أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2016
3471
التاريخ: 20-6-2018
9738
التاريخ: 2023-10-03
1163
التاريخ: 28-8-2019
2394
|
قيام الخيار وأحكامه:
نعرض لقيام خيار الشرط، ثم للأحكام التي تترتب على قيامه .
ما هو خيار الشرط:
خيار الشرط خيار يشترطه أحد العاقدين أو كلاهما، بموجبه يكون لمن له الخيار الحق في نقض العقد في خلال مدة معينة ، فإن لم ينقضه نفذ. فالعقد الذي فيه خيار الشرط يكون إذن غير لازم من جانب من له الخيار، إذ يجوز له الرجوع قد جاء خبار الشرط على خلاف القياس، إذ القياس أن المعارضات لا تحتمل التعليق على الشرط، وخيار الشرط من شأنه أن يعلق العقد، ولكنه شرع بحديث للنبي عليه الصلاة والسلام، ولحاجة التعامل إليه ، فقد يحتاج ، في البيع مثلا ، المشتري أو البائع أو كلاهما إلى التأمل والتروي . ومن أجل ذلك يسمى في الفقه المالكي بخيار التروي . وقد يحتاج المشتري إلى تجربة المبيع قبل إمضاء البيع.
جاء في المبسوط للسرخسي: " بلغنا عن رسول الله (ص) أنه جعل رجلا من الأنصار بالخيار في كل مبيع يشتريه ثلاثة أيام، واسم هذا الرجل حبان بن منقذ وأبوه منقذ بن عمرو ... وقد كان يغبن في البياعات لمأمومة أصابت رأسه، فقال له رسول الله (ص) : إذا بايعت فقل : لا خلابة ، ولي الخيار ثلاثة أيام. وكان الثغ باللام، فكان يقول : لا خرابة. ففي الحديث دليل جواز البيع مع شرط الخيار . والقياس بأبي ذلك لأن شرط الخيار يعلق العقد، وعقود المعارضات لا تحتمل التعليق، ويبقى مقتضى العقد وهو اللزوم وموجبه وهو الملك. ولكنا نقول تركنا هذا القياس للحديث ، ولحاجة الناس إلى ذلك. فالبيع عقد معاينة، والمقصود به الاسترباح، ولا يمكنه تحصيل ذلك إلا أن يرى النظر فيه ويريد بعض أصدقائه ، فيحتاج لأجل ذلك إلى شرط الخيار . فإذا كان يجوز بعض العقود الحاجة الناس كالإجارة ونحوها، فشرط الخيار في العقد أولى . ثم أصل العقد لا يتعلق بالشرط، لأن الخيار صفة في العقد، ويقال : بيع بات وبيع بخيار، وبالصفة لا يتعلق أصل الموصوف، وإنما يدخل الخيار في الحكم فيجعله في معنى المعلق بالشرط، لأن الشرط لا يخلو السبب عن الحكم إلا أن يتصل الحكم به، فقد يجوز أن يتأخر الحكم عنه لمؤخر كما يتأخر وجوب تسليم الثمن بشرط الأجل""المبسوطه" (13/40-41)
وجاء في "فتح القدير": " الموانع خمسة أقسام: مانع يمنع انعقاد العلة، وحرية المبيع فلا ينعقد البيع في الحر، لأنها لا تنعقد إلا في محلها ومحل البيع المال والحر ليس بمال، فلا وجود للبيع أصلا فيه ، كانقطاع الوتر بمنع أصل الرمي بعد القصد إليه، ومانع يمنع تمام العلة، وهو البيع المضاف إلى مال الغير ، كإصابة السهم بعد الرمي حائطا فرده عن سننه . ومانع يمنع ابتداء الحكم بعد انعقاد العلة، وهو خيار الشرط، ويمنع ثبوت حكمه وهو خروج المبيع عن ملكه، على مثال استتار المرمي إليه بترس يمنع من إصابة الغرض منه، ومانع يمنع تمام الحكم بعد ثبوته، كخيار الرؤية للمشتري ، ومانع يمنع