المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



علاقة الشباب بالآباء والأمهات  
  
2496   02:07 صباحاً   التاريخ: 29-3-2022
المؤلف : حسين أحمد الخشن
الكتاب أو المصدر : مع الشباب في همومهم وتطلعاتهم
الجزء والصفحة : ص291ــ298
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-09 1131
التاريخ: 2023-05-15 1176
التاريخ: 5-1-2020 8507
التاريخ: 3-6-2021 3060

من القضايا المثيرة للجدل قضية العلاقة بين الشاب ووالديه، فهذه العلاقة قد يحكمها شيء من التوتر، أو لنقل: عدم تفهم الطرفين لبعضهما البعض وعدم مراعاة أحدهما حقوق الطرف الآخر، والسبب في ذلك يرجع إلى أن الابن بمجرد أن يشارف على البلوغ ويصل إلى مرحلة الشباب، فإنه يشعر برغبة في الاستقلال في الرأي وتأكيد ذاته، وأن يثبت للآخرين أنه قد أصبح شاباً مكتمل الشخصية، ولم يعد قاصراً ليتخذ الأب القرارات بدلاً عنه، ولذلك يتضجر وينزعج من عدم التشاور معه، أو من اتخاذ القرارات عنه، وربما يتطاول على والديه أحياناً، ويعنف لهما في القول أو الفعل، تأكيداً على رجوليته وإبرازاً لشخصيته.

ومما يزيد العلاقة توتراً أن الكثير من الآباء والأمهات قد لا يدركون خطورة هذه المرحلة وخصائصها، فيتعاملون مع ابنهم الشاب وكأنه لا يزال صغيراً، فلا يعيرون له ولرأيه أية أهمية، ويتعاملون معه بلامبالاة، وهذا ما يؤدي إلى نشوء علاقة متوترة بين الطرفين.

والسؤال: كيف ندير هذه العلاقة بطريقة مرنة ومتوازنة تحفظ للأب احترامه وللابن شخصيته؟

1ـ تفهم خصائص هذه المرحلة

لعل الخطوة الأولى اللازم اتخاذها لأجل إنجاح العلاقة بين الطرفين، هي محاولة تفهم أحدهما الآخر، ولا سيما من طرف الأبوين. فإن عليهما أن يدركا أهمية هذه المرحلة التي دخل فيها ابنهما، وهي مرحلة الشباب، وأنها تستدعي نمطاً جديداً في التعامل مع الابن، فهو لم يعد طفلاً صغيراً ليتعاملا معه بمنطق الإملاءات. والمشكلة أن الكثير من الآباء والأمهات لا يدركون ـ غالباً هذا الانتقال من مرحلة عمرية إلى مرحلة أخرى عند أبنائهم وبناتهم، إما لضعف في ثقافتهم (أقصد الآباء والأمهات)، أو لأن تواجدهم المستمر إلى جانب الطفل ومعايشتهم اليومية له جعلهم يعتادون أسلوباً معيناً في إدارة العلاقة معه، ويستصحبون هذا الأسلوب في التعامل معه إلى مرحلة الشباب، وكأنهم لم يشعروا ولم يلتفتوا إلى أن ابنهم قد بلغ سن الشباب، وأن هذا البلوغ ليس بالجسد فقط، وإنما بالعقل والوعي، ما يدفع إلى تغيير التعاطي معه، انسجاماً مع مقتضيات المرحلة العمرية الجديدة؛ ولذا فإن الآباء(1) والأمهات مدعوون إلى امتلاك ثقافة تربوية تمكنهم من وعي مراحل الطفولة التي يمر بها ابنهم، وصولاً إلى مرحلة الشباب.

