أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-6-2016
4264
التاريخ: 13-6-2016
17388
التاريخ: 3-4-2017
16090
التاريخ: 13-6-2016
7153
|
عند البحث في التظلم كإجراء سابق على رفع دعوى أمام القضاء الإداري، الذي يقوم بها صاحب الشأن تجاه الإدارة، لابد لنا أن نبين أهم أنواع التظلم ، الذي ينقسم الى أنواع عديدة وفق معايير مختلفة، حيث ينقسم التظلم الى أنواع هي : ( الولائي والرئاسي والوصائي والتظلم الى لجنة مختصة) وذلك حسب الجهة التي يقدم اليها التظلم، وينقسم أيضاً الى ( الوجوبي والاختياري) حسب إلزام صاحب الشأن باللجوء اليه من قبل المشرع، وذلك قبل الولوج الى القضاء . كما سنبينه على التوالي :
أولاً التظلم حسب الجهة التي يقدم اليه التظلم وهو ينقسم الى أربعة أنواع وهي :
1- التظلم الولائي : وذلك عند تقديم التظلم الى الجهة التي أصدرت القرار، أي أن يتقدم المتضرر الى متخذ القرار نفسه طالباً منه إعادة النظر في تصرفه وإزالة ما لحقه جراء هذا التصرف من إجحاف (1) بإعتباره يملك سلطات وقدرات ومعلومات إدارية كاملة وواسعة وقوية في مواجهة أعمالها المطعون فيها والمتظلم منها، ومن ثم يكون لاستجابة هذه السلطات الولائية وتدخلها في مراقبة الأعمال الإدارية المطعون فيها والمتظلم منها جدوى، لذا كانت للتظلم الإداري الولائي عدة أسس ومبررات نفسية وتنظيمية وواقعية تبرر حتمية إستعمال التظلم الولائي وتسندها قبل إستخدام أي تظلم إداري آخر (2).
وهناك من يرى أنه قد لا يحقق الغرض المرجو منه بإعتبار أن مصدر القرار قد يتعامل مع التظلم الإداري المقدم من أصحاب الشأن بنوع من المكابرة ولا يميل الى الرجوع من قراره الخاطئ، وأنه في الغالب الأعم متمسك بموقفه ويسعى جاهداً الى أن يكون رأيه هو الصواب ولا يحبذ العدول عنه (3)، والذي لا نؤيده نحن في هذا الرأي بإعتبار أنه لا يمكن في أغلب الحالات تـصــــــور مخالفة القانون وقواعد المشروعية من قبل الإدارة إلا خطأ، وأنه في حالة تقديم طلب الى الإدارة يبين خطأها ومخالفتها لا يمكن تصور تمسكها بهذا الخطأ في حين تدرك أنه في حالة تمسكها هذا يكون هناك مسلك قضائي يحق للمتضرر اللجوء اليه لإلغاء هذا القرار وإلزام الإدارة بالتعويض الملائم أيضاً عما لحقه من الضرر نتيجة هذه المخالفة، أي أن قرارها بشأن التظلم يكون خاضعاً للرقابة القضائية أيضاً. ويمكن أيضاً الرد على هذا الرأي إذ نتصور أن تفضل الإدارة تعديل قراراتها أو إلغائها من جانبها بدلاً من أن يكون بتدخل سلطة أخرى وبحكم قضائي حرصاً على هيمنتها مقابل السلطات الأخرى.
