أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-11-2018
10796
التاريخ: 2023-05-23
1317
التاريخ: 10-9-2020
4835
التاريخ: 2023-04-30
3265
|
• الاصلاح الحـدي
كما هو معلوم لدى القارئ كيف تم ظهور المدرسة الحدية في وقت واحد في ثلاث دول وعلى يد ثلاثة من المفكرين ، واثبتت تلك المدرسة اسلوب تحليل جديد استخدم لحل المشكلات الاقتصادية والتي تعتمد على منفعة الوحدة الأخيرة(1) ، ان الاصلاح الفلسفي والفكري الاساس لتلك المدرسة يكمن في انها أخرجت الرأسمالية من الجدل حول قيمة السلعة اذ ان قيمة السلعة لدى الكلاسيك ولا سيما ريكاردو تكمن بكمية العمل المبذول فيها وكذلك بالنسبة لماركس ، الا ان ماركس انتقد عملية التوزيع للقيمة وأثار موضوع فائض القيمة والمملوك من قبل الرأسمالي ، ويروا بأن اصل القيمة هو العمل فيما لا يحصل سواء على الاجر فيما تذهب بفائض القيمة الى مالك وسائل الانتاج (الرأسمالي) ، لقد كان ذلك الانتقاد الماركسي للرأسمالية من اهم الانتقادات الموجهة للفروض والنظريات الكلاسيكية وركيزة للمدرسة الاشتراكية العلـمية فيما بعد ، الا ان التفسير الحدي للقيمة اي ان قيمة السلعة تتوقف على منفعتها الحدية ، وان قيمة اي سلعة تتحقق من منفعتها للوحدة الاخيرة منها للشخص الذي يستهلكها ، ان هذا التغير يعبر عن الاصلاح الحدي لاهم الانتقادات الموجهة للنظام الرأسمالي ، اذ خرج نظرية التوزيع الكلاسيكية من الجدل وقام بتصحيح مسارها واخرجها من حيز الاستغلال للعامل المكون لفائض القيمة ، واصبحت القيمة ليست في العمل المبذول فيها ، وانما في منفعتها الحدية وفي الندرة ، وانعكاس ذلك التحليل الحدي على نظرية التوزيع ، حيث ان المكافئة التي يحصل عليها كل عنصر من عناصر الانتاج تتوقف على الانتاجية الحدية لهذا العنصر ، فأجر العامل يتحدد طبقاً للإنتاجية الحدية للعمل وكذلك الحال لباقي عناصر الانتاج ، وحتى من ناحية طلب العامل للعمل ، كذلك يتأثر بالمنفعة الحدية لساعات العمل المتاحة له ، لم يبقى التحليل الحدي على ما هو عليه وانما تطور على ايدي اقتصاديين ساروا على نفس طريقة التحليل الحدي ولكن بشمولية اوسع ومن ابرزهم الفريد مارشال في انكلترا والذي غير الكثير من المفاهيم التي كانت محط شك وجدل واستطاع انجاز الاصلاح الفلسـفي الاكبر في تحديد القيمة ، اذ ربط بين تفسير الحديين والتفسير الكلاسيكي في تحديد قيمة السلعة ، وربط بين المنفعة والندرة او بين العرض المتمثل بتكلفة عناصر الانتاج وبين الطلب الذي يمثل المنفعة من السلعة لتحديد القيمة ، واستخدم حالتين متناقضتين وبتفاعلهما تتحدد قيمة السلعة وهي العرض والطلب اي المستهلك ، فهو يعتقد ان المستهلك يوازن بين المنفعة الحدية للنقود التي يتنازل عنها مقابل منفعة ، وهنا استعمل التحليل الحدي ويرى ان البائع يساوي بين اسعار العرض التي هي انعكاس لنفقات الانتاج وبين المنفعة الحدية للنقود لذلك يتنازل عن النقود ، وبذلك يكون قد جمع بين المنفعة عند الحديين والنفقة عند الكلاسيك ، ويرى مارشال ان الطلب على السلع والخدمات تتحدد بقدرتهما على الاشباع ، وان هذه السلع والخدمات تكون عادة نادرة نسبياً في العرض الى حجم الطلب ، وبهذا الشكل مثل احد طرفي المعادلة التي تتحدد فيها الاشياء ، وان الطرف الآخر هو العرض الذي يمثل الندرة النسبية(2) ، وعلى هذا الاساس يكون قد جمع بين الاساس الموضوعي في الكلاسيك والاساس الذاتي في الحديين ، كما يوضح تأثر كلا التفسيرين او الجانبين بمثال المقص المشهور ،اذ لا يتم قص الاشياء الا بحدية ومن الصعوبة معرفة اي الحديين هو الذي سيقوم بمهمة المقص ، ويرى الفريد مارشال في تحليله بأن الفترة القصيرة سيكون تأثير المنفعة (الطلب) اكبر في تحديد القيمة ، وفي المرحلة الطويلة يكوت للتكاليف (العرض) عمل اساس في تحديد القيمة (3).
ان هذا الاصلاح الفلسفي والفكري للحديين وبالذات الفريد مارشال اسدى خدمة الى كبيرة للفكر الرأسمالي ، واخرج الرأسمالية من الجدل القائم حول فائض القيمة وعيوب نظرية التوزيع الرأسمالية ، فالنظام الرأسمالي يشهد له بنظرية الانتاج وتفوقه الانتاجي ، فيما كانت نظرية التوزيع لديه مثال جدل وانتقاد ، الا ان هذا الاصلاح الفلسفي للقيمة اخرج نظرية التوزيع والقيمة في الفكر الرأسمالي من مأزقها الفلسفي والعملي ، وجعل من الجدال الفلسفي حول القيمة والتوزيع غير مجدي بعد التحليل المنطقي الذي اورده في هذا الجانب ، تلك هي اهم الاصلاحات في النظام الرأسمالي .
وقد شهد العقد السابع من القرن الماضي عودة لمفاهيم الكلاسيك ومؤسساتهم في تدخل الدولة والعودة لجانب العرض في تحديد الطلب ، الا ان الاصلاحات السابقة كان لها اكبر الأثر في بقاء وديمومة النظام الرأسمالي الى يومنا هذا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ لبيـب شقير ، تاريخ الفكر الاقتصادي ، دار النهضة العربية ، مصر ، 1986 ، ص243 .
2ـ اسماعيل عبيد حمادي ، تطور نظرية القيمة في الفكر الاقتصادي ، مجلة دراسات اقتصادية ، السنو الاولى ، العدد الاول ، بيت الحكمة ،1999 ، ص35 .
3ـ فتح الله ولعلو ، الاقتصاد السياسي ، مدخل للدراسات الاقتصادية ج1 ، دار الحداثة بيروت ، 1981 ،ص132.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|