المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16371 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) بشّره رسول الله بالجنة
2024-05-04
معنى الـمُبطئ
2024-05-04
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}
2024-05-04
معنى الصد
2024-05-04
معنى الظليل
2024-05-04
معنى النقير
2024-05-04

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الآية (33-37) من سورة القصص  
  
4435   03:54 مساءً   التاريخ: 5-10-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف القاف / سورة القصص /

قال تعالى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُو أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36) وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } [القصص : 33 - 37] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{قال} موسى {رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون} بتلك النفس {وأخي هارون هوأفصح مني لسانا} وإنما قال ذلك لعقدة كانت في لسانه وقد مر فيما مضى ذكر سببها وقد كان الله تعالى أزال أكثرها أو جميعها بدعائه .

{فأرسله معي ردءا} أي معينا لي على تبليغ رسالتك يقال فلان ردء لفلان إذا كان ينصره ويشد ظهره {يصدقني إني أخاف أن يكذبون} أي مصدقا لي على ما أوديه من الرسالة وإن جزمته فالمعنى إنك أن ترسله معي يصدقني وإنما كان سؤاله ذلك بعد أن أذن له فيه لأن الإنسان لا يعلم إن المصلحة في إرسال نبي واحد أو اثنين إلا بالوحي وقال مقاتل معناه لكي يصدقني فرعون {قال سنشد عضدك بأخيك} هذه استعارة رابعة والمعنى سنجعله رسولا معك ونؤيدك بأن نقرنه إليك في النبوة وننصرك به {ونجعل لكما سلطانا} أي حجة وقوة وبرهانا {فلا يصلون إليكما ب آياتنا} أي لا يصل فرعون وقومه إلى الإضرار بكما بسبب ما نعطيكما من الآيات وما يجري على أيديكما من المعجزات فيخافكما فرعون وقومه لأجلها وقيل إن قوله {بآياتنا} موضعه التقديم أي ونجعل لكما سلطانا ب آياتنا فلا يصلون إليكما .

ثم أخبر أن الغلبة لهما عليهم فقال {أنتما ومن اتبعكما الغالبون} على فرعون وقومه القاهرون لهم وهذه الغلبة غير السلطان فإن السلطان بالحجة والغلبة بالقهر حين هلك فرعون وقومه وملك موسى وقومه ديارهم وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل قال فلما رجع موسى (عليه السلام) إلى امرأته قالت من أين جئت قال من عند رب تلك النار قال فغدا إلى فرعون فو الله لكأني أنظر إليه طويل الباع ذو شعر أدم عليه جبة من صوف عصاه في كفه مربوط حقوه بشريط(2) نعله من جلد حمار شراكها من ليف فقيل لفرعون أن على الباب فتى يزعم أنه رسول رب العالمين .

فقال فرعون لصاحب الأسد : خل سلاسلها وكان إذا غضب على رجل خلاها فقطعته فخلاها فقرع موسى الباب الأول وكانت تسعة أبواب فلما قرع الباب الأول انفتحت له الأبواب التسعة فلما دخل جعلن تبصبصن تحت رجليه كأنهن جراء(3) فقال فرعون لجلسائه رأيتم مثل هذا قط فلما أقبل إليه فقال أ لم نربك فينا وليدا إلى قوله وإنا من الضالين فقال فرعون لرجل من أصحابه قم فخذ بيده وقال للآخر اضرب عنقه فضرب جبرائيل بالسيف حتى قتل ستة من أصحابه فقال خلوا عنه قال فأخرج يده فإذا هي بيضاء قد حال شعاعها بينه وبين وجهه فألقى العصا فإذا هي حية فالتقمت الأيوان بلحييها فدعاه إن يا موسى أقلني إلى غد ثم كان من أمره ما كان .

