أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
1538
التاريخ: 27-11-2014
1496
التاريخ: 27-11-2014
1628
التاريخ: 17-10-2014
1578
|
يدور الكلام في موضوع تحريف القرآن على ما جرت عليه العادة في كتب الدراسات القرآنية وتفصيل أقسامه وإبراز معناه من أجل إزالة الشكوك التي قد تحدث لدى البعض، وإلا فنحن نعتقد أن القرآن الذي بين أيدي المسلمين الآن والكتاب الذي يقرؤونه ويتداولونه هو نفس الكتاب الذي نزل على صدر النبي الكريم محمد(صلى الله عليه واله) وهو قرآن خالٍ من أي نقص وزيادة سالم عن التحريف والخطأ.
التحريف في اللغة
تحريف الشيء: إمالته والعدول به عن موضعه إلى جانب، مأخوذ من حرف الشيء بمعنى طرفه و جانبه، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج: 11].
قال الزمخشري:
أي على طرف من الدين لا في وسطه وقلبه، وهذا مثل لكونهم على قلق واضطراب في دينهم، لا على سكون وطمأنينة، كالذي يكون على طرف العسكر، فإن أحس بظفر وغنيمة قر واطمأن، والا فر وطار على وجهه.(1)
تحريف الكلام: تفسيره على غير وجهه، أي: تأويله بما لا يكون ظاهرا فيه، تأويلا
من غير دليل.
والتحریف بهذا المعنى إنما هو تغيير في معنى الكلم، كما قال تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَا} [النساء: 46] أي: يفسرونها على غير وجهها بما لا دلالة للكلام وضعا فيه.
وهذا تحریف معنوي لا غير. قال الطبرسي رحمه الله في تفسير قوله تعالی:
{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَا} : أي: يفسرونها على غير ما أنزل ويغيرون صفة النبي (صلى الله عليه واله).
فيكون التحريف بأمرين، أحدهما: سوء التأويل، والآخر: التغيير والتبديل، كقوله تعالى: .. {وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } [آل عمران: 78](2)
التحريف في الاصطلاح
التحريف في الاصطلاح جاء على سبعة وجوه:
1- تحریف مدلول الكلام: وهو تفسيره على غير وجهه بمعني تأويله بما لا يكون اللفظ ظاهرا فيه بذاته لا بحسب الوضع ولا بحسب القرائن المعهودة، ومن ثم فهو تأويل باطل، المعبر عنه بالتفسير بالرأي المنهي عنه في لسان الشريعة المقدسة. قال (صلى الله عليه واله):
(من فسر القرآن برأيه فليتبوء مقعده من النار)(3)
2- تحريف موضعي: بأن يكون ثبت الآية أو السورة على خلاف ترتیب نزولها،
وهذا في الآيات قليل نادر، لكن السور كلها جاء ثبتها في المصحف على خلاف ترتيب النزول، كما تقدم.
3- تحريف في القراءة: بأن يقرأ الكلمة على خلاف قراءتها المعهودة لدى جمهور
المسلمين، وهذا كأكثر اجتهادات القراء في قراءاتهم المبتدعة لا عهد لها في الصدر الأول، الأمر الذي لا نجيزه بعد أن كان القرآن واحد نزل من عند واحد، كما في الحديث الشريف(4). وقد ذكرنا ذلك في بحث القراءات.
4- تحريف في لهجة التعبير: كما في لهجات القبائل تختلف عند النطق بالحرف أو الكلمة في الحركات وفي الأداء. الأمر الذي يجوز، ما دامت بُنية الكلمة الأصلية محتفظة لا يختلف معناها وقد نزلنا حديث الأحرف السبعة - على فرض صحة الإسناد . على إرادة اختلاف لهجات العرب في أداء الكلمات والحروف، بل وحتى إذا لم تكن اللهجة عربية، فإن الملائكة ترفعها عربية كما في الحديث(5). نعم لا يجوز إذا كان لحنا أي: خطأ ومخالفة لقواعد الإعراب - قال تعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] ، وقد أمرنا بقراءة القرآن عربية صحيحة ((تعلموا القرآن بعربيته))(6)، وهكذا إذا كان التحريف اللهجة مغيرا لمعنى الكلمة فإنه لا يجوز، ولا سيما إذا كان عن عمد ولغرض خبيث، كما كانت تفعله اليهود عند النطق بلفظ (راعنا) فكانت تميل حركة العين إلى فوق لتصبح معنى الكلمة (شریرنا) حسبما ذكره الحسين بن علي المغربي(7) وذكره القرآن في سورة البقرة (آية 102 ) وفي سورة النساء »آية( 41 ).
