أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-3-2018
2206
التاريخ: 11-4-2017
851
التاريخ: 30-07-2015
1164
التاريخ: 30-07-2015
8301
|
كان رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .. يعرّف بخليفته ووصيه تارةً بصورةٍ كليّةٍ، وأُخرى بصورةٍ معيّنةٍ، أي بذكر اسم الخليفة والوصيّ بحيث يمثّلُ كلُ واحدٍ من تلك الاَحاديث حجةً كاملةً وتامّةً لمن يطلبُ الحقيقة وهو شهيدٌ واعٍ. ولكن مع ذلك ولكي يُوصِلَ النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) نداءَه إلى كلّ قاصٍ ودانٍ من المسلمين في ذلك اليوم، ويرفعَ كلّ إبهام وغموضٍ، ويدفع كلّ شكٍ أو تشكيكٍ في هذا المجال، توقّفَ عند قُفوله ومراجَعَته من حَجّة الوَداع في أرض تسمى بغدير خم، وأخبر من مَعَه من الحجيج بأنّه كُلِّف مِن جانب الله تعالى بأن يُبلِّغ رسالة إليهم، وهي رسالة تحكي عن القيام بأمرٍ جدّ عظيم، بحيث إذا لم يُبلِّغها يكون كأنّه لم يُبَلّغ شيئاً من رسالته كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67](1).
ثم رقى النبيُّ منبراً من أقتاب الاِبل وحُدُوجها، وقال(صلى الله عليه وآله وسلم) مخاطباً الناس: «يوشك أنْ اُدعى فأجيب فماذا أنتم قائلون؟»
قالوا: نَشهدُ أنّك قد بَلّغتَ ونَصحتَ وجَهَدتَ فجزاك اللهُ خيراً.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ألَسْتم تَشهَدون أن لا إلَه إلاّ الله وأنّ محمّداً عَبدُه ورسولهُ وان الساعة آتيةٌ لا ريبَ فيها؟»
قالوا: بَلى نَشْهدُ بذلك.
قالَ(صلى الله عليه وآله وسلم): «فإنّي فَرَطٌ (أي أسبقكُم) على الحوض (أي الكوثر)، فَانظُرُوا كيفَ تَخلِفوُني في الثَقَلَين؟»
فنادى مناد: وما الثَقَلان يا رَسولَ الله ؟
قالَ(صلى الله عليه وآله وسلم): «الثَقَلُ الاَكبر كتابُ الله طَرَفٌ بيدِ اللهِ عزَّ وجَلَّ وطَرَفٌ بأيدِيكُمْ فتمَسَّكُوا به لا تَضِلُّوا، والآخَر الاَصغَر عترتي، وإنّ اللطيفَ الخبيرَ نبّأني أَنَّهما لنْ يفترقا حتى يَردا عليَّ الحَوضَ، فلا تقدمُوهُما فتَهلكوا، ولا تقصِّروا عنْهما فَتَهْلَكُوا».
ثم أخذ بيد «عليّ» فَرفَعها حتى رؤي بياضُ آباطهما فعرفَه القومُ أجمعون فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «أيُّها الناسُ من أولى النّاس بالمؤْمِنين من أنفسِهِم؟».
قالوا: اللهُ ورسولهُ أعلمُ.
قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله مولايَ، وأنا مَولى المؤمِنِين، وأنا أولى بِهِمْ مِن أنفسهِمْ، فَمَن كنتُ مَولاه فَعَلِيٌ مولاهُ».
ثم قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «اللّهُمَّ والِ مِن والاهُ، وعادِ من عاداهُ، وأحِبَّ من أحَبَّهُ، وابْغَضْ مَن أبْغَضَهُ، وانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، واخْذُلْ من خَذَلهَ، وأدِرِ الحقَّ معه حيث دارَ، ألا فَلْيُبَلّغِ الشّاهِدُ الغائبَ».
إنّ حديثَ الغَدِير منَ الاَحاديثِ المتَواتِرة، وقد رَواهُ من الصَّحابة والتابعين وعُلماءِ الحديث في كلّ قرنٍ بصورَةٍ متواترةٍ.
