تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
تفسير الآية (62-70) من سورة القصص
المؤلف: إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
المصدر: تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة: .....
6-10-2020
3268
قال تعالى : {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62) قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَو أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ (64) وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) وَهُو اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُولَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص : 62 - 70] .
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :
قال تعالى : {ويوم يناديهم} أي واذكر يوم ينادي الله الكفار وهو يوم القيامة وهذا نداء تقريع وتبكيت {فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون} أي كنتم تزعمون في الدنيا أنهم شركاء في الإلهية وتعبدونهم وتدعون أنهم ينفعونكم {قال الذين حق عليهم القول} أي حق عليهم الوعيد بالعذاب من الجن والشياطين والذين أغووا الخلق من الإنس {ربنا هؤلاء الذين أغوينا} يعنون أتباعهم {أغويناهم كما غوينا} أي أظللناهم عن الدين بدعائنا إياهم إلى الضلال كما ضللنا نحن بأنفسنا {تبرأنا إليك} منهم ومن أفعالهم قال الزجاج برىء بعضهم من بعض وصاروا أعداء كما قال سبحانه {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو} .
{ما كانوا إيانا يعبدون} أي لم يكونوا يعبدوننا بل كانوا يعبدون الشياطين الذين زينوا لهم عبادتنا وقيل معناه لم يعبدونا باستحقاق وحجة {وقيل ادعوا شركائكم} أي ويقال للأتباع ادعوا الذين عبدتموهم من دون الله وزعمتم أنهم شركائي لينصروكم ويدفعوا عنكم عذاب الله وإنما أضاف الشركاء إليهم لأنه لا يجوز أن يكون لله شريك ولكنهم كانوا يزعمون أنها شركاء لله بعبادتهم إياهم {فدعوهم فلم يستجيبوا لهم} أي فيدعونهم فلا يجيبونهم إلى ملتمسهم {ورأوا العذاب} أي ويرون العذاب .
{لو أنهم كانوا يهتدون} جواب لو محذوف تقديره لو أنهم كانوا يهتدون لرأوا العذاب أي لاعتقدوا أن العذاب حق وهذا القول أولى لدلالة الكلام على المحذوف {ويوم يناديهم فيقول ما ذا أجبتم المرسلين} أي ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين وهذا سؤال تقرير بالذنب وهو نداء يجمع العلم والعمل معا فإن الرسل يدعون إلى العلم والعمل جميعا فكأنه قيل لهم ما ذا علمتم وما ذا عملتم ؟ .
{فعميت عليهم الأنباء يومئذ} أي فخفيت واشتبهت عليهم طرق الجواب يومئذ فصاروا كالعمي لانسداد طرق الأخبار عليهم كما تنسد طرق الأرض على العمي وقيل معناه فالتبست عليهم الحجج عن مجاهد وسميت حججهم أنباء لأنها أخبار يخبر بها فهم لا يحتجون ولا ينطقون بحجة لأن الله تعالى أدحض حجتهم وأكل ألسنتهم فسكتوا فذلك قوله {فهم لا يتساءلون} أي لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجج وقيل لا يسأل بعضهم بعضا عن العذر الذي يعتذر به في الجواب فلا يجيبون وقيل معناه لا يتساءلون بالأنساب القرابة كما في الدنيا وقيل لا يسأل بعضهم بعضا عن حاله لشغله بنفسه عن الجبائي وقيل لا يسأل بعضهم بعضا أن حمل ذنوبه عنه عن الحسن .
ثم ذكر سبحانه التائبين ورغب في التوبة بعد التخويف فقال {فأما من تاب} أي رجع عن المعاصي والكفر {وآمن وعمل صالحا} أي وأضاف إلى إيمانه الأعمال الصالحة {فعسى أن يكون من المفلحين} وإنما أتى بلفظة عسى مع أنه مقطوع بفلاحه لأنه على رجاء أن يدوم على ذلك فيفلح وقد يجوز أن يزل فيما بعد فيهلك على أنه قد قيل إن عسى من الله سبحانه لفظة وجوب في جميع القرآن ولما كان المفلح مختار الله تعالى ذكر عقيبه أن الاختيار إلى الله تعالى والخلق والحكم له لكونه قادرا عالما على الكمال فقال : {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} الخيرة اسم من الاختيار أقيم مقام المصدر والخيرة اسم للمختار أيضا يقال محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) خيرة الله من خلقه ويجوز التخفيف فيهما واختلف في الآية وتقديرها على قولين ( أحدهما ) أن معناه وربك يخلق ما يشاء من الخلق ويختار تدبير عباده على ما هو الأصلح لهم ويختار للرسالة ما هو الأصلح لعباده ثم قال {ما كان لهم الخيرة} أي ليس لهم الاختيار على الله بل لله الخيرة عليهم وعلى هذا تكون ما نفيا ويكون الوقف على قوله {ويختار} وفيه رد على المشركين الذين قالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم فاختاروا الوليد بن المغيرة من مكة وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف ( والآخر ) أن يكون ما في الآية بمعنى الذي أي ويختار الذي كان لهم الخيرة فيه فيكون الوقف على هذا عند قوله {ما كان لهم الخيرة} وهذا أيضا في معنى الأول لأن حقيقة المعنى فيهما أنه سبحانه يختار وإليه الاختيار ليس لمن دونه الاختيار لأن الاختيار يجب أن يكون على العلم بأحوال المختار ولا يعلم غيره سبحانه جميع أحوال المختار ولأن الاختيار هو أخذ الخير وكيف يأخذ الخير من الأشياء من لا يعلم الخير فيها .
