المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

الآية التاريخية
9-05-2015
الحسن بن أحمد بن يعقوب يعرف بابن الحائك الهمداني
21-06-2015
المحل القانوني لجريمة تزييف الاختام
25-4-2017
مكتلات الدم النباتية Phytohaemagglutinin
16-8-2019
منشطات مناعة الدواجن
20-4-2022
فاطمة الزهراء عليها السّلام
2023-03-17


مدرسة الإمام الهادي ( عليه السّلام ) وتراثه  
  
1431   06:38 مساءً   التاريخ: 2023-04-27
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 12، ص 201-219
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن محمد الهادي / التراث الهاديّ الشريف /

لقد تميّز عصر الإمام الهادي ( عليه السّلام ) عن عصر أبيه الإمام محمد الجواد ( عليه السّلام ) بزيادة الكبت والضغط عليه من قبل السلطة حتى كانت الرقابة الدائمة هي الأمر المميز والفارق الواضح في حياته وحياة ابنه الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) .

كما أن الإمام الهادي ( عليه السّلام ) شارك أباه الجواد ( عليه السّلام ) في تولّي مهمة الإمامة في صغر السن وقبل إكمال عقده الأوّل من العمر . فكانت الإمامة المبكّرة وتوجّس السلطة من قيادة خط المعارضة الذي دام قرنين وثلاثة عقود من الزمن في عهده ( عليه السّلام ) ، وترقّب ظهور المهدي من آل محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) من ولده هي ثلاث مميزات تميّزت بها فترة إمامته ، ومن هنا شدّدت الرقابة إلى أقصى حدّ ممكن حتى انتهت إلى التصفية الجسدية بعد أن سيطر الخوف والرعب على طغاة عصره .

ومن هنا فإن كثرة أصحاب الإمام - والذين أحصاهم أحد المهتمّين بتأريخ هذا الإمام العظيم[1] حيث ترجم ل ( 346 ) شخصا كانوا قد ارتبطوا بالإمام ورووا عنه - وهو في تلك الظروف العصيبة ، لها دلالة كبيرة وواضحة على سعة نشاط الإمام الهادي ( عليه السّلام ) في تلك الظروف الصعبة ، وعظمة هذا الإمام الذي استوعب بنشاطه السريّ والمنظّم كل تلك العقبات واجتازها بما يحقق له أهدافه من التمهيد فكريا وعقائديا ونفسيّا لعصر الغيبة المرتقب محافظا على خط المعارضة بشكل تام ، مراقبا للأحداث بشكل مستمر ومقدّما لكل ظرف مستجد ما يتطلّبه من الخطوات والأنشطة ، مراعيا التقدم الحضاري الذي كانت الأمة الإسلامية على مشارفه وهو يريد أن تكون الجماعة الصالحة في موقع القيادة والقمّة منه دائما ، وهكذا كان . ومن هذه الزاوية ينبغي أن نطالع ما وصلنا من تراثه ومعالم مدرسته .

أصحاب الإمام ( عليه السّلام ) ورواة حديثه

كان الإمام الهادي ( عليه السّلام ) مقصدا لطلاب العلوم لتنوع ثقافته وشمول معارفه ، فهو ( عليه السّلام ) المتخصص في جميع العلوم ، والخبير في تفسير القرآن الكريم والمتضلّع في الفقه الإسلامي بشتى حقوله ومستوياته .

وقد مثّل أصحابه الخط الرسالي في الأمة الإسلامية ، باعتبار اتصالهم بأهل البيت ( عليهم السّلام ) ، فرووا أحاديثه ودونوها في أصولهم . فكان لهم الفضل الكبير على العالم الاسلامي بما دوّنوه من تراث الأئمة الطاهرين فلولاهم لضاعت ثروة كبيرة تشتمل على الإبداع والاصالة وتساير تطور الفكر البشري بل وتتقدم عليه .

وتجدر الإشارة إلى أن كثيرا من ملامح عمل الإمام الهادي ( عليه السّلام ) تنكشف من خلال أنشطة أتباعه المعتمدين وتتعمق هذه الحقيقة بمقدار اشتداد الظروف الداعية للسرية في عمل الإمام ( عليه السّلام ) .

