أقرأ أيضاً
التاريخ: 16/11/2022
1438
التاريخ: 5-4-2016
10287
التاريخ: 14-3-2021
11537
التاريخ: 3/10/2022
3931
|
يراد بالمصادر العلمية هنا، مصادر القانون الدولي الخاص النظرية المتمثلة في آراء المؤلفين والباحثين التي ينبني عليها فقه هذا الفرع من القانون. لأن المؤلفين والباحثين ينظرون إلى العلاقات القانونية من الوجهة العلمية بعيدا عن العوامل التي تؤثر في حق الغير. لذلك أصبح قبول آراء الباحثين الحقوقيين والاستعانة بنظريات المؤلفين أمرين ضروريين لحسم المنازعات المشوبة بعنصر أجنبي بصورة تكفل الحق والعدل. ثم إن الحاجة للمبادئ النظرية تكاد تكون غنية عن الدليل، لأن نصوص القوانين ليست صريحة دائما، فيضطر القاضي في أغلب الأوقات إلى الاستعانة بالآراء النظرية لإزالة ما يلاقيه من صعوبة في تفسير القواعد القانونية عند تطبيقها. فلو أجزنا لأحكام الامتناع عن الحكم في المسائل الحقوقية عند غموض النصوص القانونية أو سكوتها لاختلت الغاية المطلوبة من تشكيل المحاكم وتسربت روح الفوضى، وأخذ كل واحد حقه بنفسه، وهذا لا يوافق روح النظام القانوني الموجود اليوم بوجه من الوجوه.
، وحاجة الفصل في الحقوق والدولية الخاصة إلى الآراء النظرية يكون أكثر من المسائل الداخلية البحتة. لأن الاتفاقيات الدولية لم تعقد في كل المسائل المتعلقة بالقانون الدولي الخاص ولا تحتوي القوانين الداخلية دائما على نصوص صريحة في هذا الشأن، ولهذا فإن من العناصر التي يرجع إليها القاضي في حسم مسائل تنازع القوانين، المبادئ النظرية (1) . وبذلك تكون لآراء فقهاء القانون الدولي الخاص أهمية كبيرة كمصدر لهذا الفرع من القانون.
فالفقه عون للمشرع في وضع النصوص الجيدة وللقاضي في إصدار الأحكام السليمة رغم أنه لا يتضمن عنصر الإلزام، خاصة أن قواعد التنازع في القانون الدولي الخاص قد بدأت واستقرت منذ القرن الثالث عشر عن طريق آراء الفقهاء في هولندا و إيطاليا وفرنسا وإنكلترا قبل وضع التقنيات الأوروبية التي صدرت بعد الثورة الفرنسية.
ففي إيطاليا كانت قواعد القانون الدولي الخاص المحشورة في القانون المدني الإيطالي مستمدة من نظرية شخصية القانون التي نادى بها (مانشيني). كما كان للعلامة سافيني الأثر الكبير في القضاء الألماني بواسطة مؤلفاته في القرن التاسع عشر، وفي بريطانيا نجد أن القضاء كثيرا ما يستشهد بآراء كبار الفقهاء أمثال (Dicey) و (Westlek) عند تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص. ومع ذلك فإن دور الفقه في القانون الدولي الخاص يختلف باختلاف موضوعاته. فدور الفقه هام في موضوع تنازع القوانين وضعيف في بقية موضوعاته، كالجنسية ومركز الأجانب. ولقد أدرك المشرع الأردني هذه الحقيقة ، فنص في المادة (25) من القانون المدني على أن: ( تتبع مبادئ القانون الدولي الخاص فيما لم يرد بشأنه نص في المواد السابقة من أحوال تنازع القوانين). فهذا النص اعتبر مبادئ القانون الدولي الخاص مصدر لقواعد هذا الفرع من القانون. ومع أن هذا النص يقتصر على موضوع تنازع القوانين فقط من موضوعات القانون الدولي الخاص، إلا أنه يكرس قاعدة عامة مفادها أنه في الأحوال التي لم يرد فيها نص ولا يوجد لها حكم في المصادر الأخرى