أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-1-2023
1237
التاريخ: 18-10-2015
4833
التاريخ: 2024-08-23
297
التاريخ: 26-09-2014
4784
|
مسألة . وسأل فقال: إن قال المخالف: أوجدونا النص على علي(عليه السلام) في القرآن ، وأن النص أوجب من الاختيار بدليل عقل وشرع وبطلان الخبر المروي في الاستخلاف على الصلاة ، وأنه لو صح لم يجز خلافه به.
والجواب ، وبالله التوفيق: هذه ثلاث مسائل متباينات في المعاني والألفاظ ، وقد أمليت في كل واحدة منها كلاماً محفوظاً عند أصحابنا ، وأوضحت فيها ما يحتاج إليه المسترشد من البيان. وأنا أرسم في كل واحدة منها جملة من القول ، كافية في هذا المكان ، إن شاء الله.
فصل
أما قوله: أوجدونا النص على أمير المؤمنين(عليه السلام) في القرآن ، فإنا نقول: إن ذلك ثابت في مجمله دون التفصيل منه والظاهر الذي يخرج عن الاحتمال.
ولوكان ظاهراً في القرآن على التفصيل والبيان ، لما وقع فيه تنازع واختلاف.
وليس وجوده في المحتمل من الكلام بمانع من قيام الحجة به على الأنام ، كما كان النص على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بالنبوة والبشارة به في مجمل كلام الله سبحانه من التوراة والإنجيل ، ولم يكن ذلك مانعاً من قيام الحجة به على الأنام ، وكما ثبت عند المخالف لنا إمامة أئمته ، و إن لم يكن عليها نص جلي من القرآن ، وثبت أنهم بالجنة على قوله بالنص عن النبي(صلى الله عليه واله وسلم) وإن لم يكن ذلك موجوداً في نصوص القرآن ، وكما ثبت (النص) على النصاب في المال الذي فيه الزكاة وصفة الصلاة وكيفيتها ، وصفة الصيام ومناسك الحج ، و إن لم يكن ذلك كله منصوصاً في القرآن ، وثبتت معجزات النبي(صلى الله عليه واله وسلم) وقامت حجتها على الخلق ، وإن لم تكن منصوصة في ظاهر القرآن. فكذلك ثبتت إمامة أمير المؤمنين بالنص من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وإن لم يكن ذلك مودعاً في صريح القرآن.
فصل
فمن المواضع التي ثبت فيها النص على إمامة أمير المؤمنين(عليه السلام) من مجمل القرآن قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}.
ففرض طاعة أولياء الأمر كفرض طاعة نفسه ونبيه. وأمير المؤمنين(عليه السلام) من أولياء الأمر بغير إشكال إذ كان للناس في معنى هذه الآية أقوال:
أحدها: أن أولياء الأمر العلماء.
الثاني: هم أمراء السرايا.
الثالث: أنهم الأئمة للأنام.
وقد حصل لأمير المؤمنين(عليه السلام) جميع هذه الأوصاف ، فكان من جملة العلماء باتفاق ، وكان من وجوه أمراء السرايا للنبي(صلى الله عليه واله وسلم) بغير اختلاف ، وكانت له الإمامة بعده في حال على الإجماع في ذلك وعدم التنازع فيه بين جمهور العلماء ، فوجب أن يكون معيناً بالآية على ما بيناه. وإذا كانت الآية مفيدة بفرض طاعته على حسب إفادتها طاعة النبي(صلى الله عليه واله وسلم) ، ثبت ذلك إمامته في تنزيل القرآن.
فصل
ومن ذلك قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119].
وقد ثبت أن المنادي به غير المنادي إليه ، وأن المأمور بالاتباع غير المدعو إلى اتباعه. فدل ذلك على أن المأمورين باتباع الصادقين ليسوا هم الأمة بأجمعها ، وإنما هم طوائف منها ، وأن المأمور باتباعه غير المأمور بالاتباع ، ولا بد من تمييز الفريقين بالنص ، وإلا وقع الالتباس وكان فيه تكليف ما لا يطاق. فلما بحثنا عن المأمور باتباعه ، وجدنا القرآن دالاً عليه بقوله تعالى:
{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177].