2-التظلم الرئاسي : هو التظلم المرفوع الى السلطة الرئاسية المباشرة للسلطة المصدرة للقرار (4)، وقد يتطلب أن يلجأ المتضرر الى رئيس من صدر عنه القرار الإداري ليتظلم له مما أصدره مرؤوسيه ويبين له ما يراه من غوار في هذا القرار ومن ثم يتيح هذا التظلم للرئيس مراجعة ما صدر عن مرؤوسه من قرار يراه صاحب الشأن بأنه مخالف للقانون أو فيه تعسف وإفتراء عليه(5)، وتملك السلطات الإدارية الرئاسية المتظلم أمامها مكنات وقدرات تحريك مظاهر وسلطات الرقابة الرئاسية على أعمال وقرارات المرؤوسين المطعون فيها والمتظلم منها إدارياً وهي سلطة التعديل، وسلطة الإلغاء الإداري، وسلطة السحب وسلطة الحلول، وسلطة التوجيه لإنجاز وتحقيق عملية النظر والفصل في الإدارية الرئاسية بصفة خاصة وإنجاز وتحقيق عملية الرقابة الإدارية الرئيسة بصورة عامة. (6) ونظراً لهذه السلطات التي تتمتع بها السلطة الرئاسية تجاه السلطة المصدرة للقرار المتظلم منه، نرى أن ممارستها توفر ضمانة للوصول الى الغاية من التظلم من خلال تحقيق نوع من الموضوعية والحيادية الأمر الذي يخاف البعض من عدم تحققها عند التظلم الولائي. علماً أن القانون قد لا يحدد الجهة الرئاسية التي يجوز التظلم إليها، فيصبح لصاحب الشأن الخيار باختيار الجهة التي يتظلم اليها، وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية العليا المصرية (7) حيث قضت بأن ... القانون لم يرسم طريقاً معيناً يتحتم على المتظلم أن يسلكه فلم يحدد الى من يقدم هذا التظلم بالضبط ....
وقد يلجأ المتظلم الى هذا النوع من التظلم بعد إستيفائه طريق التظلم الولائي حيث يكون في وسعه أن يقدم تظلماً الى الجهة الرئاسية للجهة المصدرة للقرار حيث سبق أن رفضت تظلمه الولائي، وقد يكون التظلم الرئاسي بدرجة واحدة أو متعدد الدرجات ويقدم الى الجهة الرئاسية أو العليا للجهة مصدرة القرار (8) ، كما جاء في قانون الإستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 (9).
في حين من الممكن أن تمارس السلطة الرئاسية هذا النوع من الرقابة الإدارية من تلقاء نفسها، ومن دون أن يقوم أحد بتقديم تظلم اليه، وفي هذه الحالة تكون إحدى صور الرقابة التلقائية، وبذلك تكون الرقابة الرئاسية على صورتين، تلقائية ومبنية على تظلم. (10) وفي رأينا أنه لا يمكن للطاعن في القرار أمام القضاء الإداري أن يتمسك بالصورة الأولى من الرقابة الرئاسية ليستوفي به شرط التظلم المسبق للطعن بالقرار، بإعتبار أن هذا النوع من التظلم جزء من الوظائف الإدارية المسماة بوظيفة الرقابة التي تمارسها الإدارة وفق مقتضيات عملها وفي الوقت وبالشكلية التي تراها ملائمة لوظائفها الأخرى، دون التقيد بالمدد التي يحددها القانون للتظلم الإداري أو الجهة التي يخولها بالنظر فيه، وأنه عندما يؤخذ بالتظلم كشرط لقبول دعوى الإلغاء فلا يأخذ القضاء الإداري في الأنظمة المقارنة إلا بالتظلم الأول سواء تقدم به المتظلم الى الجهة الولائية أو الى الجهة الرئاسية (11).
3- التظلم الى لجان إدارية خاصة : قد يقدم التظلم الى لجان إدارية مختصة بالنظر في التظلمات المقدمة عن القرارات الصادرة من جهات إدارية معينة مثل اللجنة المشكلة وفق المادة / من قانون المفصولين السياسيين العراقي رقم 24 لسنة 200۵ للنظر في الطعون التي يقدمها المفصولون السياسيون المذكورون في المادة الأولى من هذا القانون على قرارات اللجنة المشكلة وفق المادة / 7منها. وكذلك الأمر بالنسبة للجنة الاعتراضات على قرارات لجنة تصنيف المقاولين المشكلة بموجب تعليمات تصنيف المقاولين العراقيين رقم 1 لسنة ،2008 ، حيث تشكل هذه اللجان عادةً من موظفين إداريين من مستوى معين وفئة معينة يتم إختيارهم على أساس القدرة والخبرة تؤهلهم للفصل في التظلمات التي تقدم اليهم، بحيث تحقق للأفراد بعض الضمانات التي لا تتوافر في الطرق الأخرى.(12) ونعد بدورنا أن تقديم التظلم الى هذا النوع من الجهة المختصة قد تحقق الغرض من شرط التظلم أكثر من غيرها من الأنواع الأخرى، وذلك نظراً لتشكيل هذه اللجان وفق معايير وخبرات معينة في المجال الذي ينظرون فيه الى التظلم و يستبعد إحتمال تمسك جهة الإدارة بقرارها المتظلم منه.
