أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-12-2019
1714
التاريخ: 27-8-2019
2148
التاريخ: 20-10-2019
1387
التاريخ: 20-10-2019
2212
|
هجرة أمير المؤمنين عليه السّلام :
واستمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» في هجرته المباركة حتى قرب من المدينة ، فنزل بادئ ذي بدء في قباء في بيت عمرو بن عوف ، فأراده أبو بكر على دخول المدينة ، وألاصه فأبى ، وقال : ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن أمي وأخي ، وابنتي ، يعني عليا وفاطمة «عليهما السلام» (١).
فلما أمسى فارقه أبو بكر ، ودخل المدينة ، ونزل على بعض الأنصار ، وبقي رسول الله بقباء ، نازلا على كلثوم بن الهدم (2).
ثم كتب رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى أخيه علي «عليه السلام» كتابا يأمره بالمسير إليه وقلة التلوم ، وأرسل الكتاب مع أبي واقد الليثي.
فلما أتاه كتاب النبي «صلى الله عليه وآله» تهيأ للخروج والهجرة ، فأعلم من كان معه من ضعفاء المؤمنين ، وأمرهم أن يتسللوا ، ويتخفوا تحت جنح الليل إلى ذي طوى ، وخرج «عليه السلام» بفاطمة بنت الرسول ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ، وتبعهم أيمن ابن أم أيمن مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وأبو واقد ، فجعل يسوق بالرواحل فأعنف بهم ، فأمره «عليه السلام» بالرفق فاعتذر بخوفه من الطلب.
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام» : إربع عليك ، فإن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال لي : (أي حين سفره من الغار كما تقدم) يا علي أما إنهم لن يصلوا من الآن إليك بأمر تكرهه.
وأدركه الطلب قرب ضجنان ، وهم سبع فوارس متلثمون ، وثامنهم مولى للحارث بن أمية ، يدعى جناحا.
فأنزل علي «عليه السلام» النسوة ، وأقبل على القوم منتضيا السيف ، فأمروه بالرجوع ، فقال : فإن لم أفعل؟
قالوا : لترجعن راغما ، أو لنرجعن بأكثرك شعرا ، وأهون بك من هالك.
ودنا الفوارس من المطايا ليثوروها ، فحال علي «عليه السلام» بينهم وبينها فاهوى جناح بسيفه ، فراغ علي «عليه السلام» عن ضربته ، وتختله علي «عليه السلام» فضربه على عاتقه ، فأسرع السيف مضيا فيه ، حتى مس كاثبة فرسه ، وشد عليهم بسيفه ، وهو يقول :
خلوا سبيل الجاهد المجاهد
آليت لا أعبد غير الواحد
فتصدع القوم عنه وقالوا : أغن عنا نفسك يا ابن أبي طالب.
قال : فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله بيثرب ، فمن سره أن أفري لحمه ، وأهريق دمه ، فليتبعني ، أو فليدن مني ، ثم أقبل على صاحبيه ، فقال لهما : أطلقا مطاياكما.
ثم سار ظاهرا حتى نزل بضجنان ، فتلوم بها قدر يومه وليلته ، ولحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين ، وفيهم أم أيمن مولاة الرسول «صلى الله عليه وآله» فعبدوا الله تلك الليلة قياما وقعودا وعلى جنوبهم حتى طلع الفجر ، فصلى بهم علي «عليه السلام» صلاة الفجر ثم سار بهم ، فجعلوا يصنعون ذلك في كل منزل ، حتى قدم المدينة ، وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم.
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً ..)
إلى قوله : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى ..)(3).
ولما بلغ النبي «صلى الله عليه وآله» قدومه «عليه السلام» ، قال : ادعوا لي عليا.
قيل : يا رسول الله ، لا يقدر أن يمشي.
فأتاه «صلى الله عليه وآله» بنفسه ، فلما رآه اعتنقه ، وبكى رحمة لما بقدميه من الورم ، وكانتا تقطران دما.
وقال «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام» : يا علي ، أنت أول هذه الأمة إيمانا بالله ورسوله ، وأولهم هجرة إلى الله ورسوله ، وآخرهم عهدا برسوله ، لا يحبك والذي نفسي بيده إلا مؤمن قد امتحن قلبه للإيمان ولا يبغضك إلا منافق أو كافر (4).
إذن ، فالهجرة العلنية ، والتهديد بالقتل لمن يعترض سبيل المهاجر قد كانا من علي «عليه السلام» ، وليس من عمر بن الخطاب ، وقد تقدم في فصل ابتداء الهجرة إلى المدينة بعض ما يدل على عدم صحة نسبة ذلك إلى عمر ، وإنما نسبوا ما كان من أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى غيره ، شأن الكثير من فضائله ومواقفه «عليه السلام».
السياسة الحكيمة :
وبعد .. فإن من الأمور الجديرة بالملاحظة هنا : أننا نجد أمير المؤمنين عليا وكذلك أبناءه من بعده «عليهم السلام» يحاولون تفويت الفرصة على مزوري التاريخ من أعداء الدين والحق والإيمان ، فقد روى عبد الواحد بن أبي عون :
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» حينما توفي أمر علي «عليه السلام» صائحا يصيح : «من كان له عند رسول الله عدة أو دين فليأتني».
فكان يبعث كل عام عند العقبة يوم النحر من يصيح بذلك ، حتى توفي علي ، ثم كان الحسن بن علي يفعل ذلك حتى توفي ، ثم كان الحسين يفعل ذلك ، وانقطع ذلك بعده ، رضوان الله تعالى عليهم وسلامه.
قال ابن عون : فلا يأتي أحد من خلق الله إلى علي بحق ولا باطل إلا أعطاه (5).
__________________
(١) راجع : الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٣٥ من دون ذكر للاسم ، وأمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٨٣ ، وإعلام الورى ص ٦٦ ، والبحار ج ١٩ ص ٦٤ و ١٠٦ و ١١٥ و ١١٦ و ٧٥ و ٧٦ وج ٢٢ ص ٣٦٦ عن الخرائج والجرايح.
(2) إعلام الورى ص ٦٦ ، والبحار ج ١٩ ص ١٠٦ عنه.
(3) الآيات ١٩١ ـ ١٩٥ من سورة آل عمران.
(4) راجع فيما ذكرناه : أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٨٣ ـ ٨٦ ، والبحار ج ١٩ ص ٦٤ ـ ٦٧ و ٨٥ وتفسير البرهان ج ١ ص ٣٣٢ و ٣٣٣ عن الشيباني في نهج البيان ، وعن الاختصاص للشيخ المفيد ، والمناقب لابن شهر آشوب ج ١ ص ١٨٣ و ١٨٤ ، وإعلام الورى ص ١٩٠ وراجع : امتاع الاسماع للمقريزي ج ١ ص ٤٨.
(5) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ قسم ٢ ص ٨٩.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|