أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-05-2015
1838
التاريخ: 24-05-2015
1044
التاريخ: 24-05-2015
1495
التاريخ: 24-05-2015
855
|
إنّ هنا عاملاً لتكوّن الفرق ونشوء الفوضى في العقائد والأُصول ، وهو المنع عن كتابة الحديث وتدوينه بل التحدّث عنه بعد رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) إلى عهد المنصور العباسي.
توضيحه : الحديث عبارة عمّا ينسب إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) من قول أو فعل أو تقرير نازل منزلة التفسير لمعاني الكتاب الحكيم ، مبيّن لمجمله ، شارح لمعانيه ، كما يعرب عنه قوله سبحانه : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل : 44]
أي لا لتقرأ فقط ، بل تبيّن وتشرح ما نزل ، بقولك وفعلك وتقريرك.
إذا كانت السنّة هي في الدرجة الثانية من الدين بعد القرآن الكريم في الحجية والاعتبار ، حتى إنّك لا تجد فيها شيئاً إلاّ وفي القرآن أُصوله وجذوره ، ولا إسهاباً إلاّ وفيه مجمله وعناوينه.
وإذا كان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) لا يصدر في قوله وكلامه إلاّ بإيحاء من اللّه سبحانه كما يصرح بذلك قوله سبحانه : { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم : 2 - 4].
فهل يصحّ للرسول أن يمنع عن تدوينه وكتابته أو مدارسته ومذاكرته؟!
وإذا كان الرسول منع دراسة الحديث ونقله ونشره وتدوينه ، فما معنى قوله (صلى الله عليه واله وسلم) في خطبته في منى عام حجّة الوداع : « نضر اللّه امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلّغها ، فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه » (1) ؟! وما معنى قوله (صلى الله عليه واله وسلم) : « نضّر اللّه امرأً سمع منا شيئاً فبلغه كما يسمع ، فرب مبلّغ أوعى من سامع » (2) ؟! أو قوله (صلى الله عليه واله وسلم) : « اللّهمّ ارحم خلفائي ، اللّهم ارحم خلفائي ، اللّهمّ ارحم خلفائي » قيل : يا رسول اللّه ومن خلفاؤك؟ قال : « الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنّتي » (3) ؟! كيف تصحّ نسبة المنع إلى الرسول الأعظم ، مع أنّ المستفيض منه خلافه؟! وإليك بعض ما ورد عنه (صلى الله عليه واله وسلم) .
أمر الرسول بكتابة حديثه
1 ـ روى البخاري عن أبي هريرة أنّ خزاعة قتلوا رجلاً من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه ، فأُخبر بذلك النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فركب راحلته فخطب ، فقال : « إنّ اللّه حبس عن مكة القتل أو الفيل ( شكّ أبو عبد اللّه ) وسلّط عليهم رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) والمؤمنين. ألا وإنّها لم تحل لأحد قبلي ولم تحل لأحد بعدي ـ إلى أن قال ـ : فجاء رجل من أهل اليمن فقال : اكتب لي يا رسول اللّه؟ فقال : « اكتبوا لأبي فلان ـ إلى أن قال ـ : كتب له هذه الخطبة » (4) .
2 ـ وروي أنّ رجلاً من الأنصار كان يجلس إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فيسمع من النبي الحديث فيعجبه ولا يحفظه ، فشكا ذلك إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فقال : يا رسول اللّه إنّي أسمع منك الحديث
فيعجبني ولا أحفظه ، فقال رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) : « استعن بيمينك » وأومأ بيده للخط. (5)
3 ـ وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قلت : يا رسول اللّه أكتب كلّ ما أسمع منك؟ قال : « نعم ». قلت : في الرضا والسخط؟ قال : « نعم فإنّه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلاّحقاً ». (6)
4 ـ وعن عبد اللّه بن عمرو قال : كنت أكتب كلّ شيء أسمعه من رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أُريد حفظه ، فنهتني قريش وقالوا : تكتب كلّ شيء سمعته من رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ورسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بشر يتكلم في الغضب والرضا ، فأمسكت عن الكتابة ، فذكرت ذلك لرسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال : « اكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حقّ ». (7)
5 ـ وعن عمرو بن شعيب عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قلت : يا رسول اللّه إنّا نسمع منك أحاديث لا نحفظها أفلا نكتبها؟ قال : « بلى فاكتبوها ». (8)
