المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
The exponential atmosphere
2024-05-17
تـطويـر هيـكـل فعـال للمـكافـآت والحـوافـز في المـصارف
2024-05-17
The ideal gas law
2024-05-17
Temperature and kinetic energy
2024-05-17
Compressibility of radiation
2024-05-17
إنـشاء نـظم الإسـناد الإداري للإستـراتيجيـة فـي المـصارف
2024-05-17

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حجيّة مراسيل الشيخ الصدوق.  
  
1175   11:36 صباحاً   التاريخ: 2023-04-29
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج2، ص 33 ـ 41.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / علم الرجال / مقالات متفرقة في علم الرجال /

حجية مراسيل الصدوق (قدس سره) (1):

كتاب (من لا يحضره الفقيه) للشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي (رضوان الله عليه) من أهم جوامع الحديث عند الإمامية، ولكنّه يشتمل على عدد كبير من المراسيل قيل إنها تزيد على ثلث الأحاديث الواردة فيه (2)، وقد ذهب جمع من الأصحاب إلى حجيتها على قولين:

(الأول): حجيتها مطلقاً، وهذا ما يظهر من غير واحد، منهم الشيخ البهائي حيث قال بعد إيراد بعضها: إنه من مراسيل الصدوق في كتاب (من لا يحضره الفقيه)، وقد ذكر (رحمه الله) أن ما أورده فيه فهو حاكم بصحته ومعتقد به حجة فيما بينه وبين الله تعالى، فينبغي ألّا تقصّر مراسيله عن مراسيل ابن أبي عمير وأن تعامل معاملتها ولا تطرح بمجرد الإرسال (3).

(الثاني): حجية ما كان مسنداً منها إلى المعصوم بصيغة جزمية دون غيره، وهذا ما ذهب إليه السيد المحقق الداماد (قدس سره) حيث علّق على كلام من استدل على حجية المرسل مطلقاً بأنه لو لم يكن الوسيط الساقط عدلاً عند المرسل لما ساغ له إسناد الحديث إلى المعصوم.. علّق بقوله: (إنما يتم ذلك إذا كان الإرسال بالإسقاط رأساً والإسناد جزماً كما لو قال المرسل: (قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ) أو: (قال المعصوم (عليه السلام) ذلك)، وذلك مثل قول الصدوق عروة الإسلام (رضي الله عنه) في الفقيه: قال (عليه السلام) : الماء يطهِّر ولا يطهَّر، إذ مفاده الجزم أو الظن بصدور الحديث عن المعصوم فيجب أن تكون الوسائط عدولاً في ظنه وإلا كان الحكم الجازم بالإسناد هادماً لجلالته وعدالته) (4).

وقد ارتضى هذا التفصيل المحقق النائيني والسيد الأستاذ في بعض دوراته الأصولية وغيرهما (5) (قدّس الله أسرارهم).

ولكن ما ذُكر في تقريب كلا القولين ضعيف:

أما الأول فلأنه ليس مبنى حكم الصدوق (قدس سره) بصحة أحاديث كتابه هو وثاقة الوسائط بينه وبين المعصوم (عليه السلام) في كل واحدٍ منها ــ كما سيأتي توضيحه (6) ــ بل مبناه ما حصل له من الاطمئنان بصحتها بمقتضى الشواهد والقرائن على اختلاف أنحائها، فلا يصح قياس مراسيله بمراسيل ابن أبي عمير التي مبنى حجيتها ــ كما صرح به الشيخ الطوسي (قدس سره) ــ هو كونه ممن عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة.

وأما الثاني فلأنّ جزم الصدوق أو اطمئنانه بصدور الرواية من المعصوم (عليه السلام) يجوز أن يكون مستنداً إلى أمر اجتهادي ــ كما أشير إليه آنفاً ــ فلا يقوم حجة على غيره.

هذا ويمكن تقريب القول الثاني المذكور مبنياً على أمرين:

(أحدهما): أنّ إخبار الشيخ الصدوق بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال كذا وإن لم يحتمل أن يكون إخباراً حسياً، للفاصل الزمني بينه وبين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن يحتمل أن يكون منتهياً إلى الحس بأحد وجهين..

(أ) أنه بلغه على سبيل التواتر في جميع طبقات الرواة، وهذا محتمل جداً في بعض الأخبار كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((حفّوا الشوارب واعفوا اللحى)) بالنظر إلى وروده من طرق كثير من رجال العامة.

