أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-1-2018
2847
التاريخ: 2023-03-30
1469
التاريخ: 27/12/2022
1325
التاريخ: 25-9-2021
2413
|
إن عقل الطفل يموج بالأسئلة، ربما كان أبرزها هو (من أنا؟)، (كيف سأكون؟)، (ما نوع الحياة الذي يلائمني؟)، إنها أسئلة تدور حول تعريف الذات أو الهوية، وهي تلك الأسئلة التي نبني عليها حياتنا نحن الكبار، والتي ننظر إليها بوصفها أساس نبني عليه كل القرارات المصيرية. أما عقل الطفل؛ فهو يتأثر بشكل هائل بالعبارات التي تبدأ بالضمير (أنت).
سواء أكانت العبارة هي (أنت كسول جداً)، أو (أنت طفل رائع)، فسوف تتجه هذه العبارات من فم الشخص الكبير (العظيم)، لتترسخ بعمق في العقل الباطن للطفل. لقد سمعت الكثير من الكبار الذين يواجهون أزمات في حياتهم يستدعون ما كان يقال لهم في مرحلة الطفولة: (أنا إنسان عديم القيمة؛ أعرف أنني كذلك).
تصور كم ستتغير حياة طفلك إن كان لديه المعتقدات التالية عن نفسه...
ـ أنا إنسان جيد.
ـ أستطيع أن أتواءم مع أغلب الناس.
ـ أستطيع أن أتصور الأشياء أحياناً.
ـ أنا أتمتع بعقلية جيدة.
ـ أنا إنسان مبدع بحق.
ـ إنني أتمتع بجسد قوي وصحي.
ـ إنني أحب مظهري.
يطلق علماء النفس (الذين يميلون إلى تعقيد الأمور)، على مثل هذه العبارات كلمة (خصائص).
إن هذه الخصائص توالي ظهورها مراراً وتكراراً في حياة الطفل بعدما يكبر.
(لم لا تدون اسمك في كشف الترقيات ؟)
(لأنني لا أتمتع بالكفاءة المطلوبة)
(لكنه يشبه زوجك السابق تماماً. لم تزوجته إذن ؟)
(إنني حمقاء بحق؛ أعتقد أنني كذلك، لأنني مجرد حمقاء على ما أعتقد)
(لم تسمح لهم أن يدفعوك هكذا؟)
(لأن هذه هي قصة حياتي)
إن مثل هذه العبارات (أنا لا أتمتع بالكفاءة المطلوبة) و(آنا حمقاء)، لا تنبع من فراغ. إنها مسجلة في عقل هؤلاء الأشخاص؛ لأنها كانت تكرر عليهم في سن لم يكن يسمح لهم بمناقشة مدى مصداقية هذه العبارات. (ولكن بكل تأكيد)، بوسعك أن ترد عليَّ قائلاً: (لكن الطفل يجب أن يعترض على تلك الرسائل الموجهة إليه والتي تحمل الضمير أنت، أليس كذلك؟).
إن الطفل يفكر بالطبع في كل الأشياء التي تقال له كي يتبين مدى صحتها، غير أنه قد يعجز عن المقارنة لعدم وجود معايير يقارن وفقاً لها. فنحن نتسم في بعض الأحيان بالكسل، والأنانية، والفوضى، والغباء، والنسيان، وإيذاء الآخرين، وهكذا. إن هذا الواعظ المتأجج الثوري الذي كان يدوي صوته كالرعد في دور العبادة قائلاً: (لقد أذنبتم جميعاً!)، (كان محقاً؛ فكلنا بالفعل قد أذنب!).
(إن الكبار يعرفون كل شيء؛ حتى أن بوسعهم أن يقرأوا ما يدور بعقلك). هذا هو ما يظنه الطفل. ولعل هذا هو ما يفسر سر عصبيته وتصرفه بطريقة خرقاء عندما تصفه بأنه (أخرق)، أما عندما تصف الطفل بأنه كـ (الوباء)، فإنه يشعر بأنه مرفوض ويصبح يائساً من قبول الآخرين له أو استعادة ثقته بنفسه؛ ولذلك فهو يقوم بإزعاج الآخرين. أما عندما تنعت الطفل بأنه (أحمق)؛ فقد يعارضك بعنف على المستوى الظاهري، غير أنه في سريرته سوف يوافقك الرأي بمنتهى البؤس. إنك أنت الكبير، لذلك يجب أن تكون محقاً.