أضف إلى ذلك أنّ الذكر الحكيم يحثّ المسلمين على كتابة ما يتداينون بينهم. قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ ...} [البقرة: 282] ثمّ يعود ويؤكد على المؤمنين أن لا يسأموا من الكتابة فقال سبحانه : {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ } [البقرة : 282]
فإذا كان المال الذي هو زينة الحياة الدنيا من الأهمية بهذه المنزلة ، فكيف بأقوال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وأفعاله وتقاريره التي تعتبر تالي القرآن الكريم حجّية وبرهاناً؟
وهناك كلمة قيّمة للخطيب البغدادي نأتي بها برمتها : وقد أدّب اللّه سبحانه عباده بمثل ذلك في الدين ، فقال عزّ وجلّ : { وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا } [البقرة : 282]
فلمّا أمر اللّه تعالى بكتابة الدين حفظاً له ، واحتياطاً عليه وإشفاقاً من دخول الريب فيه ، كان العلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدين ، أحرى أن تباح كتابته خوفاً من دخول الريب والشكّ فيه. بل كتابة العلم في هذا الزمان ، مع طول الاسناد ، واختلاف أسباب الرواية ، أحج من الحفظ ، ألا ترى أنّ اللّه عزّوجلّ جعل كتب الشهادة فيما يتعاطاه الناس من الحقوق بينهم ، عوناً عند الجحود ، وتذكرة عند النسيان ، وجعل في عدمها عند المموّهين بها أوكد الحجج ببطلان ما ادّعوه فيها ، فمن ذلك أنّ المشركين لما ادّعوا بهتاً اتخاذ اللّه سبحانه بنات من الملائكة ، أمر اللّه نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) أن يقول لهم : {فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الصافات: 157]
ولمّا قالت اليهود : {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 91] ، وقد استفاض عنهم قبل ذلك للإيمان بالتوراة ، قال اللّه تعالى لنبيّنا ( صلى الله عليه وسلم ) قل لهم : { مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا } [الفاتحة : 91] ، فلم يأتوا على ذلك ببرهان ، فأطلع اللّه على عجزهم عن ذلك بقوله : { قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ } [الأنعام : 91]
وقال تعالى ـ رادّاً على متّخذي الأصنام آلهة من دونه ـ : { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [الأحقاف : 4] والأثارة والأثرة ، راجعان في المعنى إلى شيء واحد ، وهو ما أثر من كتب الأوّلين. وكذلك سبيل من ادّعى علماً أو حقاً من حقوق الأملاك ، أن يقيم دون الإقرار برهاناً ، إمّا شهادة ذوي عدل أو كتاباً غير مموّه ، وإلاّفلا سبيل إلى تصديقه.
والكتاب شاهد عند التنازع ... إلى آخر ما ذكره.
نرى أنّه سبحانه قد شرح دساتير وحيه وآي قرآنه بالأمر بالقراءة مبيّناً أهمية القلم في التعليم والتعلّم حيث قال عزّمن قائل : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} [العلق : 1 - 4].
بل وعظّم سبحانه القلم والكتابة تعظيماً ، حتى جعلها بمرتبة استحقاق القسم بها فهو جلّ وعلا يقول : { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } [القلم : 1]
أفهل يعقل معه أن ينهى رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) عن كتابة ما هو قرين القرآن وتاليه في الحجية ، أعني : السنة الشريفة؟! كلاّ.
هذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ ما نسب إليه (صلى الله عليه واله وسلم) من النهي عن كتابة الحديث ، يخالف منطق الوحي والحديث والعقل ، وما هو إلاّوليد الأوهام والسياسات التي أخذت تمنع نشر حديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وتدوينه لغايات سياسية لا تخفى على ذي لب. فمثلاً روى مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) قال : « لا تكتبوا عنّي ، ومن كتب عنّي غير القرآن فليمحه ». (9)
وفي رواية : إنّهم استأذنوا النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أن يكتبوا عنه فلم يأذنهم. (10)
وفي مسند أحمد أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) نهى أن نكتب شيئاً من حديثه (11). وأيضاً ورد في مسند أحمد عن أبي هريرة أنّه قال : « كنا قعوداً نكتب ما نسمع من النبي ، فخرج علينا فقال : « ما هذا تكتبون »؟ فقلنا : ما نسمع منك ، فقال : « أكتاب مع كتاب اللّه؟ » فقلنا : ما نسمع. فقال : « اكتبوا كتاب اللّه ، امحضوا كتاب اللّه ، أكتاب غير كتاب اللّه ، امحضوا أو خلصوه ». قال : فجعلنا ما كتبنا في صعيد واحد ثمّ أحرقناه بالنار » (12) .
