أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-10-2016
986
التاريخ: 1-11-2016
3222
التاريخ: 31-10-2016
1524
التاريخ: 30-10-2016
4179
|
المعتقد الديني قديما في وادي الرافدين
للدين أهمية كبيرة في حياة الشعوب القديمة، بل إنه من أهم العوامل المؤثرة في سير حياتها، وأسلوب تطور حضارتها، فالمعتقدات الدينية والأفكار الدينية تحدد الإطار العام لسلوك الإنسان وحياته، عاداته وتقاليده، أعرافه وقوانينه، وتكون الخلفية المؤثرة في حياته الاجتماعية والفكرية والسياسية، وقلما نجد أي عمل قام به الإنسان القديم أو أي أثر تركه إلا وكان للدين فيه تأثير، لذلك كانت دراسة المعتقدات الدينية في منطقة وادي الرافدين ذات أهمية كبيرة في فهم حياة السكان (1) فالدين مؤسسة اجتماعية لا يستغني أي مجتمع بشري عنه, وقد ذهب الأستاذ طه الهاشمي إلى عرض آراء مجموعة من الباحثين حول دور الدين, فيذكر ماكس موللر العالم في البحوث الدينية حيث قرر بعد بحث طويل النتيجة التالية "أن الدين قوة من قوى النفس وخاصة من خواصها وأن البشر بتأثير هذه القوة وبأسماء ورموز مختلفة متعددة تتأهب لإدراك الأسرار الغامضة". ويرى أن فكرة التعبد من الغرائز البشرية التي ُفطر الإنسان عليها منذ نشأته الأولى.
ويقول بنيامين كوستان أحد مؤرخي الأديان: "أن الدين من العوامل التي سيطرت على البشر، وأن التحسس الديني من الخواص اللازمة لطبائعنا الراسخة، ومن المستحيل أن نتصور ماهية الإنسان دون أن يتبادر إلى ذهننا فكرة الدين" (2) ويؤكد الفيلسوف برغسون على ضرورة تواجد الدين بقوله: ".. وكيف تكون الحال إذا نحن رأينا وراء الأمر الاجتماعي أمرا دينيا! ليست تهمنا العلاقة بين الحدين فكيفما فسرنا الدين وسواء أكان اجتماعيا بالجوهر أم بالعرض فإن ثمة ناحية لا سبيل إلى الشك فيها وهي أن الدين قد قام دوما بوظيفة اجتماعية، وهذه الوظيفة معقدة اختلفت باختلاف الزمان والمكان، على أن في مجتمعات كمجتمعاتنا هي العمل على تدعيم مطالب المجتمع، وشدأزرها، وقد لا تقف عند هذا الحد، إلا أنها تبلغه في أقل تقدير، إن العقاب الذي يفرضه المجتمع قد يقع على بريء، وقد ينجو منه مجرم، وقلما تثاب في المجتمع على العمل الطيب، فنظر المجتمع ليس بمرهف, وهو يرضى باليسير وليس ثمة قسطاس إنسان يزن العقاب
الثواب، كما ينبغي أن يوزن، وها هنا تبدو وظيفة الدين" (3).
وبذلك فدراسة أثر الدين على الحياة الفكرية وحتى المجالات الأخرى عند السومريين والبابليين لن يتجلى قبل دراسة العقيدة الدينية، بمعنى أن دراسة الدين ذات أهمية كبيرة في فهم العلاقة بين الدين وباقي جوانب الحياة الأخرى (4).
ودراسة الديانات القديمة ومنها ديانة وادي الرافدين على درجة كبيرة من الصعوبة نظرا لعدم معرفتنا ببداياتها الأولى، كما لا نملك عنها كتب أو تعاليم مقدسة ثابتة كالتي نجدها في الديانات السماوية، ومع ذلك فهناك الآلاف من النصوص المسمارية التي تحوي مواضيع مختلفة أفادتنا في فهم جوانب من معتقداتهم الدينية.
ومن هذه النصوص القصص والأساطير الدينية والملاحم والتراتيل والصلوات وجداول بأسماء الآلهة والأرواح الشريرة والخيرة، ونصوص الفأل وقراءة الطالع والنصوص السحرية ونصوص خاصة بكيفية إقامة الشعائر والطقوس الدينية وأخرى خاصة بالاحتفالات والأعياد الدينية، ونصوص الرقي والتعاويذ وغيرها كثيرة، بل يمكن القول أن جميع النصوص المسمارية المكتشفة أفادت في دراسة الديانة الرافدية، وهذا يشير إلى مدى تغلغل الدين في نفوس القدماء وتأثيره على حياتهم الخاصة والعامة.
إضافة إلى النصوص هناك الكثير من المخالفات المادية التي أمدتنا بمعلومات وافية عن المعتقدات الدينية كالمعابد والزيقورات والتماثيل والنصب والألواح الجدارية والمذابح وأثاث المعابد والمشاهد الدينية المنقوشة على الأختام الأسطوانية والأواني الفخارية وغيرها.
وعلى الرغم من غزارة المعلومات عن الديانة، إلا أن هذه المعلومات تظل قاصرة على إعطائنا فكرة دقيقة عن النظرة الشخصية للسكان ونمو الدين وطقوسه وعن سلوكهم في تطبيق تعاليمه، حيث أن ما لدينا يمثل بصورة عامة وجهة نظر رجال الدين فحسب (5) والدارس للديانة في وادي الرافدين سيواجه صعوبة تداخل الدين السومري، الأكدي والبابلي حيث يصعب تحديد ما هو من أصل سومري وما هو سامي، وهذا ربما يدل على أن العقائد الأصلية السومرية قد استقرت، كما أن الطقوس جرت في خطوطها الرئيسية منذ بدء التاريخ، وكانت اللغة السومرية تستعمل في العبادة حتى بعد اختفاء هدا الجنس, وكان لنفس الآلهة الكبار هياكلهم في المراحل التي تلت السومريين(6) كما أن دراسة الفكر الديني وتطوره تتطلب الرجوع إلى مراحل عصور ما قبل التاريخ لدراسة الجذور الأولى للفكر الديني الإنساني (7).
_______________
(1) فاضل عبد الواحد علي وآخرون، جوانب من حضارة العراق، العراق في التاريخ، دار الحرية، بغداد، 1983، ص 208.
(2) طه الهاشمي، تاريخ الأديان وفلسفتها، دار مكتبة الحياة، بيروت،1963، ص 35.
(3) هنري برغسون، منبعا الأخلاق والدين، تر: سامي الدروبي، عبد الله عبد الدائم، الهيئة المصرية للتألف والنشر، 1971، ص 71.
(4) رشيد عبد الوهاب حميد، حضارة وادي الرافدين-ميزوبوتاميا-دار الثقافة، دمشق، 2004، ص 85.
(5) فاضل عبد الواحد علي وآخرون، المرجع السابق، ص 208 .
(6) George contenau, Op. Cit, P 36
L. Delaporte,Lamésopotamie,-LesCivilisation Babylonienne et Assyrienne- : أنظر كذلك La renaissance du Livre, Paris, 1923, p 151 .
(7) رشيد الناضوري، المرجع السابق، ص 53.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|