(ب) أنه وصله عن طريق ثقة عن ثقة، والخبر المنقول بطريق الثقات في

جميع الطبقات وإن كان حدسياً في الحقيقة، لأن كبرى حجية خبر الثقة كبرى اجتهادية نظرية، ولكن حيث إنها مما ثبتت ببناء العقلاء فيكون الخبر المبني عليها ملحقاً بالخبر الحسي، وأما صغرى كون الراوي الفلاني ثقة

فهي وإن كانت اجتهادية بالنسبة إلى قسمٍ من الرواة إلا أنها غير اجتهادية بالنسبة إلى قسم آخر للاتفاق على وثاقتهم، ويحتمل أن يكون الثقة الراوي للخبر من هذا القسم الثاني.

ولمثل هذا الوجه الثاني اعتمد السيد الأستاذ (قدس سره) على توثيقات الرجاليين لمن لم يكونوا من معاصريهم (7).

(ثانيهما): أن بناء العقلاء قائم على أن الإخبار في الأمور الحسية إذا شك في كونه مستنداً إلى الحسّ أو الحدس يعامل معه على كونه مستنداً إلى الحس.

مثلاً: إذا أخبر أحد عن مجيء زيدٍ أو أنه قال كذا، واحتمل اعتماده في ذلك على غير حاسة البصر في المجيء وغير حاسة السمع في القول ــ بأن اعتمد على بعض القرائن والمناسبات ــ يبنى على كون خبره عن المجيء والقول حسياً، وكذلك إذا أخبر أن النبت الكذائي زكي الرائحة والطعام الكذائي طيب الطعم والنسيج الكذائي خشن الملمس فإنه يبنى على كون إخباراته حسية لا حدسية.

وبضم هذا الأمر إلى الأمر الأول ينتج صحة الاعتماد على مراسيل الصدوق (قدس سره) وغيره من الأكابر إذا كانت بصيغة جزمية لا بصيغة (روي) ونحوها.

ولكن يمكن مناقشة التقريب المذكور من عدة وجوه:

1 ــ إنّ تفريق الصدوق (رحمه الله) في مراسيله باستخدام الصيغة الجزمية للانتساب في بعضٍ منها دون بعض لا يبتني على أساس أن القسم الأول قد وصل إليه بطريق التواتر أو مروياً عن الثقات بالاتفاق دون القسم الثاني، بل التفريق المذكور مبني على ضرب من التفنّن في التعبير.

والوجه في ذلك:

أولاً: النقض بمسانيده (قدس سره)، فإنه يفرّق فيها أيضاً بمثل ذلك، فيقول تارة: (روى العلاء عن محمد بن مسلم) (8) ويقول تارة أخرى: (روي عن العلاء عن محمد بن مسلم) (9) مع أن السند إلى العلاء واحد في المشيخة (10)، وهكذا بالنسبة إلى الكثير من الرواة الآخرين كما يُعلم بالتتبع.

وثانياً: أنه توجد في الفقيه مئات المراسيل المروية بصيغة جزمية، ومن المؤكد أن جميعها لم تصل إلى الصدوق (قدس سره) بطريق التواتر أو بطريق الثقات بالاتفاق، ويتضح ذلك بمقارنة ما ورد منها في المصادر الأخرى كالكافي والتهذيبين، فإنه يلاحظ ورود جملة منها في الكافي ــ مثلاً ــ بمثل ما وردت فيه الأحاديث الأخرى من حيث صحة السند أحياناً وضعفه أو إرساله أو نحو ذلك من العلل في أحيان أخر، ولا يحتمل أن تكون تلك المراسيل قد تيسّر للصدوق الاطلاع على طرق لها متواترة أو مشتملة على الثقات بالاتفاق ولم يتيسّر ذلك للكليني وهو الأقدم منه والأوسع اطلاعاً وتتبعاً.

والحاصل: أنّه لا ينبغي الشكّ في أن التعابير المستخدمة في الفقيه من قوله: (روى أو روي أو في رواية ونحو ذلك) ليس الاختلاف بينها إلا من جهة التفنن في التعبير لا من جهة عناية الصدوق (قدس سره) في كون المروي بلفظ: (روى أو سأل أو قال) ونحوها مرويّاً بالتواتر أو بطريق الثقات بالاتفاق في جميع الطبقات.

2 ــ إنّ ما ذُكر في الأمر الأول من أنّ الخبر المروي بطريق الثقات بالاتفاق ملحق بالخبر الحسّي غير تام، إلا بناءً على حجية خبر الثقة ببناء العقلاء، وأما على القول بحجية الخبر الموثوق به خاصة ــ كما هو الصحيح وعليه معظم القدماء ومنهم الصدوق (رحمه الله) (11) ــ أو على القول بحجية خبر الثقة تأسيساً في الشرع الحنيف بدلالة النصوص عليها كما قال به بعضٌ فلا يتمّ الإلحاق المذكور كما هو واضح.