ثمّ إنّ القوم لم يكتفوا بما نسبوه إلى النبي في مجال كتابة الحديث ، بل ذكروا هناك أحاديث موقوفة على الصحابة والتابعين تنتهي إلى الشخصيات البارزة : كأبي سعيد الخدري ، وأبي موسى الأشعري ، وعبد اللّه بن مسعود ، وأبي هريرة ، وعبد اللّه بن عباس ، وعبد اللّه بن عمر ، وعمر بن عبد العزيز ، وعبيدة ، وإدريس بن أبي إدريس ، ومغيرة بن إبراهيم ، إلى غير ذلك (13) .
وروى عروة بن الزبير أنّ عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن ، فاستشار في ذلك أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق عمر يستخير اللّه فيها شهراً ، ثمّ أصبح يوماً وقد عزم اللّه له ، فقال : إنّي كنت أردت أن أكتب السنن ، وإنّي ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً فأكبّوا عليها وتركوا كتاب اللّه ، وإنّي واللّه لا ألبس كتاب اللّه بشيء أبداً. (14)
وروى ابن جرير أنّ الخليفة عمر بن الخطاب كان كلّما أرسل حاكماً أو والياً إلى قطر أو بلد ، يوصيه في جملة ما يوصيه : جرّدوا القرآن وأقلّوا الرواية عن محمّد وأنا شريككم. (15)
وكان عمر قد شيع قرظة بن كعب الأنصاري ومن معه إلى « صرار » على ثلاثة أميال من المدينة ، وأظهر لهم أنّ مشايعته لهم إنّما كانت لأجل الوصية بهذا الأمر ، وقال لهم ذلك القول.
قال قرظة بن كعب الأنصاري : أردنا الكوفة ، فشيّعنا عمر إلى « صرار » فتوضأ فغسل مرتين ، وقال : تدرون لم شيعتكم؟ فقلنا : نعم ، نحن أصحاب رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : إنّكم تأتون أهل قرية لهم دويّ بالقرآن كدويّ النحل ، فلا تصدّوهم بالأحاديث فتشغلوهم ، جرّدوا القرآن ، وأقلّوا الرواية عن رسول اللّه ، وامضوا وأنا شريككم. (16)
وقد حفظ التاريخ أنّ الخليفة قال لأبي ذر ، وعبد اللّه بن مسعود ، وأبي الدرداء : ما هذا الحديث الذي تفشون عن محمّد ؟!. (17)
وذكر الخطيب في « تقييد العلم » عن القاسم بن محمد : أنّ عمر بن الخطاب بلغه أنّ في أيدي الناس كتباً ، فاستنكرها وكرهها ، وقال : أيّها الناس إنّه قد بلغني أنّه قد ظهرت في أيديكم كتب ، فأحبها إلى اللّه ، أعدلها وأقومها ، فلا يبقين أحد عنده كتاب إلاّ أتاني به فأرى فيه رأيي. قال فظنوا أنّه يريد ينظر فيها ويقوّمها على أمر لا يكون فيه اختلاف ، فأتوه بكتبهم ، فأحرقها بالنار ثمّ قال : أمنية كأمنية أهل الكتاب. (18)
وقد صار عمل الخليفتين سنّة ، فمشى عثمان مشيهما ، ولكن بصورة محدودة وقال على المنبر : لا يحل لأحد يروي حديثاً لم يسمع به في عهد أبي بكر ولا عهد عمر (19) .
كما أنّ معاوية اتبع طريقة الخلفاء الثلاث فخطب وقال : يا ناس أقلّوا الرواية عن رسول اللّه وإن كنتم تتحدّثون فتحدّثوا بما كان يتحدّث به في عهد عمر (20) .
حتى أنّ عبيد اللّه بن زياد عامل يزيد بن معاوية على الكوفة ، نهى زيد بن أرقم الصحابي عن التحدّث بأحاديث رسول اللّه (21) .
وبذلك أصبح ترك كتابة الحديث سنّة إسلامية ، وعدّت الكتابة شيئاً منكراً مخالفاً لها.
هذه هي بعض الأقاويل التي رواها أصحاب الصحاح والسنن ، وفي نفس الوقت نقلوا أحاديث تناقضها وتأمر بكتابة الحديث والسنّة كما ستوافيك.
كيف يسمح العقل والمنطق أن يحكم بصحّة الأحاديث الناهية عن الكتابة ، مع أنّ الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أمر في أُخريات حياته أن يحضروا له قلماً ودواة ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً! وما كان المكتوب ( على فرض كتابته ) إلاّ حديثاً من أحاديثه ، فقد روى البخاري عن ابن عباس أنّه قال : لمّا اشتدّ بالنبي وجعه قال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده ، قال عمر : إنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) غلبه الوجع وعندنا كتاب اللّه حسبنا. فاختلفوا وكثر اللغط قال : « قوموا عنّي ولا ينبغي عندي التنازع » فخرج ابن عباس يقول : الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول اللّه وبين كتابه (22) .