{سبحان الله وتعالى عما يشركون} أي تقدس وتنزه عن أن يكون له شريك في خلقه واختياره ثم أقام سبحانه البرهان على صحة اختياره بقوله {وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون} أي وربك يعلم ما يخفونه وما يظهرونه فإليه الاختيار وفي هذا دلالة على أن من لا يعلم السر والجهر فلا اختيار إليه ثم أكد سبحانه ذلك بقوله {وهو الله لا إله إلا هو} لا يستحق العبادة سواه {له الحمد في الأولى والآخرة} أي له الثناء المدح والتعظيم على ما أنعم به على خلقه في الدنيا والعقبي {وله الحكم} بينهم بما يميز به الحق من الباطل قال ابن عباس يحكم لأهل طاعته بالمغفرة والفضل ولأهل معصيته بالشقاء والويل {وإليه} أي وإلى جزائه وحكمه {ترجعون} .
_________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص451-454 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :
{ويَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} . يحشر سبحانه غدا عبدة الأوثان والجاه والحطام ، ويسألهم للتوبيخ والتشهير : أين الذي كنتم تعملون من أجله ، وتخلصون له من دون اللَّه ؟ .
{قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ} المراد بالذين حق عليهم القول قادة الشرك والضلال ، والمراد بالقول كلمة العذاب التي جاءت في الآية 79 من سورة الزمر :
ولكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ وهؤلاء إشارة إلى الأتباع الضعفاء ، والمعنى ان اللَّه سبحانه حين يسأل المشركين : أين شركائي يجيبه الضعفاء : ربنا انّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل ، فيقول السادة الأدعياء : كلا ، لم نكره هؤلاء الأتباع على الشرك والغواية ، ولكن دعوناهم إلى ذلك فاستجابوا مختارين ، تماما كما استجبنا نحن لأهوائنا طائعين ، وانّا نبرأ منهم ومن أعمالهم ، وما كانوا يعبدوننا وانما كانوا يعبدون الأصنام والشيطان . . وهكذا يفعل أرباب المصالح والأغراض يخدعون البسطاء ويغررون بهم ، ويتخذونهم أداة لأهوائهم حتى إذا جد الجد ، ودارت دائرة السوء على رؤوس التابعين والمتبوعين - قال هؤلاء لأولئك ما يقوله الشيطان غدا لأتباعه : ما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم . . اني بريء منكم . . اني أخاف اللَّه واللَّه شديد العقاب .
{وقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ} يقال غدا لأعوان الظلمة وأذنابهم : أين الذين كنتم تعبدون من دون اللَّه ؟ ادعوهم لينقذوكم من العذاب {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} ضعف الطالب والمطلوب {ورَأَوُا الْعَذابَ لَو أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ} علموا ان العذاب واقع لا محالة ، فتمنوا لو كانوا مؤمنين {ويَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} . مرة ثانية يسألهم سبحانه بقصد التوبيخ والتأنيب : لقد أرسلت إليكم رسلي ، وتلوا عليكم آياتي وانذروكم لقاء يومكم هذا ، فما ذا فعلتم ؟ هل استجبتم وأطعتم ، أو أعرضتم وتمردتم ؟ .
{فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْباءُ} خرسوا عن الجواب لعجزهم عنه ، ولما بهم من الدهشة والهوان {فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ} لا يسأل بعضهم بعضا فيما ينجيهم من العذاب ، كيف وقد يئسوا من كل شيء {فَأَمَّا مَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} . هذا على عادة القرآن ، يقرن ذكر من أطاع وثوابه بذكر من عصى وعقابه ، وبالعكس ، وعسى في كلام المخلوق تدل على الترجي في المحبوب ، والإشفاق في المكروه ، وتدل في كلام الخالق على الوجوب ، وعليه فالتائب الصالح من المفلحين المرضيين عند اللَّه بالقطع واليقين .
{ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ويَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
اللَّه هو الخالق المالك ، ولا أحد يملك معه شيئا ، وكل أفعاله حكمة وخير وصواب ، وما لأحد أن يرد ويعترض ، فكيف ينسبون إليه الشركاء {ورَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وما يُعْلِنُونَ} وأيضا هو عالم الغيب والشهادة ، والشركاء المزعومون لا يعلمون شيئا {وهُو اللَّهُ لا إِلهً إِلَّا هُوَ} وحده المستحق للعبادة {لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولى والآخِرَةِ} الحمد للَّه في الدنيا على فضله وآلائه ، وفي الآخرة على ثوابه وجزائه {ولَهُ الْحُكْمُ} النافذ في كل شيء بكلمة {كن} . {وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} ولا مناص لأحد من هذا المرجع ، والسعيد من ثبتت حجته ، وقبلت معذرته .