3 ــ إذا صح ما ادعي من بناء العقلاء على اعتبار الخبر حسّياً إذا كان وارداً في الحسّيات ما لم يثبت خلافه فإنما يصح ذلك فيما إذا احتمل كونه بلا واسطة، وأما الخبر مع الواسطة المحتمل انتهاؤه إلى الحسّ بنقل ثقة عن ثقة فلا تصح دعوى بناء العقلاء فيه على ذلك.

والوجه فيه: أنه بناءً على حجّية خبر الثقة ببناء العقلاء فالحجة عندهم أمران: خبر الثقة والخبر الموثوق به، وبالأحرى الوثوق الحاصل بصحة الخبر من خلال القرائن والمناسبات، وحيث إنه ليس بناء الناس في اخباراتهم عن الوقائع التي لا تكون محسوسة لهم الاعتماد على خصوص خبر الثقة بل في كثير من الأحيان يعتمدون على الخبر الموثوق به وإن لم يثبت وثاقة راويه فلا وجه لحمل الخبر على كونه عن طريق الثقات ليكون ملحقاً بالخبر الحسّي.

هذا مضافاً إلى أن وثاقة الوسائط لا تكون في الغالب واضحة تماماً وموضعاً للاتفاق، فكم من رجلٍ ثقةٍ عند كثيرين قد طعن فيه جمعٌ قليل، ودعوى بناء العقلاء في الخبر المروي مرسلاً بطريق الرواة الثقات على كون جميع رواته من الثقات المعروفين بالوثاقة بحيث لا يكون مجال لأحدٍ للطعن فيهم حتى فيما شك في كونهم من هذا القبيل دعوى باطلة لا شاهد عليها في بناء العقلاء أصلاً.

4 ــ إنه لو سُلّم أن بناء العقلاء على معاملة مثل هذا الخبر معاملة الخبر الحسّي ولكنه لا يزيد في كل الأحوال على كونه خبراً مرسلاً، ويحتمل أن يكون في الوسائط رجل مطعون عليه من طريقٍ آخر، فكيف يمكن نفي هذا الاحتمال والاعتماد على الخبر، نظير ما لو قال: حدثني الثقة، ولم يسمّه فإنّه يواجه الإشكال نفسه.

وقد يجاب عن هذا الوجه من جهتين:

أحدهما: أنّ الشهادة المعاكسة لا تمنع بوجودها الواقعي عن حجية الشهادة بالوثاقة بل بوصولها وهو مفروض العدم، فإن الموجب لسقوط إطلاق دليل الحجية عن الشمول للمتعارضين ينحصر في حكم العقل بامتناع جعل الحجية لهما، ومن المعلوم أن الممتنع إنما هو جعل الحجية لهما مع وصولهما إلى المكلف وأما مع وصول الشهادة بالوثاقة فقط دون الشهادة بنفيها فلا مانع من أن يشملها دليل حجية شهادة العادل.

ثانيهما: أنّه لو سُلّم أنّ الشهادة المعاكسة بوجودها الواقعي تمنع من ثبوت الحجّية للشهادة بالوثاقة إلا أنه يمكن نفي وجود الشهادة المعاكسة بالأصل، نظراً إلى أن الموضوع للحجية مركب من أمرين: وجودي وهو الشهادة بالوثاقة وعدمي وهو عدم المعارض الملحوظ على نحو العدم المحمولي، فبأصالة عدم المعارض يلتئم الموضوع المركب ويترتب حكمه.

ولكن هذا الجواب غير تام:

أمّا ما ذُكر في الجهة الأولى فلأنه يمكن أن يقال: إن التنافي قائم بين شمول دليل حجية شهادة العادل للشهادة المثبتة والنافية بغض النظر عن وصولهما إلى المكلف، لأن شمول دليل الحجية للشهادةِ بوثاقة فلان يعبر ــ بلحاظ ما كان وسيطاً في روايته من الأحكام الإلزامية ــ عن اهتمام الشارع المقدس بملاكات أحكامه الإلزامية، وشموله للشهادة بعدم وثاقته يعبر عن عدم اهتمامه بها، ولا يمكن الجمع بين الأمرين، فليتأمل.

