أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-08
374
التاريخ: 20-9-2019
3067
التاريخ: 2023-04-24
931
التاريخ: 2-6-2019
17692
|
شق الفايكنج عباب البحر بزوارقهم الطويلة الضخمة، كان الواحد منها يبلغ من الطول حوالي عشرين مترا وعرضه خمسة أمتار، وذلك في الفترة ما بين القرنين الثامن والحادي عشر، ويرتفع في وسطه - حسب بحوث علماء الآثار - صار يبلغ طوله ثلاثة عشر مترا أو يزيد، مجهز بشراع وحيد كبير، ويعمل على جانبي الزورق اثنان وثلاثون مجدافًا. كانت الدفة مثبتة في الجانب الأيمن من المؤخرة، كما كان مقدم الزورق مقوسا، أما الجسم فقد كان مغطّى بألواح من خشب البلوط، كانت الزوارق من هذا النوع تقوم بنقل الناس والبضائع، ومجهزة لخدمة الأغراض التجارية، وكذلك لأعمال السطو والسرقة، وقد استخدمها أيضًا، ولكن بدرجة أقل البحارة الصقالبة (1) والكورنثيون" والاستونيون (2). وقد تعرض تصميم هذه المراكب في الفترة ما بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر إلى تعديلات جوهرية؛ ولهذا كان عليها أن تقوم بنقل البضائع والناس، وأن تقوم بمهام السفن القتالية التي يمتلكها التجار القراصنة. أصاب التغيير أيضًا الخطوط الخارجية لهذه السفن التي أصبح لمقدمها ومؤخرتها المرتفعين عن الماء شكل مميز؛ فقد جرى إقامة مقصورة أعلى مؤخرتها كانت تستخدم لإقامة الركاب. وهذه الوظيفة كان يقوم بها سطح مقدم السفينة أيضًا، ومن ثم فإن مقدم السفينة المرتفع بدوره كان يعمل على تسهيل الملاحة خلال الأمواج العالية. أما أرضية الدور الموجود أسفل السطح فقد كانت تستخدم كمخزن للبضائع. كانت السفن التجارية التي ظهرت فيما بعد تسير ببطء وهدوء، يختلف نسبيا عن زوارق الفايكنج الأسرع والأكثر قدرة على المناورة. لا شك أن الإسكندنافيتين يتذكرون بفخر أسلافهم النورمانديين الفايكنج، على الرغم من أنهم كانوا يمارسون مهنةً تعد في زماننا مشينة ألا وهي القرصنة، على أن الناس في مطلع العصور الوسطى عندما بدأ النورمانديون نشاطهم في السرقة، كانوا ينظرون إلى هذه المهنة بشكل يختلف عما ننظر نحن بها إليها الآن. لقد دفعت ظروف الحياة الصعبة في شبه جزيرة اسكندنافيا السكان إلى السطو على أراضي الغير. لم تكن شبه الجزيرة بجبالها الكثيرة وغاباتها ومناخها القاسي، لتوفر سبل الحياة الضرورية للسكان الذين كانوا يزدادون بسرعة، والذين أخذوا لهذا السبب في الهجرة في اتجاهات مختلفة بحثًا عن ظروف أفضل. فعلى سبيل المثال: أخذ السويديون الذين كانت الشعوب الشرقية تسميهم بالورنكيين (نسبة إلى قبائل الورنك الإسكندنافية القديمة) في الهجرة باتجاه الشرق نحو مناطق خلجان فنلندا وريجا. كما اتجهوا أيضًا إلى السواحل الجنوبية لبحر البلطيق، أما النرويجيون (كانوا يسمون في العصور الوسطى بالنورمانديين) الذين كانوا يسكنون الجزء الغربي من شبه الجزيرة؛ فقد اتجهوا غربا باتجاه جزر بحر الشمال، فايرون شتلاند، أوركني هيبردس، وأيضًا في اتجاه أسكوتلندا وأيرلندا. أبحر