________________
1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص 80-82 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :
قوله تعالى : {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون} الشركاء هم الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا وكونهم شركاء عندهم لكونهم يعطونهم أو ينسبون إليهم بعض ما هومن شئونه تعالى كالعبادة والتدبير ، وفي قوله : {يناديهم} إشارة إلى بعدهم وخذلانهم يومئذ .
قوله تعالى : {قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا} آلهتهم الذين يرونهم شركاء لله سبحانه صنفان صنف منهم عباد لله مكرمون كالملائكة المقربين وعيسى بن مريم (عليهما السلام) ، وصنف منهم كعتاة الجن ومدعي الألوهية من الإنس كفرعون ونمرود وغيرهما وقد ألحق الله سبحانه بهم كل مطاع في باطل كإبليس وقرناء الشياطين وأئمة الضلال كما قال : {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا } [يس : 60 - 62] ، وقال : {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } [الجاثية : 23] ، وقال : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة : 31] .
والذين يشير إليهم قوله : {قال الذين حق عليهم القول} هم من الصنف الثاني بدليل ذكرهم إغواءهم وتبريهم من عبادتهم وهؤلاء المشركون وإن كانوا أنفسهم أيضا ممن حق عليهم القول كما يشير إليه قوله : {حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة : 13] ، ولكن المراد بهم في الآية المبحوث عنها المتبوعون منهم الذين ينتهي إليهم الشرك والضلال .
وإيراد قول هؤلاء الشركاء مع عدم ذكر أن المسئولين أشاروا إليهم لعله للإشارة إلى أنهم ضلوا عنهم في هذا الموقف كما في قوله تعالى : {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ } [فصلت : 47 ، 48] .
وقوله : {ربنا هؤلاء الذين أغوينا} أي هؤلاء - يشيرون إلى المشركين - هم الذين أغويناهم والجملة توطئة للجملة التالية .
وقوله : {أغويناهم كما غوينا} أي كانت غوايتهم بإغوائنا لغوايتنا أنفسنا فكما كنا غوينا باختيارنا من غير إلجاء كذلك هم غووا باختيار منهم من غير إلجاء ، والدليل على هذا المعنى ما حكاه الله عن إبليس يومئذ إذ قال : {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم : 22] ، وقال حاكيا لتساؤل الظالمين وقرنائهم {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30) فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } [الصافات : 27 - 32] ، أي ما كان ليصل إليكم منا ونحن غاون غير الغواية .
ومن هنا يظهر أن لقولهم : {أغويناهم كما غوينا} معنى آخر ، وهو أنهم اكتسبوا نظير الوصف الذي كان فينا غير أنا نتبرأ منهم حيث لم نلجئهم إلى الغواية ما كانوا يعبدوننا بإلجاء .
وقوله : {تبرأنا إليك} تبر منهم مطلقا حيث لم يكن لهم أن يلجئوهم ويسلبوا منهم الاختيار ، وقوله {ما كانوا إيانا يعبدون} أي بإلجاء منا ، أو لتبرينا من أعمالهم فإن من تبرأ من عمل لم ينتسب إليه وإلى هذا المعنى يئول قوله تعالى في مواضع من كلامه في وصف هذا الموقف : { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الأنعام : 24] {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ } [فصلت : 48] {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} [يونس : 28] ، إلى غير ذلك من الآيات فافهم .
وقيل : المعنى تبرأنا إليك من أعمالهم ما كانوا إيانا يعبدون بل كانوا يعبدون أهواءهم أو كانوا يعبدون الشياطين .
ولا يخلو من سخافة .
ولكون كل من قوليه : {تبرأنا إليك} {ما كانوا إيانا يعبدون} في معنى قوله : {أغويناهم كما غوينا} جيء بالفصل من غير عطف .
قوله تعالى : {وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون} المراد بشركائهم الآلهة التي كانوا شركاء لله بزعمهم ولذا أضافهم إليهم .
والمراد بدعوتهم دعوتهم إياهم لينصروهم ويدفعوا عنهم العذاب ولذا قال : {ورأوا العذاب} بعد قوله : {فلم يستجيبوا لهم} .
وقوله : {لو أنهم كانوا يهتدون} قيل : جواب لو محذوف لدلالة الكلام عليه والتقدير لو أنهم كانوا يهتدون لرأوا العذاب أي اعتقدوا أن العذاب حق ، ويمكن أن يكون لو للتمني أي ليتهم كانوا يهتدون .
قوله تعالى : {ويوم يناديهم فيقول ما ذا أجبتم المرسلين} معطوف على قوله السابق : {ويوم يناديهم} إلخ ، سئلوا أولا : عن شركائهم وأمروا أن يستنصروهم ، وثانيا : عن جوابهم للمرسلين إليهم من عند الله .
والمعنى : ما ذا قلتم في جواب من أرسل إليكم من رسل الله فدعوكم إلى الإيمان والعمل الصالح ؟ .
