المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23

الاستعانة من المعين الملكوتي
2023-05-19
خلق السماء الدنيا والشمس والقمر
12-7-2016
نصف المهر لغير المدخول بها
2024-09-30
المرأة والصحافة: نظرة تاريخية
7/12/2022
المسؤولية الفردية
25-7-2016
العجلة وعلاجها
6-10-2016


القضاء و القدر  
  
857   05:37 مساءاً   التاريخ: 7-08-2015
المؤلف : محمد حسن آل ياسين
الكتاب أو المصدر : أصول الدين
الجزء والصفحة : ص169-174
القسم : العقائد الاسلامية / العدل / القضاء و القدر /

البحث في مسألة «القضاء و القدر»- وإن عنونه علماء الكلام بعنوان خاص- جزء لا يتجزأ من البحث في الجبر و الاختيار و تتمة لا يمكن فصلها عنه، لأنه قائم- نظريا- على نفس الاساس الفكري الذي قامت عليه المسألة الأم المشار إليها.

و نحن لا نريد في هذا الاستعراض العاجل أن نلم بكل جوانب الموضوع، لأن كثيرا منها خارج الصدد و تطويل بلا طائل، و انما غاية ما نهدف إليه- هنا- أن نوضح المعنى الاسلامي لهذه المسألة كما دلنا عليه كتاب اللّه و السنة الشريفة، لنعرف ما يجب علينا الاعتقاد به في هذا الأصل المهم من اصول الدين، خصوصا و نحن نرى الناس يحمّلون القضاء و القدر كل شئونهم اليومية من بلاء و شقاء و خير و شر و صلاح و فساد، فهل كان ذلك كله من صميم العقيدة و من معطيات الفكر الاسلامي؟.

و تمهيدا لبيان الفهم الاسلامي السليم لهذه الفكرة يجدر بنا أن نستعرض بإيجاز معاني هاتين الكلمتين كما وردت في مصادر اللغة و كما استعملت في القرآن الكريم، لنستطيع‏ من طريق هذا الفهم المستوعب لمعانيهما أن نعرف الغرض الشرعي منهما في استعمالات النصوص الاسلامية:

1- المعنى اللغوي:

«القضاء بمعنى العمل، و يكون بمعنى الصنع و التقدير» «قضى الشي‏ء قضاء صنعه و قدّره» و «كل ما أحكم عمله او أتم او ختم او أدي أداء أو أوجب او أعلم أو انفذ أو أمضي فقد قضي».

«و قضى أي حكم»، «و منه القضاء للفصل في الحكم».

و القضاء: الاعلام، تقول: «قضينا إليه ذلك الامر أي انهيناه إليه و أبلغناه ذلك»(1) .

أما القدر فهو «القضاء و الحكم»(2).

2- المعنى القرآني:

أطلق القضاء- قرآنيا- على المعاني الآتية:

أ- الخلق و الايجاد نحو قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12] أي خلقهن و أوجدهن..

ب- الايجاب و الحكم‏ مثل قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] أي أوجب و حكم.

ج- الاعلام و الاخبار كقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء: 4] أي أعلمناهم و أخبرناهم.

و استعمل القدر- قرآنيا- في المعنيين الآتيين:

أ- الخلق و التنظيم و التدبير و الترتيب‏ مثل قوله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا } [فصلت: 10] و قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس: 39] و قوله تعالى: {يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [المزمل: 20] و قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2].

ب- البيان و الاخبار نحو قوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} [النمل: 57] أي أخبرنا و بيّنا انها من الغابرين.

و اذا اتضح لنا المعنى اللغوي و موارد استعماله القرآني لهاتين الكلمتين أصبح من الضروري أن يكون انتساب افعالنا الى القضاء و القدر منسجما مع هذه المعاني و ناظرا إليها و غير خارج عن اطارها المحدد، فاذا قلنا بأن فعلنا الفلاني كان بقضاء اللّه و قدره فما هو المقصود من ذلك؟

اننا لا نستطيع أن نفسر ذلك بالخلق الذي هو أحد معاني القضاء و القدر [ لأن ] افعالنا انما تقع باختيارنا و ارادتنا و ايجادنا، و ليست‏ بخلق من اللّه تعالى و ايجاد من عنده.