وفيما يأتي تراجم بعض أصحاب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) ، وقد رتبناها حسب تسلسل حروف الهجاء :

1 - إبراهيم بن عبده النيسابوري :

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) ومن أصحاب الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) ، وذكر الكشي ان الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) بعث رسالة إلى إسحاق بن إسماعيل ، سلّم فيها على إبراهيم بن عبده ، ونصبه وكيلا على قبض الحقوق الشرعية وقد بعثه إلى عبد اللّه بن حمدويه البيهقي ، وزوده برسالة جاء فيها : « وبعد ، فقد بعثت لكم إبراهيم بن عبده ، ليدفع النواحي ، وأهل ناحيتك ، حقوقي الواجبة عليكم إليه ، وجعلته ثقتي وأميني عند مواليي هناك فليتقوا اللّه ، وليراقبوا وليؤدوا الحقوق ، فليس لهم عذر في ترك ذلك ولا تأخيره ، ولا أشقاهم اللّه بعصيان أوليائه ورحمهم اللّه - وإياك معهم - برحمتي لهم ان اللّه واسع كريم . »[2]

2 - إبراهيم بن محمد الهمداني :

عده الشيخ من أصحاب الإمام الرضا ( عليه السّلام ) ومن أصحاب الإمام الجواد والهادي ( عليهما السّلام ) ، وقال الكشي : كان وكيله وقد حج أربعين حجة . وكتب الإمام له : « قد وصل الحساب تقبل اللّه منك ورضي عنهم ، وجعلهم معنا في الدنيا والآخرة ، وقد بعثت إليك من الدنانير بكذا ، ومن الكسوة بكذا ، فبارك لك فيه ، وفي جميع نعمة اللّه عليك ، وقد كتبت إلى النضر أمرته ان ينتهي عنك ، وعن التعرض لك وبخلافك ، وأعلمته موضعك عندي ، وكتبت إلى أيوب : أمرته بذلك أيضا ، وكتبت إلى مواليي بهمدان كتابا امرتهم بطاعتك والمصير إلى امرك ، وان لا وكيل لي سواك . »

ودلت هذه الرواية على وثاقته وجلالة أمره ، وسمو مكانته عند الإمام ( عليه السّلام ) .

3 - إبراهيم بن مهزيار :

عده الشيخ من أصحاب الإمام الجواد ، ومن أصحاب الإمام الهادي ( عليهما السّلام ) . قال النجاشي : له كتاب البشارات . وروى الكشي بسنده عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار ، قال : ان أبي لما حضرته الوفاة دفع إليّ مالا ، وأعطاني علامة ولم يعلم بها أحد إلّا اللّه عز وجل ، وقال : من أتاك بهذه العلامة فادفع إليه المال ، قال : فخرجت إلى بغداد ، ونزلت في خان فلما كان في اليوم الثاني جاء شيخ فطرق الباب فقلت للغلام انظر من في الباب ، فخرج ، ثم جاء وقال : شيخ في الباب فأذنت له في الدخول ، فقال : أنا العمري ، هات المال الذي عندك ، وهو كذا وكذا ومعه العلامة ، قال : فدفعت له المال[3].

ودلّت هذه الرواية على أن إبراهيم كان وكيلا للإمام ( عليه السّلام ) في قبض الحقوق الشرعية ، ومن الطبيعي انه انما يؤتمن عليها فيما إذا كان ثقة وعدلا .

4 - أحمد بن إسحاق بن عبد اللّه الأشعري القمي :

كان وافد القميين ، روى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن ( عليهما السّلام ) وكان من خاصة أبي محمد ( عليه السّلام ) ، وله من الكتب :

1 - مسائل الرجال للإمام الهادي ( عليه السّلام ) .

2 - علل الصلاة .

3 - علل الصوم .

وهو ممّن رأى الإمام المهدي - عجل اللّه فرجه - ووردت أخبار كثيرة في مدحه والثناء عليه[4].

5 - أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي :

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي ( عليهم السّلام ) ، يكنّى أبا جعفر وهو شيخ القميين ووجيههم ، وكان الرئيس الذي يلقى السلطان ، صنّف كتبا منها : كتاب « التوحيد » وكتاب « فضل النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) » وكتاب « المتعة » وكتاب « النوادر » وكتاب « الناسخ والمنسوخ » وكتاب « فضائل العرب » وغيرها[5].

