بحث دلالي- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ.. |
2515
03:59 مساءً
التاريخ: 10-7-2021
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-6-2022
1542
التاريخ: 7-5-2021
3996
التاريخ: 18-3-2021
3337
التاريخ: 28-3-2020
1698
|
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة : 105].
تدل الآية الكريمة على أمور :
الأول : يدل قوله تعالى: {عليكم انفسكم} على أن النفس هي محط الكمالات ومحور الملكات أما الفاضلة أو الرديئة الفاسدة كل حسب ما يعمله من الاهتداء والضلال ، والوسيلة الوحيدة لتثبيت تلك الملكات إنما هي الأعمال الصادرة من الفرد ، فإن وافقت الشرع على هداية واهتداء من صاحبها نفعته وأوصلته إلى المقصد والغاية الحميدة وهي ثواب الله تعالى ، وأما إذا كانت مخالفة لما عليه الشرع وكان صاحبها على ضلال وغواية كانت الغاية هي العقاب وإن كان مقصد الجمع واحداً وهو الله تعالى الذي عنده الجزاء ، كما عرفت.
فالآية تحرض المؤمنين إلى الاهتداء والتزود بالزاد الحسن للوصول إلى الغاية الحسنى فلا يكون همهم إلا ذلك ، فإن تذليل النفس في مقام العبودية وحملها على الطاعة مع كونها نفورا لا يمكن السيطرة عليها بالمهولة من أقصى الكمالات وأبلغ المجاهدة ، فلا ينبغي للمؤمن أن يخاف ممن هو على ضلال وغواية ولا يمكنه أن يضر المؤمن بعد أن كان يخاف الله تعالى وحده وكان جميع همه هو الوصول إلى مقام قربه والتنزه عما يوجب البعد عنه ، ولا فرق حينئذ بين أن نحمل الخطاب على آحاد المؤمنين وأفرادهم أي جعل الخطاب إفرادياً أو نحمله على الخطاب الجمعي أي مجمع المؤمنين ومجتمعهم بأن يكون المراد إصلاح مجتمع المؤمنين باتخاذ طريق الهداية والاهتداء بهدي الرسالة والاحتفاظ بالأعمال الصالحة والشعائر الإسلامية نظير قوله تعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران : 103] ، الشامل للأفراد وللمجتمع لأن صلاح المجتمع بصلاح الأفراد وأن أحدهما مكمل للآخر فكما أن الفرد لا يصح أن يخرج عن الهداية والاهتداء بنور الشرع والتكاليف الآلهية والتعاليم الربانية وإن رأى من أهل الضلال ما يرى من اتباع الشهوات وإضاعة الصلوات كذلك ليس للمجتمع المؤمنين أن يخرجوا عن سبيل الهداية لما يرونه من المجتمعات الضالة التي انهمكت في اتباع الشهوات والتمتع بزخارف الدنيا نظير قوله تعالى : {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران: 196، 197].
ومن ذلك يعرف أن لا وجه لصرف الإطلاق إلى خصوص إحدى الجهتين فإن الخطابات القرآنية لها من الشمولية والإحاطة ما لا يكون في أي خطاب آخر.
الثاني : يستفاد من قوله تعالى : { عليكم انفسكم } إمكانية السيطرة على النفس وتقويمها وإخراجها عن ما يشينها وما يلقيها في المهالك ويوردها المخاطر كما أنه يمكن إخراجها من مرتبة إلى مرتبة أخرى من الكمال.
وهذه الآية الكريمة رد لمن يزعم أن النفس إذا اعتادت على شيء لا يمكن تغييرها لأنها صعبة عنيدة لا تسلس لقائدها ، وهذه مزاعم وأعذار واهية .
نعم إن النفس إذا شبت على شيء واعتادت على أمر لا يمكن قلعها عنه بسهولة إلا أن ذلك ممكن بمجاهدة خاصة وتوفيق رباني وإلا لبطلت الشرائع ودعوات الإيمان وإرشادات الأولياء ، وقد تقدم في بعض المباحث السابقة بعض الكلام.
الثالث : يدل قوله تعالى : {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ} [المائدة: 105] على تبديل إيمانهم وعقائدهم أو مجتمعهم إلى غير الحق .
وأن أضرارهم منفية عن المؤمنين فهم في أمن من أضرار الأفراد والمجتمعات الضالة فلا يفزعوا مما هم عليه من كثرة الأموال والأفراد والعدة والعدد ، كما قال تعالى {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ} [آل عمران : 111].
وقد وعدهم الله تعالى النصرة والغلبة فليس بواجب على المؤمنين الجد في إيمان هؤلاء وإيقاع أنفسهم في المشقة والحرج زيادة على ما هو متعارف في الدعوة ، فإن القلة المؤمنة العارفة المشغولة بإصلاح أنفسها خير من الكثرة التي لا هم لها إلا التمتع بالحياة الفانية ، فإن العبرة بالقلوب النبهة العارفة الزاكية لا الأبدان الضخمة البالية.
الرابع : يدل قوله تعالى : { إذا اهتديتم } على أن شرط إصلاح النفس والأمن من أضرار المضلين هو الاهتداء ولا ريب أنه الدخول في الهداية والإصرار على البقاء عليها والمداومة على تحقيق شروطها وإتيان الأعمال المفروضة ، ولا يتم الاهتداء إلا بعد إتمام الحجة وبيان التكاليف ، قال تعالى : { قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } [يونس: 108] ، فالاهتداء اعتقاد بالجنان وعمل بالأركان واستقامة عليها.
الخامس : يدل قوله تعالى : { إلى الله مرجعكم جميعا } ، على أن الضمان لعمل المؤمنين المهتدين هو الرجوع إلى الله عز وجل الذي عنده الجزاء فيثيب المهتدين المطيعين ويعاقب العاصين الضالين فيكون مزيدا لهمة المهتدين وتنبيهاً للضالين.
ويستفاد من قوله تعالى : { مرجعكم } أن الجميع على علم بالرجوع والعود إليه بعد ما كان البدء منه أيضا ، فإن الإنسان إذا كان على علم من هذا الأمر وأنه محاط بالمبدأ والمعاد ولا يمكنه الخروج عن الطريق الذي يكون مبدأ منه عز وجل ومعاده إليه تعالى يكون ذلك أدعى إلى اليقظة والتنبيه التام لئلا يخرج عن ذلك الطريق فلا يسعه التخطي عن ذلك ولو بخطوة ، بخلاف من غفل عن ذلك ونسي الواقع الذي لا مفر منه والمرجع الذي لا بد من الرجوع إليه فيغفل عن نفسه لا محالة ويقع في الضلال والغواية فلا يكون حينئذ إلا الخسران كما عرفت في التفسير.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|