وأما ما ذكر في الجهة الثانية فلأن الدليل على تقييد موضوع الحجية بعدم المعارض إنما هو دليل لبّي فلا يتعين أن يكون العنوان المأخوذ فيه على النحو المذكور ليتسنى الرجوع إلى الأصل العدمي عند الشك في وجود المعارض، بل يجوز أن يكون على نحو آخر بأن تكون الحجة هي الشهادة بالوثاقة غير المعارضة بغيرها على نحو العدم النعتي، وبناءً عليه لا يمكن الرجوع إلى الأصل حتى على القول بجريانه في الأعدام الأزلية لكونه مثبتاً في المقام.

نعم يمكن أن يقال: إنّ بناء العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال وجود المعارض مما يكشف عن كون الموضوع لجعل الحجية مأخوذاً على نحو يمكن إحرازه بأصالة عدم المعارض، فتأمل.

ولكن القدر المتيقن من بناء العقلاء على ذلك ما إذا لم تكن الشهادة بالوثاقة في معرض الابتلاء بالمعارض وإلا لم يؤخذ بها إلا بعد الفحص عن المعارض والتأكد من عدمه، وعلى ذلك لو أخفى الشاهد بالوثاقة هوية المشهود له بها بحيث تعذر الفحص عن وجود المعارض لشهادته لم يعتمد عليها، ومن هنا لو أشار عدل إلى جمع وفيهم بعض المطعونين قائلاً: (إن شخصاً من هؤلاء وأشهد بوثاقته قال: كذا) لم يؤخذ بشهادته بالوثاقة إلا أن يعلم أن الموثق ليس ضمن من ورد الطعن فيهم من طريق آخر.

فالنتيجة: أنّ الشهادة بوثاقة الراوي غير المعلوم بشخصه ممّا لا يمكن الاعتماد عليها مع احتمال كونه ممن ورد الطعن عليه من طريق يعتمد عليه.

هذا ولكن التحقيق أنّ هذا الوجه الرابع للإشكال وإن كان صحيحاً في حدّ نفسه إلا أنه غير تام في محل الكلام، لأنه بعد البناء على كبرى معاملة الخبر الوارد في الحسيات معاملة الخبر الحسي وإن احتمل كونه حدسياً على سعة هذه الكبرى وإطلاقها لا وجه للمناقشة من جهة كون الخبر مرسلاً.

والوجه في ذلك: أن مقتضى الكبرى المذكورة أن الخبر الواصل مع الواسطة قد وصل إما بطريق التواتر أو بطريق الثقات بالاتفاق، ومتى بني على ذلك فلا معنى للمناقشة في حجية مثل هذا الخبر بالإرسال لاحتمال كون بعضهم مطعونين.