6 - أيوب بن نوح بن دراج :

الثقة الأمين ، قال النجاشي : انه كان وكيلا لأبي الحسن ، وأبي محمد ( عليهما السّلام ) عظيم المنزلة عندهما ، مأمونا ، وكان شديد الورع ، كثير العبادة ، ثقة في رواياته ، وأبوه نوح بن دراج كان قاضيا بالكوفة ، وكان صحيح الاعتقاد ، واخوه جميل بن دراج[6] ، قال الشيخ : أيوب بن نوح بن دراج ثقة له كتاب وروايات ومسائل عن أبي الحسن الثالث[7]. وقال الكشي :

كان من الصالحين ومات وما خلف إلّا مائة وخمسين دينارا ، روى عن الإمام أبي الحسن ( عليه السّلام ) وروى عنه جماعة من الرواة[8].

7 - الحسن بن راشد :

يكنى أبا علي مولى لآل المهلب البغدادي ، ثقة .

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) وعده الشيخ المفيد من الفقهاء الاعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام الذين لا يطعن عليهم بشيء ولا طريق لذم واحد منهم ، وقد نصبه الإمام وكيلا وبعث إليه بعدة رسائل منها[9]:

1 - ما رواه الكشي بسنده إلى محمد بن عيسى اليقطيني ، قال : كتب - يعني الإمام الهادي - إلى أبي علي بن بلال في سنة ( 232 ه ) رسالة جاء فيها :

« واحمد اللّه إليك ، واشكر طوله وعوده ، واصلّي على محمد النبي وآله ، صلوات اللّه ورحمته عليهم ، ثم اني أقمت ابا علي مقام الحسين بن عبد ربه ، وائتمنته على ذلك بالمعرفة بما عنده الذي لا يقدمه أحد ، وقد اعلم انك شيخ ناحيتك فأحببت افرادك ، واكرامك بالكتاب بذلك ، فعليك بالطاعة له ، والتسليم إليه جميع الحق قبلك ، وان تحض موالي على ذلك ، وتعرفهم من ذلك ما يصير سببا إلى عونه وكفايته ، فذلك موفور ، وتوفير علينا ، ومحبوب لدينا ، ولك به جزاء من اللّه وأجر ، فان اللّه يعطي من يشاء ذو الاعطاء والجزاء برحمته ، وأنت في وديعة اللّه ، وكتبت بخطي واحمد اللّه كثيرا »[10].

ودلت هذه الرسالة على فضل ابن راشد ووثاقته وأمانته ، فقد ارجع إليه الشيعة وأوصاهم بطاعته والانقياد إليه ، وتسليم ما عندهم من الحقوق الشرعية إليه .

2 - روى الكشي بسنده إلى أحمد بن محمد بن عيسى قال : نسخت الكتاب مع ابن راشد إلى جماعة الموالي الذين هم ببغداد المقيمين بها والمدائن والسواد وما يليها ، وهذا نصه :

« واحمد اللّه إليكم ما انا عليه من عافيته ، وأصلي على نبيه وآله أفضل صلاته وأكمل رحمته ورأفته ، واني أقمت ابا علي بن راشد مقام علي بن الحسين بن عبد ربه ، ومن كان من قبله من وكلائي ، وصار في منزلته عندي ، ووليته ما كان يتولاه غيره من وكلائي قبلكم ليقبض حقي ، وارتضيته لكم ، وقدمته على غيره في ذلك ، وهو أهله وموضعه ، فصيروا رحمكم اللّه إلى الدفع إليه ذلك وإليّ ، وان لا تجعلوا له على أنفسكم علّة ، فعليكم بالخروج عن ذلك ، والتسرع إلى طاعة اللّه ، وتحليل أموالكم ، والحقن لدمائكم ، وتعاونوا على البر والتقوى واتقوا اللّه لعلكم ترحمون ، واعتصموا بحبل اللّه جميعا ، ولا تموتن إلّا وأنتم مسلمون ، فقد أوجبت في طاعته طاعتي ، والخروج إلى عصيانه عصياني ، فالزموا الطريق يأجركم اللّه ، ويزيدكم من فضله ، فإن اللّه بما عنده واسع كريم ، متطول على عباده رحيم ، نحن وأنتم في وديعة اللّه وحفظه ، وكتبته بخطي ، والحمد للّه كثيرا »[11]

وكشفت هذه الرسالة عن سموّ مكانة ابن راشد عند الإمام ( عليه السّلام ) وعظيم منزلته عنده حتى قرن طاعته بطاعته ( عليه السّلام ) ، وعصيانه بعصيانه ( عليه السّلام ) .