أفهل يجتمع هذا الأمر مع النهي عن تدوينه؟!
ثمّ إنّنا نرى أنّ الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) بعث كتب إلى الملوك والساسة والأُمراء والسلاطين وشيوخ القبائل ورؤسائها ناهز عددها ثلاثمائة كتاب في طريق الدعوة والتبليغ أو حول العهود والمواثيق وقد حفظ التاريخ متون هذه الرسائل التي جمع بعضها نخبة مع المحقّقين في كتب خاصة. (23)
والتاريخ يصرح بأنّ الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كان يملي والكاتب يكتب ، فلما ازدادت الحاجة وكثرت العلاقات الاجتماعية أصبحت الحاجة إلى كتّاب يمارسون عملهم ، فأدّى ذلك إلى كثرة الكتّاب فجعل لكلّ عمل كاتباً ، ولكلّ كاتب راتباً معيناً. وقد كان أكثرهم كتابة ، علي بن أبي طالب صلوات وسلامه عليه ، فقد كان يكتب الوحي وغيره من العهود والمصالحات ، وقد أنهى المؤرخون كتّابه (صلى الله عليه واله وسلم) إلى سبعة عشر كاتباً.
فهل يجوز أن يكتب الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) هذه المكاتبات والعهود والمصالحات إلى بطون القبائل ورؤساء العشائر وهو يعلم أنّهم يحتفظون بهذه المكاتبات بحجّة أنّها من أوثق الوثائق السياسية والدينية ، ثمّ ينهى عن تسطير كلامه وحديثه؟! فما هذان إلاّنقيضان لا يجتمعان.
ومع ذلك كلّه فقد غلبت الغايات السياسية على الأهداف الدينية وقامت بكلّ قوة أمام حديث النبي ونشره وكتابته ، حتّى إنّ الخليفة أبا بكر أحرق في خلافته خمسمائة حديث كتبه عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) (2).
و لمّا قام عمر بعده بالخلافة نهى عن كتابة الحديث وكتب إلى الآفاق : أنّ من كتب حديثاً فليمحه. (25)
ثمّ نهى عن التحدّث ، فتركت عدّة من الصحابة الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (26) فلم يكتب الحديث ولم يدوّن إلاّ في عهد المنصور عام 143 كما سيوافيك بيانه.
وقد بلغت جسارة قريش على ساحة النبي الأقدس أن منعوا عبد اللّه بن عمرو عن الاهتمام بحديث النبي وكتابته مدّعين بأنّه بشر يغضب (27). أي واللّه إنّه بشر يرضى ويغضب ، ولكن لا يرضى ولا يغضب إلاّ من حقّ ولا يصدر إلاّ عنه.
إنّ الرزية الكبرى هي أن يمنع التحدّث بحديث رسوله وكتابته وتدوينه ويحل محله التحدّث عن العهد القديم والجديد وعن الأحاديث الإسرائيلية والمسيحية والمجوسية (28) فتمتلئ الأذهان والصدور بالقصص الخرافية التي لا تمت إلى الإسلام بصلة ولا يصدقها العقل والمنطق كما سيمر عليك شرح تلك الفاجعة العظمى التي ألمت بالإسلام والمسلمين.
فلو صحّ ما نقل عن أبي هريرة من جمع ما كتبه الصحابة عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في مكان واحد وحرقه بالنار ، لوجب على المسلمين كافة أن يجمعوا كلّ مصادر أحاديث الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وعلى رأسها صحيح البخاري وصحيح مسلم وحرقها في مكان واحد وذلك اقتداء بالسلف الصالح!! ، وإذا صحّ فهل يبقى من الإسلام ما يرجع إليه في فهم القرآن الكريم وتمييز الحلال عن الحرام؟!
والذي أظنّه ( وظن الألمعي صواب ) أنّ الذي منع من تدوين الحديث ونشره ومدارسته وكتابته بعد رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ، هو الذي منع كتابة الصحيفة يوم الخميس عند احتضار النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، فالغاية بداية ونهاية وقبل رحلته (صلى الله عليه واله وسلم) وبعدها واحدة لم تتغير ، وأمّا حقيقة تلك الغاية فتفصيلها موكول إلى آونة أُخرى ونأتي بمجملها :
كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) منذ أن صدع بالدعوة ، وأجهر بها ، ينص على فضائل علي ومناقبه في مناسبات شتّى ، فقد عرّفه في يوم الدار الذي ضم فيه أكابر بني هاشم وشيوخهم ، بقوله : « إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا».