لزومه كخبار العيب . وإضافة الخيار إلى الشرط على حقيقة الإضافة ، وهي إضافة الخيار إلى سببه إذ سببه الشرط. وحين وردت شرعيته ، جعلناه داخلا في الحكم مانعة من ثبوته، تقليلا لعمله بقدر الإمكان. وذلك لأن عمله إثبات الخطر في ثبوت الملك، وبذلك يشبه القمار، فقللنا شبهه. ولقائل أن يقول القمار ما حرم لمعنى الحظر بل اعتبار تعليق الملك بما لم يضعه الشارع سببا للملك، فإن الشارع لم يضع ظهور العدد الفلاني في ورقة مثلا سبأ للملك، والحظر طرد في ذلك لا أثر له. نعم يتجه أن يقال : اعتبرناه في الحكم تقلي بخلاف الأصل، وأما كونه فيه غرر وقد نهى عن بيع الغرر فذلك الغرر في المبيع وهذا في أن الملك يثبت أولا " " فتح القدير" (5/110)
وقال ابن رشد: " أما جواز الخيار نعلبه الجمهور، إلا الثوري وابن أبي شبرمة وطائفة من أهل الظاهر، وعمدة الجمهور حديث حبان بن منقذ رقبه ولك الخيار . ثلاثا، وما روي في حديث ابن عمر البيعان بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع الخيار وعمدة من منعه أنه غرر، وأن الأصل هو اللزوم في البيع إلا أن يقوم دليل على جواز البيع على الخيار من كتاب الله أو سنة ثابتة أو إجماع. قالوا: وحديث حبان إما أنه ليس بصحيح، وإما أنه خاص لما شكا إليه صلى الله عليه واله وسلم أنه يخدع في البيوع، قالوا: وأما حديث ابن عمر وقوله فيه إلا بيع الخيار، فقد فسر المعنى المراد بهذا اللفظ ، وهو ما ورد فيه من لفظ آخر، وهو أن يقول أحدهما لصاحبه: اخترا، " بداية المجتهد " طبعة أولي (2/172)
مصدر خيار الشرط:
وخبار الشرط خيار يشترط في العقد ذاته، أو في اتفاق لاحق للعقد. فلو قال أحد المتبايعين بعد البيع ولو بأيام جعلتك بالخيار ثلاثة أيام، صح بالإجماع ، "فتح القدير" (5/111)
ويرد خيار الشرط فيما يحتمل الفسخ من العقود اللازمة، كالبيع والإجارة قبل بدء مدنها والصلح، ولا يجوز وروده في النكاح والطلاق والصرف والسلم والإقرار والهبة والوصية، وقد جاء في المادة (330) من " مرشد الحيران" : "خيار الشرط بصح فيما يحتمل الفسخ من العقود اللازمة، كالبيع والإجارة والمساقاة والمزارعة ونسمة القيميات المتحدة والمختلفة جنسا والملح عن مال والرهن والكفالة والحوالة والإبراء والوقف والإقالة والخلع وفي ترك الشفعة بعد الطلبين الأولين" وجاء في المادة (331): "خيار الشرط لا يصح في النكاح والطلاق والصرف والسلم والإقرار والوكالة والهبة والوصية، ويظهر أن عدم صحة خبار الشرط في النكاح والطلاق أن هذين تصرفان لا يحتملان الفسخ فلا يحتملان التعليق على شرط، وفي الصرف والسلم أنهما لا يتمان إلا بالقبض فيلزمان به ولا يحتملان الفسخ بعد ذلك، وفي الإقرار أن طبيعته لا تحتمل التعليق، وفي الوكالة والهبة والوصية أنها تصرفات غير لازمة من الأصل فلا حاجة فيها الخيار الشرط.
لمن يكون الخيار:
ويجب تعبين من له خبار الشرط. وقد يكون هو المشتري، أو البائع، أو كلاهما. وقد يجعل خيار الشرط للمبيع نفسه إذا كان آدميا رقيقة.