2 ـ اعتماد أسلوب المصادقة

ومع امتلاك الأبوين الثقافة المشار إليها، فإن من الطبيعي أن يتم اعتماد أسلوب تربوي جديد مع الشاب، مختلف تماماً عن أسلوب مرحلة الطفولة. والأسلوب الجديد هو أسلوب المصادقة، وهذا ما نبه عليه الحديث النبوي الشريف(2) الذي يتحدث عن مراحل الطفولة المتنوعة، ويشير إلى أن المرحلة الثالثة منها وهي مرحلة بداية الفتوة والشباب يحكمها أسلوب: (وصاحبه سبعاً)، أو أسلوب: (ووزير سبعاً). إن العلاقة بين الآباء والأمهات من جهة وبين ابنهم الشاب من جهة أخرى، لا بد أن تتخذ طابع التشاور لا الاستبداد، وأن تعتمد أسلوب الحوار لا الفرض، لأنك عندما تشاور ابنك الشاب فإنك تشعره بقيمته وتعزز شخصيته ومكانته، أما إذا عزمت على اتخاذ القرار بدلاً - عنه وفرضت عليه رأيك، فإنك بذلك تكون قد سحقت شخصيته وأسأت إليه وجرحت مشاعره، وهذا ما سوف يخلق لديه ردّات فعل سلبية تجاهك وتجاه الآخرين.

3 ـ الشخصية المستقلة

إن الإسلام يعتبر أن شخصية الإنسان تكتمل بوصوله إلى سن البلوغ، فيصبح مكلفاً وصاحب شخصية مستقلة، وترتفع بذلك كل أشكال الولاية والوصاية عليه، الأمر الذي يعني:

1ـ أنه يغدو صاحب ذمة مالية مستقلة، تخوله التملك والتصرف في أمواله وممتلكاته، فيبيع ويشتري كما يريد، ويهب لمن يشاء، شريطة أن يقترن البلوغ الجسدي بمرتبة من النضج العقلي والخبرة الحياتية المعبر عنها بالرشد، قال تعالى: {فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6]، ولذا لا يحق لذويه أن يتصرفوا في ماله دون رضاه.

2ـ وإن من حقه وحده اختيار نوع العمل الذي يمتهنه، أو التخصص الذي يرغب به، وليس للولي إلا الإرشاد والنصيحة.

 3 ـ ومن حق الشاب أيضاً ـ ذكراً أو أنثى(3)  اختيار شريك الحياة، وليس لك أن تفرض على ابنك زوجة لا يريدها، ولا أن تفرض على ابنتك ـ وهذا ما يحصل غالباً ـ رجلاً لا تريده ولا تحبه، وإنما لك أن تنصحها وتوجهها، أما أن تفرض عليها رجلاً لا تريده فهذا ظلم لها وليس لك ذلك، ولا يصح العقد في صورة الإكراه، فهي التي تريد الزواج لا أنت، وقد ورد في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إذا أراد أحدكم أن يزوج ابنته فليستأمرها"(4)، ولما خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) السيدة فاطمة (عليها السلام) أتاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: "إن علياً قد ذكرك، فسكتت، فخرج فزوجها"(5)، باعتبار أن سكوت المرأة دليل رضاها.

وفي الحديث عن أبي يعفور قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): «إني أردت أن أتزوج امرأة وإن أبوي أرادا غيرها، قال: تزوج التي هويت ودع التي هوى أبواك"(6).

4 ـ الاحترام والطاعة

ولكن ما تقدم، لا يلغي أبداً أن يكون للأبوين دور إرشادي في القرارات المصيرية التي يريد الشاب اتخاذها، أو الخطوات التي يريد الاقدام عليها، فمن مقتضيات الأدب والخلق الرفيع أن لا يستبد الشاب برأيه، بل يجدر به أن يستشير والديه فيما يريد الإقدام عليه، وأن يستفيد من خبرتهما وتجاربهما في الحياة، وقد يكون للأم رأي صائب ولا سيما فيما يتصل بشأن بناتها، ولذا ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "آمروا النساء في بناتهن(7).

إن حق الوالدين على الولد كبير وعظيم، وعليه أن يحترمهما ويوقرهما ويحسن إليهما، وأن لا يتصرف أي تصرف يؤذي مشاعرهما، ولا يجوز له بحال أن يقطع رحمهما، بل ينبغي له أن يحرص دائماً على رضاهما، ويجتنب رفع صوته في وجههما أو إغضابهما، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23 - 24].