وفي يوم الأحزاب بقوله : « ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين ».
وفي اليوم الذي غادر فيه المدينة متوجهاً إلى تبوك ، وقد ترك علياً خليفته على المدينة ، عرّفه بقوله : « أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ».
إلى أن عرّفه في حجّة الوداع في غديرخم بقوله : « من كنت مولاه ، فهذا عليٌّ مولاه ». (29)
وغير ذلك من المناقب والفضائل المتواترة ، وقد سمعها كثير من الصحابة فوعوها.
فكتابة حديث رسول اللّه بمعناها الحقيقي ، لا تنفك عن ضبط ما أثر عنه (صلى الله عليه واله وسلم) في حقّ أوّل المؤمنين به ، وأخلص المناصرين له في المواقف الحاسمة ، وليس هذا شيئاً يلائم شؤون الخلافة التي تقلّدها المانع عن الكتابة.
وهناك وجه آخر للمنع عنها ، هو أنّ عليّاً كان أحد المهتمين بكتابة حديث رسول اللّه وضبطه كما كان مولعاً بضبط الوحي وكتابته. وقد كتب من أحاديث رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ما أملى عليه فصار له أُذناً واعية ، وهو (عليه السلام) بالنسبة إلى رسول اللّه كما قال هو نفسه : « إنّي كنت إذا سألته أنبأني ، وإذا سكتُّ ابتدأني » (30). وهو أوّل من ألّف أحاديث رسول اللّه وكتب ، وهذه منقبة عالية لأمير المؤمنين دون غيره ، إلاّ أقلّ القليل. فاهتم مخالفوه بإخفاء هذه الفضيلة ، باختلاق حديث منع الكتابة ، فروى مسلم وغيره عنه (صلى الله عليه واله وسلم) : « لا تكتبوا عنّي سوى القرآن ، ومن كتب فليمحه » (31) وكانت الغاية من تلك المقالة ، الطمس على ما كتبه علي (عليه السلام) من الأحاديث.
على أنّهم لم يكتفوا بذلك ، فرووا عن علي أنّه قال : « ليس عندنا كتاب سوى ما في قراب السيف ». (32)
وروى البخاري عن أبي جحيفة ، قال : قلت لعلي : هل عندكم كتاب؟ قال : لا ، إلاّ كتاب اللّه ، أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة ، قال : قلت : فما في هذه الصحيفة؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، ولا يقتل مسلم بكافر. (33)
مع أنّ الكتاب الذي كتبه علي بإملاء رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ، كتاب كبير رآه أئمة الشيعة ، وهو من مواريث النبوة وكان مشتملاً على أحاديث فقهية ، وغيرها. وقد نقل عنه مشايخنا المحدّثون الأُول في جوامعهم ، ولو صحّ وجود كتاب في قراب سيفه ، فهو لا يمت إلى هذا الكتاب بصلة.
وقد قام زميلنا العلاّمة الحجّة الشيخ علي الأحمدي ، بجمع ما روى الأئمّة عن هذا الكتاب من الأحاديث في موسوعته ، وأخرجها من الكتب الأربعة ، والجامع الأخير وسائل الشيعة (34) .
إنّ الخسارات التي مني الإسلام والمسلمون بها من جراء مثل هذا المنع ،
كائناً ما كان سببه ، كانت وما تزال عظيمة ووخيمة ، وسنشير إلى بعضها في محلها إن شاء اللّه تعالى.
إذا كان المنع من كتابة السنّة أمراً عجيباً ، فتبرير هذا المنع بأنّه كان لصيانة اختلاط الحديث بالقرآن الكريم أعجب منه ، وذلك لأنّ التبرير هذا أشبه بالاعتذار الأقبح من الذنب ، لأنّ القرآن الكريم في أُسلوبه وبلاغته يغاير أُسلوب الحديث وبلاغته ، فلا يخاف عليه من الاختلاط بالقرآن مهما بلغ من الفصاحة ، فقبول هذا التبرير يلازم إبطال إعجاز القرآن الكريم وهدم أُصوله من القواعد.
ومثله ، الأعذار المنحوتة الأُخرى لتبرير هذا المنع ، كخوف الانكباب على دراسة غير القرآن ، الذي نسب إلى الخليفة عمر بن الخطاب على ما مرّ ، غير أنّ مرور الزمان أثبت خلاف تلك الفكرة ، لأنّ كتابة الحديث من عصر المنصور لم تؤثر في دراسة القرآن وحفظه وتعليمه وتعلّمه. وهناك أعذار منحوتة أُخرى لا تقصر في البطلان عن سابقيها ولم تخطر ببال المانع أو المانعين أبداً ، وإنّما هي وليدة « حبّ الشيء الذي يعمي ويصم » بعد لأي من الدهر ، والهدف منه هو إسدال العذر على العمل السيِّء ، أعاذنا اللّه منه.