قوله تعالى : {فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون} العمى استعارة عن جعل الإنسان بحيث لا يهتدي إلى خبر ، وكان مقتضى الظاهر أن ينسب العمى إليهم لا إلى الأنباء لكن عكس الأمر فقيل : {فعميت عليهم الأنباء} للدلالة على أخذهم من كل جانب وسد جميع الطرق وتقطع الأسباب بهم كما قال : {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة : 166] ، فلسقوط الأسباب عن التأثير يومئذ لا تهتدي إليهم الأخبار ولا يجدون شيئا يعتذرون به للتخلص من العذاب .
وقوله : {فهم لا يتساءلون} تفريع على عمى الأنباء من قبيل تفرع بعض أفراد العام عليه أي لا يسأل بعضهم بعضا ليعدوا به عذرا يعتذرون به عن تكذيبهم الرسل وردهم الدعوة .
وقد فسر صدر الآية وذيلها بتفاسير كثيرة مختلفة لا جدوى في التعرض لها فرأينا الصفح عنها أولى .
قوله تعالى : {فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين} أي هذه حال من كفر ولم يرجع إلى الله سبحانه فأما من رجع وآمن وعمل صالحا فمن المرجو أن يكون من المفلحين ، وعسى - كما قيل - للتحقيق على عادة الكرام أو للترجي من قبل التائب ، والمعنى : فليتوقع الفلاح .
قوله تعالى : {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون} الخيرة بمعنى التخير كالطيرة بمعنى التطير .
والآية جواب رابع عن قولهم : {إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} والذي يتضمنه حجة قاطعة .
بيان ذلك : أن الخلق وهو الصنع والإيجاد ينتهي إليه تعالى كما قال : {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر : 62] فلا مؤثر في الوجود بحقيقة معنى التأثير غيره تعالى فلا شيء هناك يلجئه تعالى على فعل من الأفعال فإن هذا الشيء المفروض إما مخلوق له منته في وجوده إليه فوجوده وآثار وجوده ينتهي إليه تعالى ولا معنى لتأثير الشيء ولا لتأثير أثره في نفسه وإما غير مخلوق له ولا منته في وجوده إليه يؤثر فيه بالإلجاء والقهر ولا مؤثر في الوجود غيره ولا أن هناك شيئا لا ينتهي في وجوده إليه تعالى فلا يعطيه شيء أثرا ولا يمنعه شيء من أثر كما قال : {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد : 41] ، وقال : { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ } [يوسف : 21] .
وإذ لا قاهر يقهره على فعل ولا مانع يمنعه عن فعل فهو مختار بحقيقة معنى الاختيار هذا بحسب التكوين والتشريع يتبعه فإن حقيقة التشريع هي أنه فطر الناس على فطرة لا تستقيم إلا بإتيان أمور هي الواجبات وما في حكمها وترك أمور هي المحرمات وما في حكمها فما ينتفع به الإنسان في كماله وسعادته هو الذي أمر به وندب إليه وما يتضرر به هو الذي نهى عنه وحذر منه .
فله تعالى أن يختار في مرحلة التشريع من الأحكام والقوانين ما يشاء كما أن له أن يختار في مرحلة التكوين من الخلق والتدبير ما يشاء ، وهذا معنى قوله : {وربك يخلق ما يشاء ويختار} وقد أطلق إطلاقا .
والظاهر أن قوله : {يخلق ما يشاء} إشارة إلى اختياره التكويني فإن معنى إطلاقه أنه لا تقصر قدرته عن خلق شيء ولا يمنعه شيء عما يشاؤه وبعبارة أخرى لا يمتنع عن مشيته شيء لا بنفسه ولا بمانع يمنع وهذا هو الاختيار بحقيقة معناه ، وقوله : {ويختار} إشارة إلى اختياره التشريعي الاعتباري ويكون عطفه على قوله : {يخلق ما يشاء} من عطف المسبب على سببه لكون التشريع والاعتبار متفرعا على التكوين والحقيقة .
ويمكن حمل قوله : {يخلق ما يشاء} على الاختيار التكويني وقوله : {ويختار} على الأعم من الحقيقة والاعتبار لكن الوجه السابق أوجه ، ومن الدليل عليه كون المنفي في قوله الآتي : {ما كان لهم الخيرة} هو الاختيار التشريعي الاعتباري ، والاختيار المثبت في قوله {ويختار} يقابله فالمراد إثبات الاختيار التشريعي الاعتباري .
ثم لا ريب في أن الإنسان له اختيار تكويني بالنسبة إلى الأفعال الصادرة عنه بالعلم والإرادة وإن لم يكن اختيارا مطلقا فإن للأسباب والعلل الخارجية دخلا في أفعاله إذ أكله لقمة من الطعام مثلا متوقف على تحقق مادة الطعام خارجا وقابليته وملائمته وقربه منه ومساعدة أدوات الأخذ والقبض والالتقام والمضغ والبلع وغير ذلك مما لا يحصى .
