أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
789
التاريخ: 20-11-2014
787
التاريخ: 20-11-2014
761
التاريخ: 12-4-2018
738
|
البحث في مسألة «القضاء و القدر»- وإن عنونه علماء الكلام بعنوان خاص- جزء لا يتجزأ من البحث في الجبر و الاختيار و تتمة لا يمكن فصلها عنه، لأنه قائم- نظريا- على نفس الاساس الفكري الذي قامت عليه المسألة الأم المشار إليها.
و نحن لا نريد في هذا الاستعراض العاجل أن
نلم بكل جوانب الموضوع، لأن كثيرا منها خارج الصدد و تطويل بلا طائل، و انما غاية
ما نهدف إليه- هنا- أن نوضح المعنى الاسلامي لهذه المسألة كما دلنا عليه كتاب
اللّه و السنة الشريفة، لنعرف ما يجب علينا الاعتقاد به في هذا الأصل المهم من
اصول الدين، خصوصا و نحن نرى الناس يحمّلون القضاء و القدر كل شئونهم اليومية من
بلاء و شقاء و خير و شر و صلاح و فساد، فهل كان ذلك كله من صميم العقيدة و من
معطيات الفكر الاسلامي؟.
و تمهيدا لبيان الفهم الاسلامي السليم لهذه
الفكرة يجدر بنا أن نستعرض بإيجاز معاني هاتين الكلمتين كما وردت في مصادر اللغة و
كما استعملت في القرآن الكريم، لنستطيع من طريق هذا الفهم المستوعب لمعانيهما أن
نعرف الغرض الشرعي منهما في استعمالات النصوص الاسلامية:
1- المعنى اللغوي:
«القضاء بمعنى العمل، و يكون بمعنى الصنع و
التقدير» «قضى الشيء قضاء صنعه و قدّره» و «كل ما أحكم عمله او أتم او ختم او أدي
أداء أو أوجب او أعلم أو انفذ أو أمضي فقد قضي».
«و قضى أي حكم»، «و منه القضاء للفصل في
الحكم».
و القضاء: الاعلام، تقول: «قضينا إليه ذلك
الامر أي انهيناه إليه و أبلغناه ذلك»(1) .
أما القدر فهو «القضاء و الحكم»(2).
2- المعنى القرآني:
أطلق القضاء- قرآنيا- على المعاني الآتية:
أ- الخلق و الايجاد نحو قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ
سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12] أي خلقهن و أوجدهن..
ب- الايجاب و الحكم مثل قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ
أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] أي أوجب و حكم.
ج- الاعلام و الاخبار كقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء: 4] أي أعلمناهم و أخبرناهم.
و استعمل القدر- قرآنيا- في المعنيين
الآتيين:
أ- الخلق و التنظيم و التدبير و الترتيب
مثل قوله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا } [فصلت: 10] و قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ
مَنَازِلَ} [يس: 39] و قوله تعالى: {يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [المزمل:
20] و قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ
شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2].
ب- البيان و الاخبار نحو قوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ
قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} [النمل: 57] أي أخبرنا و بيّنا انها من الغابرين.
و اذا اتضح لنا المعنى اللغوي و موارد استعماله
القرآني لهاتين الكلمتين أصبح من الضروري أن يكون انتساب افعالنا الى القضاء و
القدر منسجما مع هذه المعاني و ناظرا إليها و غير خارج عن اطارها المحدد، فاذا
قلنا بأن فعلنا الفلاني كان بقضاء اللّه و قدره فما هو المقصود من ذلك؟
اننا لا نستطيع أن نفسر ذلك بالخلق الذي هو
أحد معاني القضاء و القدر [ لأن ] افعالنا انما تقع باختيارنا و ارادتنا و
ايجادنا، و ليست بخلق من اللّه تعالى و ايجاد من عنده.