النورمانديون مستخدمين سفنا صغيرة ليست في الحقيقة سوى زوارق كبيرة غير ذات أسطح كانت هذه السفن تعتمد على شراع وحيد، وعندما تندر الريح يتم استخدام المجاديف. كان الملاحون النورمانديون مقاتلين محنكين كانوا يُثبتون على جانبي الزوارق دروعًا مستديرة تزينها الشعارات مهمتها حماية المجاديف الموجودة على امتداد جوانب السفينة. كذلك كان مقدم السفينة ومؤخرها المقوسان يبدوان كما لو كانا يندفعان إلى أعلى تزينهما تماثيل مخيفة، تصوّر رؤوس التنين. وكانت تُعد بمثابة علامات مميزة، إلى جانب أنها استهدفت بث الرعب في قلوب الأعداء عند مهاجمتهم. كانت زوارق النورمانديين تتسع تبعًا لأحجامها من أربعين إلى ستين شخصا، بما في ذلك المؤن الضرورية للإيجار لمدة طويلة، وكان النورمانديون يقومون بالإبحار على ظهر هذه السفن البدائية نسبيًّا في غالب الأحوال بمحاذاة الساحل؛ إذ لم يكونوا يخرجون إلى البحر إلا عند الضرورة القصوى. لم تكن هذه الزوارق لتستخدم إلَّا كوسائل انتقال أما المعارك فلم يكونوا يخوضون غمارها إلا على اليابسة بشكل أساسي وفي المرات التي تسنى للأعداء فيها مهاجمة النورمانديين بأسطول حربي صغير جيد الإعداد (مرة في بريطانيا وأخرى في إسبانيا السراتسينية) (3) حاقت بهم الهزيمة، كان البحارة النورمانديون – خلافًا للمحكوم عليهم بالأعمال الشاقة على ظهر سفن قراصنة البحر الأبيض المتوسط - يتمتعون بالحرية ويقومون بمهام التجديف، وأحيانًا يقاتلون على رأس الحملات النورماندية ظل القادة يُختارون من الفايكنج. كان هناك بضع عشرات من العاملين تحت رئاسة الفايكنج، وكثيرًا ما كانوا يصلون إلى بضع مئات إبان الحملات المكثفة، بمرور الوقت أصبحت جماعات قطاع الطرق البحرية من النورمانديين الذين هاجموا البلاد الأوروبية الواقعة على ساحل البحر، وشواطئ الأنهار في الفترة ما بين القرنين الثامن والحادي عشر، يُعرفون باسم الفايكنج، وأصبحت هذه الفترة من تاريخ اسكندنافيا تُسمى بعصر الفايكنج. في البداية اتخذت حملات النورمانديين طابع السطو، فكان الفايكنج يظهرون فجأةً على ظهر زوارقهم السريعة، ثم يغادرونها إلى الشاطئ، وإلى أن تأخذ السلطات المحلية في التأهب لرد الهجوم يكون هؤلاء قد دمروا البلدة. كان الفايكنج يعودون بنفس السرعة التي ظهروا بها محملين زوارقهم بالغنائم التي نهبوها، على أن القرصنة لم تكن حرفتهم الوحيدة، وفقا للعادات التي سادت في العصور الوسطى كان الفايكنج يعملون في الوقت نفسه تجارًا، وكان لهم في هذا الشأن باع طويل. قام الفايكنج أيضًا بغزوات سطو على البلاد السلافية من خلال المناطق التي كانت تقطعها الطرق التجارية المؤدية إلى الشرق وخاصة إلى بيزنطة وبغداد. وقد قاموا أيضًا بنهب التجار القادمين من الشرق حاملين بضائعهم الثمينة في طريقهم بها إلى غرب أوروبا عبر الأراضي السلافية. وقد ورد ذكر غارات النورمانديين في المصادر الإفرنجية التي تعود إلى نهاية القرن أنه حتى في هذا الزمن لم يكن النورمانديون قد بلغوا من الأهمية هذا القدر الذي بلغوه في القرن التاسع وما تلاه، عندما أصبحوا أكثر عدوانية. ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى تضخم عدد سكان شبه جزيرة إسكندنافيا التي بدا أنه ليس في مقدورها أن توفر الطعام لسكانها. لقد عد كارل العظيم (742-814م) (4) العدة لحماية سواحل دولته من غزو النورمانديين على نحو فعّال، وذلك بأن أقام نظاما دفاعيًا ساحليًّا مؤثرًا جيد الإعداد على نحو دائم لم ينجح النورمانديون في اختراقه؛ مما دفعهم إلى التوجه ناحية الجزر الصغيرة في بحر الشمال فاستولوا عليها بسرعة ثم واصلوا سيرهم باتجاه الجزر البريطانية. كانت المرة الأولى التي ظهر فيها النورمانديون في إنجلترا عام 789م، وعندما نزلوا بثلاثة من سفنهم في دور سيتشاير ومنذ هذا التاريخ بدأ الفايكنج غاراتهم على إنجلترا بشكل مستمر بمرور الوقت صادفت الجزر البريطانية هوى القراصنة الإسكندنافيين لقد حلا لهم العيش ها هنا فأخذوا في استيطان سواحل هذه الجزر، وما عادوا براغبين في الإبحار عبر بحر الشمال اللهم إلا مرة واحدة كل عام وعندما اهتزت هيبة وقوة مملكة كاولينج بعض الشيء في ثلاثينيات القرن التاسع، جدد النورمانديون غاراتهم، فبدئوا بالساحل الفرنكي، ثم تبعوه في الأعوام من 836 إلى 839م بفريزيا، (5) وكان من نتيجة هذه الحملات المتكررة أن تم القضاء على المركز التجاري الرئيس للمملكة الفرنكية. بعد أن دان للفايكنج مصب نهر الراين أخذوا في التحرك بزوارقهم نحو المنبع، ناشرين الرعب والفزع في قلب كل من قابلوه، وفي مايو عام 841م ظهروا عند مصب نهر سينا، واستولوا على ميناء روان في الوقت نفسه قامت وحدات أخرى بأعمال النهب على الساحل الجنوبي الشرقي لإنجلترا. وفي العام التالي دمر النورمانديون كمنتوفيك أكبر الموانئ على مصب نهر كانش. لم يستطع أبناء لودفيج التقي (6) أن يقفوا في مواجهة الغارات القادمة من الشمال، فقد تغلغل النورمانديون باتجاه غرب وجنوب دولة الفرنكيين، وأصبحوا أكثر وقاحة في ذهابهم ومجيئهم مارين بمنبع النهر مكثفين من غاراتهم، وفي يونيو 843م إبان الاحتفال بعيد القديس يوحنا، ظهروا فجأةً عند مصب نهر اللوار، وبعد أن باغتوا سكان نانت (7) الذين لم يتوقعوا هذه الغارة، أعملوا القتل فيهم واستولوا على غنائم قيمة، ثم رحلوا إلى المصب، حيث عادوا لينظموا عدة غارات أخرى للنهب في عمق البلاد خلال فصل الصيف. ظل النورمانديون زمنا طويلًا يرحلون من بلادهم في الشمال كل عام، متجهين جنوبًا صيفًا وربيعا فقط، ليعودوا في وقت العواصف الخريفية والرياح الباردة إلى إسكندنافيا، كان هذا هو تكتيكهم، على أن مصب اللوار الذي اختاره النورمانديون، ليكون بمثابة هدف لقرصنتهم قد بدأ بعيدًا جدًّا عن يوتلانديا وإسكندنافيا، الأمر الذي جعل من القيام سنويا بمثل هذه الرحلة البحرية الطويلة والمحفوفة بالمخاطر أمرًا لا معنى له. ولما كان النورمانديون مقتنعين بأنَّ الفرنكيين لا يشكلون عقبة بالنسبة لهم، أنشئُوا قاعدة فوق