ويصح أن يكون خيار الشرط الأجنبي، ويعتبر وكيلا عن العاقد إذا رأى هذا العاقد أن الأجنبي خبير هو في حاجة إلى خبرته لإتمام الصفقة، ويكون الخيار ثابتة للعاند وللأجنبي معا. وقد جاء في المادة (۳۳۲) من "مرشد الحيران": او يصح أن يجعل خيار الشرط لكل من العاقدين، أو لأحدهما دون الآخر، أو الأجنبي، وجاء في الهداية "فتح القدير" (5/126-128) " ومن اشترى شيئا وشرط الخبار لغيره، فإيهما أجاز حاز الخيار، وأيهما نفض انتفض، واصل هذا أن اشتراط الخيار لغيره جائز استحسانا، وفي القياس لا يجوز وهو قول زفر لأن الخيار من مواجب العقد واحكامه فلا يجوز اشتراطه لغيره كاشتراط الثمن على غير المشتري ، ولنا أن الخبار لغير العاقد لا يثبت إلا بطريق النيابة عن العائد فيقدر له الخيار اقتضاء ثم يجعل هو نائبة عنه تصحيحا لتصرفه. وعند ذلك يكون لكل منهما الخيار، فإيهما أجاز جاز، وأيهما نقض انتفض. ولو أجاز أحدهما وفسخ الآخر، بعنبر السابق لوجوده في زمان لا يزاحمه فيه غيره، ولو خرج الكلامان منهما معا، يعتبر تصرف العاقد في رواية ، وتصرف الفاسخ في أخرى. وجه الأول أن تصرف العائد أقوى، لأن النائب يستفيد الولاية منه. وجه الثاني أن الفسخ أقوى، لأن المجاز يلحقه الفسخ والمنسوخ لا تلحقه الإجازة.
وقد يجعل البائع لنفسه خيار النقذ، فيشترط أنه إن لم ينقذ الثمن في خلال مدة معينة هي المدة الجائزة للخيار فلا بيع، والخيار على هذا الوجه ليس موضوعة للتروي، ولكن لفسخ البيع عند عدم دفع الثمن في مدة معينة. ولكن قد يقبض البائع الثمن ومع ذلك يشترط أن له الخيار، فإذا اختار فسخ البيع رد الثمن، والخيار على هذا الوجه هو خيار شرط للتروي، "فتح القدير" (5/114)
مدة الخيار:
تفاوت المذاهب في تعيين الحد الأقصى لمدة الخيار:
فعند أبي يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل يجوز الاتفاق على أية مدة ولو طالت وعند مالك تتقدر مدة الخيار بتقدر الحاجة نظرا لتفاوت المبيعات، ففي اختيار الثوب يكفي اليوم واليومان، وفي الجارية يكفي الأسبوع، وفي اختيار الدار قد تصل مدة الخيار إلى الشهر ونحوه.
وعند أبي حنيفة وزفر والشافعي لا يجوز أن تزيد مدة الخيار على ثلاثة أيام في جميع الأحوال.
ويقول ابن رشد في هذا المعنى: " وأما مدة الخيار عند الذين قالوا بجوازه فرأي مالك أن ذلك ليس له قدر محدود في نفسه، وأنه إنما ينقدر بتقدر الحاجة إلى اختلاف المبيعات، وذلك بتفاوت المبيعات ، فقال مثل اليوم واليومين في اختبار الثوب، والجمعة والخمسة أيام في اختيار الجارية ، والشهر ونحوه في اختبار الدار. وبالجملة فلا يجوز عند الأجل الطويل الذي فيه فضل عن اختبار المبيع، وقال الشافعي وأبو حنيفة أصل الخيار ثلاثة أيام لا يجوز أكثر من ذلك، وقال أحمد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن: يجوز الخيار لأي مدة اشترطت، وبه قال داود"، "بداية المجتهد، طبعة أولي (۲/ ۱۷۲).
فإذا لم تحدد مدة أصلا، أو شرط الخيار أبدا، أو متى شاء، أو إلى مدة مجهولة كقدوم زبد أو نزول المطر أو مشاورة إنسان، فعند مالك بصح العقد ويحدد القاضي المدة المألوفة في العادة الاختبار مثل المبيع، وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي وأحمد يفسد العقد. وعند أبي حنيفة إذا استعمل الخيار في الثلاثة الأيام صح العقد، وإن انقضت الثلاثة الأيام دون استعمال حق الخيار فسد العقد.
