المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



أكثم بن صيفي  
  
8496   08:00 صباحاً   التاريخ: 27-09-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص201-202
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-08-2015 2334
التاريخ: 2023-09-26 1627
التاريخ: 26-1-2016 4082
التاريخ: 30-12-2015 2505

كان أبو حَيدة أو أبو الحفاد أكثم بن رياح بن الحارث بن محاسن بن صيفيّ من أهل الحجاز وأحد حكماء العرب، قيل كان الملوك والرؤساء يستزيرونه لسماع حكمه ونصائحه.
قالوا: لما ظهر الإسلام أرسل أكثم بن صيفي رجلين يسألان الرسول عن نسبه وعمّا جاء به، فأخبرهما بما سألا ثم تلا عليهما قول اللّه تعالى: «إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ واَلْإِحْسانِ وإِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى، ويَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ واَلْمُنْكَرِ واَلْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» (1). فلما رجعا إلى أكثم بذلك قال أكثم: يا قوم، انه يأمر بمكارم الاخلاق وينهى عن ملائمها.
وتوفّي أكثم بن صيفي عام 10 ق. ه‍. (612 م) على الشرك، وكان قد أسنّ كثيرا.
كان أكثم بن صيفيّ من الخطباء البلغاء والحكّام الرؤساء (2) يضرب فيه المثل بأصالة الرأي ونبل العظة. فمن أقواله:
-الكرم حسن الفطنة وحسن التغافل، واللؤم سوء الفطنة وسوء التغافل.
-تباذلوا (3) تحابّوا.
-تباعدوا في الديار تقاربوا في المودّة.
-تناءوا في الديار وتواصلوا في المزار.
-تناءوا في الديار ولا تباغضوا، فان من يجتمع يتقعقع عمده.
ومن وصية لأكثم بن صيفيّ يعظ فيها قومه:
يا بني تميم، لا يفوتنّكم وعظي ان فاتكم الدهر بنفسي (4). ان بين حيزومي وصدري لكلاما لا أجد له مواقع إلا أسماعكم، ولا مقارّ إلا قلوبكم فتلقّوه بأسماع مصغية وقلوب واعية تحمدوا مغبّته (5). الهوى يقظان والعقل نائم، والشهوات مطلقة، والحزم معقول، والنفس مهملة، والرويّة مقيّدة (6) ومصارع الرجال تحت بروق الطمع. ومن سلك الجدد أمن العثار (7). ولن يعدم الحسود أن يتعب قلبه ويشغل فكره ويؤرّث غيظه، ولا تجاوز مضرّته نفسه (8).
قيل إن أكثم بن صيفيّ عزّى عمرو بن هند عن أخيه فقال:
إن أهل هذه الديار سفر لا يحلّون عقد الرحال إلاّ في غيرها (9). وقد أتاك ما ليس بمردود عنك، وارتحل عنك ما ليس براجع اليك، وأقام معك من سيظعن عنك ويدعك (10). واعلم أن الدنيا ثلاثة أيام: فأمس عظة وشاهد عدل فجعك بنفسه وأبقى لك وعليك حكمته، واليوم غنيمة وصديق أتاك ولم تأته، طالت عليك غيبته وستسرع عنك رحلته، وغدا لا تدري ما أهله، وسيأتيك ان وجدك. فما أحسن الشكر للمنعم والتسليم للقادر! وقد مضت لنا أصول نحن فروعها، فما بقاء الفروع بعد أصولها؟ وأعلم أن أعظم من المصيبة سوء الخلف منا؛ وخير من الخير معطيه، وشرّ من الشر فاعله.
_________________________
1) 16(النحل) :90.
2) الحكام الرؤساء: الذين بلغوا في الحكم بين الناس مبلغ الرئاسة.
3) تباذلوا: ليبذل بعضكم لبعض (من ذات نفسه ومن ذات يده) تنتج بينكم المحبة.
4) ان أخذني الدهر (ان مت) فلا تفوتنكم النصيحة مني (ان خسرتموني فلا تخسروا نصائحي).
5) الحيزوم: مقدم الشيء، الفم. مقار جمع مقر: مكان. مصغية: مائلة، منتبهة. واعية: حافظة. تحمدوا مغبته: تكن عاقبته عليكم حسنة.
6) مطلقة: حرة تسلك أين شاءت. معقول: مربوط. الروية: التفكير مع التأني. مقيدة: مربوطة.
7) طمع الانسان يقوده (أحيانا) إلى الهلاك. «من سلك الجدد (من سار في الطريق الواضح) أمن العثار» مثل.
8) أرث غيظه: ضرمه، زاد في ايقاده.
9) السفر (بسكون الفاء): جماعة المسافرين معا. هذه الدار: الدنيا. يحلون عقد الرجال في غيرها: ينزلون، يستقرون في الآخرة.
10) وقد أتاك (أي الموت). وارتحل عنك (أي أخوك الذي مات). يظعن: يرتحل. يدع: يترك، يفارق.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.