واذا انتفى هذا المعنى بحكم الدليل انحصر
المقصود من هاتين الكلمتين حصرا، حيث يكون قضاء اللّه: ايجابه و حكمه؛ و قدره:
بيانه و علمه، و يصبح مؤدى اخبارنا بوقوع الفعل المعين بقضاء اللّه و قدره أنه وقع
بإيجابه و بيانه و علمه.
و على هذا الاساس نقول بوجوب الرضا بقضاء
اللّه و قدره أي وجوب القبول و الاستسلام و الايمان و الاذعان لما أوجب اللّه
علينا و بيّن لنا من أمر و حكم، و ذلك هو المقصود، و لا مقصود غيره.
و حسبنا في الاستدلال على صحة هذا الفهم ما
ذكره أمير المؤمنين عليه السلام في جوابه على سؤال الشامي منه عن المسير الى صفين
هل كان بقضاء من اللّه و قدر؟ فقال عليه السلام:
«نعم يا شيخ، ما علوتم تلعة و لا هبطتم
واديا الا بقضاء و قدر من اللّه».
«فقال الشامي: عند اللّه أحتسب عنائي يا
أمير المؤمنين».
فقال عليه السلام:
«مه يا شيخ، فان اللّه قد عظم اجركم في
مسيركم و أنتم سائرون، و في مقامكم و أنتم مقيمون، و في انصرافكم و أنتم منصرفون،
و لم تكونوا في شيء من أموركم مكرهين»(3) .
ثم قال عليه السّلام:
«لعلك ظننت قضاء لازما و قدرا حاتما، و لو
كان ذلك كذلك لبطل الثواب و العقاب و سقط الوعد و الوعيد.
ان اللّه سبحانه أمر عباده تخييرا، و نهاهم
تحذيرا، و كلّف يسيرا و لم يكلف عسيرا، و أعطى على القليل كثيرا»(4) .
ان هذه الجمل العلوية البليغة واضحة في
الدلالة على صحة ما قلناه، حيث صرح بأن المسير إلى الشام كان بإيجاب اللّه تعالى و
حكمه- و يعني به حكم اللّه في وجوب محاربة البغاة- و ان اللّه تعالى قد عظم أجر
اولئك المحاربين لأنهم فعلوا ذلك امتثالا لأمر اللّه و تنفيذا لحكمه.
و يقول أمير المؤمنين سلام اللّه عليه في
كلام له في ذكر الملائكة:
«و منهم أمناء على وحيه، و ألسنة إلى رسله،
و مختلفون بقضائه و أمره»(5) .
و ليس يعني بالقضاء و الأمر إلا تلك
الواجبات و الأحكام التي يحملها الملائكة إلى الأنبياء و المرسلين ليبلغوها أممهم
و أقوامهم.
و يقول الإمام الصادق عليه السّلام في
توضيح الإيمان بالقدر:
«الناس في القدر على ثلاثة أوجه:
رجل يزعم أن الأمر مفوض إليه، فقد وهن
اللّه في سلطانه، فهو هالك.
و رجل يزعم ان اللّه جل و عز أجبر العباد
على المعاصي و كلفهم ما لا يطيقون فقد ظلم اللّه في حكمه، فهو هالك.
و رجل يزعم ان اللّه كلف العباد ما يطيقون
و لم يكلفهم ما لا يطيقون، فإذا أحسن حمد اللّه، و إذا أساء استغفر اللّه، فهذا
مسلم» .
و هكذا يكون قضاء اللّه و قدره تعبيرا آخر
عن أمره و حكمه و تكاليفه الموجهة للعباد، و يكون رضانا بالإسلام و اقرارنا
بالشريعة رضا بقضاء اللّه و اقرارا بقدره.
_______________
(1) لسان العرب: 15/ 186- 187.
(2) لسان العرب: 5/ 74.
(3) تحف العقول: 349- 350.
(4) نهج البلاغة: 3/ 167.
(5) نهج البلاغة: 1/ 13.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|