أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-13
175
التاريخ: 25-09-2014
4725
التاريخ: 1/10/2022
1326
التاريخ: 9-06-2015
4640
|
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ... }[النساء / ١١٦]
مسألة : وسأل عن قوله (عزوجل): { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، ثم قال: عرفنا هل يجوز أن يغفر قتل العمد ويعفو عن الخوارج على الأئمة و إن لم يخالفوا في الأصول؟
والجواب عن ذلك: أن كل معصية لله (عزوجل) تكون كفراً ، فهي شرك في حكم الشرع والدين ، وكل كافر فهو مشرك من أسماء الدين دون أسماء اللغة. وكل مشرك فهو كافر أسماء الدين واللغة ، و إذا كان الأمر على ما ذكرناه وجب القطع على وعيد الكفار بأي ضرب من الكفر وأنواعه ، لما ذكرناه من استحقاق السمة لهم بالشرك في حكم الدين. والخوارج على أئمة العدل إذا استحلوا حربهم وعداوتهم وقتل المؤمنين من أنصارهم ، فهم كفار بذلك ، وحكمهم حكم المشركين وقد دخلوا بذلك في الوعيد من قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }
فصل
فأما قتل العمد فهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون القاتل مستحلا له.
والضرب الآخر: أن يقع على وجه التحريم.
فمن قتل مؤمناً مستحلا لدمه فهو كافر بقتله ، مستحق للوعيد لقوله : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} ، وبأمثال هذه الآية من وعيد الكفار. ومن قتل مؤمناً محرماً لقتله خائفاً من العقوبة له على ذلك ، معتقد الوجوب الندم عليه منه ، كان مستثنى بقوله : { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ، غير أنا لا نقطع على عقابه ، ولا نجزع للعفو عنه ، إلا أن يندم ويتوب ، فيكون مقطوعاً له بالعفو والغفران(1).
[انظر: سورة الأنعام ، آية 160 ، من عدة رسائل (رسالة السروية): ٢٣٠ حول عفو مرتكب الكبيرة.]
{ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ...}.[النساء / ۱۲۹]
[انظر: سورة النساء ، آية 3 ، في مسألة تعدد الزوجات ، من المقنعة : 517.]
{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ ...}[النساء / ١٤٢]
فأما من كان منهم [ الصحابة ] يظاهر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بالإيمان ، ممن يقيم معه الصلاة و يؤتي الزكاة وينفق في سبيل الله ، ويحضر الجهاد ، ويباطنه بالكفر والعدوان ، فقد نطق بذكره القرآن ، كما نطق بذكر من ظهر منه النفاق ، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ ...}(2).
[انظر: سورة التوبة ، آية ١٠١ ، في نفاق بعض الصحابة ، من كتاب الفصول المختارة : ۱۳. و سورة آل عمران: ١٤٤ ، حول نفس الموضوع ، من الإفصاح: ٥٢.]
وذكر أبو جعفر الصدوق (رحمه الله) في قوله تعالى: { يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}(3) و: { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67] و: { وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ } [آل عمران: 54] و: { اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] (4)؛ أن العبارة بذلك كله [عن جزاء الأفعال.]
[قلنا] هو كما قال ، إلا أنه لم يذكر الوجه في ذلك ، والوجه: أن العرب تسمي الشيء باسم المجازي عليه للتعلق فيما بينهما والمقارنة فيما بينهما فلما كانت الأفعال المجازي عليها مستحقة لهذه الأسماء كان الجزاء مسمى بأسمائها.
قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10] ، فسمى ما يأكلونه من الطيبات تسمية النار وجعله ناراً لأن الجزاء عليه النار (5)
{ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ ...}[النساء / ١٥٥]
[انظر: سورة القدر ، آية 1 ، من تصحيح الاعتقاد: ۱۰۲ ، حول نزول القرآن.]
{ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ...}[النساء / ١٥٩]
[انظر: سورة الأنبياء ، آية ١٠٥ ، من الإفصاح: ۱۰۱.]
{ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا ....}[النساء / ١٦٤]
[انظر: النكت الاعتقادية : ٢٠ ، في أثبات أنه تعالى متكلم ، والدليل على أنه متكلم ، قال: القرآن والإجماع(3).]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الرسالة العكبرية (الحاجية ): 132، والمصنفات 6: 83.
2- الإفصاح: 61.
3- قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} إلخ (النساء: 142) سيأتي الأصل في آية: { الله يستهزئ بهم} ونوضح أن العرف من عرب وغيرهم يتمثلون في أغلب محاوراتهم استعارة بالعمل عن أشباهه وما على شاكلته فيقولون: «نام فلان عن حقه وتحزم لحق غيرها فلا يخطر ببالهم الحزم والمنام المحسوسان ، وإنما يريدون أنه يعمل عملاً يشبه بالنائم عن حق نفسه أو المتحزم لخدمة غيره ، كما يقال لمن قعد عن طلب نصيبه أو ضيع فرصة متاحة: لقد كنت نائماً أو غائباً ، وإن كان حاضراً واعياً ، لأن عمله يشبه عمل النائم والغائب دون عمل الواعي الحاضر ، كذلك الذين يتشبثون لأهوائهم وشهواتهم بدسائس التموية والتطلية والحيل الشرعية والتزوير في التسمية كأنهم يمكرون ويخدعون الله.
ثم إن الله تعالى في إسقاطهم على عزة يشبه من يقابلهم بالمكر والخديعة في حين أنه ليس مكراً في الحقيقة ، وإنما هو تأديب بعد استدراج ، وبعد إنذار واحتجاج ، وبهذه المناسبة وصف الله بأنه خير الماكرين وخادع المنافقين.
إن الماكرين أو الخادعين لا يعملون لغاية مقدسة ولا يسبق منهم إنذار لمن في وجههم أو إعلامه لكنما الله سبحانه يعمل لغاية قدسية كالتأديب ، ويعمل بعد الإنذار والمواعيد لعلهم يحذرون ويتقون ، فهي وأشباهها بحسب الاصطلاح استعارة ، لكن الشيخين الجليلين حسباها من المجاز المرسل. ش.
4- قوله تعالى: { اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (البقرة: 16) أن بلاء الظاهرية وأعني بهم الغلاة المتمسكين بالظواهر المأثورة ليس على الدين والمسلمين بأقل من بلاء الباطنية وأعني بهم الغلاوة في التمسك ببواطن الآثار واعتبارهم ظواهر النقل العرفية قشوراً ، وما هؤلاء وأولئك سوى طرفي إفراط وتفريط في الحقيقة ، وأحرى بهم أن يعدلوا عن تطرفهم ويسلكوا مذهب التوسط والاعتدال ، فإن للقرآن والحديث ظواهر مقصودة عند التخاطب مثل: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (البقرة: 44) و{ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } إلى آخره (البقرة: 276) مجمعاً عليها بالضرورة. كما أن في القرآن والحديث ألفاظاً لا يراد منها معانيها اللغوية الأصلية المبذولة ، وإنما قصد منها معان عرفية يتقبلها غرف التخاطب على سبيل التجوز والتشبيه كآية: { يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} (البقرة: 20) أو حديث: " الحجر الأسود يمين الله في أرضه" فلا ترى العقلاء إلا مجتمعين على صرف هذه الألفاظ عن مفاهيمها اللغوية الأصلية إلى معان ثمثيلية رائجة الاستعمال في محاورات العرف من كل أمة ، فتجد العرف يقولون " فلان نام عن ميراث أبيه وتحزم لمنازعة السلطان" أي عمل شبيه عمل النائم أو شبيه المتحزم دون أن يقصد النوم الأصلي أو الحزام الحقيقي ، قال الشاعر:
لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى
وليس المشيب في الحقيقة إنسانا يضحك ، لكنه يعمل بالرجل شبه عمل الضاحك المستهزئ ، وكذلك الله سبحانه يعمل بالظالمين عملا يخيل للناظر البسيط غير المتعمق أنه عمل المستهزئ بهم ، لأنه سبحانه يوسع عليهم ابتداء و يملي لهم ويمدهم في طغيانهم حتى إذا استمر طغيانهم وضاق الذرع بهم وبظلمهم أخذهم أخذ عزيز مقتدر على حين غفلة وبدون مهلة ، فيخال البسطاء أنه سبحانه يستهزئ بهم أو يمكر في إذلالهم بعد الإعزاز وإسقاطهم بعد الإسعاد والإمداد ، لكن الخواص من ذوي الألباب يعلمون أن إمهالهم بادئ بدء استدراج وإتمام حجة ، ثم التنكيل بهم "أديب لهم وللبقية ، ويشهد على هذا قوله بعدئذ: «ويمدهم في طغيانهم..." إلخ. ش.
5- تصحيح الاعتقاد: 19، والمصنفات 5: 35.
6- نزول القرآن دليل على تكلم الله ، علاوة على آيات فيه دلت على كلام الله مع انبياءه ، أما الإجماع فقد قام على نسبة الكلام إلى الله من جميع طوائف المسلمين ، بل ومن جمهور المتدينين.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|