المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17761 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



تفسير الأية (36-37) من سورة الحج  
  
8387   01:41 صباحاً   التاريخ: 16-9-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الحاء / سورة الحج /

 

قال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } [الحج: 36 - 38]

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

عاد إلى ذكر الشعائر فقال:{ وَالْبُدْنَ} وهي الإبل العظام. وقيل: الناقة والبقرة مما يجوز في الهدي والأضاحي، عن عطاء والسدي.{ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} أي: من أعلام دينه. وقيل: من علامات مناسك الحج.

والمعنى: جعلنا لكم فيها عبادة الله من سوقها إلى البيت وإشعارها وتقليدها ونحرها والإطعام منها.{ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} أي: نفع في الدنيا والآخرة. وقيل: أراد بالخير ثواب الآخرة، وهو الوجه لأنه الغرض المطلوب{ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا} أي: في حال نحرها، وعبر به عن النحر. قال ابن عباس: هو أن يقول: الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، اللهم منك ولك.

{صَوَافَّ} أي: قياما مقيدة على سنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن ابن عباس. وقيل: هو أن تعقل إحدى يديها، وتقوم على ثلاثة، تنحر كذلك، فيسوى بين أوظفتها، لئلا يتقدم بعضها على بعض، عن مجاهد. وقيل: هو أن تنحر وهي صافة أي:

قائمة ربطت يديها ما بين الرسغ والخف إلى الركبة، عن أبي عبد الله عليه السلام هذا في الإبل. فأما البقر فإنه يشد يداها ورجلاها، ويطلق ذنبها. والغنم: يشد ثلاث قوائم منها، ويطلق فرد رجل منها.

{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} أي: سقطت إلى الأرض. وعبر بذلك عن تمام خروج الروح منها{فكلوا منها} وهذا إذن وليس بأمر، لأن أهل الجاهلية كانوا يحرمونها على نفوسهم. وقيل: إن الأكل منها واجب إذا تطوع بها{وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} اختلف في معناهما فقيل: إن القانع الذي يقنع بما أعطي، أو بما عنده، ولا يسأل.

والمعتر: الذي يتعرض لك أن تطعمه من اللحم ويسأل، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وعكرمة وإبراهيم. وقيل: القانع الذي يسأل، والمعتر الذي يتعرض ولا يسأل، عن الحسن وسعيد بن جبير. وقال أبو جعفر عليه السلام، وأبو عبد الله عليه السلام:

القانع الذي يقنع بما أعطيته، ولا يسخط، ولا يكلح، ولا يلوي شدقه غضبا.

والمعتر: الماد يده لتطعمه. وفي رواية الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القانع الذي يسأل فيرضى بما أعطي. والمعتر: الذي يعتري رجاءه ممن لا يسأل. وروي عن ابن عباس أنه قال في جواب نافع بن الأزرق لما سأله عن ذلك القانع الذي يقنع بما أعطي والمعتر الذي يعتري الأبواب: أما سمعت قول زهير:

على مكثريهم حق من يعتريهم، * وعند المقلين السماحة، والبذل

وروي عنهم عليهم السلام أنه ينبغي أن يطعم ثلثه، ويعطي القانع والمعتر ثلثه، ويهدي لأصدقائه الثلث الباقي.{كذلك} أي: مثل ما وصفناه{سخرناها لكم} أي: ذللناها لكم حتى لا تمنع عما تريدون منها من النحر والذبح، بخلاف السباع الممتنعة، ولتنتفعوا بركوبها وحملها ونتاجها، نعمة منا عليكم{لعلكم تشكرون} ذلك {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} أي: لن تصعد إلى الله لحومها، ولا دماؤها، وإنما يصعد إليه التقوى، عن الحسن. وهذا كناية عن القبول، وذلك إنما يقبله الانسان. يقال: قد ناله، ووصل إليه. فخاطب الله سبحانه عباده بما اعتادوه في مخاطباتهم، وكانوا في الجاهلية إذا ذبحوا الهدي، استقبلوا الكعبة بالدماء، فنضحوها حول البيت قربة إلى الله. وقيل: معناه لن تبلغوا رضا الله بذلك، وإنما تبلغونه بالتقوى.

{كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ} تقدم تفسيره {لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} أي: على ما بين لكم وأرشدكم لمعالم دينه، ومناسك حجه. وقيل: هو أن يقول الله أكبر على ما هدانا{وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} أي: الموحدين، عن ابن عباس. وقيل: الذين يعملون أعمالا حسنة، ولا يسيئون إلى غيرهم.

__________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج7،ص154-156.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{والْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ}. البدن هي الإبل خاصة كما في كثير من التفاسير ، منها تفسير الرازي والبيضاوي ، وياحق بها البقر في الحكم ، لا في الاسم . . وعلى أية حال فان الإنسان نتيجة لعوامل كثيرة ، منها البيئة التي يعيش فيها ، وقد عاش العرب وغيرهم في الجاهلية وبعدها بقرون ، عاشوا مع الإبل ، وكانت جزءا من حياتهم ، يأكلون من لحومها ، ويشربون من ألبانها ، ويلبسون من أوبارها ، وتحمل أثقالهم من بلد إلى بلد . . أنظر تفسير الآية 6 من سورة النحل ج 4 ص 497 . ومن أجل هذا ذكرها اللَّه سبحانه في العديد من آياته بلفظ عام كالأنعام ، أو بلفظ خاص كما في الآية 17 من سورة الغاشية والآية التي نحن بصددها ، فلقد امتن سبحانه فيها على عباده بالبدن ، وجعل لها منافع كثيرة ، منها أن يتقرب العبد إلى اللَّه بنحرها في بيته الحرام ، والتعبير عن هذا النحر بشعائر اللَّه يشعر بأنه من أفضل الطاعات والعبادات .

{فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ}. من شروط الذبح والنحر التسمية والاتجاه بالمذبوح والمنحور إلى القبلة والنحر للإبل ، والذبح لغيرها ، ولا تحل الإبل بالذبح ، كما لا يحل غيرها بالنحر ، والذبح معلوم ، أما النحر فهو ان يدخل الذابح سكينا أو ما إليها من الآلات الحادة في لبة البعير ، وهو قائم أو بارك أو مضطجع على جنبه شريطة أن يكون متجها بنحره وجميع مقاديم بدنه إلى القبلة ، وأفضل صور النحر ما جاء في بعض الروايات ، وهو ان يقام البعير واقفا اتجاه القبلة ، وان تعقل إحدى يديه ، ويقف الناحر متجها إلى القبلة أيضا ، ثم يضرب في لبته ، وهذه الرواية تصلح تفسيرا لكلمة صواف .

{فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها}سقطت على الأرض وخرجت الروح منها {فَكُلُوا مِنْها وأَطْعِمُوا الْقانِعَ والْمُعْتَرَّ}. القانع الراضي بما تعطيه من غير سؤال ، والمعتر من يتعرض لك بالعطية {كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}سخرها لنا سبحانه في كل ما نريده منها حتى الذبح ، فوجب له الشكر على هذا التسخير {لَنْ يَنالَ اللَّهً لُحُومُها ولا دِماؤُها}لأن اللَّه غني عن العالمين فضلا عن لحوم الأضاحي ودمائها ، بل لا غنى لشيء إلا به ومنه سبحانه وتعالى ، وقيل : ان هذا رد على المشركين الذين كانوا يلطخون أصنامهم بدم الأضاحي ، ويلوثون به حيطان الكعبة .

{ولكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ}. وتسأل : ان معنى التقوى ان تتقي اللَّه فيما حرمه عليك ، وهذا يعود ثوابه ونفعه عليك وحدك ، أما اللَّه سبحانه فلا تنفعه طاعة من أطاع ، ولا تضره معصية من عصى ، إذن ، فما معنى قوله تعالى :

{ولكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ}؟

الجواب : المراد بالتقوى هنا رضا اللَّه لأن تقوى العبد ، ورضا اللَّه عن المتقي متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر ، وعليه يكون المعنى ان الذي يصل إلى اللَّه من أضاحيكم هو ان يرضى عنكم ولا يغضب عليكم . . فهو أشبه بقولك لولدك : ان نجاحك في الدراسة يجعلني راضيا عنك محبا لك ، وهذا كل ما أناله من دراستك ونجاحك .

{كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهً عَلى ما هَداكُمْ}. سخر اللَّه البدن لعباده وهداهم إلى التقرب بنحرها إليه تعالى ليسبحوا بحمده ، ويعظموه في علمه وقدرته ويخافوا من عقابه ، ويطمعوا في ثوابه {وبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}كل المحسنين ، سواء أأحسنوا في التقرب إلى اللَّه بالأضاحي أم بغيرها ، فان أنواع الإحسان لا يبلغها الإحصاء ، وأفضلها جهاد أهل البغي والضلال ، ولو بكلمة الحق والعدل .

______________

1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 329-330.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

قوله تعالى:{ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} إلى آخر الآية البدن بالضم فالسكون جمع بدنة بفتحتين وهي السمينة الضخمة من الإبل، والسياق أنها من الشعائر باعتبار جعلها هديا.

وقوله:{ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} الصواف جمع صافة ومعنى كونها صافة أن تكون قائمة قد صفت يداها ورجلاها وجمعت وقد ربطت يداها.

وقوله:{ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} الوجوب السقوط يقال: وجبت الشمس أي سقطت وغابت، والجنوب جمع جنب، والمراد بوجوب جنوبها سقوطها على الأرض على جنوبها وهو كناية عن موتها، والأمر في قوله:{فكلوا منها} للإباحة وارتفاع الحظر، والقانع هو الفقير الذي يقنع بما أعطيه سواء سأل أم لا، والمعتر هو الذي أتاك وقصدك من الفقراء، ومعنى الآية ظاهر.

قوله تعالى:{ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} إلى آخر الآية.

بمنزلة دفع الدخل كأن متوهما بسيط الفهم يتوهم أن لله سبحانه نفعا في هذه الضحايا ولحومها ودمائها فأجيب أن الله سبحانه لن يناله شيء من لحومها ودمائها لتنزهه عن الجسمية وعن كل حاجة وإنما يناله التقوى نيلا معنويا فيقرب المتصفين به منه تعالى.

أويتوهم أن الله سبحانه لما كان منزها عن الجسمية وعن كل نقص وحاجة ولا ينتفع بلحم أو دم فما معنى التضحية بهذه الضحايا فأجيب بتقرير الكلام وأن الأمر كذلك لكن هذه التضحية يصحبها صفة معنوية لمن يتقرب بها وهذه الصفة المعنوية من شأنها أن تنال الله سبحانه بمعنى أن تصعد إليه تعالى وتقرب صاحبها منه تقريبا لا يبقى معه بينه وبينه حجاب يحجبه عنه.

وقوله:{ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} الظاهر أن المراد بالتكبير ذكره تعالى بالكبرياء والعظمة، فالهداية هي هدايته إلى طاعته وعبوديته والمعنى كذلك سخرها لكم ليكون تسخيرها وصلة إلى هدايتكم إلى طاعته والتقرب إليه بتضحيتها فتذكروه بالكبرياء والعظمة على هذه الهداية.

وقيل: المراد بالتكبير معرفته تعالى بالعظمة وبالهداية الهداية إلى تسخيرها والمعنى كذلك سخرها لكم لتعرفوا الله بالعظمة على ما هداكم إلى طريق تسخيرها.

وأول الوجهين أوجه وأمس بالسياق فإن التعليل عليه بأمر مرتبط بالمقام وهو تسخيرها لتضحى ويتقرب بها إلى الله فيذكر تعالى بالكبرياء على ما هدى إلى هذه العبادة التي فيها رضاه وثوابه، وأما مطلق تسخيرها لهم بالهداية إلى طريق تسخيرها لهم فلا اختصاص له بالمقام.

وقوله:{ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} أي الذين يأتون بالأعمال الحسنة أو بالإحسان وهو الإنفاق في سبيل الله.