۲. حكم خيار الشرط
مرحلتان:
يمر العقد المقترن بخيار الشرط بمرحلتين : أولا . أثناء مدة الخيار وقبل استعماله. ثانية . بعد انقضاء مدة الخيار أو بعد استعماله .
أولا: أثناء مدة الخيار وقبل استعماله:
ملكية المبيع: ولمعرفة ما إذا كان البيع المقترن بخيار الشرط بنقل ملكية المبيع إلى المشتري أو لا بنقلها يجب التمييز بين ما إذا كان الخيار للمشتري ، أو كان للبائع أو كان لهما معا.
فإذا كان الخيار للمشتري، انتقلت ملكية المبيع إليه لأن البيع لازم للبائع وعند أبي حنيفة يخرج المبيع من ملك البائع ولكن لا يدخل ملك المشتري . أو الثمن فلا يخرج من ملك المشتري، بل يبقي دينة موقوفة، لأن البيع غير لازم للمشتري.
وإذا كان الخيار للبائع، بقي المبيع على ملكه، لأن البيع غير لازم له، وخرج الثمن من ملك المشتري إلى ملك البائع، لأن المبيع لازم للمشتري، وعند أبي حنيفة يخرج الثمن من ملك المشتري ولكن لا يدخل في ملك البائع.
وإذا كان الخيار للاثنين معا، بقي المبيع على ملك البائع لأن البيع غير لازم له، وكذلك بقي الثمن على ملك المشتري لأن البيع غير لازم له أيضا، فملكية كل من المبيع والثمن تكون في هذه الحالة موقوفة
ويخلص مما قدمناه أمران: (۱) أن خيار الشرط شرط واقف لا شرط فاسخ، على حين أن كلا من خيار الرؤية وخيار العيب شرط فاسخ لا شرط واقف. وكون خيار الشرط واقفا فيه خلاف : فعند أبي حنيفة ومالك وفي قول لأحمد وللشافعي هو المشهور الملك لا ينتقل حتى ينقضي الخيار فالشرط واقف، وفي فول آخر لأحمد وهو ظاهر المذهب وقول آخر للشافعي الملك ينتقل ثم يعود إذا اختار صاحب الخيار الفسخ، فالشرط فاسخ، انظر الشرح الكبيرة على المقنع وسنورد ما جاء فيه فيما يلي. فإذا سايرنا الرأي الغالب وقلنا: إن الشرط شرط واقف لا فاسخ، اتصل خيار الشرط بالعقد الموقوف (في أحد البدلين أو في كليهما) لا بالعقد غير اللازم، والعقد في خيار الشرط موقوف على إجازة العاقد نفسه لا على إجازة أجنبي. ونظيره إجازة الصبي المميز للعقد عند بلوغه سن الرشد. (۲) لا يوجد ارتباط بين البدلين حتى أن أحد البدلين - المبيع أو الثمن . يدخل في ملك العاقد الآخر ولا يخرج من ملكه البدل المقابل. وهذا ما دعا أبا حنيفة إلى القول بأن البدل لا يدخل في ملك العائد الآخر، حتى لا يجتمع البدلان عند عاقد واحد ولكنه يقول في الوقت ذاته بأن البدل يخرج من ملك صاحبه، فكيف يخرج من ملك صاحبه ولا يدخل في ملك العاقد الآخر؟ وأين يكون؟.
حق التصرف في المبيع:
إذا كان الخيار للمشتري ، فقد قدمنا أن المبيع دخل في ملكه، فيملك التصرف فيه بالبيع والإجارة وغير ذلك من التصرفات. وإذا تصرف فيه، كان هذا إمضاء ضمنية للبيع المقترن بخيار الشرط. ولا يملك البائع التصرف في المبيع فقد خرج من ملكه.
وإذا كان الخيار للبائع، أو كان لكل من البائع والمشتري، فقد رأينا أن المبيع يبقى على ملك البائع، فيملك التصرف فيه، أما المشتري فلا يملك ذلك، وإذا تصرف البائع في المبيع، كان تصرفه فسخا ضمنية للبيع المقترن بخيار الشرط.