واذا انتفى هذا المعنى بحكم الدليل انحصر المقصود من هاتين الكلمتين حصرا، حيث يكون قضاء اللّه: ايجابه و حكمه؛ و قدره: بيانه و علمه، و يصبح مؤدى اخبارنا بوقوع الفعل المعين بقضاء اللّه و قدره أنه وقع بإيجابه و بيانه و علمه.

و على هذا الاساس نقول بوجوب الرضا بقضاء اللّه و قدره أي وجوب القبول و الاستسلام و الايمان و الاذعان لما أوجب اللّه علينا و بيّن لنا من أمر و حكم، و ذلك هو المقصود، و لا مقصود غيره.

و حسبنا في الاستدلال على صحة هذا الفهم ما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام في جوابه على سؤال الشامي منه عن المسير الى صفين هل كان بقضاء من اللّه و قدر؟ فقال عليه السلام:

«نعم يا شيخ، ما علوتم تلعة و لا هبطتم واديا الا بقضاء و قدر من اللّه».

«فقال الشامي: عند اللّه أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين».

فقال عليه السلام:

«مه يا شيخ، فان اللّه قد عظم اجركم في مسيركم‏ و أنتم سائرون، و في مقامكم و أنتم مقيمون، و في انصرافكم و أنتم منصرفون، و لم تكونوا في شي‏ء من أموركم مكرهين»(3) .

ثم قال عليه السّلام:

«لعلك ظننت قضاء لازما و قدرا حاتما، و لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب و العقاب و سقط الوعد و الوعيد.

ان اللّه سبحانه أمر عباده تخييرا، و نهاهم تحذيرا، و كلّف يسيرا و لم يكلف عسيرا، و أعطى على القليل كثيرا»(4) .

ان هذه الجمل العلوية البليغة واضحة في الدلالة على صحة ما قلناه، حيث صرح بأن المسير إلى الشام كان بإيجاب اللّه تعالى و حكمه- و يعني به حكم اللّه في وجوب محاربة البغاة- و ان اللّه تعالى قد عظم أجر اولئك المحاربين لأنهم فعلوا ذلك امتثالا لأمر اللّه و تنفيذا لحكمه.

و يقول أمير المؤمنين سلام اللّه عليه في كلام له في ذكر الملائكة:

«و منهم أمناء على وحيه، و ألسنة إلى رسله، و مختلفون بقضائه و أمره»(5) .

و ليس يعني بالقضاء و الأمر إلا تلك الواجبات و الأحكام التي يحملها الملائكة إلى الأنبياء و المرسلين ليبلغوها أممهم و أقوامهم.

و يقول الإمام الصادق عليه السّلام في توضيح الإيمان بالقدر:

«الناس في القدر على ثلاثة أوجه:

رجل يزعم أن الأمر مفوض إليه، فقد وهن اللّه في سلطانه، فهو هالك.

و رجل يزعم ان اللّه جل و عز أجبر العباد على المعاصي و كلفهم ما لا يطيقون فقد ظلم اللّه في حكمه، فهو هالك.

و رجل يزعم ان اللّه كلف العباد ما يطيقون و لم يكلفهم ما لا يطيقون، فإذا أحسن حمد اللّه، و إذا أساء استغفر اللّه، فهذا مسلم» .

و هكذا يكون قضاء اللّه و قدره تعبيرا آخر عن أمره و حكمه و تكاليفه الموجهة للعباد، و يكون رضانا بالإسلام و اقرارنا بالشريعة رضا بقضاء اللّه و اقرارا بقدره.

_______________

(1) لسان العرب: 15/ 186- 187.

(2) لسان العرب: 5/ 74.

(3) تحف العقول: 349- 350.

(4) نهج البلاغة: 3/ 167.

(5) نهج البلاغة: 1/ 13.




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.