3 - وبعث الإمام أبو الحسن ( عليه السّلام ) رسالة له وإلى أيوب بن نوح جاء فيها بعد البسملة : « انا آمرك يا أيوب بن نوح ان تقطع الاكثار بينك وبين أبي علي ، وان يلزم كل واحد منكما ما وكلّ به ، وامر بالقيام فيه بأمر ناحيته ، فإنّكم إذا انتهيتم إلى كل ما أمرتم به استغنيتم بذلك عن معاودتي ، وآمرك يا ابا علي بمثل ما أمرت به أيوب ، ان لا تقبل من أحد من أهل بغداد والمدائن شيئا يحملونه ، ولا يلي لهم استيذانا علي ، ومر من أتاك بشيء من غير أهل ناحيتك ان يصيّره إلى الموكل بناحيته ، وآمرك يا أبا علي في ذلك بمثل ما أمرت به أيوب ، وليعمل كل واحد منكما بمثل ما أمرته به »[12].

لقد كانت لأبي راشد مكانة مرموقة عند الإمام ( عليه السّلام ) ، ومن الطبيعي انه لم يحتل هذه المنزلة إلّا بتقواه وورعه ، وشدّة تحرجه في الدين ، ولما توفّي ابن راشد ترحم عليه الإمام ( عليه السّلام ) ودعا له بالمغفرة والرضوان .

8 - الحسن بن علي :

ابن عمر ، بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الناصر للحق من أصحاب الإمام أبي الحسن الهادي ( عليه السّلام ) . وهو والد جدّ السيد المرتضى من جهة أمه ، قال السيد ( قدّس سرّه ) في أول كتابه « شرح المسائل الناصريات » : واما أبو محمد الناصر الكبير وهو الحسن بن علي ففضله في علمه وزهده وفقهه أظهر من الشمس الباهرة ، وهو الذي نشر الاسلام في الديلم حتى اهتدوا به من الضلالة ، وعدلوا بدعائه بعد الجهالة ، وسيرته الجميلة أكثر من أن تحصى واظهر من أن تخفى[13].

9 - الحسن بن علي الوشا :

عده الشيخ من أصحاب الإمام أبي الحسن الهادي ( عليه السّلام ) .

قال النجاشي : انه ابن بنت الياس الصيرفي الخزاز ، وقد روى الحسن عن جده الياس انه لما حضرته الوفاة ، قال : اشهدوا علي وليست ساعة الكذب هذه الساعة : سمعت أبا عبد اللّه ( عليه السّلام ) يقول : واللّه لا يموت عبد يحب اللّه ورسوله ويتولى الأئمة فتمسه النار .

وروى أحمد بن محمد بن عيسى قال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن علي الوشا ، فسألته ان يخرج لي كتاب العلاء بن رزين القلا ، وأبان بن عثمان الأحمر ، فاخرجهما لي فقلت له : أحب ان تجيزهما لي فقال لي : يا هذا رحمك اللّه ، وما عجلتك ، اذهب فاكتبهما ، واسمع من بعد ، فقلت : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه ، فإني أدركت في هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - تسعمائة شيخ كل يقول : حدثني جعفر بن محمد ، وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة وله كتب منها ثواب الحج ، والمناسك والنوادر[14].

10 - داود بن القاسم الجعفري :

يكنى ابا هاشم ، من أهل بغداد ، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمة ( عليهم السّلام ) شاهد الإمام الرضا والجواد والهادي والعسكري وصاحب الأمر ( عليه السّلام ) ، وروى عنهم كلهم ، وله اخبار ومسائل وله شعر جيد فيهم ، وكان مقدما عند السلطان وله كتاب .

