نصيب

شاعر حجازي نوبي الأبوين كان شديد السواد، وجعله ذلك يحتج للونه كثيرا على شاكلة قوله في بعض شعره:

فإن يك من لوني السواد فإنني … لكالمسك لا يروي من المسك ذائقه

وكان مسترقا لرجل من كنانة من أهل ودان بالقرب من مكة، وتيقظت فيه موهبة الشعر مبكرة، فكاتب مولاه، وفزع الى عبد العزيز بن مروان بمصر، فرد إليه حريته، وكان لذلك أثر عميق في نفسه. فدبج فيه مدائح رائعة من مثل قوله:

224

فبشر أهل مصر فقد أتاهم … مع النيل الذي في مصر نيل

يقول فيحسن القول ابن ليلي … ويفعل فوق أحسن ما يقول (1)

وقوله:

لعبد العزيز على قومه … وغيرهم منن غامره

فبابك أسهل أبوابهم … ودارك مأهولة عامره

وكفك حين تري السائل‍ … ين أندي من الليلة الماطره

وما زال مع عبد العزيز حتي توفي سنة 85 للهجرة، فبكاه بكاء حارا، وأوصي به من بعده سليمان بن عبد الملك، فلزمه، ومن قوله فيه:

قفوا خبروني عن سليمان إنني … لمعروفه من أهل ودان طالب

فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله … ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب (2)

وله مدائح في يزيد بن عبد الملك وأخيه هشام مما يدل على أنه عاش الى أوائل القرن الثاني، وله مدائح في بعض ولاة الحجاز من مثل إبراهيم بن هشام المخزومي والي مكة وعبد الواحد النصري والي المدينة، وبعض ولاة العراق وقواده مثل بشر بن مروان وعمر بن عبيد الله بن معمر. وكان يعني بثيابه وطيبه، وكان كبير النفس، فلم يتورط في هجاء، كما كان عفيفا، وله غزل نقي طاهر، وهو لذلك يسلك في العذريين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ليلي: أم عبد العزيز بن مروان وهي بنت زبان بن الأصبغ الكلبية.

(2) عاجوا: وقفوا.