.
4. تعهد أشرف بإعادة جميع المدافع التي سيطر عليها في الحرب الاخيرة.
5. تدخل الحويزة في إطار الدولة العثمانية.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|