كما ويجب الإشارة الى أن هذا النوع من التظلم لابد أن يكون منظماً تشريعياً، بخلاف التظلم الولائي والرئاسي الذي يستند على القاعدة العامة في التظلم، علماً أن كليهما ينص عليهما القانون، لكن القانون في هذا النوع من التظلم يحدد كيفيته بنصوص محددة.
4- التظلم الوصائي : يمكن تقديم التظلم الى الجهة الوصائية للجهة الإدارية المصدرة للقرار و يرتبط هذا النوع من التظلم بنظام اللامركزية الإدارية، حيث تمثل حرية إتخاذ القرار من قبل الهيئات اللامركزية القاعدة والرقابة على هذه القرارات الإستثناء، ولهذا لا يمكن اللجوء الى التظلم الوصـائي دون نص تتحدد بموجبه جهة الرقابة وسبل ممارستها ومتى تم إقرار هذا النوع من التظلم قانونياً فإن حق الأفراد في اللجوء اليه يصبح قاعدة عامة ولا تستطيع الجهة الرقابية التي حددها القانون مع هذا الإقرار رفض التظلمات المقدمة لها من الأفراد (13).
فبعد ما بحثنا في أنواع التظلم الإداري من حيث الجهة التي يقدم أمامها، وبالرجوع الى القوانين المقارنة نرى أن المشرع المصري (14) قد خول المتظلم ما بين التظلم الولائي والتظلم الرئاسي وذلك من خلال نصه على أنه . وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية ..."، في حين لم يحدد المشرع العراقي (15) أي نوع من أنواع التظلم الإداري وإنما اكتفى بنصه على ... ان يتم التظلم منه لدى الجهة الادارية المختصة .... وكذلك الأمر بالنسبة لمشرع إقليم كوردستان (16) حيث إكتفى أيضاً بنصه على .... أن يتظلم صاحب الطعن لدى الجهة الإدارية المختصة، وبهذا نرى أنهما قد تركا للفقه والقضاء الإداري مهام تحديد الجهة الإدارية التي يقصدها المشرع، ويمكن تفسير نية المشرع بأنه قصد من الجهة الإدارية المختصة الجهة المصدرة للقرار، وذلك بالإستناد الى الاختصاص المانع لها في إصدار القرار الإداري، وهذا ما اتجه اليه القضاء الإداري في العراق حيث جاء في قرار له " ... فلا يجوز أن يوجه التظلم الى وزير الداخلية، إضافة الى وظيفته لغرض إلغاء هذا الأمر إنما يوجهه الى من أصدر هذا الأمر .... (17).
ثانياً / التظلم حسب إلزامية اللجوء اليه : وهو ينقسم الى نوعين هما :
1 / التظلم الإختياري : أي الجوازي وهو التظلم الذي يملك الموظف حياله حرية الإختيار في اللجوء الى الإدارة للمصالحة الودية لفض نزاع بينه وبينها قبل اللجوء للقضاء دون التزامه بالمصالحة الودية لحسم نزاعه مع الإدارة (18)، وهو الأصل العام، لكون التظلم متروكاً لتقدير ذوي الشأن ولا إكراه أو إجبار على القيام به والاستثناء أن يكون التظلم إجبارياً حيث يقدر المشرع في ظروف معينة وحالات محددة (19)
من المفيد دائماً أن يتظلم طالب الحق في الحالات الاختيارية، لأن التظلم دائماً يفيد ولا يضر، فأقل ما يفيده قطع التقادم فضلاً عن أن جهة الإدارة قد تستجيب للمتظلم فتوفر عليه متطلبات النزاع القضائي، هذا الى جوار أن التظلم الإختياري لا يمنع اللجوء الى الطريق القضائي في الوقت الذي يريد المتظلم (20)، حيث يمكن أن يتقدم صاحب الشأن بهذا التظلم ثم يرفع الدعوى في الوقت نفسه بإلغاء القرار المتظلم منه، أو أن يرفع الدعوى ثم يتقدم بالتظلم أثنائها في خلال الميعاد، لأن الإلتجاء الى أحد الطريقين لا يحول دون التجائه الى الطريق الآخر على أن تراعي مواعيد الطعن القانونية (21)، وذلك في الحالات التي لم يشترط المشرع التظلم لقبول الدعوى، كما هو الحال في قانون مجلس الدولة المصري (22)، وكذلك الأمر عند رفع دعوى التعويض بصفة مستقلة، وفق قانون مجلس شورى إقليم کوردستان.