ثم قال سبحانه {فلما جاءهم موسى ب آياتنا بينات} التقدير فمضى موسى إلى فرعون وقومه فلما جاءهم ب آياتنا أي بحججنا البينات ومعجزاتنا الظاهرات {قالوا ما هذا إلا سحر مفترى} أي مختلق مفتعل لم يبن على أصل صحيح لأنه حيلة توهم خلاف الحقيقة فوصفوا الآيات بالسحر والاختلاف على هذا المعنى جهلا منهم وذهابا عن الصواب {وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين} أي لم نسمع ما يدعيه ويدعو إليه في آبائنا الذين كانوا قبلنا وإنما قالوا ذلك مع اشتهار قصة نوح وهود وصالح وغيرهم من النبيين الذين دعوا إلى توحيد الله وإخلاص عبادته لأحد أمرين أما للفترة التي دخلت بين الوقتين والزمان الطويل وأما لأن آباءهم ما صدقوا بشيء من ذلك ولا دانوا به فيكون المعنى ما سمعنا ب آبائنا أنهم صدقوا الرسل فيما جاءوا به ووجه شبهتهم في ذلك أنهم قالوا إنهم الكبراء فلوكان حقا لأدركوه فإنه لا يجوز أن يدرك الحق الأنقص في الرأي والعقل ولا يدركه الأفضل فيهما وهذا غلط لأن ما طريقه الاستدلال لا يمتنع أن يصيبه الأدون في الرأي إذا سلك طريقه ولا يصيبه الأكمل في الرأي إذا لم يسلك طريقه .

{وقال موسى} مجيبا لهم {ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار} ومعناه ربي يعلم إني جئت بهذه الآيات الدالة على الهدى من عنده فهو شاهد لي على ذلك إن كذبتموني ويعلم أن العاقبة الحميدة لنا ولأهل الحق والإنصاف وهذا كما يقال على سبيل المظاهرة الله أعلم بالمحق منا والمبطل وحجتي ظاهرة فأكثرها إن قدرت على ذلك {إنه لا يفلح الظالمون} أي لا يفوز بالخير من ظلم نفسه وعصى ربه وكفر نعمه .

______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص436-439 .

2- الحقو : الخصر . والشريط : خوص مفتول يشرط به السرير ونحوه .

3- بصبص الكلب : تحرك ذنبه . والجراء جمع الجرو : اولاد السباع .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} تقدم في الآية 14 من سورة الشعراء {وأَخِي هارُونُ هُو أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} . ردءا معينا لي على بث الدعوة ، وفيه إيماء إلى أنه لا بد لكل دعوة من أنصار ، وان العلم وحده لا يكفي لاثبات الدفاع عن الحق ما لم تقترن الحجة بطلاقة اللسان وفصاحة البيان ، وأيضا تدل الآية على أن القرآن يبارك وسائل الدعاية كالصحف والإذاعات وغيرها على شريطة أن تتجه إلى إحقاق الحق والانتصار لأهله ، وإبطال الباطل والتشهير بأعوانه ، تماما كما استعمل هارون علمه وفصاحته ضد الطاغية فرعون .

وقيل : ان هارون أكبر من موسى بثلاث سنين . . ولا ندري كيف نجا من الذبح ، وغير بعيد ان هارون ولد قبل أن يأمر فرعون بذبح كل مولود يولد لبني إسرائيل . وفي التوراة الأصحاح 32 من سفر الخروج ان هارون هو الذي صنع العجل لبني إسرائيل ، وبنى له مذبحا ، وليس السامري كما جاء في الآية 96 من سورة طه .

{قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} . سأل موسى ربه أن يشد أزره بأخيه هارون ، فاستجاب له ، وآتاه سؤله ، أما قول موسى : {فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} فقد أجابه عنه تعالى بقوله : {ونَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما ومَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ} . في الآية 46 من سورة طه : {قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وأَرى} . وقال هنا : اني سلحتكما بسلاح يرهب فرعون وجنوده ، ويمتنعون بسببه عنكما وعن الذين يؤمنون بكما ، وهذا السلاح أو السلطان هو الآيات والمعجزات من انقلاب العصا حية وتحوّل اليد البيضاء إلى الجراد ، والقمل ، والضفادع ، وغير ذلك .

{فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً وما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الأَوَّلِينَ} . تقدم في الآية 110 من سورة الأعراف والآية 63 من سورة طه {وقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ ومَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} . كذبوا موسى وقالوا له : أنت ساحر ، فأجابهم جواب من لا يكترث بتكذيبهم وعنادهم ثقة منه باللَّه ووعده ، ويتلخص الجواب بأن اللَّه يعلم اني على الحق والهدى ، وانكم على الباطل والضلال ، وأيضا يعلم أن العاقبة الحميدة لي ولمن اتبعني ، ولكم عقبى الهلاك في الدنيا ، وعذاب النار في لآخرة .