جزيرة نوارموت الصغيرة القائمة عند مصب اللوار، ومن هناك كانوا يقومون بغاراتهم في اتجاه أعالي النهر، حول النورمانديون معسكرهم الحصين في هذه الجزيرة بمرور الوقت إلى قلعة حقيقية، بحيث لا يتمكن الفرنكيون الذين لا يملكون أسطولاً من التغلب عليه. بحلول صيف 844م، اندفع النورمانديون من جديد بعد أن قضوا شتاءهم في نوارموت إلى الجنوب، فوصلوا مصب نهر جارون، ثم واصلوا إبحارهم في اتجاه المنبع، وكانوا يحرقون وينهبون كل البلدان والكنائس التي تقابلهم عدا بوردو التي استطاعت أن تصد الغزاة في العام نفسه ظهر النورمانديون عند شواطئ إسبانيا، ثم توغلوا حتى وصلوا إلى نهر جواد لكفيفر، وعبر هذا النهر ساروا حتى وصلوا إلى مدخل ميناء سيفيليا، في العام التالي ازداد نشاط وحدات النورمانديين الشمالية، فنهبوا وأحرقوا هامبورج، ثم هاجموا منابع إلبا، وما لم يجدوا أية مقاومة تُذكر، قاموا بالإغارة على فريزيا، في الوقت الذي وصلت فيه مجموعة أخرى من القراصنة على زوارقها حتى منابع نهر السين، وقامت في التاسع والعشرين من مارس عام 845م بإحراق باريس. غادر النورمانديون مملكة كارل الأقرع،8 بعد أن أخذوا فدية كبيرة على مدى الثلاث سنوات التالية. احتل القراصنة النورمانديون (الذي وصلوا إلى هنا من الشمال بجحافل جبارة) كل الشواطئ الممتدة من إلبا إلى جيروندا. ومنذ هذه اللحظة تغير طابع الغارات التي كان النورمانديون يشنونها، فإذا كان الهدف من هذه الغارات قد انحصر قبل ذلك في الاستيلاء على الغنائم التي كان الفايكنج يعودون بها إلى الوطن، أو إلى قواعدهم، فإنه منذ النصف الثاني من القرن التاسع، أخذوا في الاستقرار واستيطان هذه الأراضي. وقد شارك في احتلال هذه الأراضي الخاضعة أناس ينحدرون من أصول دنماركية، وكانوا يسمون أيضًا بالنورمانديين. وهؤلاء كانوا قد تركوا الدنمارك بعد انتهاء الحرب الأهلية واستوطنوا في حوالي عام 850م المناطق المحيطة بأنهار اللوار والسين والتايمز، وأسسوا في الجزر المبعثرة عند مصباتها معسكرات قوية جلبوا إليها عائلاتهم من يوتلانديا. لم يكن الاستعمار يعني بالنسبة للفايكنج التوقف عن ممارسة السلب؛ فقد كانوا يتركون أماكن سكناهم الجديدة موغلين في عمق بلاد الفرنكيين ميممين صوب الجنوب إذا كان النورمانديون حتى ذلك الحين يتحركون بشكل ثابت تقريبا بمحاذاة شواطئ البحار والأنهار، فإنَّهم الآن أخذوا أكثر فأكثر يستبدلون الخيل بالزوارق. أصبح النضال ضد النورمانديين أمرًا بالغ الصعوبة لما تميزوا به من قدرة على المناورة، وسرعة الحركة والتفوق على صفحة البحر؛ فقد أخذ السكان الذين تملكهم الرعب في الهرب باحثين عن ملجأ لهم في الغابات والجبال؛ لتعصمهم تاركين وراءهم المسكن والأرض، أما الحكام المستضعفون الذين لم تكن لديهم القدرة على التغلب على النورمانديين؛ فغالبًا ما كانوا يدفعون للغازي الفدية التي كانت تشكل عبئًا ثقيلا على الرعايا، مما دفع بالسكان إلى اللجوء أكثر فأكثر إلى الدفاع عن أنفسهم ذاتيا. كان