فذكر سبحانه خصالاً تقتضي لصاحبها بمجموعها التصديق والصدق ، ودل على أنه عنى بالصادقين الذين أمروا باتباعهم من جمع الخلال التي عددناها دون غيره.
وصحّ بذلك التمييز بين المأمور بالاتباع والمدعو إلى اتباعه ، ولم نجد أحداً كملت له هذه الخصال المذكورة في القرآن من أصحاب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) سوى أمير المؤمنين (عليه السلام) بتواتر الأخبار ودلائل معاني القرآن.
ألا ترى ، أنه أعظم من آمن بالله واليوم الآخر ، وأجلهم وأرفعهم قدراً ، إذ كان أولهم إيماناً وكان مشهوداً له بالإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين ، وكان(عليه السلام) ممن أتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وفي الرقاب. وقد شهد بذلك له القرآن في قوله تعالى: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8].وكان هو المعنى بذلك في هذه الآية على اتفاق العلماء بتأويل القرآن.
وكان(عليه السلام) ممن أقام الصلاة و آتى الزكاة. وقد نطق القرآن بذلك فيه على الخصوص والإفراد حيث يقول سبحانه: { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}.
فكانت هذه الآية على ما جاء به الثبت في تفسير القرآن ، وطابق اللفظ باللفظ في الآيتين معاً على البيان ، وكان من الموفين لله بالعهد ، إذ لم يول الدبر في الحرب قط ولا انهزم في مقام من مقامات عن الأعداء ، ولا عصى ن الله تعالى في شيء ولا فرط في عهد له عليه وعقد على حال.
وكان (صلى الله عليه واله وسلم) من الصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ، بظاهر شجاعته(عليه السلام) وثبوته في كل هول ، من غير جزع ولا خور له معروف على حال ، وليس يمكن القطع باجتماع هذه الخلال لأحد سواه من الصحابة وغيرهم من الناس.
فثبت أنه هو الذي عناه الله تعالى بقوله: { وكونوا مع الصادقين} وهذا نص على فرض اتباعه والطاعة له والإيمان به في الدين من معنى المنزل في القرآن.
فصل
ومن ذلك قوله تعالى: { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلواة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}. فواجه الله سبحانه بالنداء جماعة أضافهم إلى غيرهم بالولاء ، وجعل علامة المنادي إليه إيتاؤه الزكاة في حال الركوع بقوله سبحانه: {ويؤتون الزكاة وهم راكعون}.
ولا خلاف عند أهل اللغة ، أن قول القائل: جاءني زيد راكباً ، وجاءني زيد في حال ركوبه ، ورأيت عمراً قائماً ، ورأيت عمراً وهو قائم ، ورأيته في حال قيامه ، كل واحد من هذه الألفاظ يقوم مقام صاحبه ويفيد مفاده. وإذا ثبت أن الولاء في هذه الآية واجب لمن أتى الزكاة في حال ركوعه ، ولم يدع أحد من أهل القبلة لأحد أنه أتى الزكاة في حال رکوعه ، سوى أمير المؤمنين(عليه السلام) وجب أنه المعني بقوله { والذين آمنوا}].
وإذا ثبت ولايته حسب ولاية الله ورسوله(صلى الله عليه واله وسلم) ، وجبت له بذلك الإمامة ، إذ كانت ولاية الله ورسوله(صلى الله عليه واله وسلم) للخلق إنما هي فرض الطاعة التي تجب للرعية.
وهذا كاف في معنى الآية عن إطالة خطب ينتشر به الكلام.
فصل
مع أن الولاية في اللغة ، و إن كانت تكون بمعنى المودة ، فإنها في هذا الموضع غير متوجهة إلا إلى معنى فرض الطاعة ، لأن قوله تعالى: {إنما وليكم الله} جار مجرى قوله: لا ولي لكم إلا الله ، ومحال أن يقصد بالولاية هاهنا المحبة والمودة.
ولأنه قد أخبر في آية أخرى ، أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض ، فدل على أن الولاية في هذه الآية خاصة لأمير المؤمنين(عليه السلام) بمعنى يزيد على المودة ، ولا وجه لما زاد على معنى المودة إلا ما ذكرناه من فرض الطاعة ، المقتضى لصاحبه من الخلق التقدم بالامامة على من عداه من الأنام. وفي هذا القدر مع إيجازه غناء عما سواه ، والإبانة عما ذكرناه من تضمن الآية النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإمامة حسب ما قدمناه.