كما ولا يشترط في التظلم الإختياري أن ينصب على قرار إداري فقط بل يمكن أن ينصب على أعمال السيادة وعلى أعمال السلطة التشريعية. (23) علماً أن التظلم الاختياري شأن التظلم الوجوبي له أثره في مجال قطع الميعاد، وليس من شأن وصف القرار الإداري بأنه نهائي الحيلولة دون التظلم منه قبل رفع الدعوى (24).
2/ التظلم الوجوبي : إستثناء من الأصل العام في التظلم وهو كونه إختيارياً فإن المشرع قد يوجب على ذي الشأن تقديم تظلمه من القرار أمام الإدارة قبل الالتجاء الى القضاء وهنا يكون التظلم وجوبياً، وعد الفقه التظلم السابق على رفع دعوى الإلغاء شرطاً من شروط قبول الدعوى إذا كان تقديمه قبل رفعها وجوبياً بنص القانون (25)، إلا أن اعتبار التظلم وجوبياً يجب أن تكون إرادة المشـــــرع واضـــــــة وصريحة في إعتباره إجبارياً، ويعد التظلم الوجوبي مجرد إستثناء وارد على الأصل العام، فالإستثناء وفق القواعد الأصولية في تفسير لا يتوسع في تفسيره ولا يقاس عليه (26)، وعليه نرى أنه يعد التظلم عند سكوت المشرع جوازياً عملاً بالأصل العام، ولا يعتد إلا بالنص الصريح للمشرع لاعتبار التظلم وجوبياً. وتكمن الحكمة من اشتراط التظلم أمام الإدارة قبل اللجوء الى القضاء إضافة الى ما سبق وأشرنا اليه، في أنه يمثل رقابة متكاملة في مضمونها ودائمة في تطبيقها، ذلك لأن التظلم لا يقتصر على فحص مشروعية العمل وإنما يمتد ليشمل ملاءمة العمل الإداري. ويخفف من أعباء الإدارة من تحضير الأوراق والمستندات التي تتطلبها الرقابة القضائية، حيث يستطيع الفرد التظلم من القرار فور صدوره. (27) ومن حيث الجهة التي يقدم اليها التظلم الوجوبي رأينا فيما سبق أن المشرع في القوانين المقارنة له مواقف مختلفة منها ما يخير المتظلم مابين التظلم الولائي والرئاسي ومنها يحدد الجهة الوصائية أو لجنة مختصة بهذا الأمر، إلا أننا نرى توسعاً أكثر في هذا الموقف عند القضاء المصري حيث إعتد المحكمة الإدارية العليا (28) بالتظلم المقدم الى مفوض الدولة أو النيابة الإدارية، أو حتى التظلم المقدم
الى جهة غير مختصة بفحص التظلم، شريطة أن يكون هذا الأخير ذا إتصال بموضوع المنازعة. أما من حيث الأثر فينقطع ميعاد إقامة الدعوى الإدارية بالتظلم الذي يقدم خلاله الى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الى الهيئات الرئاسية وذلك بشرط أن تتوافر فيه الشروط(29) التي سنبينها لاحقاً، وإذا تتابعت التظلمات فإن التظلم الذي يقطع الميعاد هو التظلم الأول فقط، حيث أقرت الهيئة العامة لمجلس شورى الإقليم بأنه " وحيث استقر قضاء مجلس الشورى على أساس ان العبرة هي بالتظلم الأول (30)، إذ ليس لذوي الشأن أن يتخذوا من تكرار التظلمات وسيلة للإسترسال في إطالة ميعاد رفع الدعوى.