الفايكنج أحيانًا ما يتركون بعض المناطق في هدوء نسبي، ففي عام 859م مثلا غادروا وكرًا للقراصنة يقع عند مصب نهر اللوار؛ إذ إنَّ ما قاموا به من أعمال النهب والقتل في هذه المناطق لم يدع لهم شيئًا يستولون عليه، فاتجهوا جنوبا. وفي طريقهم عاثوا فسادًا على شواطئ إسبانيا وأفريقيا، وتعرضت جزر باليار في البحر الأبيض المتوسط لعدوانهم إلى أن توقفوا على ساحل فرنسا الجنوبي، حيث دلتا نهر الرون لقضاء الشتاء به مرة أخرى عاد الفايكنج في ربيع عام 860م المواصلة التحرك، بعد أن قاموا بنهب إقليم البروفانس (جنوب شرقي فرنسا)، و اكتسحوا شواطئ شبه جزيرة أبنين، وقد تمكنوا بالخداع من الاستيلاء على مدينة بيزا (في وسط إيطاليا)، والتي أصبحت منذ ذلك الحين نقطة انطلاق جديدة لحملاتهم إلى توسكانا وفي عام 861م يعود الفايكنج إلى ملجئهم عند مصب اللوار. لقد أتاح التفتت السياسي لبريطانيا آفاقًا جديدة أمام النورمانديين، الذين كان اهتمامهم بأوروبا قد فتر لبعض الوقت، إذ بدئوا في الهجوم على إنجلترا من جهة الشمال، وفي عام 866م نزل القراصنة في خليج هامبر، وسرعان ما أثمرت تحركاتهم عن احتلال جزء كبير من الجزيرة. على مدى عشرات السنين، لم تكن هناك في أوروبا أية قوة مؤهلة للتصدي للفايكنج كان العالم المسيحي بأسره يرتعد أمام كارثة العصور الوسطى البشعة هذه، والتي تقف لتتساوى مع الطاعون وغارات الكفار. وقد ظلت الكلمات التي يتألف منها الدعاء القائل: afuroa nomaorum ilbera nos, domines اللهم نجنا من غضب النورمانديين لزمن طويل يذكر شعوب أوروبا بالسنوات الرهيبة المليئة بالرعب الدموي الذي فرضه قراصنة الشمال. كان الفريد الأكبر (9) هو الوحيد الذي نجح في صد هجوم النورمانديين على إنجلترا، وكانت المعارك بينه وبين الغزاة سجالًا، وأسفرت عن استعادة الفريد لولاية ويسكس التي كان قد فقدها قبل ذلك، وفي عام 878م وقع ألفريد معاهدة تقضي بتقسيم إنجلترا، ظل الجزء الغربي من البلاد بناءً عليها تحت حكم ألفريد، بينما آل الجزء الشرقي للغزاة. بعد عام 878م عاد أولئك النورمانديون الذين لم يستوطنوا إنجلترا إلى أوروبا، ليستأنفوا هنالك أعمال النهب، وفي عام 885م حاصروا باريس، وقد دفع لهم كارل السمين 10 (كارل الثالث) فدية ضخمة مقابل فك الحصار عن المدينة الذي استمر ما يزيد عن عام. وفي عام 911م قام سلالة النورمانديين بإخضاع الإقليم الذي أصبح معروفا، منذ ذلك الحين باسم غزاة الشمال النورمانديين. ومن هذا المكان تحديدا خرج النورمانديون في عام 1066م، بقيادة فيلهلم الفاتح (11) لغزو إنجلترا مرةً أخرى. أدى توسع النورمانديين في القرن التاسع الميلادي إلى قيامه بغزو واستيطان أجزاء من الجزر البريطانية؛ آيسلاندا، وجرينلاند. على أنهم لم يُقيموا دولة تضم كل الأراضي الخاضعة لهم؛ فقد كان لغياب تماسكهم أثره في تقويض سيادتهم على البلاد الخاضعة لهم. وفي النصف الأول من القرن الحادي عشر ظهرت دولة بحرية جبارة بقيادة كنور الأكبر (12) استطاعت أن تحتل الدنمارك، والنرويج، وإنجلترا. وقد اعترفت كل من أسكوتلندا وأيرلندا بسلطانها. لقد وضع التطور الاجتماعي الاقتصادي لدولة كنور الأكبر حدا لعصر غارات الفايكنج عندئذ أخذ النورمانديون في البحث عن نقاط ارتكاز لهم في مجال التجارة، التي كان طابعها قد أخذ في التغير تدريجيًّا. لقد ازدهرت التجارة البحرية بين إنجلترا والدنمارك بعد اتحاد البلدين، وبمرور الوقت توقف النورمانديون بصفة عامة عن تهديد أوروبا. إن الجزء الأكبر من الشواهد التاريخية الخاصة الفايكنج تواترت إلينا من خلال الشعوب التي وقعت ضحية لهم، وليس من المستغرب أن تشغل العنف والتعسف والقسوة، التي ارتكبها - بلا شك - الغزاة والقراصنة المكان البارز فيها على أن الشواهد الخاصة بالتنظيم الداخلي للفايكنج ظلت قابعة في زوايا النسيان، لقد كشفت أحدث الأبحاث التي جرت بموضوعية أن الفايكنج لم يكونوا مجرد قوة مدمرة عمياء، كما صورهم مؤرخو عصر الإقطاعيين المتحيزين حقيقة كان الفايكنج قساة طغاة، غير أنهم في الوقت نفسه استطاعوا إقامة مجتمع متميز للقراصنة، مجتمع له ثقافته الأصيلة كان الفايكنج يقومون بعقاب من يسرق، أو يلجأ للعنف داخل مجتمعهم الخاص، وكان الخداع إبان اقتسام الغنائم يُعد جريمة كبرى، كما كان الموت عقوبة الخيانة والفرار من الخدمة وهي عقوبة لم يكن المذنب فيها يستطيع أن يأمل في رحمة أو عفو. لقد ترك الفايكنج ذكريات دموية عنهم في تاريخ العديد من الشعوب الأوروبية، في نفس الوقت الذي كانوا متحمسين فيه لإقامة العدل فيما بينهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الصقالبة: التسمية العربية القديمة للسلافيين، وسوف نستخدم التسمية الحديثة لكونها أكثر تداولا، (المترجم).
2- الكورنثيون: قبيلة لاتفية، كانت تعيش في غرب لاتفيا في القرنين السابع والثامن الميلاديين، قاموا بمحاربة الإسكندنافيين.
3- الذين كانوا قد احتلوا المناطق الساحلية لبلادهم بعد تحريرهم لأراضيهم أصبحوا يشنون غارات على السويد والدنمارك.
4- كارل الأكبر: ملك فرنسا من عام 768م، إمبراطور من عام 800م، أعظم ممثلي أسرة كارل.
5- فريبزيا (فريسلانديا): منطقةٌ تاريخية تقع عند شواطئ بحر الشمال في المكان الذي توجد فيه الآن هولندا.
6- لودفيج الأول التقي: (778–840م) إمبراطور أفرنجي من عام 814م، ابن كارل الأكبر.
7- نانت: ميناءٌ فرنسي يقع عند مصب نهر اللوار. (المترجم).
8- كارل الثاني الأقرع (823–897م): ملك إفرنجي من عام 843م.
9- ألفريد الأكبر (849–879م): ملك ويسكس من عام 871م، أحد أقوى الممالك الأنجلو-سكسونية.
10- كارل الثالث السمني (839–888م): آخر ملوك أسرة كارل، ملك من عام 880م.
11- فيلهلم الأول الفاتح (1027–1087): ملك إنجليزي من عام 1018م وإنجلترا من عام 1016م، والنرويج من عام 1028م.
12- كنور الاول الأكبر (حوالي 995–1036م): ملك الدنمارك من عام 1018م، وإنجلترا من عام 1016م، والنرويج من عام 1028م.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|