فصدور الفعل الاختياري عنه مشروط بموافقة الأسباب الخارجية الداخلية في تحقق فعله ، والله سبحانه في رأس تلك الأسباب جميعا وإليه ينتهي الكل وهو الذي خلق الإنسان منعوتا بنعت الاختيار وأعطاه خيرته كما أعطاه خلقه .
ثم إن الإنسان يرى بالطبع لنفسه اختيارا تشريعيا اعتباريا فيما يشاؤه من فعل أوترك بحذاء اختياره التكويني فله أن يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء من غير أن يكون لأحد من بني نوعه أن يحمله على شيء أو يمنعه عن شيء لكونهم أمثالا له لا يزيدون عليه بشيء في معنى الإنسانية ولا يملكون منه شيئا ، وهذا هو المراد بكون الإنسان حرا بالطبع .
فالإنسان مختار في نفسه حر بالطبع إلا أن يملك غيره من نفسه شيئا فيسلب بنفسه عن نفسه الحرية كما أن الإنسان الاجتماعي يسلب عن نفسه الحرية بالنسبة إلى موارد السنن والقوانين الجارية في مجتمعه بدخوله في المجتمع وإمضائه ما يجري فيه من سنن وقوانين سواء كانت دينية أو اجتماعية ، وكما أن المتقاتلين يملك كل منهما الآخر من نفسه ما يغلب عليه فللغالب منهما أن يفعل بأسيره ما يشاء ، وكما أن الأجير إذا ابتاع عمله وآجر نفسه فليس بحر في عمله إذ المملوكية لا تجامع الحرية .
فالإنسان بالنسبة إلى سائر بني نوعه حر في عمله مختار في فعله إلا أن يسلب باختيار منه شيئا من اختياره فيملك غيره ، والله سبحانه يملك الإنسان في نفسه وفي فعله الصادر منه ملكا مطلقا بالملك التكويني وبالملك الوضعي الاعتباري فلا خيرة له ولا حرية بالنسبة إلى ما يريده منه تشريعا بأمر أو نهي تشريعيين كما لا خيرة ولا حرية له بالنسبة إلى ما يشاؤه بمشيته التكوينية .
وهذا هو المراد بقوله : {ما كان لهم الخيرة} أي لا اختيار لهم إذا اختار الله سبحانه لهم شيئا من فعل أوترك حتى يختاروا لأنفسهم ما يشاءون وإن خالف ما اختاره الله والآية قريبة المعنى من قوله تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [الأحزاب : 36] ، وللقوم في تفسير الآية أقاويل مختلفة غير مجدية أغمضنا عنها من أراد الوقوف عليها فعليه بالرجوع إلى المطولات .
وقوله : {سبحان الله وتعالى عما يشركون} أي عن شركهم باختيارهم أصناما آلهة يعبدونها من دون الله .
وهاهنا معنى آخر أدق أي تنزه وتعالى عن شركهم بادعاء أن لهم خيرة بالنسبة إلى ما يختاره تعالى بقبوله أورده فإن الخيرة بهذا المعنى لا تتم إلا بدعوى الاستقلال في الوجود والاستغناء عنه تعالى ولا تتم إلا مع الاشتراك معه تعالى في صفة الألوهية .
وفي قوله : {وربك يخلق} التفات من التكلم بالغير إلى الغيبة والنكتة فيه تأييد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتقويته وتطييب نفسه بإضافة صفة الرب إليه فإن معناه أن ما أرسله به من الحكم ماض غير مردود فلا خيرة لهم في قبوله ورده ، ولأنهم لا يقبلون ربوبيته .
وفي قوله : {سبحان الله} وضع الظاهر موضع المضمر والنكتة فيه إرجاع الأمر إلى الذات المتعالية التي هي المبدأ للتنزه والتعالي عن كل ما لا يليق بساحة قدسه فإنه تعالى يتصف بكل كمال ويتنزه عن كل نقص لأنه هو الله عز اسمه .
قوله تعالى : {وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون} الإكنان الإخفاء والإعلان الإظهار ، ولكون الصدر يعد مخزنا للأسرار نسب الإكنان إلى الصدور والإعلان إليهم أنفسهم .
ولعل تعقيب الآية السابقة بهذه الآية للإشارة إلى أنه تعالى إنما اختار لهم ما اختار لعلمه بما في ظاهرهم وباطنهم من أوساخ الشرك والمعصية فطهرهم بذلك بحكمته .
قوله تعالى : {وهو الله لا إله إلا هوله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون} ظاهر السياق أن الضمير في صدر الآية راجع إلى {ربك} في الآية السابقة ، والظاهر على هذا أن اللام في اسم الجلالة للتلميح إلى معنى الوصف ، وقوله : {لا إله إلا هو} تأكيد للحصر المستفاد من قوله : {هو الله} كأنه قيل : وهو الإله - المتصف وحده بالألوهية - لا إله إلا هو .
وعلى ذلك فالآية كالمتمم لبيان الآية السابقة كأنه قيل : هو سبحانه مختار له أن يختار عليهم أن يعبدوه وحده ، وهو يعلم ظاهرهم وباطنهم فله أن يقضي عليهم أن يعبدوه وحده وهو الإله المستحق للعبادة وحده فيجب عليهم أن يعبدوه وحده .