للقانون، على القاضي أن يطبق المبادئ العامة في القانون الدولي الخاص الاستخلاص الحكم اللازم لحسم النزاع المعروض عليه بالدراسية المقارنة للقواعد المشتركة بين النظم القانونية المختلفة. أي بالفقه المقارن الذي لا يعتمد على المبادئ المحصورة في داخل الأردن فقط، بل يمتد إلى الفقه في مختلف أنحاء العالم. لأن الاستعانة بالفقه لا تقتصر على الفقه الوطني فقط، وإنما تمتد إلى الفقه الأجنبي الذي يمثل أراء الفقهاء المشتغلين في حقل القانون الدولي الخاص من مختلف أنحاء العالم، وترد هذه الآراء فسي مؤلفاتهم وأبحاثهم المنشورة وتوصيات المؤتمرات المتخصصة وجهود المعاهد الخاصة بأبحاث هذا الفرع من القانون، كمؤتمر لاهاي لعام 1902 م ومؤتمر جنيف لعام 1930م ودورات معهد القانون الدولي في لاهاي الذي يلقي فيها كبار القانونيين محاضرات تتعلق بالقانون الدولي في فصل الصيف من كل سنة(2). ولكن معرفة هذا المبادي تتطلب جهدا وتتبعا مستمرين في كتب الفقه واجتهادات المحاكم الوطنية والدولية وهكذا فإن الفقه في القانون الدولي الخاص ساهم ويساهم مساهمة كبيرة في توجيه التشريع وإعانة القضاء، فكثيرا ما يتبنى المشرع بعد المفاضلة بين آراء الفقهاء في مسألة معينة رأيا راجحا وشائعا ويستقي منه قاعدة قانونية يشرعها، أو يتأثر القاضي برأي الفقيه عند عدم توافر النص أو عند قيامه بتفسير النصوص، فيستأنس ويسترشد به في الحكم الذي يصدره، وهو ما تقرره المادة (25) من القانون المدني الأردني، وحسنا فعل المشرع الأردني عندما أورد حكم المادة (25) المذكورة حتى لا يتم الإبقاء على أحوال جامدة أو محصورة، وليتمكن القاضي من التحري عن المبادئ العامة أو الشائعة في معظم دول العالم، لا سيما وأن الفقه في الأردن في مسائل القانون الدولي الخاص لم يصل بعد إلى درجة التكامل.
فالفقه رغم أنه ليس قاعدة قانونية ملزمة، إلا أن المحاكم تسترشد به عندما تبحث عن الحلول للمسائل المعروضة في المصادر الأخرى للقانون الدولي الخاص، ويسترشد به المشرع عندما يشرع القوانين، وهو بذلك مصدر علمي تفسيري لهذا الفرع من فروع القانون، ويستفاد ذلك أيضا من المادة (2) من القانون المدني الأردني التي تحدد في فقراتها الأولى والثانية والثالثة مصادر القانون بالتشريع وأحكام الفقه الإسلامي ومبادئ الشريعة الإسلامية والعرف وقواعد العدالة، وتنص في فقرتها الرابعة على أن: (4 - ويسترشد في ذلك كله بما أقره القضاء والفقه على أن لا يتعارض مع ما ذكر ) (3).
_____________
1- أنظر عبد القادر أفندي السنوي " حقوق الدول الخاصة - مطبعة دار السلام - بغداد 1923 ص 31-32
2- المرجع السابق - ص 31 - 32.
3- جاء في الصفحة (26) من المذكرات الإيضاحية لمواد القانون المدني الأردني - ج1 بخصوص المادة (۲) المذكورة أعلاه ما يلي: ( ولم يقتصر المشروع على بيان المصادر الرسمية، بل عين القاضي ما يستلهمه في استخلاص الأحكام من هذه المصادر جميعا فعرض المصادر التفسيرية ومصادر الاستئناس فذكر القضاء والفقه قاصدا الأردني منها والعربي والأجنبي وغني عن البيان أنه في استئناسه بذلك يختار ما هو أكثر اتفاقا مع نصوص هذا التشريع على ما تقدم)
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|