أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-26
916
التاريخ: 2023-02-27
1126
التاريخ: 2023-03-16
1018
التاريخ: 2023-11-14
1010
|
من السهل تبين السبب وراء هوس الفيزيائيين بفكرة التوحيد؛ فالعدد الغزير من الجسيمات دون الذرية رُتب بنجاح في نظام منمق، كما قللت القوى الأربع إلى ثلاث وربما اثنتين مع وجود قوة واحدة فائقة تلوح في الأفق. وبهذا يصير التجميع هو اسم اللعبة. إلا أن المنظرين وضعوا أعينهم منذ وقت طويل على مشروع أكثر طموحا للتوحيد، نظام يربط الجسيمات بالقوى. وما يفتح الباب أمام هذا الاحتمال المبهج هو حقيقة أن القوى يمكن تفسيرها على أساس عملية تبادل للجسيمات، لماذا إذن لا نخرج بنظرية تتجمع فيها «كل» الجسيمات - جسيمات المادة وجسيمات التبادل - في عائلة واحدة فائقة؟
لكن قبل أخذ هذه الخطوة ينبغي توضيح الاختلاف الأساسي بين نوعي الجسيمات محل الحديث هنا، وهذا الاختلاف يتعلق بخاصية اللف المغزلي لها. تحمل جميع الجزيئات الأساسية للمادة – الكواركات واللبتونات - لفًا مغزليا قدره 1/2. وعلى النقيض تحمل جسيمات التبادل المعروفة لفا مغزليا قدره 1 (يحمل الجرافيتون – لو أن له وجودًا - لفا مغزليا قدره 2) قد لا يبدو هذا إلا اختلافًا فنيًّا غير مؤثر، لكنه ليس كذلك؛ إذ يؤثر اللف المغزلي للجسيم بشدة على خصائصه، خاصة على الطريقة التي تتصرف بها الجسيمات تصرفًا جماعيًا. الجسيمات ذات اللف المغزلي 1/2 تطيع القاعدة المعروفة باسم مبدأ استبعاد، باولي والمسمى على اسم فولفجانج باولي مكتشف هذه القاعدة في العشرينيات. يمنع هذا المبدأ أكثر من جسيم واحد من نفس النوع من أن يحتل نفس الحالة الكمومية في نفس الوقت (على سبيل المثال، لا يمكنك حشر إلكترونين بحيث يكونان مقتربين للغاية أحدهما من الآخر، ولهذا المبدأ تبعات بعيدة مهمة: صلابة المادة، وتركيبة الذرات وقواعد الكيمياء، وثبات النجوم، وهذه ليست إلا أمثلة قليلة.
لا ينطبق مبدأ باولي على جسيمات التبادل التي توصل القوى، لأن لها لفا مغزليا قدره 1 و2، ولا يوجد حد أقصى لعدد الجسيمات من هذا النوع التي يمكنها التجمع معا،3 ففي شعاع الليزر، مثلا يشغل عدد لا حصر له من الفوتونات نفس الحالة الكمومية. تعرف الجسيمات صحيحة المغزل (0) (1، 2،) بالبوزونات (على اسم ساتندرا بوز)، فيما تعرف الجسيمات نصفية المغزل (1/2، 2/3، ...) بالفرميونات (على اسم إنريكو فيرمي). وعلى هذا يتطلب توحيد المادة والقوى توحيد البوزونات والفرميونات، إلا أن هذه الجسيمات متباينة بما يجعل هذه المهمة تبدو مستحيلة من البداية. لكن في عام 1973 عُثر على حل يتفادى هذه المشكلة. لفهم هذا الحل عليك بامتلاك بعض الفهم الأساسي عن طبيعة اللف المغزلي الذاتي للجسيم. يتصرف الجسيم ذو اللف المغزلي 1/2 على نحو عجيب حين يدور محوره (من الممكن لف محاور دوران الجسيمات دون الذرية بتعريضها لمجال مغناطيسي). فكر في جسم كبير دوّار كالكوكب، إذا أدرته 180 درجة حول خط يمر بخط استوائه (عمودي على محور دورانه) فسيتبدل مكان القطبين الشمالي والجنوبي، وإذا أدرته بمقدار 180 درجة أخرى فسيعود إلى وضعه الأصلي. لا مشكلة في هذا الجزء، لكن الآن يأتي الجزء العجيب. إذا قمت بنفس الأمر على الإلكترون (أو أي فرميون ذي لف مغزلي قدره 2/1 فسيكون عليك أن تديره بمقدار 720 درجة، أي لفتين كاملتين، قبل أن يعود إلى وضعه الأصلي! هذه خاصية أخرى يستحيل تخيلها من خصائص ميكانيكا الكم، لكن لا شك في صحتها بصورة ما تملك الفرميونات ما يشبه النظرة المزدوجة للعالم. وهنا يكون مفتاح الوصول إلى نظرية موحدة تجمع الفرميونات والبوزونات هو إيجاد وصف هندسي يضم نوعي الدوران كليهما في نظام رياضي واحد. وبالفعل اكتشف هذا النظام على يد كل من جوليوس ويس وبرونو زومينو، ويطلق عليه التناظر الفائق Supersymmetry.
إذا كان التناظر الفائق موجودًا في الطبيعة فسيكون لهذا تأثير شامل؛ إذ سيكون لكل فصيلة من الفرميونات شريك فائق التناظر من البوزونات، والعكس بالعكس. وعليه، من الممكن ربط الإلكترون بما يسمى «نظير الإلكترون»، شريكه فائق التناظر ذي اللف المغزلي صفر. (الجسيم ذو اللف المغزلي صفر هو بوزون ليس له لف مغزلي ذاتي. وبهذا ينبغي أن يكون لدينا نظير للكوارك، ونظير للنيوترينو، وهكذا دواليك. وبالعكس، يتزامل الفوتون مع جسيم له لف مغزلي نصفي يسمى نظير الفوتون. ومن ثم سيكون لدينا نظير للجسيم W ونظير للجسيم z ونظير للجلوون، ونظير للجرافيتون الأخير سيكون فرميون ذا لف مغزلي قدره (2/3). الأمر خلاب بحق، باستثناء أنه إلى اليوم لم يُعثر على أي شريك فائق التناظر من أي نوع. لكن هذا لا يعني أن التناظر الفائق غير صحيح. لو كان التناظر تامًا فسيحمل نظير الإلكترون نفس كتلة الإلكترون، وسيحمل نظير الجسيم W نفس كتلة الجسيم W، وهكذا. لكن لو أدت آلية فيزيائية ما لكسر هذا التناظر فستجعل جميع الشركاء فائقين التناظر ذوي حجم هائل. ولن يكون من قبيل المفاجأة عندئذ أن نجد أن هذه الجسيمات النظيرة لم تُخلق بعد في تصادمات المعجلات (رغم أنها قد تكون موجودة في الأشعة الكونية أو المادة المظلمة). يعلق كثير من علماء الفيزياء آمالهم على مصادم الهدرونات الكبير في معمل كيرن، الذي يتنبؤون بقدرته على تكوين شريك فائق التناظر واحد على الأقل. ولو حدث هذا فستتأكد فكرة أن المادة والقوى ليسا إلا جانبين لنظام واحد أساسي فائق التناظر.
هوامش
(3) The link between the spins of particles and the collective properties of assemblages of them as governed by the Pauli exclusion principle is not obvious, and has to do with certain abstract symmetries involved in the quantum concept of spin.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|