المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



عدي بن الرقاع  
  
3209   08:31 صباحاً   التاريخ: 15-8-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:344-346
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2016 3168
التاريخ: 26-06-2015 2364
التاريخ: 29-12-2015 4718
التاريخ: 30-12-2015 32293

عدي (1) بن الرقاع

من عاملة إحدى قبائل قضاعة، كان منزله بدمشق، وهو بذلك يسلك في حاضرة الشعراء. وكان مقدما عند بني أمية-كما يقول أبو الفرج مداحا

 

لهم، خاصا منهم بالوليد بن عبد الملك. ونراه يشترك في مخاصمات أشراف قبيلته لعهد يزيد بن معاوية. ولما أشرعت الأسنة بين القبائل اليمنية وقيس في الشام ناصر قومه وبني أمية. ونراه مع عبد الملك في حربه لمصعب بن الزبير، وله يمدحه مفاخرا بنصرتهم له:

لعمري لقد أصحرت خيلنا … بأكناف دجلة للمصعب (2)

يهزون كل طويل القنا … ة ملتئم النصل والثعلب (3)

تقدمنا واضح وجهه … كريم الضرائب والمنصب (4)

أعين بنا ونصرنا به … ومن ينصر الله لم يغلب

ولا نكاد نمضي في عصر الوليد بن عبد الملك حتي نجده يقربه منه ويتخذه شاعره الرسمي، حتي ليعليه على جرير في بعض مجالسه، ويثور جرير، ويهجوه، فيتدخل الوليد ويتهدده إن عاد الى هجائه. ويظل في رعايته يصفيه مدائحه، ويتغني له فيها المغنون، ومما غني له ابن سريج فيه قوله:

صلي الذي الصلوات الطيبات له … والمؤمنون إذا ما جمعوا الجمعا

هو الذي جمع الرحمن أمته … على يديه وكانوا قبله شيعا

إن الوليد أمير المؤمنين … ملك عليه أعان الله فارتفعا

 

صلي الإله على امرئ ودعته … وأتم نعمته عليه وزادها

أولا تري أن البرية كلها … ألقت خزائمها إليه فقادها (5)

ولقد أراد الله إذ ولاكها … من أمة إصلاحها ورشادها

أعمرت أرض المسلمين فأقبلت … ونفيت عنها من يروم فسادها

 

وأصبت في أرض العدو مصيبة … عمت أقاصي غورها ونجادها

ظفرا ونصرا ما تناول مثله … أحد من الخلفاء كان أرادها

وإذا نشرت له الثناء وجدته … جمع المكارم طرفها وتلادها (6)

وعلي هذا النحو كان يمدح الوليد مدحا مبالغا فيه مفرطا، محاولا بكل ما يستطيع أن يخلع عليه هالة من القداسة، فهو قد اصطفاه الله للأمة واختاره لسياستها وصلاح شئونها ورشاد أمورها والتئام شعثها، وقد انقادت إليه بأزمتها، والله يتم عليه نعمته، وهي تصلي له وتدعو بالتوفيق بل إن الله في علاه ليصلي عليه كما يصلي على نبيه محمد المصطفي. ويصور حسن سياسته الداخلية، وكيف أعمر أرض المسلمين حتي ازدهرت وآتت أكلها، وإنه ليحوطها بجنده منزلا على أعدائها صواعقه، فتمحقهم محقا.

وفي أشعاره ما يدل على أنه كان يعني بها عناية شديدة إذ ما يزال يصقلها ويشذبها حتي تلين له متونها، مرددا فيها نظره مجيلا عقله، يقول:

وقصيدة قد بت أجمع بينها … حتي أقوم ميلها وسنادها (7)

نظر المثقف في كعوب قناته … حتي يقيم ثقافه منآدها (8)

واشتهر بين القدماء بأنه كان يحسن وصف الإبل وحمر الوحش والظباء، ومن بديع وصفه لظبية ترتعي ومعها شادنها أو ابنها قوله:

تزجي أغن كأن إبرة روقه … قلم أصاب من الدواة مدادها (9)

ويشبه امرأة بجؤذر، فيقول:

وكأنها وسط النساء أعارها … عينيه أحور من جآذر جاسم (10)

وسنان أقصده النعاس فرنقت … في عينه سنة وليس بنائم (11)

 

ونراه يصف سنابك حماري الوحش حين يعدوان في الصحراء ويثيران من حولهما الغبار وصفا طريفا إذ يقول:

يتعاوران من الغبار ملاءة … غبراء محكمة هما نسجاها

تطوي إذا علوا مكانا ناشزا … وإذ السنابك أسهلت نشراها

وله في النسيب أبيات تدل على دقة حسه من مثل قوله:

ولقد تبيت يد الفتاة وسادة … لي جاعلا يسري يدي وسادها

ولعل في كل ما قدمنا ما يدل على أنه كان شاعرا بارعا، وأنه كان يطلب في شعره أن يأتي بالصور الطريفة والأخيلة المبتكرة والأحاسيس الدقيقة.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر في ترجمة عدي وأخباره وأشعاره أغاني (طبع دار الكتب) 1/ 299 وما بعدها و 9/ 307 وما بعدها و (طبع الساسي) 17/ 165 والطبري 5/ 2 والشعر والشعراء 2/ 600 وابن سلام ص 324، 435، 551، 558 ومعجم الشعراء للمرزباني ص 86 والاشتقاق ص 375 والموشح ص 190 والطرائف الأدبية (طبع لجنة التأليف) ص 81.

(2) أصحرت: برزت

(3) الثعلب: رأس الرمح

(4) الضرائب: الطباع

(5) الخزائم: جمع خزامة. وهي البرة يخزم بها البعير في أنفه. كني بذلك عن الانقياد والطاعة.

(6) طرفها: حادثها. تلادها: قديمها.

(7) السناد: من عيوب الروي.

(8) المثقف: الذي يشحذ الرماح والسيوف ويقومها. منآدها: معوجها.

(9) تزجي: تسوق. الأغن: الشادن في صوته غنة. الروق: القرن. إبرته: طرفه المحدد.

(10) الجآذر: جمع جؤذر وهو ولد البقرة. وجاسم: من قري دمشق.

(11) أقصده: صرعه. رنقت: خالطت.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.