أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-12-2015
1102
التاريخ: 17-12-2015
1449
التاريخ: 16-12-2015
1106
التاريخ: 6-4-2016
1635
|
في بيان أنّ المعاد ويوم القيامة هو من الامور الفطرية المجبولة في طينة البشر. وهذا أيضا مثل المقامين السابقين؛ إذ يمكن البرهنة عليه بطرق كثيرة وإثباته من خلال امور فطرية عديدة، نكتفي بالإشارة إلى بعضها.
اعلم أنّ من بين ضروب الفطرة الإلهية التي فطرت عليها العائلة البشرية بأسرها وبنو الإنسان بأجمعهم، هي فطرة حبّ الراحة. فلو تمت العودة إلى جميع أدوار الحضارة والتوحّش، وإلى أشواط التدين والعناد في حياة الإنسانية، ولو تمّ سؤال جميع بني الإنسان العالم منهم والجاهل، والشريف والوضيع، والمتحضّر والبدوي، عن الباعث من وراء هذه العلائق المختلفة والأهواء المتشتّتة، وعن الغاية لتحمّل كلّ هذه الصعاب وضروب المشاق في الحياة، لاتفق الجميع على كلمة واحدة وأجابوا بلسان الفطرة الصريح، بأنّ كلّ ما نتوخّاه هو لأجل راحتنا. فالغاية النهائية والمرام الأخير ومنتهى الآمال تكمن جميعا بالراحة المطلقة والاستقرار غير المشوب بالتعب والنصب والمعاناة.
و ما دامت هذه الراحة غير المشوبة بالتعب والتي لا يمازجها ألم ونقمة هي معشوقة الجميع، وما دام كلّ إنسان يتخيّل أنّ هذا المعشوق المفقود يتمثل في شيء، لذا تراه يتعلّق بأي شيء قد خيّل إليه بأنّ فيه محبوبه، مع أنّه لا يمكن العثور على مثل هذه الراحة المطلقة في جميع أرجاء عالم الملك ولا يمكن نيلها في الدنيا بأسرها، إذ ليس من الممكن العثور على راحة غير مشوبة. فتمام نعم هذا العالم يصاحبها العناء والعذاب المضني، وما من لذّة من لذات الدنيا إلّا وهي محفوفة بالآلام المبرحة، وهذه هي ضروب الألم والتعب والحزن والمعاناة والغصة تضرب بجرانها في هذا العالم.
وعلى امتداد الحياة الإنسانية لن تجد إنسانا واحدا يتساوى عذابه وراحته، وأنّ نعمته توازي تعبه ونقمته، ناهيك عن أن يعيش الراحة الخالصة المطلقة. فإذا، لا وجود لمعشوق بني الإنسان في هذا العالم، وما دام العشق الفطري الجبلّي الفعلي الذي جبلت عليه البشرية برمّتها لا يمكن أن يكون من دون معشوق موجود فعلا، فإذن لا بدّ وأن يكون هناك في دار التحقّق وعالم الوجود عالم لا تشوب راحته شائبة ألم وتعب، وراحة مطلقة لا يخالطها شيء من العناء والشقاء، وسرور خالص لا يعتوره حزن ولا همّ، وتلك هي دار نعيم الحقّ، وعالم كرامة الذات المقدّسة.
كما يمكن إثبات ذلك العالم [الآخرة ويوم القيامة] من خلال فطرة الحرية ونفوذ الإرادة، الموجودة في فطرة كلّ إنسان من أبناء المجموعة البشرية. فما دامت مواد هذا العالم وأوضاع هذه الدنيا ومضايقاتها وما يكتنفها من معوّقات وضغوطات تحدّ من الحرية الإنسانية وتحول دون نفوذ الإرادة البشرية، فلا بدّ إذا من وجود عالم آخر تكون للإرادة فيه كلمتها النافذة، بحيث لا تعوّق مواد ذلك العالم نفوذ تلك الإرادة ولا تستعصي عليها، ليكون الإنسان حرا فيه، فعّالا لما يشاء وحاكما بما يريد، كما هو مقتضى الفطرة.
فإذا يعدّ عشق الراحة، وعشق الحرّية جناحين مودعين لدى الإنسان بحسب فطرة اللّه التي لا تتبدّل، يطير بهما الإنسان في عالم الملكوت الأعلى والقرب الإلهي.
ثمّ في هذا المجال مواضيع اخرى لا تسعها هذه الأوراق، تتضمّن الإشارة إلى فطرات اخر لإثبات المعارف الحقة كالنبوة وبعث الرسل وإنزال الكتب. بل يمكن إثبات المعارف كلّها من خلال فطرة واحدة من الفطر المذكورة، بيد أنّنا نكتفي بهذا القدر؛ لئلا نخرج عن الموضوع بما لا يناسب الحديث الشريف.
اتضح إلى هنا، أنّ العلم بالمبدأ، والكمالات ووحدتها، والعلم بيوم المعاد وعالم الآخرة، هو من الامور الفطرية، والحمد للّه» (1).
___________________________________
(1)- شرح چهل حديث : 179- 187، الأربعون حديثا : 205- 214.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|