أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-3-2018
1188
التاريخ: 30-07-2015
1075
التاريخ: 11-4-2017
1147
التاريخ: 12-3-2018
1104
|
إنّ تاريخَ الاِسلام يشهدُ بأنّ أعداء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استَخْدَموا كلَّ وسيلةٍ مُمكنةٍ لإطفاء نور الرسالةِ المحمديّة، وعَرْقَلَةِ مسير الدَّعوة الاِسلاميّة بدءاً من اتّهام النبيّ الاَكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالسِحر والشعوَذة وانتهاءً بمحاولة اغتياله في فراشه، ولكنّهم بفضل العناية الاِلَهيّة، فشِلوا في خُططهم جمعاء، وحفظ اللهُ نبيّه من كيد المشركين والكافرين ، فلم يبقَ لهم من أمل إلاّ أن يموتَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيطفئوا جَذوة دعوته، ويُخمدوا نورَ رسالته (خاصّة أنّه لم يُخَلّف وَلَداً من الذكور).
وقد حكى اللهُ عن أمَلهم الشّرِير هذا بقوله: { أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: 30].
ولقد كانت هذه النيّة الخبيثَة، وهذه الفطرةُ الشّريرةُ تراوِدُ ذهنَ الكثيرِ من المشركين والمنافقين، ولم يكن عددُهم بين أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بِقليلٍ.
ولكنّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بِنَصبه خليفةً قوياً وجديراً بالخلافة يقودُ الاُمّة من بَعده وقد تحلّى بسوابق جهاديّةٍ وإيمانيّةٍ مشرقةٍ، وتمتّع بإيمانٍ، وصدقٍ، وثباتٍ في سبيل الاِسلام، فوّت الفرصة على المعارضين لرسالته وخيَّب آمالهم، وأبدلها باليأس والقنوط، وبهذا ضَمِنَ بقاء الدين، ورسّخ قوائِمهَ وقواعده، وأكملَ اللهُ بتعيين القائدِ والخليفةِ نعمة الاِسلام، ولهذا نزل قول الله تعالى ـ بعد نصبِ عليٍّ عليه السلام لخلافةِ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يومَ «غدير خم» ـ :
{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ} [المائدة: 3](1).
ثم إنّ هناك ـ مضافاً إلى الرّوايات المتواترة المذكورة التي تُثبت أنّ مسألة خلافة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مسألةٌ إلَهيّةٌ، وأنّه ليس للنّاس أيّ خيارٍ فيها ـ رواياتٍ تحكي عن أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان منذ الاَيام الاُولى من دعوته في مكّة، يوم لم تُشكَّلْ فيها حكومةٌ في المدينة بعدُ، يرى أنّ مسألة خلافتهِ مسألةٌ إلَهيّةٌ يعود أمر البتّ والتعيين فيها إلى الله وحده دون غيره.
فعندما أتى رئيس قبيلة «بني عامر» إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في موسم الحج مثَلاً، وقال: أرأيتَ إنْ نَحنُ بايعناكَ على أمرِكَ، ثم أظهرَكَ اللهُ على من خالَفَك، أيكونُ لنا الاَمرُ من بَعدك قال (صلى الله عليه وآله وسلم): الاَمرُ إلى اللهِ يَضَعُهُ حيثُ يَشاء(2).
إنّ من البديهيّ أنّ أمرَ مسألة القيادة والخلافَة إذا كانت متروكةً للنّاس، وانتخابهم لكانَ على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول: «الاَمرُ إلى الاُمّة» أو «إلى أهلِ الحَلّ والعَقد» ولكن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قالَ غير هذا. وبذلك طابَقَ كلامُ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في شأنِ الخلافة كلامَ الله تعالى في شأن الرسالةِ إذ قال: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124].
_________________
(1) ولقد اعتبرَ فريقٌ من الصَحابة والتابعين الآية المذكورة مرتبطةً بواقعة «غدير خم» وذلك مثل: أبي سعيد الخدري، وزيد بن الاَرقم، وجابر بن عبد الله الاَنصاري، وأبي هريرة، ومجاهد المكي.
وللوقوف على روايات الاَشخاص المذكورين حول الواقعة المذكورة راجع: كتاب «الولاية» لاَبي جعفر الطبري، والحافظ ابن مردويه الاصفهاني برواية ابن كثير في ج 2، من تفسيره؛ والحافظ أبا نعيم في كتاب «ما نزل من القرآن في عليّ» والخطيب البغدادي في ج 8 من تاريخه، والحافظ أبا سعيد السجستاني في كتاب «الولاية» والحافظ أبا القاسم الحسكاني في «شواهد التنزيل»، وابن عساكر الشافعي برواية السيوطي في «الدر المنثور» 2 | 295، والخطيب الخوارزمي في كتاب «المناقب». وعباراتهم موجودة في الغدير 1 | 23ـ236.
وقال الفخر الرازي في تفسيره (ج 3 ص 529) إنه لمّا نزلت هذه الآية على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعَمِّر بعدَ نُزولها إلاّ أحداً وثمانين يوماً أو اثنين وثمانين يوماً وَلَم يَحْصَل في الشريعةِ بَعدها زِيادة ولا نَسخٌ، وَلا تبديلُ البتّةَ.
فعلى هذا الاَساس لابُدّ مِنَ القول أنَّ هذه الآية نَزَلت يوم غدير خم. أي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة حجة الوداع. وحيثُ إنّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حسبَ رأي أهلِ السُّنّة توفي في الثاني عشر من ربيع الاَوّل، وكانت الاَشهر الثلاثة (ذي الحجة، ومحرّم وصفر) 29 يوماً صح أنّه توفي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نُزُول الآية المذكورة بـ 81 يوماً (تفسير الفخر الرازي سورة المائدة، الآية الثالثة).
(2) سيرة ابن هشام: 2 | 422.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|