أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016
3305
التاريخ: 10-04-2015
3401
التاريخ: 11-4-2016
3506
التاريخ: 11-4-2016
3384
|
تبيّن بوضوح من خلال البحوث السابقة أنّ الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) قد عاش أقسى فترة من الفترات التي مرّت على القادة من أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، لأنّه عاصر قمّة الانحراف الذي بدأ بعد وفاة الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه واله ) .
وذلك أنّ الانحراف في زمن الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) قد أخذ شكلا صريحا ، لا على مستوى المضمون فقط بل على مستوى الشعارات المطروحة أيضا من قبل الحكّام في مجال العمل والتنفيذ ، وانكشف واقع الحكّام لدى الجماهير المسلمة بعد مقتل الإمام الحسين ( عليه السّلام ) ولم يبق ما يستر عورة حكمهم أمام الامّة التي خبرت واقعهم وحقيقتهم المزرية .
وقد عاصر الإمام ( عليه السّلام ) كلّ المحن والبلايا التي وقعت أيّام جدّه أمير المؤمنين عليّ ( عليه السّلام ) ، إذ ولد قبل استشهاد الإمام عليّ ( عليه السّلام ) وتفتحت عيناه وجدّه ( عليه السّلام ) في محنته في خط الجهاد مع الناكثين والقاسطين والمارقين ، ومن ثمّ عاش مع عمّه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) في محنته مع معاوية وعمّاله وعملائه ، ومع أبيه الحسين ( عليه السّلام ) وهو في محنته الفاجعة إلى أن استقلّ بالمحنة وجها لوجه ، وقد وصلت به المحنة ذروتها عندما رأى جيوش بني اميّة تدخل مسجد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في المدينة وتربط خيولها في المسجد ، هذا المسجد الذي كان منطلقا للرسالة وأفكارها إلى العالم أجمع ، وقد أصاب هذا المسجد في عهد الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) كثير من الذلّ والهوان على يد الجيش الأموي الذي أباح المدينة والمسجد معا ، وهتك حرمات النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) فيهما جميعا .
وكان القتل هو أبسط الوسائل التي استعملت في ذلك العصر مع المعارضين ، إذ كان التمثيل الانتقامي والصلب على الأشجار وتقطيع الأيدي والأرجل وألوان العقاب البدني لغة الحديث اليومي .
وانغمس الأمويون في الترف ، وقد ذكر المؤرّخون نوادر كثيرة من ترفهم وتلاعبهم باقتصاد الامّة وثرواتها[1]، حتى بالغوا في هباتهم للشعراء وأجزلوا العطاء للمغنّين[2] ، وسادت حياة اللهو والعبث والمجون في كثير من أنحاء العالم الإسلامي وخصوصا في مكّة والمدينة ، وعمدت السلطات الأموية إلى إشاعة ذلك فيهما لإسقاط هيبتهما من نفوس المسلمين .
لقد شاع الغناء في مدينة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) بشكل يندى له جبين الإنسان المؤمن باللّه وبرسوله ، حتى صارت مركزا له .
قال أبو الفرج : إنّ الغناء في المدينة لا ينكره عالمهم ، ولا يدفعه عابدهم[3].
وقال أبو يوسف لبعض أهالي المدينة : ما أعجب أمركم يا أهل المدينة في هذه الأغاني ! ما منكم شريف ولا دنيء يتحاشى عنها[4]! ! .
وكان العقيق إذا سال وأخذ المغنّون يلقون أغانيهم لم تبق في المدينة مخبّأة ولا شابة ولا شابّ ولا كهل إلّا خرج ببصره ليسمع الغناء[5].
نعم غدت المدينة في ذلك العصر مركزا من مراكز الغناء في الحاضرة الإسلامية وأصبحت معهدا متميزا لتعليم الجواري الغناء[6]. بينما كانت الشريعة الإسلامية قد حاربت اللهو والمجنون ودعت الإنسان المسلم إلى حياة الجدّ والاجتهاد والكدح من أجل إعمار حياته الدنيا وحياته الأخرى بالصالحات واستباق الخيرات وتسلّق قمم الكمال والحرص على أثمن لحظات عمره في هذه الحياة وصيانتها من الضياع والخسران .
أمّا الحياة العلمية في عصر الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) فقد كانت مشلولة بما حوته هذه الكلمة من معنى ، إذ كان الخط السياسي الذي سارت عليه الدولة الأموية منذ تأسيسها يرتكز على مجافاة العلم ، وإقصاء الوعي والثقافة من حياة المسلمين ، وجرّهم إلى منحدر سحيق من الجهل ؛ لأنّ بلورة الوعي العام وإشاعة العلم بين المسلمين كان يهدّد مصالحهم ودوام ملكهم القائم على استغلال الجهل والغفلة التي روّج لها من تقمّص الخلافة بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) .
أمّا الطابع الخاصّ للحياة الأدبية فتعرفه ممّا جرى على لسان شعراء ذلك العصر ، فهو لم يمثّل أيّ مشكلة اجتماعية من مشاكل ذلك العصر على كثرتها ، كما أنّه لم يمثّل أيّ جدّ في الحياة العقلية والأدبية ، وإنّما كان شعرا قبليّا يحكي فيه كلّ شاعر ما امتازت به قبيلته من كرم الضيافة ووفرة المال والعدد ، كما غدا الأدب سوقا للهجاء المرّ والتنابز بالألقاب[7].
[1] حياة الإمام زين العابدين دراسة وتحليل : 665 .
[2] الأغاني : 1 / 55 ، 4 / 400 ، 5 / 111 .
[3] الأغاني : 8 / 224 .
[4] العقد الفريد : 3 / 233 .
[5] العقد الفريد : 3 / 245 .
[6] راجع : الأغاني : 2 / 226 ، 3 / 307 ، 4 / 222 ، 6 / 21 ، 7 / 316 ، و 332 ، 8 / 227 ، 10 / 57 . والشعر والغناء في المدينة ومكة : 250 .
[7] حياة الإمام زين العابدين ، دراسة وتحليل : 672 - 673 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|