وقد نحت الخطيب البغدادي مثل هذه الأعذار ، وقال : قد ثبت أنّ كراهة من كره الكتابة من الصدر الأوّل ، إنّما هي لئلا يضاهى بكتاب اللّه تعالى غيره ، أو يشتغل عن القرآن بسواه. ونهى عن الكتب القديمة أن تتخذ ، لأنّه لا يعرف حقّها من باطلها ، وصحيحها من فاسدها. مع أنّ القرآن كفى منها ، وصار مهيمناً عليها ، ونهى عن كتب العلم في صدر الإسلام وجدته ، لقلّة الفقهاء في ذلك الوقت ، والمميزين بين الوحي وغيره ، لأنّ أكثر الأعراب لم يكونوا فقهوا في الدين ، ولا جالسوا العلماء العارفين ، فلم يؤمن أن يلحقوا ما يجدون من الصحف بالقرآن. ويعتقدوا أنّ ما اشتملت عليه كلام الرحمن. (35)
وقد استمر المنع من تدوين الحديث إلى عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز ( 99 ـ 101 ) فأحسّ بضرورة تدوين الحديث ، فكتب إلى أبي بكر بن حزم في المدينة : انظر ما كان من حديث رسول اللّه فاكتبه ، فإنّي خفت دروس العلم وذهاب العلماء ، ولا تقبل إلاّ أحاديث النبي ، ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم ، فإنّ العلم لا يهلك حتى يكون سراً. (36)
ومع هذا الإصرار المؤكّد من الخليفة ، صارت رواسب الحظر السابق المؤكّد من قبل الخلفاء الماضين حائلة دون القيام بما أمر به الخليفة ، فلم يكتب شيء من أحاديث النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بعد صدور الأمر منه ، إلاّ صحائف غير منظمة ولا مرتبة ، إلى أن دالت دولة الأمويّين وقامت دولة العباسيّين ، وأخذ أبو جعفر المنصور بمقاليد الحكم ، فقام المحدّثون في سنة مائة وثلاثة وأربعين بتدوين الحديث ، وفي ذلك قال الذهبي :
وفي سنة مائة وثلاثة وأربعين شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه والتفسير ، فصنّف ابن جريج بمكة ، ومالك الموطأ بالمدينة ، والأوزاعي بالشام ، وابن أبي عروبة ، وحماد بن سلمة وغيرهما في البصرة ، ومعمر باليمن ، وسفيان الثوري بالكوفة ، وصنّف ابن إسحاق المغازي ، وصنّف أبو حنيفة الفقه والرأي ـ إلى أن قال ـ : وقبل هذا العصر كان الأئمّة يتكلمون من حفظهم أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة. (37)
ومعنى هذا ، أنّ العالم الإسلامي اندفع فجأة بعد مضي 143 سنة من هجرة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) نحو هذا الأمر ، فاشتغل العلماء بجمع الأحاديث والفقه وتدوينهما ، وأُلّفت كتب كثيرة في هذا المجال ، واستمرت تلك الحركة إلى حدود سنة 250 ، فجمعت أحاديث كثيرة ، ودوّنت العقائد على طبق الأحاديث المضبوطة ، فإذا كان هذا هو تاريخ الحديث وتدوينه وانتشاره ، يتبيّن للقارئ بسهولة أنّ حديثاً لم يكتب طوال قرن ونصفه كيف تكون حاله مع أعدائه الذين كانوا له بالمرصاد ، وكانوا يكذبون عليه بما يقدرون ، وينشرون كل غث وسمين باسم الدين وباسم الرسول ، كما سيوافيك بيانه ، وما قيمة العقائد التي دونت على أساس تلك الأحاديث؟!!
نحن لا ننكر أنّ العلماء والمحدّثين قاموا بوظيفتهم وواجبهم الديني تجاه السنّة النبوية ، وكابدوا وتحملوا المشاق في استخراج الصحيح من السقيم ، لكن العثور على الصحيح بعد هذه الحيلولة الطويلة ، من أشقّ المشاكل وأصعب الأُمور.
وبسبب هذه الحيلولة كلّما بعد الناس عن عصر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ازداد عدد الأحاديث ، حتى أخرج محمد بن إسماعيل البخاري صحيحه عن ستمائة ألف ( 000 ، 600 ) حديث ولأجل ذلك نرى أنّ هرم الأحاديث يتصل بزمن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، وقاعدة ذلك الهرم تنتهي إلى القرون المتأخّرة ، فكلّما قربنا من زمن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) نجد الحديث قليلاً ، والعكس بالعكس. وهذا يدّل على أنّ الأحاديث عالت حسب وضع الوضّاعين وكذب الكذّابين.