عدّه البرقي من أصحاب الإمام الجواد والإمام الهادي والإمام الحسن العسكري ( عليهم السّلام ) قال الكشي : قال أبو عمرو : له - اي لداود - منزلة عالية عند أبي جعفر ، وأبي الحسن ، وأبي محمد ( عليهم السّلام ) وموقع جليل[15].

11 - الريّان بن الصلت :

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضا ( عليه السّلام ) ، ومن أصحاب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) وأضاف انه ثقة ، وروى الكشي بسنده عن معمر بن خلاد ، قال :

قال لي الريان بن الصلت : وكان الفضل بن سهل بعثه إلى بعض كور خراسان ، فقال : أحب ان تستأذن لي على أبي الحسن ( عليه السّلام ) فأسلم عليه وأودعه وأحب ان يكسوني من ثيابه ، وان يهب لي من الدراهم التي ضربت باسمه ، قال :

فدخلت عليه ، فقال لي مبتدئا : يا معمر أين ريان ، أيحب أن يدخل علينا فأكسوه من ثيابي ، وأعطيه من دراهمي ؟ قال : قلت : سبحان اللّه ! ! ! واللّه ما سألني إلّا ان أسألك ذلك له ، فقال : يا معمر ان المؤمن موفق ، قل له فليجيئ ، قال : فأمرته فدخل عليه فسلم عليه فدعا بثوب من ثيابه ، فلما خرج قلت : اي شيء أعطاك ؟ وإذا بيده ثلاثون درهما[16]. وقد دلّت هذه البادرة على حسن ايمانه وحسن عقيدته .

12 - عبد العظيم الحسني :

هو السيد الشريف الحسيب النسيب من مفاخر الأسرة النبوية علما وتقى وتحرجا في الدين . ونلمح إلى بعض شؤونه .

أ - نسبه الوضاح : يرجع نسبه الشريف إلى الإمام الزكي أبي محمد الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فهو ابن عبد اللّه بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) .

ب - وثاقته وعلمه : كان ثقة عدلا ، متحرجا في دينه كأشد ما يكون التحرج ، كما كان عالما وفاضلا وفقيها فقد روى أبو تراب الروياني ، قال : سمعت أبا حماد الرازي ، يقول : دخلت على علي بن محمد ( عليه السّلام ) ب ( سر من رأى ) فسألته عن أشياء من الحلال والحرام فأجابني عنها ، فلما ودعته قال لي :

يا حماد إذا أشكل عليك شيء من امر دينك بناحيتك فسل عنه عبد العظيم الحسني واقرئه مني السلام[17].

ودلّت هذه الرواية على فقهه وعلمه .

ج - عرض عقيدته على الهادي ( عليه السّلام ) : وتشرف السيد الجليل عبد العظيم بمقابلة الإمام الهادي ( عليه السّلام ) فعرض على الإمام أصول عقيدته وما يدين به قائلا :

« يا ابن رسول اللّه اني أريد ان اعرض عليك ديني فإن كان مرضيا ثبتّ عليه . . » .

فقابله الإمام مبتسما وقال له : « هات يا أبا القاسم » .

وانبرى عبد العظيم يعرض على الإمام المبادئ التي آمن بها قائلا :

« اني أقول : ان اللّه تبارك وتعالى ليس كمثله شيء ، خارج عن الحدين ، حد الإبطال وحد التشبيه ، وانه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر بل هو مجسم الأجسام ومصور الصور وخالق الاعراض والجواهر ورب كل شيء ومالكه وجاعله ومحدثه .

وان محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين ، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة ، وان شريعته خاتمة الشرايع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة ، وأقول : ان الإمام والخليفة ، وولي الأمر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم أنت يا مولاي » .

والتفت إليه الإمام فقال : « ومن بعدي الحسن ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده ؟ » .

واستفسر عبد العظيم عن الحجة من بعده قائلا : وكيف ذاك يا مولاي ؟

قال الإمام ( عليه السّلام ) : « لأنه لا يرى شخصه ، ولا يحل ذكره باسمه ، حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا » .

وانبرى عبد العظيم يعلن ايمانه بما قال الإمام ( عليه السّلام ) قائلا : « أقررت ، وأقول : ان وليهم ولي اللّه ، وعدوهم عدو اللّه وطاعتهم طاعة اللّه ، ومعصيتهم معصية اللّه . . . وأقول : ان المعراج حق والمساءلة في القبر حق وان الجنة حق والنار حق والصراط حق والميزان حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وان اللّه يبعث من في القبور .

