أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
3417
التاريخ: 4-12-2018
1435
التاريخ: 6-7-2019
1908
التاريخ: 1-07-2015
1904
|
...[ في الحديث عن ] خبر تبوك، فإنه صلوات الله عليه دل به على أن عليا عليه السلام منه بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة في الحال التي استثنى فيها ما لم يرد ثبوته لعلي عليه السلام من النبوة، وذلك يقتضي ثبوت ما عداها من منازل هارون لعلي عليه السلام بعد وفاته، ودال على استخلافه له بهذا القول من وجوه:
منها: أن من جملة منازل هارون عليه السلام كونه خليفة لموسى عليه السلام على بني إسرائيل، وقد نطق بذلك القرآن في قوله سبحانه: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ} [الأعراف: 142] الآية، وأجمع عليه المسلمون، فيجب كون علي من رسول الله صلى الله عليه وآله وعليهما (1) كذلك، إذ لا فرق بين أن يقول فيه: أنت الخليفة من بعدي، وبين أن يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، مع علم المخاطب بكون هارون خليفة لموسى، كما لا فرق بين قول الملك الحكيم لمن يريد استيزاره: أنت وزيري، أو: أنت مني بمنزلة فلان من فلان المعلوم كونه وزيرا له.
ومنها: أن من جملة منازل هارون كونه مفترض الطاعة على كافة بني إسرائيل، فيجب كون علي عليه السلام كذلك، وذلك يوجب إمامته، إذ لا فرق بين أن يقول عليه السلام: أنت الخليفة من بعدي أو إمام أمتي أو المفترض الطاعة عليهم، أو أنت مني بمنزلة هارون من موسى، مع علم السامع والناظر بكون هارون مفترض الطاعة على كافة بني إسرائيل.
ومنها: أن من جملة منازل هارون كونه مستحقا لمقام موسى عليه السلام باتفاق، فيجب أن يكون علي عليه السلام كذلك، إذ لا فرق بين أن يقول عليه السلام: أنت مستحق لمقامي، أو أنت مني بمنزلة هارون المعلوم استحقاقه لمقام موسى عليه السلام.
وليس لأحد أن يقدح فيما ذكرناه: بأن الاستحقان وفرض الطاعة والاستخلاف كان لهارون بالنبوة، وقد استثناها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيجب أن يلحق بها في النفي ما هو موجب عنها.
لأنا نعلم (عدم) وقوف الاستخلاف وفرض الطاعة على النبوة، لصحة استحقاق ذلك من دونها، والمعلوم ثبوت الاستحقاق والاستخلاف وفرض الطاعة لهارون عليه السلام، ولا سبيل إلى العلم بوجهه.
على أنه لو سلم لهم ذلك لم يضرنا، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع في الاستحقاق، فيجب الحكم بمشاركتهما فيه، وإن اختلفت (2) جهتاه، إذ كان اختلاف جهات الاستحقاق لا يمنع من المشاركة فيه بغير إشكال.
وإنما كان يكون في كلامهم شبهة لو كان فرض الطاعة والخلافة لا يثبتان إلا لنبي، ليكون استثناء النبوة استثناء لهما، والمعلوم خلاف ذلك، فليس
استثناؤها يقتضي استثناء المنازل الثابتة بها، (وإلا) لم يكن في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فائدة، لأنه لا يبقى شيء من منازل هارون يصح إثباته لعلي عليه السلام حسب ما تضمنه لفظ النبي ودل منه على مراده، وذلك مما لا يصح وصفه به.
فلم يبق إلا القول بثبوت منازل هارون له بعد النبوة أو بها، وليس في استثنائها استثناء المنازل، ليصح مقصود النبي صلى آله عليه وآله وسلم.
وليس لأحد أن يقول: المحبة والنصرة غير موجبين عن النبوة كالخلافة وفرض الطاعة الثابتين عنها، فإذا استثناها باستثناء مقتضيهما بقيت المحبة والنصرة، فتخصص مراده بهما، وذلك يخرج كلامه عليه السلام عن العبث.
لأن المحبة والنصرة كالخلافة وفرض الطاعة في صحة كونهما موجبين عن النبوة، كصحة كون الخلافة وفرض الطاعة ثابتين بغير النبوة، إذا كانت هذه القضية واجبة فمطلق قوله صلى الله عليه وآله وسلم يتناول جميع المنازل الهارونية، إلا ما استثناه من النبوة التي لا يدل استثناؤها على استثناء بعض المنازل دون بعض، لصحة استحقاق الكل بها، وخروج ثبوت الجميع عن مقتضاها، فلو أراد بعض ما عدا المستثنى لوجب عليه بيانه، وفي إطلاقه صلى الله عليه وآله وإمساكه عن الإبانة بتخصيص مراده ببعض المنازل دليلا على إرادته الجميع.
وأيضا فإن المحبة والنصرة معلوم ضرورة لكل سامع مقر بالنبوة ومنكر لها ثبوتها لعلي من النبي صلوات الله عليهما، فلا فائدة أيضا إذا في إعلام ما لا يدخل في معلومه شبهة.