1 ـ هناك كلمة للدكتور محمد حسين هيكل أماط الستر عن وجه الأحاديث المنسوبة إلى النبي الأكرم وقال :
وسبب آخر يوجب تمحيص ما ورد في كتب السلف ، ونقده نقداً دقيقاً على الطريقة العلمية ، أن أقدمها ، كتب بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بمائة سنة أو أكثر ، وبعد أن فشت في الدولة الإسلامية دعايات سياسية وغير سياسية. كان اختلاق الروايات والأحاديث بعض وسائلها إلى الذيوع والغلب ، فما بالك بالمتأخر ممّا كتب في أشد أزمان التقلقل والاضطراب؟ وقد كانت المنازعات السياسية سبباً فيما لقيه الذين جمعوا الحديث ونفوا زيفه ودوّنوا ما اعتقدوه صحيحاً منه ، من جهد وعنت أدى إليهما حرص هؤلاء الجامعين على الدقة في التمحيص حرصاً لا يتطرق إليه ريب. ويكفي أن يذكر الإنسان ما كابده البخاري من مشاق وأسفار في مختلف أقطار الدولة الإسلامية لجمع
الحديث وتمحيصه ، وما رواه بعد ذلك من أنّه ألفى الأحاديث المتداولة تربي على ستمائة ألف حديث لم يصح منها أكثر من أربعة آلاف. وهذا معناه أنّه لم يصح لديه من كلّ مائة وخمسين حديثاً إلاّحديث واحد.
أمّا أبو داود فلم يصحّ لديه من خمسمائة ألف حديث غير أربعة آلاف وثمانمائة ، وكذلك كان شأن سائر الذين جمعوا الحديث. وكثير من هذه الأحاديث التي صحت عندهم كانت موضع نقد وتمحيص عند غيرهم من العلماء ، انتهى بهم إلى نفي كثير منها ، كما كان الشأن في مسألة الغرانيق. فإذا كان ذلك شأن الحديث ، وقد جهد فيه جامعوه الأوّلون ما جهدوا ، فما بالك بما ورد في المتأخر من كتب السيرة ؟ وكيف يستطاع الأخذ به دون التدقيق العلمي في تمحيصه.
والواقع أنّ المنازعات السياسية التي حدثت بعد الصدر الأوّل من الإسلام أدت إلى اختلاق كثير من الروايات والأحاديث تأييداً لها. فلم يكن الحديث قد دون إلى عهد متأخر من عصر الأمويين. وقد أمر عمر بن عبد العزيز بجمعه ، ثمّ لم يجمع إلاّ في عهد المأمون ، بعد أن أصبح « الحديث الصحيح في الحديث الكذب ، كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود » على قول الدارقطني (38) .
2 ـ وهناك كلمة أُخرى للعلاّمة الأميني قال : « ويعرب عن كثرة الموضوعات اختيار أئمّة الحديث أخبار تأليفهم الصحاح والمسانيد من أحاديث كثيرة هائلة ، والصفح عن ذلك الهوش الهائش. قد أتى أبو داود في سننه بأربعة آلاف وثمانمائة حديث وقال : انتخبته من خمسمائة ألف حديث (39) .
ويحتوي صحيح البخاري من الخالص بلا تكرار ألفي حديث وسبعمائة وواحداً وستين حديثاً اختارها من زهاء ستمائة ألف حديث (40) .
وفي صحيح مسلم أربعة آلاف حديث أصول ، دون المكررات صنّفها من ثلاثمائة ألف. (41) وذكر أحمد بن حنبل في مسنده ثلاثين ألف حديث ، وقد انتخبها من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث ، وكان يحفظ ألف ألف حديث (42) . وكتب أحمد بن الفرات ( المتوفّى 258 ) ألف ألف وخمسمائة ألف حديث ، فأخذ من ذلك ثلاثمائة ألف في التفسير والأحكام والفوائد وغيرها (43) .
هذا كلام إجمالي عن الحديث ، والتفصيل في تاريخ الحديث وتطوره يترك إلى الكتب المختصة بذلك ، غير أنّ الذي نركز القول عليه هو الآثار السلبية التي خلفها هذا المنع في المجتمع الإسلامي يوم ذاك ، حتى يقف القارئ على علل تكوّن المذاهب وتشعب الفرق ، وإنّ من الآثار المهمة حرمان الأُمّة عن السنّة النبوية الصحيحة قرابة قرن ونصف ، وعول الأحاديث حسب جعل الوضّاعين والكذّابين ، وبالتالي تكوّن العقائد والمذاهب حسبها.