وبالرجوع الى التشريعات المقارنة نرى أنه لم ينص قانون مجلس الدولة الفرنسي على التظلم الوجوبي، وإنما هناك بعض تشريعات خاصة نصت على وجوب إستنفاذ هذا الطريق قبل مراجعة القضاء ومنها المادة / 14 من قانون ( ADM-GONM) التي أوجب التظلم من القرارات الصادرة بشأن مداولات المجالس البلدية أمام المحافظ (31)، وبهذا يتبين لنا أن قانون مجلس الدولة الفرنسي أخذ بالأصل العام للتظلم اللإداري ولم يجعل من التظلم شرطاً لقبول الدعوى الإدارية، ويترك الأمر إختيارياً لذوي الشأن، إلا في الحالات المحددة في القوانين الخاصة.
أما بالنسبة للمشرع المصري فهو قريب من موقف المشرع الفرنسي، حيث لم يترك أمر التظلم الإداري في قانون مجلس الدولة، على أصله الإختياري وإنما يجعله وجوبياً ولكن في حالات محددة على سبيل الحصر حيث لا يقبل فيها الطعن مباشرة في القرارات الإدارية النهائية قبل التظلم منها لدى الجهة المصدرة للقرار أو الجهة الرئاسية لها ، وأصدر رئيس مجلس الدولة المصري القرار رقم 72 لسنة 1973 بشأن إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه، ومن الحالات التي يكون فيها التظلم وجوبياً:
1- الطلبات التي يقدمه ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات.
2- الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي.
3- الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية. (32) لذلك هناك في الفقه المصري من لا يعد التظلم شرطاً لقبول دعوى الإلغاء، لأنه ليس شرطاً لرفع الدعوى في جميع الحالات وإنما بصدد منازعات معينة حددها القانون (33)، والذي نؤيده نحن نظراً لموقف المشرع المصري المتمثل بتمسكه بالأصل العام في التظلم الإداري هو كونه اختيارياً، وجعله إجبارياً في حالات إستثنائية.
ولكن على خلاف كل من فرنسا ومصر إتجه المشرع العراقي في قانون التعديل الخامس لقانون مجلس الدولة، المرقم 17 لسنة 2013، الى جعل التظلم وجوبياً وشرطاً لقبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري(34)، أي أن المدعي إذا لم يتظلم لدى الجهة الإدارية المختصة، تكون دعوى المدعي واجبة الرد شكلا(35)، ومسألة إثبات وقوع التظلم أمر يقع على عاتق صاحب المصلحة عملاً بمبدأ (البيئة على من أدعى)، فعليه إثبات التظلم بكافة وسائل الإثبات المحددة قانوناً (36)، إلا أن المتبع عرفاً في العراق وإقليم كوردستان هو أن المتظلم قد يلجأ الى توجيه تظلمه الى الجهة المصدرة للقرار من خلال مفاتحة كاتب العدل وذلك عملاً بالفقرة / 1 من المادة / 11 والمادة / 47 من قانون كتاب العدول رقم 33 لسنة 1998 وعملاً بنص المادة / 13 و 14 من قانون المرافعات المدنية، لغرض توثيق ما يقدمه من التظلم وتنظيمه وتثبيت آثاره القانونية، تجنباً لإستنكار الإدارة من تسلمها للتظلم أو ما قد يثار من خلاف بشأن تأريخ هذا التسلم، وذلك بتوجيه تظلمه الى الإدارة من خلال تبليغ قضائي وفق ما نضمه تلك القوانين بشأن تثبيت مضمون التظلم وإجراءات تبيلغ الإدارة به. وكذلك الأمر بالنسبة للمشرع في إقليم كوردستان، حيث يجعل التظلم شرطاً لقبول الطعن في القرارات الإدارية أمام المحكمة الإدارية (37) ، ويقضي مجلس الشورى بما يأتي: " ... غير أنه لا يوجد ضمن أوراق هذه الدعوى نسخة من ذلك التظلم الأمر الذي يشكل نقصاً في أوراق الدعوى إذ أنه بالإعتماد على نسخة التظلم هذه يمكن التثبت من مدى تقديم الدعوى ضمن المواعيد المقررة قانوناً من عدمه، وحيث إن دخول المحكمة في أساس هذه الدعوى دون وجود نسخة من التظلم يعد إتجاهاً لا يتمشى مع أحكام المادة /7 ... بل كان من الواجب على المحكمة طلب نسخة من التظلم المشار اليه قبل الدخول في أساس الدعوى، لذا والحالة هذه يكون قرارها غير صحيح ومخالفا للقانون..... (38).
