المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



تذوق جمال الكون  
  
1773   11:11 صباحاً   التاريخ: 5-1-2022
المؤلف : هادي المدرسي
الكتاب أو المصدر : كيف تستخدم طاقاتك؟
الجزء والصفحة : ص130 ـ 136
القسم : الاسرة و المجتمع / التنمية البشرية /

كما أن العقل منحة الله الكبرى للإنسان، فإن الذوق هبته العظمى له، واستخدامهما معاً يجعل الحياة أكثر سعادة وجمالاً.

فالله تعالى لم يخلق المعقولات وحدها بل أرفقها بالجمال، فما من مخلوق إلا والجمال يصاحبه، فالأزهار تجذب الأنظار لشدة جمالها كما إنها تغذي العشرات أيضاً، فالطبيعة التي خلقها الله يتلاقح فيها الجمال والعقل.

وكما أن الله خلق العقل، والذوق، فلابد أن نتخلق بأخلاق الله، فنجمع بين استخدام العقل العلمي والذوق الجمالي، وهذا ما يميز الإنسان عن الحيوان، لأن الحيوان ليس مذواقاً فهو يأكل عندما يجوع من دون اهتمام بالأجواء المحيطة بطعامه وأكله، على عكس الإنسان الذي يولي ذلك أهمية بالغة، فيستخدم الطاولة والشموع والمكان النظيف، فالحيوان يريد شيئاً يملأ به معدته ويكتسب منه القوة والنشاط، بينما الإنسان يرغب بأن يضيف شيئاً من الجمال إلى ذلك كله.

غير أن الذوق استخدم بإفراط وتفريط في العالم؛ فحينما جعل الجمال فوق «القيم» في الغرب وطغى الذوق على المبادئ كان ذلك إفراطاً، أما حينما ألغي دور الجمال في الشرق، واعتبره البعض جريمة، وعامله معاملة الخطيئة، كان ذلك تفريطاً.

ففي الشرق يصب البعض مثلاً كل اهتمامه على أساس ابناء ويترك واجهة المنزل من دون تلوين أو تجميل، وتبنى المدن على أساس الكم من دون أي اهتمام بالنوع، فترى مدناً كبيرة بشوارع صغيرة، وحدائق قليلة، فلا يشعر الإنسان فيها بأي نوع من الانشراح والسعادة.

مع العلم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (إن الله جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ويبغض البؤس والتباؤس) (١).

فلماذا إذن نهمل الظاهر ولا نستخدم الذوق في أمورنا الحياتية؟

لقد حدث ذلك لي وأنا جالس في شقة مطلة على البحر الأبيض المتوسط، وكان الجو بارداً في الخارج، وعندما فتحت الشباك رأيت البحر يفترش الأرض بلا حدود، بينما كانت أشعة الشمس ترسل أشعتها من وراء السحاب، وبعض الطيور تحط على البحر حيناً وتطير حيناً آخراً، وكانت الرياح تتلاعب ببعض الأشجار المتناثرة وبأوراقها.

فرأيت حكمة بلا حدود، وجمالا بلا نهاية، وإبداعاً بلا مثيل، كما رأيت هيمنة الله (عز وجل) على الكون وتدبيره الحكيم في خلقه.

ترى قبل خلق البحر، هل كان يخطر ببال أحد هذا الإبداع الجميل، وهذا العلم العظيم، وهذه القدرة الكبيرة؟

إننا نتصور عادة ما نراه، وما لم نره لا يمكننا تصوره، ولكننا في أحيان نكرر صوراً خيالية من بعض ما خلق الله (عز وجل) فننحت تمثالاً أو نرسم لوحة ونفتخر بما قمنا به من إنجاز، فتأتي اللوحة مشابهة للواقع، وإن كانت فاقدة للروح والحياة.

وسر الحكمة في خلق الكون نابع من عدم وجود تصور سابق لهذا الخلق، ولا مثيل ولا شبيه لهذا التنظيم الفذ المنزه عن الأخطاء.

فالله بديع السماوات والأرض، وهو جميل ويحب الجمال، وقد خلق الخلق بلا نموذج سابق، ولا مثال لاحق.

إن الله سبحانه خلق الكون وجعل جماله متجدداً، ففي كل يوم يشرق فجر جديد، ويطل صباح مشرق جميل، ليبعث الأمل والرجاء في النفس، وليحكي مولد يوم جديد سعيد، والله سبحانه زين قبة السماء في الليل بقناديل مضيئة، تغمز فيما بينها، {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [فصلت: 12].

والله تعالى لم يخلق الجمال فحسب، بل أنعم على الإنسان بنعمة البصر ليرى جمال الكون والطبيعة، ثم أعطاه الشعور والاحساس ليتمتع بهذا الجمال، ويشعر بنشوة لا أفضل ولا أجمل منها عندما يسمع غناء البلابل ونشيدها في الحقول وهو ينظر إلى الأزهار المتفتحة، وينظر إلى الطيور، ويسمع خرير المياه.

يقول الشاعر:

أقبل الصبح جميلاً                       يملأ الأفق بهاه

فتمطى الزهر والطير                 وأمواج المياه

قد أفاق العالم الحي                     وغنى للحياة

فأفيقي يا خرافي                      وهلمي يا شياه

واتبعيني يا شياهي              بين أسراب الطيور

واملئي الوادي ثغاء                 ومراحاً وحبور

واسمعي همس السواقي      وانشقي عطر الزهور

وانظري الوادي يغشيه           الضباب المستنير

أقبل الصبح يغني                    للحياة الناعسة

والربى تحلم في               ضل الغصون المائسة

إن الله جميل ويحب الجمال، ولم يحرم التمتع بجمال الطبيعة، ولم يحرم الطيبات، فلماذا لا نتذوق جمال ما خلق؟ ولا نستخدم أذواقنا فيما نصنع؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. كنز العمال، خ ٠17166 



احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.