ويكون ما في ذيل الآية من قوله : {له الحمد} إلخ ، وجوها ثلاثة توجه كونه تعالى معبودا مستحقا للعبادة وحده .
أما قوله : {له الحمد في الأولى والآخرة} فلأن كل كمال موجود في الدنيا والآخرة نعمة نازلة منه تعالى يستحق بها جميل الثناء ، وكل جميل من هذه النعم الموهوبة مترشحة من كمال ذاتي من صفاته الذاتية يستحق بها الثناء فله كل الثناء ولا يستقل شيء غيره بشيء من الثناء يثنى عليه به إلا وينتهي إليه والعبادة ثناء بقول أو فعل فهو المعبود المستحق للعبادة وحده .
وأما قوله : {وله الحكم} فلأنه سبحانه هو المالك على الإطلاق لا يملك غيره إلا ما ملكه إياه وهو المالك لما ملكه وهو سبحانه مالك في مرحلة التشريع والاعتبار كما أنه مالك في مرحلة التكوين والحقيقة ، ومن آثار ملكه أن يقضي على عبيده ومملوكيه أن لا يعبدوا إلا إياه .
وأما قوله : {وإليه ترجعون} فلأن الرجوع للحساب والجزاء وإذ كان هو المرجع فهو المحاسب المجازي وإذ كان هو المحاسب المجازي وحده فهو الذي يجب أن يعبد وحده وله دين يجب أن يتعبد به وحده .
________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص51-56 .
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :
بعد هذا ، يأتي الكلام عن عرصات يوم القيامة ومشاهدها ليجسّده أمام الكفار ، مشاهد يقشعر منها البدن حين يتصورها الإنسان ، فيقول القرآن : {ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون} .
وبديهي أنّ هذا السؤال سؤال توبيخ وإهانة ، لأنّ يوم القيامة يوم كشف الحجُب والأستار ، فلا مفهوم للشرك ، ولا المشركون في ذلك اليوم باقون على عقيدتهم و«شركهم» .
فهذا السؤال في الحقيقة فيه نوع من الإهانة والتوبيخ والعقوبة !
ولكنّهم بدلا من أن يجيبوا بأنفسهم ، فإنّ معبوديهم هم الذين يردّون الجواب ، ويتبرؤون منهم ، ويتنفرون من عبادة المشركين إيّاهم .
ونعرف أن معبودات المشركين وآلهتهم على ثلاثة أنواع : فإمّا أَن يكونوا أصناماً «وأحجاراً وخُشُباً» أومن المقدسين كالملائكة والمسيح ، وإمّا أن يكونوا من الشياطين والجنّ . فالذين يردّون على السؤال ويجيبون هم النوع الثالث ، كما حكى عنهم القرآن (قال الذين حقّ عليهم القول ربّنا هؤلاء الذين أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون) .
فعلى هذا تكون الآية السابقة شبيهة بالآية (28) من سورة يونس إذ تقول : {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} [يونس : 28] .
فعلى هذا يرد المعبودون الغواة على عبدتهم ويتبرؤون منهم ، كما يبرأ فرعون ونمرود والشياطين والجن من عبدتهم وقومهم ويتنفرون منهم ، ويدافعون عن أنفسهم ، حتى أنّهم ينسبون الضلالة لمن تبعهم ويقولون : إنّهم تبعونا طوعاً . . . الخ .
ولكن ـ من البديهي ـ ليس لهذا النفي أثر ، ولا تنفع البراءة منهم ، فالعابد والمعبود معاً شريكان «في النّار» (2) .
الطريف الذي يستلفت النظر ، هو أنّ كل واحد من المنحرفين يتبرأ في ذلك اليوم من الآخر وكلٌ يسعى لأن يلقي تبعة ذنبه على صاحبه .
وهذا يشبه تماماً ما قد نراه في هذه «الدنيا» من اجتماع رهط على أمر ما حتى إذا وقعوا في مخالفة القانون ، وأُلقي القبض عليهم ، وأحضروا إلى المحكمة ، يتبرأ كلّ واحد من الآخر ويلقي بعضهم الجريمة على صاحبه ، فهكذا هي عاقبة المنحرفين والضالين في الدنيا والآخرة!
كما نجد مثل هذا في الآية (22) من سورة إبراهيم {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ } [إبراهيم : 22] .
ونقرأ في الآية (30) من سورة الصافات في شأن المشركين الذين يتحاجون في يوم القيامة مع أتباعهم فيقولون : {وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ} [الصافات : 30] .
وعلى كل حال ، فتعقيباً على السؤال عن آلهتهم . وعجز المشركين عن الجواب . يطلب أن يدعوهم لنصرتهم {وقيل ادعوا شركاءكم} (3) .