____________
1- د. أبوبكر أحمد عثمان النعيمي، حدود سلطات القاضي الإداري في دعوى الإلغاء، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2013 ، ص 63.
2- د. عوابدي عمار ، النظرية العامة للمنازعات الإدارية في النظام القضائي الجزائري، ج 2، نظرية الدعوى الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية بدون مكان النشر، 1998، ، ص367.
3- د. أحمد يوسف محمد علي، التظلم الإداري، في ضوء الفقه والقضاء، دار الجامعة الجديدة ، الأسكندرية، 2011 ، ص 104 وما بعدها.
4- د. عمور سلامي ، الوجيز في قانون المنازعات الإدارية جامعة الجزائر، 2009 ص83.
5- د. عبدالناصر عبدالله أبو سمهدانة و د.حسين إبراهيم خليل موسوعة الإجراءات السابقة على رفع الدعاوى الإدارية، طا، المركز القومي لإصدارات القانونية - القاهرة، 2014، ص 270.
6- د. عوابدي عمار، مصدر سابق، ص368.
7- الطعن رقم 4534 لسنة 47ق - جلسة 004/2/28 : 200 ، نقلاً عن د. عبد الناصر عبدالله أبو سمهدانة، المصدر السابق، ص 274.
8- منى محمد عبدالرزاق، الأحكام القانونية للتظلم الإداري، بحث منشور في مجلة جامعة كربلاء العلمية، المجلد السادس، العدد الثالث، 2008، ص 156.
9- المادة / 20 ... د - في حالة سحب اجازة الاستثمار من الهيئة مانحة الاجازة لاي سبب كان فللمستثمر التظلم امام رئيس الهيئة المعنية خلال (15) خمسة عشر يوما من تاريخ تسجيل التظلم لدى الهيئة ويعد عدم الرد خلال هذه المدة رفضا للتظلم. هـ - ا - للمتظلم الذي رفض تظلمه حقيقة أو حكما ان يتظلم امام رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار خلال مدة (15) خمسة عشر يوما من تاريخ تبلغه بقرار الرفض و على رئيس الهيئة البت بالتظلم خلال مدة (15) خمسة عشر يوما من تاريخ تسجيل التظلم في مكتبه و اذا تم رفض التظلم او انقضت المدة المنصوص عليها في البند (هـ) من هذه المادة من دون النظر في التظلم فله ان يطعن أمام المحاكم المختصة "
10- د. محمد الشافعي أبو الراس القضاء الإداري، عالم الكتب، القاهرة، بدون سنة النشر ، ص 84.
11- المحكمة الإدارية العليا المصري الطعن رقم 1699لسنة 2ق - جلسة جلسة 1957/12/14 نقلاً عن د.حمدي ياسين عكاشة، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات، ج 2، إجراءات الدعوى الإدارية ، مصدر سابق، ص 738 وقرار المحكمة الإتحادية العليا العراقي رقم 75/ إتحادية - تمييز / 2013 في 2013/5/6 نقلاً عن محسن حسن الجابري، مبادئ وقرارات تمييزية إدارية مختارة 2006- 2019، ج 2، دار السنهوري، بيروت، 2020، ص 777 و قرار الهيئة العامة لمجلس شورى إقليم كوردستان رقم 55/ الهيئة العامة - إدارية / 2018 في 2018/5/16 غير منشور.
12- د. علي حسين أحمد الفهداوي ، الدعوى الإدارية في القضاء الإداري العراقي ، بحث منشور على الموقع التالي :
httpjournal.nahrainlaw.orggetpdf.phpp=390
تاريخ أخر زيارة: 2019/10/10
13- د. أبوبكر أحمد عثمان النعيمي، مصدر سابق، ص 63.
14- الفقرة ب من المادة /12 من قانون مجلس الدولة المصري.
15- الفقرة سابعاً من المادة // من قانون مجلس الدولة العراقي.
16- الفقرة / أولاً من المادة /17) من قانون مجلس شورى إقليم كوردستان.
17- محكمة القضاء الإداري، قرار رقم 155/إداري - تمييز / 2014 في 2015/9/10 نقلاً عن لفته هامل العجيلي، مصدر سابق، ص21.
18- د. محمد ابراهيم خيري الوكيل، التظلم الإداري ومسلك الإدارة الإيجابي، ط1، دار الفكر الجامعي، الأسكندرية، 2008 ، ص 48.