________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص 64-65 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قوله تعالى : {قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون} إشارة إلى قتله القبطي بالوكز وكان يخاف أن يقتلوه قصاصا .

قوله تعالى : {وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون} قال في المجمع : ، يقال : فلان ردء لفلان إذا كان ينصره ويشد ظهره .

انتهى .

وقوله : {إني أخاف أن يكذبون} تعليل لسؤاله إرسال هارون معه ، والسياق يدل على أنه كان يخاف أن يكذبوه فيغضب ولا يستطيع بيان حجته للكنة كانت في لسانه لا أنه سأل إرساله لئلا يكذبوه فإن من يكذبه لا يبالي أن يكذب هارون معه ومن الدليل على ذلك ما وقع في سورة الشعراء في هذا الموضع من القصة من قوله : {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ } [الشعراء : 12 ، 13] .

فمحصل المعنى : أن أخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معينا لي يبين صدقي في دعواي إذا خاصموني إني أخاف أن يكذبون فلا أستطيع بيان صدق دعواي .

قوله تعالى : {قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون} شد عضده بأخيه كناية عن تقويته به ، وعدم الوصول إليهما كناية عن عدم التسلط عليهما بالقتل ونحوه كأن الطائفتين يتسابقان وإحداهما متقدمة دائما والأخرى لا تدركهم بالوصول إليهم فضلا أن يسبقوهم .

والمعنى : قال سنقويك ونعينك بأخيك هارون ونجعل لكما سلطة وغلبة عليهم فلا يتسلطون عليكما بسبب آياتنا التي نظهركما بها .

ثم قال : {أنتما ومن اتبعكما الغالبون} وهو بيان لقوله : {ونجعل لكما سلطانا} إلخ ، يوضح أن هذا السلطان يشملهما ومن اتبعهما من الناس .

وقد ظهر بذلك أن السلطان بمعنى القهر والغلبة وقيل : هو بمعنى الحجة والأولى حينئذ أن يكون قوله : {بآياتنا} متعلقا بقوله : {الغالبون} لا بقوله : {فلا يصلون إليكما} وقد ذكروا في الآية وجوها أخر لا جدوى في التعرض لها .

قوله تعالى : {فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى} إلخ ، أي سحر موصوف بأنه مفترى والمفترى اسم مفعول بمعنى المختلق أو مصدر ميمي وصف به السحر مبالغة .

والإشارة في قوله : {ما هذا إلا سحر مفترى} إلى ما جاء به من الآيات أي ليس ما جاء به من الخوارق إلا سحرا مختلقا افتعله فنسبه إلى الله كذبا .

والإشارة في قوله : {وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين} إلى ما جاء به من الدعوة وأقام عليها حجة الآيات ، وأما احتمال أن يراد بها الإشارة إلى الآيات فلا يلائمه تكرار اسم الإشارة على أنهم كانوا يدعون أنهم سيأتون بمثلها كما حكى الله عن فرعون في قوله : {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ } [طه : 58] ، على أن عدم معهودية السحر وعدم مسبوقيته بالمثل لا ينفعهم شيئا حتى يدعوه .

فالمعنى : أن ما جاء به موسى دين مبتدع لم ينقل عن آبائنا الأولين أنهم اتخذوه في وقت من الأوقات ، ويناسبه ما حكي في الآية التالية من قول موسى : {ربي أعلم بمن جاء بالهدى} إلخ .

قوله تعالى : {وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار} إلخ ، مقتضى السياق كونه جوابا من موسى عن قولهم : {وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين} في رد دعوى موسى ، وهو جواب مبني على التحدي كأنه يقول : إن ربي - وهورب العالمين له الخلق والأمر – هو أعلم منكم بمن جاء بالهدى ومن تكون له عاقبة الدار وهو الذي أرسلني رسولا جائيا بالهدى – وهو دين التوحيد - ووعدني أن من أخذ بديني فله عاقبة الدار ، والحجة على ذلك الآيات البينات التي آتانيها من عنده .

فقوله : {ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده} يريد به نفسه والمراد بالهدى الدعوة الدينية التي جاء بها .

وقوله : {ومن تكون له عاقبة الدار} المراد بعاقبة الدار إما الجنة التي هي الدار الآخرة التي يسكنها السعداء كما قال تعالى حكاية عنهم : {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} [الزمر : 74] ، وإما عاقبة الدار الدنيا كما في قوله : {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف : 128] ، وإما الأعم الشامل للدنيا والآخرة ، والثالث أحسن الوجوه ثم الثاني كما يؤيده تعليله بقوله : {إنه لا يفلح الظالمون} .