وبالجملة: إنّما تصح المناقشة بما ورد في الوجه الثالث من أنّه ليس بناء العقلاء على معاملة الخبر مع الواسطة معاملة الخبر الحسي مطلقاً، وأمّا مع القبول بهذه الكبرى على سعتها فلا مجال للمناقشة في المورد بالإرسال، فلاحظ. فظهر من جميع ما تقدّم أنّ ما ذهب إليه جمع من حجية مراسيل الصدوق وأضرابه إذا كانت بصيغة جزمية في النسبة إلى المعصوم (عليه السلام) ممّا لا يمكن الموافقة عليه، والله العالم.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  بحوث فقهية ص:420.
  2. مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:5 ص:500.
  3.  الحبل المتين ص:12ــ11.
  4.  الرواشح السماوية ص:174.
  5.  مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:5 ص:499. كتاب الصلاة ج:2 ص:262. دراسات في الأصول العملية ج:3 ص:322. كتاب البيع ج:2 ص:468.
  6. لاحظ ص:36.
  7. لاحظ معجم رجال الحديث ج:1 ص:36.
  8. من لا يحضره الفقيه ج:1 ص:228.
  9. من لا يحضره الفقيه ج:2 ص:102.
  10. من لا يحضره الفقيه ج:4 (المشيخة) ص:57.
  11. ربّما يقال: إنّ الصدوق (قدس سره) يعتبر وثاقة الراوي في الاعتماد على الرواية. ويستشهد لذلك بأُمور عمدتها: (أ) قوله كما ورد في فهرست الشيخ: (وقد رويت عنه كل ما في كتاب المنتخبات مما أعرف طريقه من الرجال الثقات) بدعوى أنه يدل على تجنبه رواية أحاديث الأشخاص الضعفاء فضلاً عن العمل بها. أقول: ذكر الصدوق نفسه في عيون أخبار الرضا (عليه السلام) في ذيل بعض الروايات ما لفظه: (كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) سيء الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث وإنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنه كان في كتاب الرحمة وقد قرأته عليه فلم ينكره ورواه لي). ويظهر من هذه العبارة أن الصدوق (قدس سره) كما يروي أحاديث الأشخاص الثقات كذلك يروي أحاديث الضعفاء إذا عُرضت على شيخه ابن الوليد فلم ينكرها ورواها له. ويتضح مما ذكره في مواضع من فهرسته أنه كان يروي أحاديث الضعفاء إذا خلت عن التخليط والغلو ولم تكن مما انفردوا بها، فقد روى كتب محمد بن علي الصيرفي أبي سمينة باستثناء ما كان فيها من تخليط أو غلو أو تدليس أو ينفرد به ولا يعرف من غير طريقه كما روى كتب محمد بن سنان إلا ما كان فيها من تخليط وغلو، وأيضاً ذكر بشأن محمد بن عيسى بن عبيد أنه لا يروي ما يختص بروايته واستثنى من روايات محمد بن أحمد بن يحيى ما كان فيها من تخليط معيِّناً ذلك في روايات عدد من الضعفاء والروايات المرسلة. وفي ضوء ذلك يتبيّن أنه ليس مقصوده (قدس سره) بما ذكره بشأن كتاب المنتخبات لسعد بن عبد الله هو اقتصاره على رواية ما ورد فيها من أحاديث الثقات، فإن هذا خلاف منهجه في سائر الكتب والروايات، بل إنه لما روى جميع كتب سعد عن طريق ابن الوليد استثنى منها كتاب المنتخبات حيث لم يتيسّر له قراءة جميعه على ابن الوليد، فروى عنه ما قرأه عليه من الأجزاء ثم قال: (وقد رويت عنه كلّ ما فيه مما أعرف طريقه من الرجال الثقات) فيبدو أنه قصد بذلك أنه استجازه ــ من غير قراءة ــ في رواية سائر ما فيه من روايات الثقات، وإنما اقتصر على رواياتهم لاحتمال اشتمال غيرها على التخليط والغلو والتدليس أو انفراد صاحبها بها مما لم يكن في وسعه التعرّف عليه في تلك المرحلة من دراسته فآثر عدم رواية ما يحتمل فيه ذلك. (ب) قوله في الفقيه: (وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه فإن شيخنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) كان لا يصححه ويقول: إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان غير ثقة وكل ما لم يصححه ذلك الشيخ (قدس الله روحه) ولم يحكم بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح)، فيُدعى أن هذا القول ظاهر في اعتبار الوثاقة في قبول الرواية وإن لم يكن صريحاً في ذلك. (أقول): إن عدم تصحيح ابن الوليد الرواية الخاصة بصلاة الغدير لم يكن لمجرد عدم وثاقة محمد بن موسى الهمداني، بل من جهة انفراده بها كما فهم من قوله: (ويقول إنه من طريق محمد بن موسى) ومبنى ابن الوليد ــ وقد تبعه فيه الصدوق ــ ردّ الرواية التي ينفرد بها غير الثقة، وأين هذا من اعتبار الوثاقة في قبول الخبر؟! (ج) إن النجاشي لما ذكر أن ابن الوليد استثنى من مرويات محمد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن جماعة معيّنين قال: (قال أبو العباس ابن نوح: وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه وتبعه أبو جعفر بن بابويه (رحمه الله) على ذلك إلاّ في محمد بن عيسى بن عبيد فلا أدري ما رابه فيه لأنه كان على ظاهر العدالة والوثاقة) ومحل الشاهد الجملة الأخيرة، حيث يدعى أنها تدل على أن السبب وراء رد رواية محمد بن عيسى بن عبيد هو عدم وثاقته، فيفهم من ذلك أنه لا يعتد بالرواية التي لم تثبت وثاقة راويها. (أقول): إن الذي استثناه ابن الوليد وتبعه في ذلك الصدوق هو ما ينفرد به محمد بن عيسى بن عبيد إما مطلقاً أو ما ينفرد به عن خصوص يونس بن عبد الرحمن، وهذا لا يعني اعتباره وثاقة الراوي في قبول روايته كما لعلّه واضح.

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)




اختتام الأسبوع الثاني من الشهر الثالث للبرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسية
راية قبة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) تتوسط جناح العتبة العباسية في معرض طهران
جامعة العميد وقسم الشؤون الفكرية يعقدان شراكة علمية حول مجلة (تسليم)
قسم الشؤون الفكريّة يفتتح باب التسجيل في دورات المواهب