إذاً، المطلوب من الأبناء أن يحترموا آباءهم وأمهاتهم، وليس المطلوب إطاعة الوالدين، فليس ثمة ما يدل على وجوب الإطاعة فيما يأمرا به، وإنما الواجب الإحسان والاحترام والتوقير. فهذا هو خلق الإسلام ووصايا القرآن، وتعاليم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولكن أخلاق المسلمين في التعامل مع الوالدين آخذة بالتراجع والتردي، حيث بتنا نشهد الكثير من الشباب يتعاملون مع آبائهم أو أمهاتهم بقسوة واستخفاف، وهذا عقوق وجحود، وهو مدعاة لغضب الله تعالى في الدنيا والآخرة.

رواية وعبرة

ويطيب لي في هذا السياق أن أنقل رواية تروى عن الإمام الصادق (عليه السلام) تتضمن درساً وعبرة حول فضيلة البر بالوالدين وأهميته، ففي الحديث عن زكريا بن إبراهيم (من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)) قال: "كنت نصرانياً فأسلمت وحججت، فدخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) فقلت: إني كنت على النصرانية وإني أسلمت، فقال: وأي شيء رأيت في الإسلام؟ قلت: قول الله عز وجل: {مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ} [الشورى: 52] فقال: لقد هداك الله، ثم قال: اللهم اهده ـ ثلاثاً - عما شئت يا بني، فقلت: إن أبي وأمي على النصرانية وأهل بيتي، وأمي مكفوفة البصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم؟ فقال: يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لا، ولا يمسونه، فقال: لابأس فأنظر أمك فبرها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها ولا تخبرن أحداً أنك أتيتني حتى تأتيني بمنى إن شاء الله قال: فأتيته بمنى والناس حوله كأنه معلم صبيان، هذا يسأله وهذا يسأله، فلما قدمت الكوفة ألطفت لأمي وكنت أطعمها وأفلي ثوبها ورأسها وأخدمها، فقالت لي: يا بني ما كنتَ تصنع بي هذا وأنت على ديني، فما الذي أرى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفية (الإسلام)؟ فقلت: رجل من ولد نبينا أمرني بهذا: فقالت: هذا الرجل هو نبي؟ فقلت: لا، ولكنه ابن نبي، فقالت: يا بني إن هذا نبي، إن هذه هي وصايا الأنبياء، فقلت: يا أماه إنه ليس يكون بعد نبينا نبي ولكنه ابنه، فقالت: يا بني دينك خير دين، أعرضه علي فعرضته عليها، فدخلت في الإسلام، وعلمتها، فصلت الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة، ثم عرض لها عارض في الليل، فقالت: يا بني أعد علي ما علمتني فأعدته عليها، فأقرت به وماتت، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها وكنت أنا الذي صليت عليها ونزلت في قبرها"(8).

5 ـ نصائح تربوية للوالدين

1- كن قدوة صالحة لابنك في فعلك لا في قولك، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2 - 3]

يقول الشاعر:

لا تنـه عـن خـلـق وتأتـي مثـلـه             عار عليك إذا فعلت عظيم(9)

2ـ لا تفرض عاداتك على أولادك، ولا تسعى أن يكون ابنك نسخة عنك، فهو مخلوق حر وله شخصيته وإرادته ورغباته واختياراته، فلا تفرض عاداتك عليه، سواء في اللباس، فطريقة اللباس قد تتغير من زمان لآخر، وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): "خير لباس كل زمان لباس أهله" (10)، أو في الأكل، فإذا أحببت أكلة معينة، فليس بالضرورة أن يحبّها أبناؤك، فمزاجهم قد يختلف عن مزاجك، وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام)  عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "المؤمن يأكل بشهوة أهله، والمنافق يأكل أهله بشهوته"(11)، فالأول رجل متفانٍ بينما الثاني رجل أناني.