وفي قوله : {إنه لا يفلح الظالمون} تعريض لفرعون وقومه وفيه نفي أن تكون لهم عاقبة الدار فإنهم بنوا سنة الحياة على الظلم وفيه انحراف عن العدالة الاجتماعية التي تهدي إليها فطرة الإنسان الموافقة للنظام الكوني .

قال بعض المفسرين : والوجه في عطف قوله : {وقال موسى ربي أعلم} إلخ ، على قولهم : {ما هذا إلا سحر مفترى} إلخ حكاية القولين ليوازن السامع بينهما ليميز صحيحهما من الفاسد . انتهى .

وما قدمناه من كون قول موسى (عليه السلام) مسوقا لرد قولهم أوفق للسياق .

______________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص27-29 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

هنا تذكر موسى (عليه السلام) حادثةً مهمة وقعت له في حياته بمصر ، وهي قتل القبطي ، وتعبئه القوى الفرعونية لإلقاء القبض عليه وقتله .

وبالرغم من أنّ موسى (عليه السلام) كان يهدف عندها الى انقاذ المظلوم من الظالم الذي كان في شجار معه ، فكان ما كان . . إلاّ أن ذلك لا معنى له في منطق فرعون وقومه ، فهم مصممون على قتل موسى إن وجدوه . . لذلك فإنّ موسى : {قال ربّ إنّي قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون} .

وبعد هذا كلّه فإنّي وحيدٌ ولساني غير فصيح {وأخي هارون هو أفصح منّي لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني إنّي أخاف أن يكذبون} .

كلمة «أفصح» مشتقّة من «الفصيح» وهو في الأصل كون الشيء خالصاً ، كما تطلق على الكلام الخالص من كل حشو وزيادة كلمة «الفصيح» أيضاً . و«الردء» معناه المعين والمساعد .

وعلى كل حال فلأن هذه المسؤولية كانت كبيرة جدّاً ، ولئلا يعجز موسى عن أدائها ، سأل ربّه أن يرسل معه أخاه هارون أيضاً .

فأجاب الله دعوته ، وطمأنه بإجابة ما طلبه منه و{قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطاناً} فالسلطة والغلبة لكما في جميع المراحل .

وبشرهما بالنصر والفوز ، وأنّه لن يصل إليهما سوء من أولئك : إذ قال سبحانه : {فلا يصلون إليكما بآياتنا} فبهذه الآيات والمعاجز لن يستطيعوا قتلكما أو الاضرار بكما {أنتما ومن اتبعكما الغالبون} .

فكان ما أوحى الله إلى موسى أملا كبيراً وبشارةً عظمى اطمأن بها قلبه ، وأصبح راسخ العزم والحزم ، وسنجد آثار ذلك في الصفحات المقبلة حين نقرأ الجوانب الأُخرى من قصّة موسى(عليه السلام) إن شاء الله (2) .

وقال تعالى : {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36) وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } [القصص : 36 ، 37] .

 

موسى في مواجهة فرعون :

نواجه المقطع الثامن من هذه القصّة العظيمة . . لقد تلقى موسى(عليه السلام) من ربّه الأمر بأن يصدع بالنبوّة والرسالة في تلك الليلة المظلمة والأرض المقدسة ، فوصل إلى مصر ، وأخبر أخاه هارون بما حُمِّلَ . . وأبلغه الرسالة الملقاة عليهما . . فذهبا معاً إلى فرعون ليبلغاه رسالة الله ، وبعد عناء شديد استطاعا أن يصلا إلى فرعون وقد حف به من في القصر من جماعته وخاصته ، فأبلغاه الدعوة إلى الله ووحدانيّته . . ولكن لنرَ ما جرى هناك ـ في قصر فرعون ـ مع موسى وأخيه .

يقول القرآن في أوّل آية من هذا المقطع : {فلمّا جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلاّ سحر مفترى} .

وأنكروا أن يكونوا سمعوا مثل ذلك {ما سمعنا بهذا في بآبائنا الأولين} .

