أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-18
1117
التاريخ: 2023-05-02
1090
التاريخ: 2023-03-20
1493
التاريخ: 13-10-2014
2639
|
هناك حقائق لا بد من التسليم بها كمقدمة لكي نتوصل إلى فهم هذا الكتاب بالشكل المطلوب، وكما يريد القرآن نفسه لا كما نريد نحن، فعلينا أن نسلم بهذه الحقائق وهي اقرب إلى البديهة من أي شيء آخر.
أولا : إن هذا القرآن جاء للناس باختلاف مستوياتهم وعقولهم ودرجات فهمهم والمواهب التي يمتلكونها، فلم يكن الكتاب لطبقة خاصة من المجتمع، ولا لفئة معينة تحمل مواصفات متميزة عن باقي أبناء المجتمع وإنما {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ } [آل عمران : 138]
ثانيا : أن لغة التخاطب في القرآن كانت لغة موجهة إلى البشر لا إلى غيرهم مع هذا الاختلاف فهم المخاطبون بالقرآن جميعا.
والخطاب القرآني لم يتحدد بزمن معين ولا مكان خاص ولا جماعة معينة، فليس الخطاب موجّها إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ومن كان معه وفي مكة بالتحديد، وتحديد القرآن بفترة زمنية وجماعة معينة ومكان خاص فذلك يعني تحديد صلاحية هذا الكتاب فينتهي دوره بانتهاء تلك الفترة الزمنية وموت من نزل فيهم. فالخطاب إذا موجّه إلى كل الناس على مر العصور والأزمان وفي كل مكان بدون تحديد لذلك، لأنه اعتمد في التوجيه على أمور مشتركة غير اللغة التي ربما نختلف فيها. فقد لا تكون لغة القرآن لغة لمسلم يتحدث باللغة الفارسية أو الإنجليزية، فهذه اللغة التخاطبية اعتمدت الاستدلال المنطقي كأسلوب ووسيلة للتوصل بها إلى الحق. فكانت عبارات القرآن معناها مشترك عند كل الناس، حيث أراد لهم أن تكون هي اللغة المنطقية القائمة على البرهان والحجة والدليل لا على الكلمات، فهو حينما يوجه الخطاب بكلمات عربية لكنه معنى مشترك فيقول للناس {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [البقرة : 111] أو قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [النساء : 174]
فالقرآن ليس مجرد كلمات أو عبارات وإنما هو برهان فيه هدى لحياتنا، فهو يحمل في جنباته كل قيم الخير والعطاء، فهو بالتالي توضيح لتفاصيل الجوانب العامة لهذه الحياة.
وهذا البرهان الذي يستدل به الإنسان على الحياة، ويتوصل به إلى معرفة الهدى، ويربطه بربه يكون استدلالا مشتركا بين كل البشر.
وربما قد يكون هذا البرهان هو البصائر والرؤى والبرامج والتعاليم التي يهتدي إليها الإنسان حينما يحركه القرآن، بأن يأتي ببرهان آخر في مقابل برهان اللّه، وذلك بإيقاظ عقله من سباته وإعطائه شحنات دفعية لتثير فيه التفكير المسئول لرفض الأفكار الدخيلة واللامسئولة التي توحي بتعطيل دور الإنسان في الحياة.
واستخدم القرآن أيضا طريقة أخرى في التخاطب مع بني البشر، فقد كان للغة الإحساس الموجه إلى الفطرة دور فعال في تحريك الضمير الإنساني، وهزة من الداخل للتغلب على المشاكل النفسية قبل السطحية، فالعلاج في الخطاب القرآني جذري يدخل إلى العمق، ليتغير الظاهر تلقائيا، فهو موجّه إلى القلب لأنه الذي يمثل جانب الإحساس عند الإنسان.
فالمشاعر والأحاسيس قد تثار عند الإنسان بوسائل شتى فتؤثر على روحه، وتجعله يعيش عالما خاصا وسلوكا معينا، فما كان من القرآن إلا أن يوجه خطابه إلى القلب كما هو موجه إلى العقل، فيثير فيه الحس الديني ويحرك الفطرة للبحث في هذا الوجود عن الصانع والمدبر الذي احسن صنعا لهذا الكون ولهذا الخلق.
ونلاحظ أن الطريقتين : استخدام الاستدلال المنطقي والإحساس النابع من القلب قد اعتمد فيهما القرآن على العقل، فالخطاب القرآني موجه إلى عقل الإنسان فما عليه إلا أن يستخدم هذا العقل حتى ينفتح على القرآن.
ثالثا : حقيقة العلم وهي نابعة من أن العلم ليس للتعلم فقط بل لا بد أن يتحول هذا العلم إلى ميدان عمل تتحرك فيه طاقات الإنسان وقدراته بما يملك من مواهب، فلم تكن آيات القرآن في تأكيدها على العلم إلّا لهذا الغرض حتى يتحول العلم إلى مدارس فكرية يستطيع أن يتأقلم، ويتكيف معها، وينتج من خلالها ما يطور بها الحياة، فيتطور هو بتطوير وسائل الإنتاج وأساليب الدفاع وسبل المواصلات وقوانين الحياة. فإذا تحول العلم إلى حالة جمود وأغلقت أبواب التفكير والتطلع عند الإنسان فان ذلك يعني حالة التراجع والانتكاس الحضاري، فحينها عليه أن يتجاوز هذه الحالة عبر المرور بمراحل التفكير التي يدعوه العلم إليها، لكي يأخذ بالمناهج التي رسمها له القرآن فيسعى في سبيل تجديد الحياة بابتكار الوسائل والأساليب، وتطوير وسائل الإنتاج، وتقنين ذلك وفق رؤى الشريعة وفي إطار الدين.
وهناك حقيقة أخرى وهي كما في الحديث الشريف : «ليس العلم بالتعلم إنما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تبارك وتعالى أن يهديه». (1)
فإذا كان العلم نورا، فما ذا يستفيد منه الإنسان وكيف يستفيد ؟
أليس النور يستضيء به الإنسان في الظلام الدامس أ لا ينقشع الظلام حينما يحل النور محله، ويرى الإنسان بذلك النور كل شيء أمامه واضحا! هكذا هو العلم فدوره كدور النور وفي مقابله الجهل. فبالعلم وبالحصول عليه يرتفع الجهل عن الإنسان، وقد عبّر القرآن في كثير من آياته عن الجهل بالظلام والعلم بالنور. فيقول سبحانه وتعالى : {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم : 1]
فالقرآن حينما يريد من الإنسان أن يتعلم يجعل ذلك العلم كالنور ليضيء له الطريق فيهتدي به، ويستطيع أن يتخطى الظلام، ويصل إلى ما يريد.
____________________
1. بحار الأنوار( ج 1) ص 411 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|