5- تحريف بتبديل الكلم: بأن تتبدل الكلمة إلى غيرها مرادفة لها أو غير مرادفة الأمر الذي كان يجوزه ابن مسعود في المترادفات نظرا منه إلى حفظ المعنى المراد، وأنه لا بأس باختلاف اللفظ. وقد قلنا بعدم جواز ذلك في نص الوحي؛ لأن الإعجاز قائم بلفظه كما هو قائم بمعناه.
6- التحريف بالزيادة: نسب إلى جماعة - كابن مسعود - أنهم كانوا يزيدون في نص الوحي، لا عقيدة بأنها من القرآن، بل لغرض إيضاح الآية ورفع الإبهام من لفظها. وهذا لا بأس به مع التزام الشرط وعدم الالتباس، وهكذا نجد زیادات تفسيرية في المأثور عن الأئمة الصادقين عليهم السلام.
ولم تجد من زعم زيادة في النص الموجود سوى ما يحكي عن العجاردة (أصحاب عبد الكريم بن عجرد من زعماء الخوارج) أنهم أنكروا أن تكون سورة يوسف من القرآن، وكانوا يرون أنها قصة عشق ولم يجوزوا أن تكون من الوحي(8). ولهم مقالات فاسدة غير ذلك(9). وسيأتي رد مقالتهم. نعم، كان مما اشتبه على ابن مسعود زعمه أنه المعوذتين تعويذان ليستا من القرآن وكان يقول:
لا تخلطوا بالقرآن ما ليس منه.
وكان يحكمها من المصحف (10)
7- التحريف بالنقص: إما بقراءة النقص، كما أثر عن ابن مسعود أنه كان يقرأ:
(والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والاُنثى) بإسقاط (ماخلق)(11)، وعن الأعمش أنه كان يقرأ (حم سق) بإسقاط (ع) قيل: (وهكذا قرأ ابن عباس ) (12). أو بزعم أن في النص الحاضر سقطاً كان من القرآن فاُسقط إما عن عمد أو عن نسيان ، وهذا إما في حرف واحد أو كلمة أو جملة كاملة أو آبة أو سورة كما زعم. وكل ذلك ورد مأثوراً في اُمهات الكتب الحديثية كالصحاح الستة وغيرها. الأمر الذي ننكره أشد الأنكار ، وهو الذي وقع الكلام حوله في مسألة تحريف الكتاب . ولا مجال لتغيير العبارة والقول بأنه من منسوخ التلاوة أو منسيها – كما التزم به بعض أئمة أهل السنة – فأنه من الألتواء في التعبير ، وتغيير العنوان لا يغير الواقع المعنون .
ومجمل القول في ذلك : إن ماورد في هذا الشأن من الروايات العامية الإسناد ، لا تعدو كونها من صنع الزنادقة والوضاعين المعروفين بالكذب والأختلاق ، أو أن لها تاويلاً صحيحاً لا يمس جانب تحريف الكتاب . وإلا فهي أوهام وخرافات لا اعتبار بشأنها أصلاً.