3ـ لا تضخم أخطاء الولد وتعتبر صغائره كبائر، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "إذا عاتبت الحدث فاترك له موضعاً من ذنبه، لئلا يحمله الإحراج على المكابرة"(12).

4 ـ لا تفرض رأيك بدافع التسلط الأبوي أو في محاولة لإثبات الذات، وإنما حاوره وشاوره، واعلم أنك لا تملك عليه حق الطاعة، وإنما لك عليه أن يحسن إليك ويحترمك ويستمع إلى رأيك وتجربتك.

5ـ لا تقتحم خصوصياته، فإن ذلك غير جائز شرعاً، قال تعالى: {..ولا تجسسوا..} [الحجرات: 12]، فأوراقه الخاصة أو خزانته هي ملك له، فإذا كان لا يرضى بالاطلاع عليها، فلا بد لك أن تحترم إرادته وخصوصيته، واعلم أن تلك منطقة محرمة عليك، وأنه كما لك خصوصياتك التي لا ترد أن يقتحمها أحد، فله خصوصياته أيضاً.

6 ـ أحسن الظن بابنك، فإن التعامل مع الأبناء من موقع الاتهام أو سوء الظن والريبة في كل تصرفاتهم هو أمر خاطئ من الناحية التربوية، وله مضاعفاته السلبية، والإسلام أمرنا بحسن الظن مع الناس كلهم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12]. نعم، لك أن تتابع علاقاته وصداقاته، لكن المتابعة شيء، والتجسس شيء اخر التجسس هو اقتحام لخصوصياته، أما المتابعة فهي التحسس عن بعد أو قرب، قال تعالى حاكياً لنا وصية يعقوب (عليه السلام) لبنيه: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف: 87].

7 ـ لا تعنفه أو تشتمه أو تصرخ في وجهه أو تمارس دور الجلاد معه. فكّر على الدوام أنك أب، والأبوة ليست سلطة، وإنما هي رعاية واهتمام. القساوة والفظاظة لا تغير بل تدمر، والبيت ليس ثكنة عسكرية ليدار بمنطق (نفذ ولا تعترض)، وإنما هو سكن ومستقر يدار بالحكمة والحزم المشاب باللين، أو قل: باللين المشاب بالحزم، وشتان بين منطق العنف ومنطق الحزم والرفق.

8 ـ لا تمارس التمييز بين أبنائك، فتورثهم العداوة وتزرع بينهم الحقد والبغضاء، فقد رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلاً معه ولدان، فقبّل الأب أحدهما وترك الآخر، فقال له (صلى الله عليه وآله): "فهلا واسيت بينهما"(13).

________________________________

(1) عن الأبوة ومفهومها ومعانيها يمكنكم مراجعة الملحق رقم (2) في آخر الكتاب.

(2) انظر: وسائل الشيعة ج21 ص476، الحديث 7، الباب 13 من أبواب أحكام الأولاد، ونص الحديث كالتالي: "الولد سيد سبع سنين، وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين.."، ولهذا الحديث صيغ عديدة ذكرناها في كتاب (حقوق الطفل في الإسلام) فلتراجع.

(3) أجل، ثمة رأي فقهي يعتبر أن المرأة البكر ولو كانت رشيدة وإن كان لا يحق لأبيها إكراهها على الزواج بمن لا تحب، لكن في المقابل فإن عليها أن تضمن رضاه وموافقته على الزواج بمن تحب.

(4) كنز العمال ج 16 ص 311.

(5) بحار الأنوار ج 43 ص 136.

(6) الكافي ج 5 ص 401.

(7) سنن أبي داوود ج1 ص 465.

(8) الكافي ج 2 ص 161.

(9) انظر: عيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري ج 2 ص 24.

(10) انظر: الكافي ج6 ص444.

(11) الكافي ج 4 ص12.

(12) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20 ص 333.

(13) من لا يحضره الفقیه ج3 ص 483. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.