المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



ملامح عصر الإمام زين العابدين ( عليه السّلام )  
  
1620   03:50 مساءً   التاريخ: 11/10/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، ص105-107
القسم :


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016 3305
التاريخ: 10-04-2015 3401
التاريخ: 11-4-2016 3506
التاريخ: 11-4-2016 3384

تبيّن بوضوح من خلال البحوث السابقة أنّ الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) قد عاش أقسى فترة من الفترات التي مرّت على القادة من أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، لأنّه عاصر قمّة الانحراف الذي بدأ بعد وفاة الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه واله ) .

وذلك أنّ الانحراف في زمن الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) قد أخذ شكلا صريحا ، لا على مستوى المضمون فقط بل على مستوى الشعارات المطروحة أيضا من قبل الحكّام في مجال العمل والتنفيذ ، وانكشف واقع الحكّام لدى الجماهير المسلمة بعد مقتل الإمام الحسين ( عليه السّلام ) ولم يبق ما يستر عورة حكمهم أمام الامّة التي خبرت واقعهم وحقيقتهم المزرية .

وقد عاصر الإمام ( عليه السّلام ) كلّ المحن والبلايا التي وقعت أيّام جدّه أمير المؤمنين عليّ ( عليه السّلام ) ، إذ ولد قبل استشهاد الإمام عليّ ( عليه السّلام ) وتفتحت عيناه وجدّه ( عليه السّلام ) في محنته في خط الجهاد مع الناكثين والقاسطين والمارقين ، ومن ثمّ عاش مع عمّه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) في محنته مع معاوية وعمّاله وعملائه ، ومع أبيه الحسين ( عليه السّلام ) وهو في محنته الفاجعة إلى أن استقلّ بالمحنة وجها لوجه ، وقد وصلت به المحنة ذروتها عندما رأى جيوش بني اميّة تدخل مسجد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في المدينة وتربط خيولها في المسجد ، هذا المسجد الذي كان منطلقا للرسالة وأفكارها إلى العالم أجمع ، وقد أصاب هذا المسجد في عهد الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) كثير من الذلّ والهوان على يد الجيش الأموي الذي أباح المدينة والمسجد معا ، وهتك حرمات النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) فيهما جميعا .

وكان القتل هو أبسط الوسائل التي استعملت في ذلك العصر مع المعارضين ، إذ كان التمثيل الانتقامي والصلب على الأشجار وتقطيع الأيدي والأرجل وألوان العقاب البدني لغة الحديث اليومي .

وانغمس الأمويون في الترف ، وقد ذكر المؤرّخون نوادر كثيرة من ترفهم وتلاعبهم باقتصاد الامّة وثرواتها[1]، حتى بالغوا في هباتهم للشعراء وأجزلوا العطاء للمغنّين[2] ، وسادت حياة اللهو والعبث والمجون في كثير من أنحاء العالم الإسلامي وخصوصا في مكّة والمدينة ، وعمدت السلطات الأموية إلى إشاعة ذلك فيهما لإسقاط هيبتهما من نفوس المسلمين .

لقد شاع الغناء في مدينة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) بشكل يندى له جبين الإنسان المؤمن باللّه وبرسوله ، حتى صارت مركزا له .

قال أبو الفرج : إنّ الغناء في المدينة لا ينكره عالمهم ، ولا يدفعه عابدهم[3].

وقال أبو يوسف لبعض أهالي المدينة : ما أعجب أمركم يا أهل المدينة في هذه الأغاني ! ما منكم شريف ولا دنيء يتحاشى عنها[4]! ! .

وكان العقيق إذا سال وأخذ المغنّون يلقون أغانيهم لم تبق في المدينة مخبّأة ولا شابة ولا شابّ ولا كهل إلّا خرج ببصره ليسمع الغناء[5].

نعم غدت المدينة في ذلك العصر مركزا من مراكز الغناء في الحاضرة الإسلامية وأصبحت معهدا متميزا لتعليم الجواري الغناء[6]. بينما كانت الشريعة الإسلامية قد حاربت اللهو والمجنون ودعت الإنسان المسلم إلى حياة الجدّ والاجتهاد والكدح من أجل إعمار حياته الدنيا وحياته الأخرى بالصالحات واستباق الخيرات وتسلّق قمم الكمال والحرص على أثمن لحظات عمره في هذه الحياة وصيانتها من الضياع والخسران .

أمّا الحياة العلمية في عصر الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) فقد كانت مشلولة بما حوته هذه الكلمة من معنى ، إذ كان الخط السياسي الذي سارت عليه الدولة الأموية منذ تأسيسها يرتكز على مجافاة العلم ، وإقصاء الوعي والثقافة من حياة المسلمين ، وجرّهم إلى منحدر سحيق من الجهل ؛ لأنّ بلورة الوعي العام وإشاعة العلم بين المسلمين كان يهدّد مصالحهم ودوام ملكهم القائم على استغلال الجهل والغفلة التي روّج لها من تقمّص الخلافة بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) .

أمّا الطابع الخاصّ للحياة الأدبية فتعرفه ممّا جرى على لسان شعراء ذلك العصر ، فهو لم يمثّل أيّ مشكلة اجتماعية من مشاكل ذلك العصر على كثرتها ، كما أنّه لم يمثّل أيّ جدّ في الحياة العقلية والأدبية ، وإنّما كان شعرا قبليّا يحكي فيه كلّ شاعر ما امتازت به قبيلته من كرم الضيافة ووفرة المال والعدد ، كما غدا الأدب سوقا للهجاء المرّ والتنابز بالألقاب[7].

 

[1] حياة الإمام زين العابدين دراسة وتحليل : 665 .

[2] الأغاني : 1 / 55 ، 4 / 400 ، 5 / 111 .

[3] الأغاني : 8 / 224 .

[4] العقد الفريد : 3 / 233 .

[5] العقد الفريد : 3 / 245 .

[6] راجع : الأغاني : 2 / 226 ، 3 / 307 ، 4 / 222 ، 6 / 21 ، 7 / 316 ، و 332 ، 8 / 227 ، 10 / 57 . والشعر والغناء في المدينة ومكة : 250 .

[7] حياة الإمام زين العابدين ، دراسة وتحليل : 672 - 673 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.