فصل
بمثله وقد اشتبه على ضعفة من مخالفينا ، اختصاص أمير المؤمنين بالولاية المذكورة في القرآن ، لظاهر لفظ العموم في قوله: { والذين آمنوا} ، فأنكروا لذلك أن يكون المعني بها أمير المؤمنين ، وهو واحد ، وهذا بعد منهم عن اللغة؛ إذ كانت قد أتت في مواضع كثيرة من القرآن كقوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9] ، وهو لفظ عموم اختص بالبارئ وحده تعالى.
وكذلك قوله: { إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [نوح: 1] ، وقوله(عزوجل): { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] ، وقوله: { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } [الغاشية: 25 ، 26] ، وقوله (عزوجل): { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51] ، والمخاطب به رسول واحد. وقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1].
فواجه تعالى بلفظ التوحيد ، ثم أتبع الكلام بلفظ الجمع. وقال المفسرون في قوله تعالى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] ، أن الناس هاهنا واحد ، وقوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] ، نزلت في واحد بعينه نادى النبي(صلى الله عليه واله وسلم) فقال: يا محمد إن مدحي زين ، وإن شتمي شين.
وقد جنى مخالفونا في هذا الباب على أنفسهم جناية واضحة ، وذلك قولهم إن المعني بقوله: { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33] نزلت في واحد بعينه وهو أبوبكر بن أبي قحافة ، على قولهم ، فكيف جاز أن يعبر عن أبي بكر بلفظ الجمع وفسد أن يعبر عن أمير المؤمنين بذلك لولا الخزي والخذلان؟ نعوذ بالله من عدم التوفيق!
فصل
وأما مسألتهم: من أين صار النص أولى من الاختيار؟
فالجواب: أنه كان كذلك ، لأن من شرط الإمام أنه الأفضل عند الله والأعلم الأشجع الأصلح ، وذلك. لا يعلم المستحق له على التعيين بالعقل ولا بالحدس ، فثبت أنه لا طريق إليه إلا بالنص من العالم بالسرائر ، والتوقيف منه عليه.
وأيضاً ، فإن الإمام يجب أن يكون معصوماً كعصمة النبي(صلى الله عليه واله وسلم) ، ولا طريق إلى العلم بالعصمة إلا من جهة النص من صادق عن الله ، أو علم معجز خارق للعادات.
وأيضاً ، فإن الاختيار طريقة ، السمع دون العقول. وليس في الشرع فرض الاختيار ولا إباحته ، فبطلت الدعوى له في الإمامة ، و في بطلانها ثبوت النص والتوقيف(1).
{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ...}[النساء / 65]
فنفى عمن كفر بنبي الله (صلى الله عليه واله وسلم) الإيمان ، ولم يثبت له مع الشك فيه المعرفة بالله
على حال (2).
[انظر: سورة الجن ، آية 13 ، في حد الإيمان ، من تصحيح الاعتقاد ، و سورة الأنعام ، آية ١٢١ ، في حكم ذبيحة أهل الكتاب ، من رسالة في ذبائح أهل الكتاب.]
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا ... أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ ... }[النساء/۷۷- ۷۸]
[انظر: سورة آل عمران ، آية ١٤٤ ، من الإفصاح: ٥٢.]
{ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ...}[النساء / ۸۰]
[انظر: سورة البقرة ، آية 183 ، حول أنواع الصيام من المقنعة : 363.]
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا ...}[النساء / ۹۲]
وإذا اشترك اثنان في رمي غرض فأصابا مسلماً خطأ ، كانت الدية على عا قلتهما جميعاً نصفين. وعلى كل واحد منهما الكفارة على الكمال. وهي عتق رقبة ، { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} - كما ذكره الله (عزوجل)- فمن لم يستطع الصيام تصدق على ستين مسكيناً ، لكل مسكين بمد من طعام بما ثبت من السنة عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)(3).
[انظر: سورة البقرة: 183 ، من المقنعة /363.]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تصحيح الاعتقاد: ۹۸.
٢- المقنعة: ٧٤٥ .
3- الرسالة العكبرية (الحاجبية ): ١٠٩ ، والمصنفات ٦: ٤٥.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|