19- د. علي عبد الفتاح محمد، الوجيز في القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الأسكندرية، 2009 ، ص 267 و د. محمود حمدي أحمد مرعي، ظاهرة بطء الفصل في الدعاوي الإدارية دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2016 ، ص53.
20- علي الدين زيدان ومحمد السيد، الموسوعة الشاملة في الشرح القضاء الإداري، ج 2، إجراءات رفع الدعوى الإدارية، مصدر سابق ، مصدر سابق، ص23.
21- محكمة القضاء الإداري المصري، الحكم رقم 261 لسنة 3ق - جلسة 1951/1/12، نقلاً عن د. علي عبد الفتاح محمد، مصدر سابق، ص 267.
22- الفقرة / ب من المادة / 12 من قانون مجلس الدول المصري.
23- حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية ديقان DUGENNE بتاريخ 1932/2/3، نقلاً عن د.طعيمة الجرف، شروط قبول الدعوى في منازعات القانون الإداري، ط 1 ، مكتبة القاهرة الحديثة القاهرة، بدون سنة النشر، ص 371 .
24- المحمكمة الإدارية العليا المصرية، الطعن رقم 382 لسنة 32 ق - جلسة 1991/3/30 نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، ج 2، الاختصاص القضائي لمحاكم مجلس الدولة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2010 ، ص1087.
25- منى محمد عبدالرزاق، الأحكام القانونية للتظلم الإداري، بحث منشور في مجلة جامعة كربلاء العلمية، المجلد السادس، العدد الثالث، 2008 ، ص 155.
26- د. علي خطار شطناوي، مسؤلية الإدارة العامة عن أعمالها القانونية، ط1، دار وائل للنشر، عمان ، 2008، ص 143.
27- د.نجيب نجيب خلف أحمد و د. محمد علي جواد كاظم ، القضاء الإداري ، جامعة المستنصرية ، بغداد، 2010 ، ص 148 وما بعدها.
28- محكمة القضاء الإداري الأحكام رقم 2523 لسنة 35 ق - جلسة ،1993/2/27، و 1464 لسنة 1ق جلسة 1966/11/26، و 604 لسنة 34ق - جلسة 1989/11/28 ، نقلاً عن د. عبد العزيز عبدالمنعم خليفة، الموسوعة الإدارية الشاملة في الدعاوي والمرافعات الإدارية، ج 1، دعوى الإلغاء والتعويض في الفقه وقضاء مجلس الدولة، مصدر سابق ، ص 357.
29- المحكمة الإدارية العليا المصرية ، الطعن رقم 2655 لسنة 30 ق - جلسة 1987/12/12 والطعن رقم 3119 لسنة 31ق-جلسة 1/7/ 1990 1991 نقلاً عن د.حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات، ج2، إجراءات الدعوى الإدارية ، مصدر سابق، ص 1085 وما بعدها.
30- الهيئة العامة لمجلس شورى الإقليم الطعن رقم 110 الهيئة العامة إدارية / 2017 جلسة 2017/9/10 غير منشور.
31- د.أبوبكر أحمد عثمان النعيمي، مصدر سابق، ص 64.
32- الفقرة ثالثاً ورابعاً وتاسعا من المادة / 10 و الفقرة / ب من المادة / 12 من قانون مجلس الدولة المصري.
33- د. أحمد يوسف محمد علي، التظلم الإداري، في ضوء الفقه والقضاء، دار الجامعة الجديدة ، الأسكندرية، 2011 ، ص 90.
34- الفقرة/ سابعاً - أ من المادة /7 .
35- محكمة قضاء الإداري العراقي، القرار رقم 8/ قضاء إداري / 2008 جلسة 2008/3/17، قرارات وفتاوی مجلس شورى الدولة لعام 2008 ، ص 523 .
36- صعب ، ناجي عبود الدليمي، الدفوع الشكلية أمام القضاء الإداري المؤسسة الحديثة للكتاب و مكتبة السنهوري، بغداد، 2010، ص 84
37- الفقرة أولاً من المادة / 17 قانون مجلس الشورى لإقليم كوردستان.
38- مجلس شورى لإقليم كوردستان قرار رقم (119 الهيئة العامة إدارية / 2018 في 2018/12/23 غير منشور.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|