وأقول : ان الفرائض الواجبة بعد الولاية - اي الولاية لأئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) - الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . »

وبارك له الإمام عقيدته قائلا : « يا أبا القاسم هذا واللّه دين اللّه الذي ارتضاه لعباده ، فاثبت عليه ثبتك اللّه بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة »[18].

13 - عثمان بن سعيد العمري السمان :

يكنى أبا عمرو ، الثقة الزكي ، خدم الإمام الهادي ( عليه السّلام ) وله من العمر احدى عشرة سنة ، احتل المكانة المرموقة عند الإمام ( عليه السّلام ) ، فقد روى احمد ابن إسحاق القمي قال : دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات اللّه عليه في يوم من الأيام فقلت له : يا سيدي أنا أغيب وأشهد ، ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت فقول من نقبل ، وأمر من نمتثل ؟ فقال ( عليه السّلام ) :

هذا أبو عمرو الثقة الأمين ، ما قاله لكم فعنّي يقوله ، وما ادّاه إليكم فعنّي يؤديه .

فلما قضى أبو الحسن ( عليه السّلام ) نحبه رجعت إلى أبي محمد ابنه الحسن العسكري وقلت له ( عليه السّلام ) ذات يوم : مثل قولي لأبيه ، فقال لي : هذا أبو عمرو الثقة الأمين ، ثقة الماضين ، وثقتي في المحيا والممات ، فما قاله لكم فعنّي يقوله ، وما

ادّى إليكم فعنّي يؤديه[19] « 1 » .

ودلّت هذه الرواية على وثاقته ، وانّه قد نال المنزلة الكريمة عند الأئمة الطاهرين ( عليهم السّلام ) ، كما دلّت على فضله وعلمه ، وانه كان مرجعا للفتيا وأخذ الاحكام .

14 - علي بن مهزيار الأهوازي الدورقي :

كان من مفاخر العلماء ومن مشاهير تلاميذ الإمام الهادي ( عليه السّلام ) ونتحدث بايجاز عن بعض شؤونه :

أ - عبادته : كان من عيون المتقين والصالحين ، ويقول المؤرخون : انه كان إذا طلعت الشمس سجد للّه تعالى ، وكان لا يرفع رأسه حتى يدعو لألف من اخوانه بمثل ما دعا لنفسه ، وكان على جبهته سجادة مثل ركبة البعير من كثرة سجوده[20] « 2 » .

ب - ثناء الإمام الجواد ( عليه السّلام ) عليه : وأثنى الإمام الجواد ( عليه السّلام ) ثناء عاطرا على ابن مهزيار ، وكان مما أثنى عليه انه بعث له رسالة جاء فيها :

« يا علي قد بلوتك وخبرتك في النصيحة والطاعة والخدمة والتوقير ، والقيام بما يجب عليك ، فلو قلت : إني لم أر مثلك لرجوت ان أكون صادقا فجزاك اللّه جنات الفردوس نزلا . وما خفي علي مقامك ولا خدمتك ، في الحر والبرد ، في الليل والنهار ، فاسأل اللّه إذا جمع الخلائق للقيامة ان يحبوك برحمة تغتبط بها انه سميع الدعاء »[21].

وكشفت هذه الرسالة عن إكبار الإمام وتقديره ودعائه له ، وانه ( عليه السّلام ) لم ير في أصحابه وغيرهم مثل هذا الزكي تقوى وورعا وعلما .

ج - مؤلفاته : ألف عليّ مجموعة من الكتب تزيد على ثلاثين كتابا كان معظمها في الفقه وهذه بعضها : كتاب الوضوء ، كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب الصوم ، كتاب الحج ، كتاب الطلاق ، كتاب الحدود ، كتاب الديّات ، كتاب التفسير ، كتاب الفضائل ، كتاب العتق والتدبير ، كتاب التجارات والإجارات ، كتاب المكاسب ، كتاب المثالب ، كتاب الدعاء ، كتاب التجمل والمروّة ، كتاب المزار ، وغيرها[22].

