المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مظاهر وظواهر الحرية في الأفراد  
  
1555   07:47 صباحاً   التاريخ: 4-7-2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : حدود الحرية في التربية
الجزء والصفحة : ص31ـ 37
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

الحرية حاجة ذاتية امتدت جذورها إلى أعماق الإنسان واستطالت خارجة أيضاً، عندما يكون هناك ماء في (جرّة) وترشحت الرطوبة على جدرانها الخارجية فان الناظر سيعلم أن فيها ماء ولكن الترشح قليل جداً بالنسبة إلى محتواها، ونعني من هذا المثال أن ما في داخلنا من مادة الحريات كثير جداً نظراً لما يترشح منها إلى الخارج، وان سبب عدم ظهورها يعود إلى وجود الموانع الصغيرة والكبيرة التي تحول دون بروزها كالخوف والشعور بالخطر والتهديد والمحذورات...الخ.

ومع جميع ذلك نشاهد بعض الأفراد وخصوصاً الثوريين قد خصّصوا الكثير جداً من أجل الحرية وتجاوزوا مراحل متقدمة في هذا المضمار(1)، وكلما كانت الفطرة أكثر يقظة كلما اتسع نطاق طلب الحرية، ولو تأملت بطفل ستجده مستسلماً في الظاهر ولكن الحقيقة أنه يبحث عن الحرية بتمام وجوده وسعيه ولكن ماذا يفعل وقد قصرت عن تحقيقها قدرته.

السعي في طريق الحرية

الطفل باحث عن الحرية بتمام وجوده ومصرّ على تحقيقها، فلو تفحصت في حياته ستجده كيف يمنح نفسه الحرية فهو يمدّ يده إلى كل شيء وفي جميع الاتجاهات ويضع في فمه ما يشاء(2).

الطير يتنقل بالسماء حيث يشاء وفق مقتضيات غرائزه ويقف فوق كل حبه وينقر كل شيء، لو وضعته في غرفة فيها حبّ وماء وأغلقت عليه بابها ونوافذها ستجده لا يفكر بعطشه وجوعه وإنما تشغل فكره الحرية والهروب من الغرفة، فهو يلقي بنفسه الى كل نور ومنفذ ويضرب بنفسه بالزجاج والشبابيك ويطير بسرعة واستمرار حتى يفقد قواه، ثم يعيد الكرة بعد استردادها حتى وكأنه وافق على الموت مقابل الخلاص.

ظواهر الحرية في الإنسان

طلب الحرية عند الانسان أقوى من الطير وهو أكثر فعالية وحساسية بطلبها إلا أن عقله يمنعه من هدر طاقته بلا مورد (كضرب الطير بنفسه هنا وهناك)، فهو يسعى بفكره وعقله وأحياناً بأسلوب المكر والخديعة ليفاجئ عوامل المنع ويفتح الأبواب لنفسه ويحررها من الحبس.

ظواهر طلب الحرية أوسع وأكبر من هذا الحد ونشير إلى بعض الموارد مع مراعاة الاختصار، قبل ذلك نؤكد أن مركز طلب الحرية هو ذات الإنسان والحرية نفسها منتشرة في جميع وجوده وكيانه.

1ـ في أبعاد الوجود: نرى حرية الفرد منتشرة في هذه الأبعاد مثلاً:

- في بعد الجسم والبيئة: ومظهرها جلي في الحركة والتنقل والتكاثر والأعمال الغريزية والاهتمام بالطهارة الخارجية والسلامة والمرض والتكامل والنقص.

- في بعد الذهن: كمظاهر الحرية في إطار التفكر، التعقل، حفظ المباحث، الدقة، التخيل والتصور، حب الاطلاع، البحث عن العلة، الاستدلال.

- في بعد العاطفة: ظاهرة في الخوف والتهديد والحب والبغض والسخط والعشق والحقد والعجب والانتقام.

- في بعد الروح: ونلاحظها في طلب الاستقلال والحقيقة والدعاء وطلب الحاجة والدفاع وطلب الكمال والإدارة وحل المسائل والمصاعب والمنازعات الباطنية والظاهرية وفي رفع المجادلات أو الاستسلام لها ونجمع كل مما ذكرناه في حديث للإمام الصادق (عليه السلام): عن ابي بصير قال: سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول: (إن الحر حر على جميع أحواله، إن نابته نائبة صبر لها، وإن تداركت عليه المصائب لم تكسره، وإن اسر وقهر واستبدل باليسر عسراً كما كان يوسف الصديق الأمين ـ عليه السلام ـ، لم يضرر حريته أن استعبد وقهر واسر، ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وما ناله ان منَّ الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبداً بعد إذ كان له مالكاً)(3).

2ـ في الجانب الاجتماعي: يمكن ملاحظة ظواهر الحرية في أبعاد المجتمع الظاهرية والباطنية مثال ذلك:

- تشكيل العائلة وانتخاب الزوجة كشريكة لحياته وأحياناً تكون نده في الجدال والخصام والتكاثر والتربية و....الخ(4).

- الأخلاق: تشخيص الأعمال ومراعاة الحسن والرديء وانتخاب الجميل والقبيح وفي الواجبات والمحرمات.