القرآن ولفظ التحريف
لم يستعمل القرآن لفظ التحريف في غير معناه اللغوي، أي : التصرف في معنى الكلمة وتفسيرها على غير وجهها المعبر عنه بسوء التأويل أو التفسير بالرأي. وهو تحريف معنوي ليس سواه. وقد أسبقنا الكلام عن قوله تعالى : {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46] . قوله {عن مواضعه} أي بعد أن كان الكلام مستعملاً في معناه الحقيقي الظاهر فيه بنفسه أو المستعمل فيه بدلالة القرائن المعهودة ، فجاء التحريفغ بعد ذلك خيانة في أمانة الأداء والبلاغ . وفي قوله تعالى : {مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 41]، تصريح بهذا المعنى ، حيث إن التحريف إزاحة للفظ عن موضعه الذي هو معناه .
وفي سورة البقرة : {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ} [البقرة: 75]، أي : جاء تحريف المعنى الى ما أرادوه بعد علمهم بالمعنى الحقيقي المراد الذي كان على خلاف مصالخهم فيما زعموا ، ومن ثم فهو من سوء التأويل كما عبر عنه الطبرسي ومن قبله الشيخ في التبيان . قالك
فالتحريف يكون بأمرين : سوء التأويل وبالتغيير والتبديل.(13)
أي: بتغيير لهجة الكلام بحيث يغير المعنى بذلك ، كما في سورة ال عمران : 78.
والخلاصة كان تحريف العهدين الذي أشار اليه القرآن إما بسوء التأويل – أي التصرف في تفسيرها بغير الحق ، من غير أن يمسوا يداً الى لفظ الكتاب – أو مع تغيير في لهجة التعبير عند النطق بالكتاب ، كما قال تعالى : {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78]. لأن اللفظ إذا لهج به على غير لهجته الاُولى لم يكن نفسه وإنما هو غيره ، وإنما كانوا يعمدون الى ذلك ذريعة لكتمان الحقيقة وإخفاء البشائر بمقدم نبي الإسلام (صلى الله عليه واله ) .
أما التحريف بمعنى الزيادة أو النقصان أو تبديل الكلم الى كلمات غيرها – الذي هو المعنى الاصطلاحي – فلم يعهد استعماله في القرآن ، حسبما عرفت.
الخلاصة
1- التحريف في اللغة يقع في أمرين : تحريف الشيء: وهو إمالته العدول به عن موضعه وتحريف الكلام: تفسيره على غير وجهه.
2- التحريف في الاصطلاح : جاء على وجوه سبعة وهي مبينة بصورة واضحة في الشكل أعلاه.
3- الوجوع الاصطلاحية للتحريف كلها ممنوعة ماعدا اعترافنا بوقوع التحريف باللهجة والتحريف الموضعي وإن كان نادراً في الآيات .
4- لم يستعمل القرآن لفظ التحريف في غير معناه اللغوي ، وأما التحريف بمعنى الزيادة أز النقصان أو تبديل الكلم الى كلمات غيرها – الذي هو المعنى الاصطلاحي – فلم يعهد استعماله في القرآن .
5- إن ماورد بشأن تحريف القرآن زيادة أو نقيصة هي روايات عامية الإسناد ، من صنع الزنادقة والوضاعين ، أو أن لها تأويلاً صحيحاً لايمس جانب تحريف الكتاب.
_________________
1- الكشاف : 2، 146.
2- مجمع البيان : 2، 173.
3- غوالي اللئالي: 4، 104، الحديث 154.
4- الكافي: 2، 627.
5- وسائل الشيعة: 4، 866، الحديث 4.
6-وسائل السيعة : 4، 865، ب30 ، الحديث 4.
7- راجع: آلاء الرحمن:2 ، 134.
8- راجع: بحث القراءات.
9- الملل والنحل للشهرستاني: 1، 128 ، لكن أبا الحسن الأشعري لم يتحقق عنده صحة هذه النسبة قال وحكي لنا عنهم ما لم تتحققه: آنهم يزعمون أن سورة يوسف ليست من القرآن . راجع مقالات الإسلاميين: 1، 178.
10- راجع: المقالات: 1، 178.
11- فتح الباري بشرح البخاري: 8، 571.
12- صحيح البخاري: 6، 211، و 5، 35.
13- مجمع البيان : 9، 21.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|