د - طبقته في الحديث : وقع علي بن مهزيار في اسناد كثير من الروايات تبلغ ( 437 ) موردا ، روى عن الإمام أبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث وغيرهم . لقد كان علي بن مهزيار من دعائم الفكر الشيعي ، وكان من أفذاذ عصره وعلماء دهره .

15 - الفضل بن شاذان النيشابوري :

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبي الحسن الهادي ( عليه السّلام ) ، وهو من أساطين العلماء ، ومن ابرز رجال الفكر الاسلامي في عصره ، خاض في مختلف العلوم والفنون وألّف فيها ، ونعرض بايجاز لبعض شؤونه :

أ - ثناء الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) عليه :

وأشاد الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) بالفضل بن شاذان ، وأثنى عليه ثناء عاطرا ، فقد عرضت عليه احدى مؤلفاته فنظر فيه فترحّم عليه وقال :

« أغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين أظهرهم »[23]

ونظر ( عليه السّلام ) مرة أخرى إلى مؤلّف آخر من مؤلفاته فترحّم عليه ثلاث مرات ، وقال مقرّضا للكتاب : « هذا صحيح ينبغي ان يعمل به »[24].

ب - ردّه على المخالفين : انبرى الفضل للدفاع عن مبادئه ، وإبطال الشبه التي أثيرت حول عقيدته ، وقد قال : انا خلف لمن مضى أدركت محمد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى وغيرهما ، وحملت عنهم منذ خمسين سنة ، ومضى هشام بن الحكم ( رحمه اللّه ) ، وكان يونس بن عبد الرحمن ( رحمه اللّه ) خلفه ، كان يرد على المخالفين ، ثم مضى يونس بن عبد الرحمن ولم يخلف خلفا غير السكاك ، فردّ على المخالفين حتى مضى ( رحمه اللّه ) ، وانا خلف لهم من بعدهم رحمهم اللّه »[25]. لقد كان خلفا لأولئك الأعلام الذين نافحوا وناضلوا عن مبادئهم الرفيعة التي تبناها أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) .

ج - مؤلفاته : ألّف هذا العالم الكبير في مختلف العلوم ، كعلم الفقه وعلم التفسير وعلم الكلام والفلسفة واللغة والمنطق وغيرها ، وكانت مؤلفاته تربو على مائة وثمانين مؤلفا وقد ذكر بعضها الشيخ والنجاشي وابن النديم وغيرهم .

16 - محمد بن أحمد المحمودي :

يكنّى ابا علي ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبي الحسن الهادي ( عليه السّلام ) ، قال الكشي : وجدت بخط أبي عبد اللّه الشاذاني في كتابه : سمعت الفضل بن هاشم الهروي يقول : ذكر لي كثرة ما يحجّ المحمودي ، فسألته عن مبلغ حجّاته فلم يخبرني بمبلغها ، وقال : رزقت خيرا كثيرا والحمد للّه ، فقلت له :

فتحجّ عن نفسك أو غيرك ؟ فقال : عن غيري بعد حجّة الاسلام أحجّ عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وأجعل ما أجازني اللّه عليه لأولياء اللّه وأهب ما أثاب على ذلك للمؤمنين والمؤمنات ، فقلت : ما تقول في حجّتك ؟ فقال : أقول : اللهم إني أهللت لرسولك محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) وجعلت جزائي منك ومنه لأوليائك الطاهرين ( عليهم السّلام ) ، ووهبت ثوابي عنهم لعبادك المؤمنين والمؤمنات بكتابك وسنة نبيك ( صلّى اللّه عليه واله ) . . . إلى آخر الدعاء[26].

17 - محمد بن الحسن بن أبي الخطاب الزيات :

الكوفي الثقة ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام علي الهادي ( عليه السّلام ) ، قال النجاشي : انه كان جليلا من أصحابنا ، عظيم القدر ، كثير الرواية ، ثقة ، عين ، حسن التصانيف ، مسكون إلى روايته له كتاب التوحيد ، كتاب المعرفة والبدار ، كتاب الرد على أهل القدر ، كتاب الإمامة ، كتاب اللؤلؤة ، كتاب وصايا الأئمة ، كتاب النوادر .