_____________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج14،ص306-307.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

لماذا الاُضحية؟

عاد الحديث عن مراسم الحجّ وشعائره الإلهيّة والاُضحية ثانية، ليقول أوّلا:{ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} إنّ «البُدن» وهي الإبل البدينة تعلّقت بكم من جهة، ومن جهة أُخرى هي من شعائر الله وعلائمه في هذه العبادة العظيمة. فالاُضحية في الحجّ من المظاهر الجليّة لهذه العبادة التي أشرنا إلى فلسفتها من قبل.

«البدن» على وزن «القدس» جمع لـ«البُدنة» على وزن «عجلة» وهي الناقة الكبيرة والسمينة. وقد أكّدها لأنّها تناسب إقامة وليمة لإطعام الفقراء والمحتاجين في مراسم الاُضحية، ومن المعلوم أنّ سمن الحيوان ليس من الشروط الإلزامية في الاُضحية. وكلّ ما يلزم هو أن لا يكون ضعيفاً.

ثمّ تضيف الآية:{ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} فمن جهة تستفيدون من لحومها وتطعمون الآخرين، ومن جهة أُخرى تستفيدون من آثارها المعنوية بإيثاركم وسماحكم وعبادتكم الله، وبهذا تتقرّبون إليه سبحانه وتعالى.

ثمّ تبيّن الآية ـ بعبارة موجزة ـ كيفية ذبح الحيوان{فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} أي اذكروا اسم اللّه حين ذبح الحيوان وفي حالة وقوفه مع نظائره في صفوف.

وليس لذكر الله حين ذبح الحيوان أو نحر الناقة صيغة خاصّة. بل يكفي ذكر اسم من أسماء الله عليها، كما يبدو من ظاهر الآية، إلاّ أنّ بعض الرّوايات ذكرت صيغة محدّدة، وهي في الواقع من أعمال الإنسان الكامل، حيث روي عن ابن عبّاس أنّه قال: الله أكبر، لا إله إلاّ الله والله أكبر، اللهم منك ولك(2).

إلاّ أنّه ورد في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) عبارات أكثر وضوحاً فبعد شراء الاُضحية توجّهها إلى القبلة وتقول حين الذبح: «وجّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له وبذلك اُمرت وأنا من المسلمين، اللهمّ منك ولك بسم الله وبالله والله أكبر، اللهمّ تقبّل منّي»(3).

كلمة «صوافّ» جمع «صافّة» بمعنى الحيوان الواقف في صفّ. وكما ورد في الأحاديث فإنّ القصد من ذلك عقل رجلي الناقة الأماميتين معاً حين وقوفها من أجل منعها من الحركة الواسعة حين النحر. وطبيعي أنّ أرجل الناقة تضعف حين تنزف مقداراً من الدم، فتتمدّد على الأرض، ويقول القرآن المجيد هنا{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} أي عندما تستقر ويهدأ جانبها (كناية عن لفظ الأنفاس الأخيرة). فكلوا منها وأطعموا الفقير القانع والسائل المعتر.

الفرق بين «القانع» و «المعتر» هو أنّ القانع يطلق على من يقنع بما يُعطى وتبدو عليه علائم الرضى والإرتياح ولا يعترض أو يغضب، أمّا المعترّ فهو الفقير السائل الذي يطالبك بالمعونة ولا يقنع بما تعطيه، بل يحتجّ أيضاً.

كلمة «القانع» فمشتقّة من «القناعة»، و «المعترّ» مشتقّة من «عرّ» على وزن (شرّ) وهي في الأصل تعني الجرب، وهو مرض عارض تظهر علاماته على جلد الإنسان. ثمّ اُطلقت كلمة «المعترّ» على السائل الذي يطلب العون ولكن بلسان معترض. وتقديم القانع على المعترّ إشارة إلى ضرورة الإهتمام أكثر بالمحرومين المتّصفين بالعفّة وعزّة النفس.

وينبغي الإلتفات إلى أنّ عبارة{كلوا منها} توجب أن يأكل الحجّاج من أضاحيهم، ولعلّها ترمي إلى مراعاة المساواة بين الحجّاج والفقراء.