إن الرسائل التي تحمل الضمير (أنت)، تعمل على المستويين الواعي واللاواعي. كثيراً ما أطلب من الأطفال أثناء عملي أن يصفوا لي أنفسهم، فيجيبونني بمثل هذه العبارات، (أنا طفل سيء) أو (أنا مزعج).
أما البعض فتبدو عليهم بوضوح علامات الحيرة، فيجيبون قائلين: (أبي وأمي يدعون أنهم يحبونني غير أنني لا أعتقد ذلك)، إنهم على المستوى الواعي يسمعون بالفعل عبارات الحب الظاهرية، غير أنهم على المستوى اللاواعي يسمعون، ويرون، ويشمون شعوراً مختلفاً ينبعث من وراء هذه الكلمات.
إن الطريقة التي نقول بها هذه العبارات هي العامل المحدد للإحساس. يمكنك أن تقول لطفلك: (أنا غاضب منك، وأريدك أن تنظم لعبك الآن!)، ومع ذلك لا تخش أن يكون لمثل هذه العبارة أي تأثير دائم على طفلك. أما إن قلت: (أيها المشاكس الكسول، لم لا تؤدي أبداً ما يطلب منك؟)، وعكفت على تكرار هذا النوع من الرسائل أثناء حدوث أي شجار، فسوف يكون لذلك بكل تأكيد أثره على الطفل.
لا تتظاهر بأنك تشعر بالسعادة أو الحب في الوقت الذي لا تشعر فيه بذلك؛ إنه أمر محير وقد يدفع أبناءك إلى الهروب والتخبط على المدى البعيد، يمكنك أن تكون صادقاً في مشاعرك دون أن تهين أبناءك، ويمكنهم أن يتفهموا مثل هذه الأعذار، (أنا متعب اليوم)، أو (أنا غاضب جداً الآن)، وخاصة إن كانت مثل هذه العبارات تتفق مع ما يشعرون به. سوف يساعدهم ذلك على إدراك أنك أنسان أيضاً، وهو ما يعتبر من الأمور الجيدة.
في أحد الاجتماعات التي التقيت خلالها بعدد كبير من الآباء، طلبت منهم أن يذكروا الرسائل التي تبدأ بالضمير (أنت)، التي مازالوا يتذكرون أنها قيلت لهم أيام الطفولة، ثم دونتها على لوح أبيض وكانت النتيجة هي الآتي:
أنت كسول وأخرق وغبي
أنتِ فتاة مزعجة؛ أصغر من أن تفهمي مثل هذه الأمور
أنت أناني أحمق
أنت وباء قذر
أنت أهوج غير مقدرّ للأمور
أنت دائماً متأخر، أنت طماع
أنت سيء السلوك وبلا عقل، أنت مزعج
أنت جبان ومجنون
أنت دائماً تثير اشمئزاز أمك
أنت قبيح وتافه وغير ناضج
تماماً مثل والدك
وهكذا توالت العبارات
جاءت الأمثلة بطيئة في البداية، ولكن مع استثارة ذاكرة الحضور؛ توالت حتى ملأت اللوح الأبيض وعمت حالة من الهياج في قاعة المحاضرة. ولكن بعد ذلك بدت حالة الارتياح والاسترخاء واضحة في القاعة الكبيرة بعدما جهر الجميع بصوت مرتفع بكل العبارات التي كانت تجرحهم منذ زمن بعيد.
وقد عبرت قلة قليلة فقط من هذا الجمع عن أن آباءهم كانوا يتعمدون إيذاءهم أو تدميرهم، لقد كانت هذه ببساطة إحدى الطرق التي كان يوجه بها الآباء أبناءهم.
(أخبره أنه سيء وسوف يسعى بذلك لإصلاح نفسه)، تلك هي عصور الظلام بالنسبة لتربية الاطفال، أما الآن فإننا نحاول الهروب منها.
|
|
للتخلص من الإمساك.. فاكهة واحدة لها مفعول سحري
|
|
|
|
|
العلماء ينجحون لأول مرة في إنشاء حبل شوكي بشري وظيفي في المختبر
|
|
|
|
|
قسم العلاقات العامّة ينظّم برنامجاً ثقافياً لوفد من أكاديمية العميد لرعاية المواهب
|
|
|