18 - محمد بن الفرج الرخجي :

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) كانت له اتصالات وثيقة بالإمام ( عليه السّلام ) ، وجرت بينهما عدة مراسلات ، ومنها : ما رواه الكشي بسنده عن محمد بن الفرج : قال : كتبت إلى أبي الحسن ( عليه السّلام ) اسأله عن أبي علي بن راشد ، وعن عيسى بن جعفر بن عاصم وابن بند ، فكتب ( عليه السّلام ) اليّ : ذكرت ابن راشد ( رحمه اللّه ) فإنه عاش سعيدا ، ومات شهيدا ، ودعا لابن بند والعاصمي[27].

وقد مرّت بعض المراسلات الأخرى له مع الإمام ( عليه السّلام ) وهي تكشف عن ثقة الإمام بمحمد وتسديده له ، ولما مرض محمد بعث له الإمام أبو الحسن ( عليه السّلام ) بثوب فأخذه ووضعه تحت رأسه فلما توفّي كفن فيه .

19 - معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار الكوفي :

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) ، قال النجاشي فيه : انه ثقة جليل من أصحاب الرضا ( عليه السّلام ) قال أبو عبد اللّه الحسين : سمعت شيوخنا يقولون : روى معاوية بن حكيم أربعة وعشرين أصلا . . . وله كتب منها كتاب الطلاق ، كتاب الحيض ، كتاب الفرائض ، كتاب النكاح ، كتاب الحدود ، كتاب الديّات ، وله نوادر[28].

20 - يعقوب بن إسحاق :

أبو يوسف الدورقي الأهوازي المشهور بابن السكّيت ، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبي الحسن الهادي ( عليه السّلام ) ، كان مقدما عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن ( عليه السّلام ) وكانا يختصّانه ، وله عن الإمام أبي جعفر ( عليه السّلام ) رواية ومسائل . كان ابن السكيت حامل لواء علم العربية والأدب والشعر واللغة والنحو وله تصانيف كثيرة منها « تهذيب الالفاظ » وكتاب « اصلاح المنطق » . . . قتله المتوكل لولائه لأهل البيت ( عليهم السّلام ) .

النساء :

ولم يذكر الشيخ الطوسي من النساء اللاتي روين عن الإمام الهادي ( عليه السّلام ) سوى السيدة الكريمة كلثم الكرخية ، وقد عدّها الشيخ من أصحاب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) وأضاف انّ الرّاوي عنها هو عبد الرحمن الشعيري ، وهو أبو عبد الرحمن بن داود البغدادي[29].

 


[1] معجم رجال الحديث : 1 / 232 .

[2] اختيار معرفة الرجال : 2 / 869 .

[3] خلاصة الأقوال : 51 .

[4] رجال النجاشي : 91 ، وخلاصة الأقوال : 63 .

[5] معجم رجال الحديث : 3 / 86 .

[6] رجال النجاشي : 102 .

[7] الفهرست : 56 .

[8] رجال النجاشي : 102 .

[9] رجال الطوسي : 375 .

[10] معجم رجال الحديث : 5 / 313 - 314 .

[11] معجم رجال الحديث : 5 / 314 .

[12] معجم رجال الحديث : 5 / 315 .

[13] الناصريات : 63 .

[14] معجم رجال الحديث : 6 / 38 .

[15] اختيار معرفة الرجال : 2 / 841 .

[16] اختيار معرفة الرجال : 2 / 824 .

[17] معجم الرجال الحديث : 11 / 53 .

[18] كمال الدين : 379 ح 1 وعنه في إعلام الورى : 2 / 244 ، 245 .

[19] معجم رجال الحديث : 12 / 123 .

[20] اختيار معرفة الرجال : 2 / 825 .

[21] معجم رجال الحديث : 13 / 211 .

[22] رجال النجاشي : 253 .

[23] جامع الرواة : 2 / 5 .

[24] طرائف المقال : 2 / 632 .

[25] اختيار معرفة الرجال : 2 / 818 .

[26] اختيار معرفة الرجال : 2 / 798 .

[27] اختيار معرفة الرجال : 2 / 863 .

[28] رجال النجاشي : 412 .

[29] اقتبسنا ما ورد في هذا الفصل عن أصحاب الإمام الهادي ( عليه السّلام ) من « حياة الإمام علي الهادي » : 170 - 230 للشيخ باقر شريف القرشي .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.