على أن ذلك لو صح أن يكون مرادا - مع بعده - وقصده النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لنص عليه خاصة، ولم يحتج إلى إطلاق لفظ موهم له ولغيره مع عدم الإبانة.
ولا يجوز أن يقال: على هذا لو أراد الخلافة لنص عليها بعينها، ولم يحتج إلى قول يحتملها وغيرها.
لأنه عليه السلام أراد بما قاله الخلافة وما عداها من المنازل الهارونية عدا النبوة، ولو نص على الخلافة أيضا لا يستفد من نصه غيرها، فافترق الأمران، (و) المنة لله.
وليس لهم أن يقولوا: لو أفاد الخبر فرض الطاعة والاستخلاف لكان ثابتا في حياته كثبوت ذلك لهارون من موسى عليهما السلام، والاجماع بخلاف ذلك.
لأن الخبر إذا كان مفيدا للاستخلاف بما أوضحناه وجب حمله على عرف الاستخلاف، وقد علمنا أنه لا يفهم من قول الملك لغيره: أنت خليفتي والقائم مقامي، إلا بعد وفاته.
وأيضا فإن الخبر إذا وجبت به إمامته عليه السلام على كل حال، فمنع الإجماع من ثبوتها في حال الحياة، بقيت أحوال بعد الوفاة.
وبعد، فإنا قد أوضحنا أنه عليه السلام قد أفصح في كلامه بمراده، فأغنى الناظر عن هذا القدح بقوله: إلا أنه لا نبي بعدي، فنفى النبوة بعده، فاقتضى ذلك أن يكون ما عدا المستثنى ثابتا في الحال التي نفى فيها ما لم يرده من المنازل، فناب ذلك مناب قوله صلى الله عليه وآله: أنت مني بعد وفاتي بمنزلة هارون من موسى في حياته، لأن إطلاق الاستحقاق وفرض الطاعة يتناول زماني الحياة الوفاة، فإذا استثنى ما لم يرده من المنازل التي لولا الاستثناء لكانت ثابتة في حال بعد الوفاة، اختص مراده صلى الله عليه وآله بها دون حال الحياة، لأنه لا فرق بين قول القائل لصاحبه: اضرب غلماني يوم الخميس إلا زيدا، وبين قوله:
اضرب غلماني إلا زيدا يوم الخميس، في تخصيص أمره بإيقاع الضرب بالمأمور بهم بيوم الخميس.
ولا يجوز حمل قوله عليه السلام: بعدي، على بعد نبوتي، لأنه رجوع عن الظاهر الذي لا يفهم من إطلاقه إلا بعد الوفاة، كقوله صلى الله عليه وآله:
لا ترجعوا بعدي كفارا.
أو كقوله لعلي عليه السلام: ستغدر بك الأمة بعدي.
وقوله: تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.
في إفادة ذلك أجمع بعد الوفاة بغير إشكال.
ولأن الخبر قد أفاد فرض الطاعة والإمامة، فمنع ذلك من حمله على ما قالوه.
ولأنه لا أحد قال إن الخبر يفيد الإمامة إلا قال بثبوتها بعد وفاته عليه السلام، وقد دللنا على اختصاص إفادته لذلك.
ولو سلم ما قالوه لاقتضى استحقاق علي عليه السلام الإمامة وفرض الطاعة في كل حال، انتفت فيه النبوة من بعد ثبوتها له، ولا يخرج من ذلك إلا ما أجمع عليه المسلمون.
ولا يعترضنا قولهم: إن لفظ: منزلة لفظ توحيد، وأنتم تحملونها على جملة منازل.
لأن القائل قد يعبر عمن له عدة منازل من السلطان فيقول: منزلة فلان من السلطان جليلة، وهو يريد الجميع، ويوضح ذلك ثبوت الاستثناء مع قبح دخوله في لفظ الواحد، إذ كان من حقه أن يخرج من الجملة ما تعلق به ويبقى ما عداه.
وإذا ثبت أن لفظ: منزلة متناول لعدة منازل، بدليل دخول الاستثناء الذي لا يدخل إلا على الجمل، فكل من قال بذلك قال إن الخبر مفيد للإمامة.
وليس لأحد أن يقول: إنه عليه السلام لو أراد الخلافة لشبهه بيوشع.
لأنا قد بينا دلالة الخبر على الخلافة مع تشبيهه بهارون، فاقتضى ذلك سقوط السؤال، إذ كان الاقتراح في الأدلة باطل.
على أن لعدوله صلى الله عليه وآله بتشبيهه بهارون عن يوشع وجهين :
أحدها: أن خلافة هارون منطوق بها في القرآن ومجمع عليها، وخلافة يوشع مقصورة على دعوى اليهود العرية من حجة.
الثاني: أنه عليه السلام قصد مع إرادة النص على علي عليه السلام بالإمامة إيجاب باقي المنازل الهارونية من موسى له منه: من النصرة وشدة الأزر والمحبة والاخلاص في النصيحة والتأدية عنه، ولو شبهه بيوشع لم يفهم منه إلا الخلافة، فلذلك عدل إلى تشبيهه بهارون عليه السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في النسخة: " وعليها ".
(2) في النسخة: " اختلف ".
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|