فقد نقل حديثَ الغدير ورواه (110) من الصحابة، و (89) من التابعين، و(3500) من العلماء والمحدِّثين، وفي ضوء هذا التواتر لا يبقى أيُّ مجالٍ للشَكِ في أصالةِ، وصحّة هذا الحديث.
كما أَنّ فريقاً من العُلَماء ألَّفوا كُتباً مستَقِلّةً حولَ حديث «الغدير» أشْمَلُها وأكثرُها اسْتِيعاباً لِطُرق وأسنادِ هذا الحديث كتابُ «الغدير» للعلاّمة الشيخ عبد الحسين الاَميني (1320 ـ 1390 هـ).
والآن يجب أن نَرى ما هو المقصود من لفظة «الموَلى» وماذا تَعني «مولويّة» عليّ عليه السلام؟
إنّ القرائن والشواهدَ الكثيرةَ والعديدةَ تشهد بأنَّ المقصودَ من هذه اللَفظة، والكلمة هو: الزعامة والقيادة، وها نحن نشيرُ إلى بعض هذه الشَواهدِ والقرائن:
أ: في واقعة الغدير، أمَرَ رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بأنْ يحطَّ الحُجّاج الّذين كانوا يرجعون معه من الحج، في أرض قاحِلةٍ لا ماء فيها، ولا كلاَ، وفي وقتِ الزوال، وتحت أشعّة الشَّمس الحارقة.
ولقد كانت حرارةُ الهَجير من الشِدّة في ذلك الوَقت بحيث أنّ الشخص من الحاضرين في ذلك المشهد كان يضع بعض عباءته تحت رجليه وبعضها فوق رأسه تَوقِّياً من شدّة الرَمضاء، وحرارة الشّمس.
من الطبيعي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يريد في هذه الحالة الخاصّة، أن يقول ماله دورٌ مصيريٌّ هامٌ في هداية الاُمّة.
ترى أي شيء يمكنه أن يكون له دور مصيريٌّ وهامٌّ في حياة المسلمين أكثر من تعيين القيادة التي توجب وحدةَ كَلِمةِ المسلمين، وتكونُ حافظة لدينهم.
ب : لقد تحدّث رسولُ الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل ذكر مسألة ولاية الاِمام علي عليه السلام عَن أُصول الدين الثلاثة: التوحيد، والنبوّة، والمعاد، وأخَذَ من الناس الاِقرارَ بها، ثم طرَحَ مسألة ولاية الاِمام علي عليه السلام بعد ذلك.
إنّ التقارن بين إبلاغ هذه الرسالة وأخذ الاعتراف والاِقرار بالأصول المذكورة يمكن أن يقودنا إلى معرفة أهميّة الرسالة التي أمَرَ النبيُّ بإبلاغِها إلى النّاس في «غدير خم»، ويمكن معرفة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ما كانَ يقصُد مِن ذلك الاِجتماع العظيم في تلك الظروفِ الاِستثنائيّةِ والملابَسات الخاصّة التوصية فقط بمحبّة وموادّة شخصٍ معيّنٍ...
ج : قبل إبلاغِ الرِسّالة الاِلَهيّة في شأنِ عليٍّ عليه السلام تحدَّثَ النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ولايَته ومولويَّتهِ وقال: اللهُ مولايَ وأنا مولى المْؤُمِنِين، وأنا أولى بِهِمْ مِن أنْفسِهِمْ.
إنّ ذكر هذه المطالب دليلٌ على أنّ «مولويّةَ الاِمام علي عليه السلام » كانت من نمط وسنخ مولوية النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنّ النبي أثبت بأمر الله تعالى مَولويّته وأولويّته بالأمر لعليّ أيضاً.
د : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال بعد إبلاغ هذه الرِسّالة الاِلَهيّة: فَلْيبلّغِ الشاهدُ الغائبَ.
____________
(1) أشار المحدّثون والمفسِّرون المُسلمون إلى نُزُول هذه الآية في حَجّة الوداع، يومَ الغدير، اُنظر: كتابَ «الدرّ المنثور» للسيوطي 2 | 298، و «فتح القدير» للشوكاني 2 | 57؛ وكشف الغمة للاِربلّيّ، ص 94؛ «ينابيع المودّة» للقندوزي، ص 120؛ المنار: 6 | 463 وغيرها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|