وحيث يعلم المشركون أن دعاءهم غير نافع ، وأن المعبودين «الشركاء» لا يمكن أن يفعلوا شيئاً من شدّة الهلع والوحشة ، أو استجابة لأمر الله الذي يريد أَن يفضح المشركين والشركاء أمام أعين الخلق ، يتوجهون إلى الشركاء ويدعونهم كما يقول القرآن الكريم : {فدعوهم} .
ومن الواضح أنّه لا أثر لهذا النداء والطلب ، ولا يقال لهم «لبيك» . . {فلم يستجيبوا لهم} .
فحينئذ لا ينفعهم شيء {ورأوا العذاب} .
ويتمنون {لو أنّهم كانوا يهتدون !} . (4)
وقوله تعالى : {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (69) وَهُو اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُولَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص : 65 - 70] .
تعقبُ الآيات محل البحث ، على ما كان في الآيات السابقة في شأن المشركين وما يسألون يوم القيامة .
فبعد أن يُسألوا عن شركائهم ومعبوديهم ، يسألون عن مواقفهم وما أبدوه من عمل إزاء أنبيائهم {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين} .
ومن المسلم به أنّ هؤلاء «المشركين» لا يملكون جواباً لهذا السؤال ، كما لم يملكوا للسؤال السابق جواباً .
تُرى : أيقولون بأنّنا لبيّنا دعوة المرسلين؟ فهذا كذب محض! والكاذب خاسر في ذلك اليوم ، أم يقولون بأنّنا كذّبناهم ، واتهمناهم ، وقلنا لهم بأنّكم سحرة ومجانين وحاربناهم وقتلناهم مع اتباعهم ؟ . . .
ما عسى أن يقولوا هناك ؟! فكلّ ما يقولون كاشف عن فضيحتهم وشقائهم ! . حتى أَنّ الانبياء والمرسلين في ذلك اليوم يجيبون ربّهم حين يسألون { مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة : 109] .
ما الذي يقوله في ذلك اليوم وفي ذلك المكان عمي القلوب من المشركين ؟!
لذلك يكشف القرآن عن حالهم هناك فيقول : {فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون} أي يسأل بعضهم بعضاً ولا يعرفون جواباً ! .
والذي يستلفت النظر أن العمى نسب في الآية للأنباء لا للمشركين فلا يقول عمي المشركون هناك بل يقول : «عميت عليهم الأنباء» . . لأنّه كثيراً ما يحدث أن يكون الإنسان غير عالم بالخبر ، لكنّه يصله بانتشاره على أفواه الناس ، كما يتفق لنا أن نكون جاهلين بالشيء أحياناً فنعرف به حين ينتشر بين المجتمع ، لكن في يوم القيامة ، لا الناس مطّلعون ، ولا الأخبار تنتشر ! .
فعلى هذا تعمى الأخبار ، فلا يملكون جواباً هناك على قوله تعالى : (ماذا أجبتم المرسلين ) فيحيط بهم الصمت من قرنهم إلى أقدامهم .
وحيث أنّ اُسلوب القرآن هو ترك الأبواب مفتوحة بوجه الكافرين والآثمين دائماً ، لعلهم يتوبون ويرجعون إلى الحق في أي مرحلة كانوا من الإثم ، فإنّه يضيف في الآية التي بعدها : {فأمّا من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين} .
فسبيل النجاة ـ حسب ما يوضحه القرآن ـ يتلخّص في ثلاث جمل هي العودة والتوبة إلى الله ، والإيمان ، والعمل الصالح ، وعاقبتهما النجاة والفلاح حتماً .
والتعبير بعسى «من أفعال الرجاء» مع أن الذي آمن وعمل صالحاً فهومن أهل الفلاح حتماً ـ ربّما كان لأنّ الإيمان والعمل الصالح مشروطان بالبقاء والدوام عليهما ، وحيث أن التائبين لا يبقى جميعهم على التوبة ، بل قد يعود بعضهم لعمله السابق ، عبر القرآن بقول : (فعسى ) . . ألخ .
قال بعض المفسّرين : التعبير بـ«عسى» حين يكون من شخص كريم ، فإنّه يدل على المفهوم القطعي ، والله سبحانه أكرم الأكرمين .
والآية التي بعدها في الحقيقة دليل على نفي الشرك وبطلان عقيدة المشركين ، إذ تقول : {وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة} (5) .
فالخلق بيده ، والتدبير والإختيار بيده أيضاً ، وهو ذو الإرادة ، وليس لأحد سواه أن يفعل ما يشاء ، فكيف بالأصنام ؟!
فاختيار الخلق بيده ، والشفاعة بيده ، وإرسال الرسل بيده أيضاً . والخلاصة أنّ اختيار كل شيء متعلق بمشيئته وإرادته المقدسة ، فعلى هذا لا يمكن للأصنام أن تعمل شيئاً ، ولا حتى الملائكة والأنبياء ، إلاّ أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى!
وعلى كل حال فإطلاق الإختيار دليل على عموميته . . بمعنى أن الله سبحانه صاحب الإختيار في الأُمور التكوينية والأُمور التشريعية أيضاً . . فجميعها يتعلقان به .
