الديمقراطيات وتطور العلاقات العامة

أن العلاقات العامة تتوفر بدرجات متفاوتة في جميع دول العالم وكافة الأنظمة الاجتماعية والسياسية. إن هذا الافتراض لا يفسر سبب ظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقائد لدول العالم في مجال سن تنظيم قوانين العلاقات العامة، ويرجع أحد الأسباب في ذلك إلى أنها بيئة اتصال مفتوحة ملتزمة بإتباع النظم والمبادئ الديمقراطية. إن هذا الإرث الأمريكي في ميادين الإعلام الحر والمتاجرة العالمية بالأفكار قد أثبت جدارته في النهضة الصناعية عن طريق المنظمات والمؤتمرات والخبرات ذات الصلة منذ بداية القرن العشرين. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، فإن النمو في مجال العلاقات العامة قد تزامن مع هيكلة المؤسسات مثل شركات العلاقات العامة التي استطاعت تعريف عملها وتقدر وتحترم المجتمع. وبالمقابل، فإن العديد من دول العالم لا تملك مؤسسات كهذه لتعريف عملها ومهامها وواجباتها.

إن غالبية الأصوات والكيانات المشاركة في حوار تعريف وممارسة العلاقات العامة تنحصر في الدول ذات الحكومات المركزية. وقد أشار بعض الباحثين أن الحكومات الاستبدادية تحتقر الآراء الغربية حول العلاقات العامة عن طريق تشديد الرقابة على وسائل الإعلام وإخماد الحوارات مع الجمهور المستهدف. وفي هذه الدول، تكون الحكومات هي الصوت البارز وترتبط بشكل وثيق مع وسائل الدعاية أكثر من العلاقات العامة.

وأشار العديد من الباحثين إلى وجود ارتباط تاريخي بين العلاقات العامة والدعاية. ولا تزال هذه الصلة حديثة العهد في تشيلي وأجزاء من أفريقيا ودول آسيوية تضم الصين والفلبين ودول أوروبا الشرقية مثل بولندا وسلوفينيا ورومانيا وروسيا. وفي هذه الدول، لا يعتبر مفهوم العلاقات العامة منفصلا عن مفهوم الدعاية.

إن إصلاح وسائل الاتصال لا يشكل انتقاصا من قدر الدعاية في ظل عالم مقبول من العلاقات العامة التقليدية، ولكن الاصلاح يسير بشكل بطيء. ففي روسيا، فقد ارتبطت الدعاية بحكم الأقلية حتى تم افتتاح أول محلات سلسلة المطاعم الشهيرة ماكونالدز في البلاد في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين. في ذلك الوقت، كانت الحكومة تتحرر ببطيء من سلطتها لأفساح المجال أمام الخصخصة. ويمكن القول بان هذه النقلة قد أوجدت حاجة إلى خلق وإعادة تعريف العلاقات العامة. ولم يعد هناك تركيز على أن وسائل الاتصال التي تتحكم فيها الحكومة والرسائل ذات الاتجاه الواحد التي كانت تصل إلى جماهير لا حول لها ولا قوة. وأصبح من الممكن استخدامها بطرق جديدة من قبل المنظمات الخاصة. وبناء عليه، فقد تغير تعريف العلاقات العامة بسبب التحول الذي حدث في روسيا، مما جعله أكثر تنوعا وانفتاحا ومرونة أكثر من أي وقت مضى.