___________________
1 ـ سنن الترمذي : ج 5ص34 ح 2657 ، 2658.
2 ـ سنن الترمذي : ج 5ص 34 ح2658.
3 ـ كنز العمال : ج10ص221 ، رقم الحديث 29167 وبحار الأنوار : ج2ص 145 ح (عليه السلام) .
4 ـ صحيح البخاري : باب كتابة العلم ، الحديث 2ص 29 ـ 30.
5 ـ سنن الترمذي : ج 5ص39 ، كتاب العلم ، باب ما جاء في الرخصة فيه ، ح 2666.
6 ـ مسند أحمد : ج 2ص207.
7 ـ سنن الدارمي : ج1ص125 ، باب من رخّص في كتابة العلم; سنن أبي داود : ج 2ص318 ، باب في كتابة العلم; مسند أحمد : ج 3ص162.
8 ـ مسند أحمد : ج 2ص215.
9 ـ سنن الدارمي : ج1 ص119 مسند أحمد : ج 3ص12.
10 ـ سنن الدارمي : ج 1ص119.
11 ـ مسند أحمد : ج 5ص182.
12 ـ مسند أحمد : ج 3ص12.
13 ـ جمع الخطيب في « تقييد العلم » : ص29 ـ 28 ، الروايات المنسوبة إلى النبي والموقوفة على الصحابة والتابعين.
14 ـ تقييد العلم : ص 49.
15 ـ تاريخ الطبري : ج3ص273 ، طبعة الأعلمي بالأُفست.
16 ـ طبقات ابن سعد : ج6ص7 المستدرك للحاكم : ج 1ص102.
17 ـ كنز العمال : ج 10ص293 ح 29479.
18 ـ تقييد العلم : ص 52.
19 ـ كنز العمال : ج10ص295 ، ح 29490.
20 ـ كنز العمال : ج 10ص291 ، ح 29473.
21 ـ فرقة السلفية ، ص 14 ، نقلاً عن مسند الإمام أحمد.
22 ـ صحيح البخاري : ج 1ص30 كتاب العلم ، باب كتابة العلم.
23 ـ « كالوثائق السياسية » لمحمد حميد اللّه ، و « مكاتيب الرسول » للعلاّمة الأحمدي.
24 ـ كنز العمال : ج 10ص237و 239.
25 ـ مسند أحمد : ج3ص 12و 14.
26 ـ مستدرك الحاكم : ج1ص 102و 104.
27 ـ المصدر نفسه.
28 ـ وقد أذن عمر بن الخطاب لتميم الداري النصراني الذي استسلم عام (صلى الله عليه واله وسلم) من الهجرة أن يقص كما في كنز العمال : 1/281 ، فالتحدّث بحديث رسول اللّه يكون ممنوعاً و « الداري » وأمثاله يكونون أحراراً في بث الأساطير والقصص المحرّفة؟! .
29 ـ سيوافيك مصادر هذه الأحاديث عند البحث عن عقيدة الشيعة ، ومن أراد الوقوف فليرجع إلى كتب المناقب للإمام علي (عليه السلام) .
30 ـ تاريخ الخلفاء : ص 115.
31 ـ سنن الدارمي : ج 1ص119.
32 ـ مسند أحمد : ج 1ص119.
33 ـ صحيح البخاري : ج 1ص 29 ، باب كتابة العلم ، الحديث1.
34 ـ لاحظ مكاتيب الرسول : ج1ص72 ـ 89.
35 ـ تقييد العلم ، للخطيب ص 57.
36 ـ صحيح البخاري : ج1ص27.
37 ـ تاريخ الخلفاء للسيوطي : ص 261.
38 ـ « حياة محمد » تأليف محمد حسين هيكل : ص 49 ـ 50 من الطبعة الثالثة عشر.
39 ـ طبقات الحفاظ للذهبي : ج2ص 154 تاريخ بغداد : ج 2ص 57 المنتظم لابن الجوزي : ج5ص 97.
40 ـ إرشاد الساري : ج1ص 28 وصفة الصفوة : ج4ص143.
41 ـ المنتظم : 5/32; طبقات الحفّاظ : ج2ص151 ـ 157.
42 ـ ترجمة أحمد المنقولة من طبقات ابن السبكي المطبوعة في آخر الجزء الأوّل من مسنده; طبقات الذهبي : ج 2ص17.
43 ـ خلاصة التهذيب : (صلى الله عليه واله وسلم) ، ولاحظ الغدير : ج 5ص292 ـ 293.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|