فمع هذه الحال ، كيف يسلك هؤلاء طريق الشرك ويتجهون نحو غير الله؟ لذلك فإنّ الآية تنزه الله عن الشرك وتقول : {سبحان الله وتعالى عمّا يشركون} .
وفي الرّوايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) فُسرت الآية المتقدمة باختيار الأئمّة المعصومين من قبل الله سبحانه ـ وجملة {وما كان لهم الخيرة} أيضاً وردت في هذا المعنى ، وهي في الواقع من قبيل بيان المصداق الواضح ، لأنّ مسألة حفظ الدين والمذهب واختيار القائد المعصوم لأجل هذا الهدف ، لا تكون إلاّ من قِبَل الله تعالى (6) .
أمّا الآية التي بعدها فتتحدث عن علم الله الواسع ، وهي في الحقيقة تأكيد أو دليل على الإختيار الواسع في الآية السابقة ، إذ تقول هذه الآية : {وربّك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون} .
فإحاطته بكل شيء دليل على اختياره لكل شيء ، كما هي ـ ضمناً ـ تهديد للمشركين ، لئلا يظنوا أن الله غير مطلع على سرائرهم ونيّاتهم و«مؤامراتهم» .
والآية الأخيرة من هذا المقطع ـ هي نتيجة الحكم ، وتوضيح للآيات السابقة في مجال نفي الشرك ، وهي ذات أربعة أوصاف من أوصاف الله ، وجميعها فرع على خالقيته واختياره .
فالأول : أنّه {هو الله لا إله إلاّ هو} .
فكيف يمكن أن يكون معبود آخر سواه ، وهو الخالق وحده وجميع الإختيارات بأمره وبيده . فمن يتوسل بالأصنام لتشفع له عند الله فهومن المضلين الخاطئين .
والثّاني : أن جميع النعم دنيويةً كانت أم أُخروية هي منه ، وهي من لوازم خالقيته المطلقة ، لذلك يقول القرآن في هذا الصدد {له الحمد في الأُولى وفي الآخرة} .
الثّالث : أنّه {وله الحكم} فهو الحاكم في هذا العالم ، وفي العالم الآخر .
والرّابع : {وإليه ترجعون} للحساب والثواب والعقاب .
فالله الخالق ، وهو المطّلع ، وهو الحاكم يوم الجزاء ، وبيده الحساب والثواب والعقاب .
_______________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج9 ، ص611-617 .
2 ـ ويحتمل في الآية الآنفة ـ أيضاً ـ أَنّ القائلين جواباً على سؤال الله هم رؤوساء المشركين «أي جماعة من عبدة الأصنام» فهم من أجل أن يفروا عن الجواب يتحدثون عن أتباعهم ، ويقولون : ربّنا إنّنا غوينا فمضينا في طريق الشرك ، وهؤلاء اتبعونا طوعاً فأغويناهم ، ولكنّهم لم يطيعونا «العبادة في الآية الآنفة معناها الطاعة» وإنّما اطاعوا هواهم ، ولكن التّفسير السابق أظهر .
3 ـ التعبير بـ «شركاءكم» مع أن هؤلاء الشركاء كانوا قد جعلوا شركاء الله سبحانه ، هو اشارة إلى أنّ هؤلاء الشركاء من صنعكم وهم متعلقون بكم لا بالله . . .
4 ـ بحث المفسّرون في الآية (لو أنّهم كانوا يهتدون ) بحوثاً شتى ، فكثير منهم قالوا بأن «لو» حرف شرط هنا ، فبحثوا عن الجزاء ، فقالوا : يستفاد من جملة (رأوا العذاب) وتقدير الجملة يكون هكذا : «لو أنّهم كانوا يهتدون لرأوا العذاب في الدنيا بعين اليقين» .
وهذا يشبه قوله تعالى (لترون الجحيم ) في سورة التكاثر الآية السادسة .
كما يرى البعض أن التقدير هكذا (لو أنّهم كانوا يهتدون في الدنيا لما رأوا العذاب في الآخرة) .
وزعم بعضهم أن الجزاء غير ما تقدم «يطول بها البحث هنا» .
لكنّ بعضهم يعتقد أن جواب الشرط «الجزاء» غير محذوف أساساً ، وجملة (ورأوا العذاب ) هي الجواب المتقدم ، وما بعده جملة الشرط ، فيكون المعنى هكذا : (لو كانوا يرون ويهتدون لرأوا العذاب لكنّهم لم يهتدوا ) ! . . .
لكن وراء كل هذه المعاني معنى آخر ذكرناه في بيان الآية آنفاً ، وهو أن نفسر معنى لوبـ «تمنّوا ، فلا بأس بمراجعة الكتب اللغوية والأدبية «كمغني اللبيب» وغيره ! .
5 ـ «ما» في جملة «ما كان لهم الخيرة» نافية ، ولكن البعض يحتمل أنّها موصولة ومعطوفة على المفعول المحذوف «ليختار» لكن هذا الإحتمال بعيد جداً . . .
6 ـ اصول الكافي . وتفسير علي بن إبراهيم «طبقاً لتفسير نور الثقلين ، ج 4 ، ص 136» .