وتنتهي الآية بالقول:{ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. وإنّه لمن العجب أن يستسلم حيوان عظيم الجثّة هائل القوّة لطفل يعقل يديه معاً ثمّ ينحره. (وطريقة النحر تتمّ بطعنة سكّين حادّة في لبّة الناقة، لتنزف دمها، وليلفظ هذا الحيوان أنفاسه بسرعة).

ولإيضاح أهميّة تسلّط الإنسان على الحيوان في الذبح، فإنّ الله جلّ وعلا يسلب أحياناً طاعة هذا الحيوان وإنقياده للإنسان، حيث نشاهد هياج البعير وتبدلّه إلى موجود خطر لا يستطيع كبح جماحة عدّة رجال أقوياء بعد ما كان مسخّر حتّى لصبي صغير!!

وهناك ثمّة أسئلة، وهي: ما هي حاجة الله تعالى للاُضحية؟

وما هي فلسفة الاُضحية؟

وهل لهذا العمل فائدة تعود إلى الله سبحانه؟

تجيب الآية التالية عن هذه الأسئلة{ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا}. إنّ الله ليس بحاجة إلى لحوم الأضاحي، فما هو بجسم، ولا هو بحاجة إلى شيء، وإنّما هو موجد كلّ وجود وموجود. إنّ الغاية من الاُضحية كما تقول الآية:{ وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} فالهدف هو أن يجتاز المسلمون مراحل التقوى ليبلغوا الكمال ويتقرّبوا إلى الله.

إنّ جميع العبادات دروس في التربية الإسلامية، فتقديم الاُضحية ـ مثلا ـ فيه درس الإيثار والتضحية والسماح والإستعداد للشهادة في سبيل الله، وفيه درس مساعدة الفقراء والمحتاجين. وعبارة{ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا} مع أنّ دماءها غير قابلة للإستفادة، ربّما تشير إلى الأعمال القبيحة التي كان يمارسها أعراب الجاهلية، الذين كانوا يلطّخون أصنامهم وأحياناً على الكعبة بدماء هذه القرابين.

وقد اتّبعهم في ممارسة هذا العمل الخرافي مسلمون جاهلون، حتّى نهتهم هذه الآية المباركة(4) وممّا يؤسف له وجود هذه العادات الجاهلية في بعض المناطق حيث يرشّون دماء الاُضحية على باب وجدران منزلهم الجديد، حتّى أنّهم يمارسون هذا العمل القبيح الخرافي في المساجد الجديدة العمران أيضاً. ولذا يجب على المسلمين الواعين الوقوف بقوّة ضدّ هذا العمل.

ثمّ تشير الآية ثانيةً إلى نعمة تسخير الحيوان قائلة:{ ذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}.

إنّ الهدف الأخير هو التعرّف على عظمة الخالق جلّ وعلا الذي هداكم بمنهجه التشريعي والتكويني إلى تعلّم مناسك الحجّ والتعاليم الخاصّة بطاعته والتعبّد له، هذا من جهة.

ومن جهة أُخرى جعل هذه الحيوانات الضخمة القويّة طيّعة لكم تقدّمونها أضاحي إستجابةً لله تعالى، وتعملون عملا طيّباً يُساعد المحتاجين، وتستفيدون من لحومها في تأمين حياتكم. لهذا تقول الآية في الختام:{وبشّر المحسنين}اُولئك الذين استفادوا من هذه النعم الإلهيّة في طاعة الله، وأنجزوا واجباتهم على خير وجه، ولم يقصّروا في الإنفاق في سبيل الله أبداً. وفاعلوا الخير هؤلاء لم يحسنوا للآخرين فقط، بل شمل إحسانهم أنفسهم على أفضل وجه أيضاً.

______________

1- تفسير الامثل ،ناصر مكارم الشيرازي ،ج8،ص410-413.

2ـ مجمع البيان،ج7،ص86، في تفسير ختام الآية، وروح المعاني في تفسير هذه الآية بإختلاف يسير.

3ـ وسائل الشيعة، المجلّد العاشر، صفحة 138 ـ أبواب الذبح الباب (37).

4ـ كنز العرفان، المجلّد الأوّل، صفحة 314.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .