3- أهميته :   

زادت اهمية علم المالية العامة بعد الكساد العالمي ( 1929- 1933) بصفة خاصة حيث برزت أهمية تدخل الحكومة بشكل ايجابي في النشاط الاقتصادي . أما قبل ذلك فقد كانت تعاليم ومبادئ الفكر الكلاسيكي تنص على الحرية الاقتصادية بصفة عامة وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وتركه لآلية السوق وحرية الدخول والخروج . وكان هذا الفكر يفترض أن يتم الانفاق العام في أضيق الحدود الممكنة وألا يتم فرض ضرائب الا عند الضرورة وأن تكف الحكومة يدها عن التدخل في النشاط الاقتصادي.   

ولكن الحالة التي وصل اليها الاقتصاد العالمي اثبتت خطأ مبادئ الفكر الكلاسيكي في حرية الافراد وآلية السوق او التوازن التلقائي دون تدخل مباشر للدولة . حيث يتضح أنه في أوقات الكساد يحجم رأس المال الخاص عن الاستثمار ، مما يستلزم الامر لضرورة تدخل الدولة في انشاء المشروعات الانتاجية.  

كما أخذ نشاط الاعمال الذي تقوم به الدولة في النمو المستمر حتى أن نسبة الانفاق الحكومي الى الدخل القومي أخذت تتزايد بشكل ملحوظ . وقد بلغت نحو 20% من الناتج المحلي الاجمالي في الدول الرأسمالية . بل أن القطاع الحكومي في الولايات المتحدة وهي أكبر دولة رأسمالية قد شهد نمواً ملحوظاً مدى السنوات الماضية ، وأصبح ينفق الآن 90 مرة أكثر مما كان ينفقه على كافة المستويات في أوائل القرن العشرين. 

ولا تقتصر ظاهرة تزايد النفقات العامة على الدول الرأسمالية وحدها بل تتعداها الى مختلف الدول الاخرى، ففي الدول النامية زاد الدور الذي تلعبه الحكومة في اقامة المشروعات الانتاجية بهدف القضاء على مظاهر التخلف الاقتصادي والاجتماعي التي تعاني منه هذه الدول ويلعب القطاع  العام دوراً هاماً ورئيساً ورائداً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تلك الدول . بل واصبحت نفقات الدولة تضم ليس فقط النفقات التقليدية للمحافظة على الامن والاستقرار وانما اصبحت تشمل المبالغ اللازمة لعملية التنمية الشاملة مما ادى لتغيير في شكل الميزانية العامة للدولة واقسامها ، فقد اصبحت تضم قسماً خاصاً لميزانية الاعمال وازدادت اهمية الضرائب والقروض العامة كمورد ضروري لتمويل عملية التنمية.