فواجهوا موسى متوسّلين بحربة توسّل بها جميع الجبابرة والضالّون على طول التاريخ ، حين رأوا المعاجز من أنبيائهم . . وهي حربة «السحر» لأنّ الأنبياء يأتون بأمور خارقة للعادات ، و«السحر» خارق للعادة «لكن اين هذا من هذه»؟

السحرة اُناس منحرفون وأهل دنيا وعبيد لها وأساس عملهم قائم على تحريف الحقائق ، ويمكن معرفتهم جيداً بهذه العلامة . . في حين أنّ دعوة الأنبياء ومحتواها شاهد على صدق معاجزهم . .

ثمّ إنّ السحرة طالما يعتمدون على القدرة البشرية فإنّ عملهم محدود ، أمّا الأنبياء الذين يعتمدون على قوّة الهية ، فإن معاجزهم عظيمة وغير محدودة ! . .

التعبير بـ«الآيات البيّنات» عن معاجز موسى (عليه السلام) بصيغة الجمع ، ربّما يراد به أن معاجز أُخرى غير المعجزتين هاتين ، أو أن كل معجزة من معجزتيه مركبة من عدّة معاجز .

فتبديل العصا إلى ثعبان عظيم معجزة ، وعودة الثعبان إلى عصا معجزة أُخرى .

والتعبير بـ «مفترى» مأخوذة من «فرية» بمعنى التهمة والكذب لأنّهم قصدوا أنّ موسى يكذب على اللّه ! .

والتعبير بـ(ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين) مع أن نداء الأنبياء ودعوتهم من أمثال نوح وإبراهيم ويوسف (عليهم السلام) كانا من قبل موسى (عليه السلام) في هذه الأرض ، فجميعهم دعوا إلى عبادة الله سبحانه . هذا التعبير أساسه طول المدّة وبعد العهد عليهم ، أو أنّهم يريدون أن يقولوا : إنّ آباءنا ـ أيضاً ـ لم يذعنوا لدعوة الأنبياء قبلك! .

لكن موسى (عليه السلام) أجابهم بلهجة التهديد والوعيد ، حيث يكشف لنا القرآن هذا الحوار {وقال موسى ربّي اعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار} .

إشارة إلى أنّ الله يعلم حالي ، وهو مطلع عليّ بالرغم من اتهامكم إيّاي بالكذب . . فكيف يمكن أن يمكنني الله من الأُمور الخارقة للعادات لكي أضل بها عباده؟

فعلمه بحالي ومنحه لي هذه القدرة على الإتيان بالمعجزات دليل على حقانية دعوتي .

ثمّ بعد هذا ، الكاذب قد يقضي فترة بين الناس بالكذب والخديعة ، لكن سرعان ما يفتضح أمره ، فانتظروا لتشهدوا من تكون له العاقبة والإنتصار . . ولمن يكون الخزي والإندحار !؟

ولوكان كلامي كذباً فأنا ظالم و {إنّه لا يفلح الظالمون} .

وهذا التعبير يشبه تعبيراً آخر في الآية (69) من سورة «طه» إذْ جاء بهذه الصيغة «ولا يفلح الساحر حيث أتى» .

وهذه الجملة لعلها إشارة الى الفراعنة المعاندين والمستكبرين ضمناً ، وهي أنّكم مقتنعون بمعاجزي ودعوتي الحقّة ، ولكنّكم تخالفونني ظلماً . . فعليكم أن تعرفوا أنّكم لن تنتصروا أبداً ، والعاقبة لي فحسب .

والتعبير بـ (عاقبة الدار) ربّما كان إشارة لعاقبة الدار الدنيا ، أو لعاقبة الدار الآخرة ، أو لعاقبة الدارين جميعاً ، وبالطبع فإنّ المعنى الثّالث أجمع وأنسب حسب الظاهر .

بهذا المنطق المؤدب أنذر موسى (عليه السلام) فرعون وقومه بالهزيمة في هذه الدنيا وفي الأُخرى ! .

________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج9 ، ص572-576 .

2 ـ كانت لنا بحوث عديدة في هذا المجال ، فراجعها إن شئت في «تفسير سورة الأعراف» و«تفسير سورة طه» و«تفسير سورة الشعراء» . وفي بعض السور الأُخرى .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



موكب أهالي كربلاء يستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
العتبة العباسية تستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) بإقامة مجلس عزاء
أهالي كربلاء يحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) في مدينة الكاظمية
شعبة مدارس الكفيل النسوية تعقد اجتماعًا تحضيريًّا لوضع الأسئلة الامتحانية