- في جانب الرقابة التي تتأطر بقالب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجميع أبعاده وجوانبه.

- في مسألة ارتكاب الجريمة والاستسلام إلى الذنب نرى افراداً أحياناً يستسلمون الى الذنب وبكل وقاحة وإصرار.

- في القضاء والحكم: نشاهد البعض يحكم ببطلان أو أحقية مذهباً معيناً وفقاً لفهمه واستنتاجه.

- في الثواب والعقاب وهنا تكون الأيادي مطلقة العنان ونرى البعض يثيب ويقتص.

- في انتخاب الصديق، الجميع أحرار في عقد مواثيق الصداقة مع أي كان.

٣- في الجانب الثقافي(5): وهنا أيضاً تشاهد حرية الأفراد، من جملتها:

- في طلب العلم والمعرفة والتخصّص.

- في السلوك: للفرد حق في التفكير والتفكّر فهو حر ولا مانع يحول دونه.

- في تقبل التربية والهداية: فهو يشعر بحريته مع وجود إصرار من والديه ومربيه فهو يستقبل تربية خاصة أو يطرد تلك التربية.

- في فلسفة الحياة يشعر الفرد بحرية تامة في هذا المجال ويمكنه انتخاب الجيد منها أو المنحرف.

- في اختيار نوع الأدبيات كالأمثال والحكم والكتابات والاستعارات.

- في الأدب والتقاليد كالشعائر والمناسك واحترام السنن أو عدم احترامها ونشاهد أحياناً أفراداً يؤتون بأعمال خاصة في موارد خاصة.

- في الفن، فهو حر فيه سواء كان إيجابياً أو سلبياً.

- في القيم الإيجابية كالشهادة والعفة والتقوى وكذلك نرى البعض في خضم القيم السلبية.

- استعمال الابتكارات والاختراعات بصورة إيجابية وأحياناً يستعملها بصورة سلبية، فهو يجعلها للنمو والتكامل وأحياناً لهلاك الناس وسحقهم.

4- في الجانب الاقتصادي: تظهر الحريات أحياناً ماهيتها في إطار الاقتصاد ومن جملة ذلك:

- في مجال العمل: يسعى البعض بحرية الى العمل والبعض الآخر يسعى الى البطالة.

- في مجال الانتاج: البعض يجري وراء الحلال والبعض الآخر خلف المحرمات، والبعض يهدف إلى تقوية الانتاج البعض الآخر يعمل بصورة سطحية وغير مهمة.

- في مجال التملك يضعون حداً للتملك واحياناً يجعلونه بلا حد ويطلقونه.

- في مجال الصرف فهو معتدل عادة في صرفه ولكنه حر في إسرافه وتبذيره وتقتيره.

- في الخدمات والصدقات والانفاق والمبادلات والمعاملات، نشاهد افراداً يملكون رغبة تامة في تقديم الخدمات والبعض الآخر يمتنعون عن ذلك.

وكذلك الحال بالنسبة لسائر الجوانب الاقتصادية الأخرى كالاحتكار والاكتناز والادخار و...الخ.

5ـ في الجانب السياسي: نشهد بعض مظاهر الحرية في هذا الجانب ويمكننا ذكر الكثير منها مثل:

- في اختيار الحاكم والحكومة عن طريق التصويت لمن يرغب به، وكذلك في قبول أو عدم قبول خط ما أو حزب أو فكرة سياسية، وفي الوقوف أمام أصحاب زمام الأمر غير المرغوب بهم.

- في إيجاد جو الحرية أو الاخفاق في مجال عمله سواء كان ذلك في البيت أو الدائرة أو محيط الحكم.

- في قبول أو رفض الحرب أو الصلح، وفي المشاركة أو عدم المشاركة في الحرب وحتى إن كانت إجبارية. (وحتى في الجبهة يمكنه التصويب باتجاه العدو أو في الفراغ).

- في قبول أو رفض الفرق والتجمعات السياسية، وفي إعلان الارتباط أو الفرار منها.

- في مسألة العلاقات مع الأفراد في الداخل والاتحاد معهم أو رفضهم وكذلك في العلاقات الخارجية على اساس السلم أو التولي أو التبري.

ـ وفي النهاية في الإدارة والتنفيذ والتنظيم والقبول، والرفض أو مخالفة الديمقراطية...الخ.

6ـ في مجال المعنوية: يمكن مشاهدة حرية الأفراد في مجال المعنوية والعقيدة والعبادة. فهو حر في المسير نحو الذنب أو نحو الخط العبادي. يؤدي العبادات أو يصرف النظر عنها، من المتهجدين ليلاً أم التاركين لصلاة الليل. يُرائي في اعماله أو نتيجة إخلاصه، في سبيل الله تعالى أم غير ذلك و...الخ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ نداء هيهات منا الذلة - الإمام الحسين (عليه السلام).

2ـ منعه يؤدي إلى سخطه.

3ـ الكافي، ج2، ص89. 

4ـ تفاوت العوائل دليل على الحرية.

5ـ تنوع الثقافات دليل على الحرية. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.