ضمان المبيع:
إذا هلك المبيع في بد البائع قبل القبض، بطل البيع في جميع الأحوال، وكان الهلاك على البائع، وعليه أن يرد الثمن إلى المشتري إذا كان قد قبضه.
أما إذا ملك المبيع في يد المشتري بعد قبضه له، اعتبرت يده يد ضمان لا بد أمانة، لأنه نبض المبيع لحساب نفسه لا أمانة عنده لغيره، فإذا كان الخيار له، فدخل المبيع في ملكه ، لزم البيع وملك المبيع عليه بالثمن، وإذا كان الخيار للبائع أو لهما معا، فلم يدخل المبيع في ملك المشتري، بطل البيع وهلك المبيع على المشتري بالقيمة.
النصوص :
جاء في " البدائع" : «الخيار لا يخلو إما أن كان للبائع والمشتري جميعا، وإما أن كان للبائع وحده، وإما أن كان للمشتري وحده، وإما أن كان لغيرهما بأن شرط أحدهما الخيار الثالث. فإذا كان الخيار لهما، فلا ينعقد العقد في حق الحكم في البدلين جميعا، فلا يزول المبيع عن ملك البائع ولا يدخل في ملك المشتري، وكذا لا يزول الثمن عن ملك البائع، لأن المانع من الانعقاد في حق الحكم موجود في الجانبين جميعا وهو الخيار وإن كان للبائع وحده فلا ينعقد في حق الحكم في حقه، حتى لا يزول المبيع عن ملكه، ولا يجوز للمشتري أن ينصرف فيه، ويخرج الثمن عن ملك المشتري لأن البيع بات في حقه. وهل يدخل في ملك البائع؟ عند أبي يوسف ومحمد بدخل. وإن كان للمشتري وحده، لا ينعقد في حق الحكم في حقه، حتى لا يزول الثمن عن ملكه، ولا يجوز للبائع أن يتصرف فيه إذا كان عينة ولا يستحقه على المشتري إذا كان دينا، ويخرج المبيع عن ملك البائع، حتى لا يجوز له التصرف فيه، لأن البيع بات في حقه، ومل يدخل في ملك المشتري؟ عند أبي حنيفة لا يدخل، وعندهما يدخل. وجه قولهما أن ثبوت الحكم عند وجود المستدعي هو الأصل والامتناع بعارض، والمانع ههنا هو الخيار، وأنه وجد في أحد الجانبين لا غير، فيعمل في المنع فيه لا في الجانب الآخر. ألا ترى كيف خرج المبيع عن ملك البائع إذا كان الخيار للمشتري، والثمن عن ملك المشتري إذا كان الخيار للبائع، فدل أن البيع بات في حق من لا خيار له، فيعمل في بتات هذا الحكم الذي وضع له، وجه قول أبي حنيفة أن الخيار إذا كان للبائع فالمبيع لم يخرج عن ملكه وإذا كان للمشتري فالثمن لم يخرج عن ملكه ، وهذا يمنع دخول الثمن في ملك البائع في الأول، ودخول المبيع في ملك المشتري في الثاني ، لوجهين. أحدهما أنه جمع بين البدل والمبدل في عقد المبادلة . وهذا لا يجوز . والثاني أن في هذا ترك التسوية بين العاقدين في حكم المعاوضة، وهذا لا يجوز لأنهما لا يرضيان بالتفاوت . وقولهما البيع بات في حق من لا خيار له، قلنا: هذا يوجب البنات في حق الزوال لا في حق الثبوت، لأن الخيار من أحد الجانبين له أثر في المنع من الزوال ، وامتناع الزوال من أحد الجانبين يمنع الثبوت من الجانب الآخر إن كان لا يمنع الزوال لما ذكرنا من الوجهين ... وإن كان المبيع دارة، فإن كان الخيار للبائع، لا يثبت للشفيع فيها حق الشفعة، لأن المبيع لم يخرج عن ملك البائع. وإن كان للمشتري، يثبت حق الشفعة بالإجماع: أما على أصلهما فظاهر لأن المبيع في ملك المشتري، وأما على أصل أبي حنيفة فالمبيع وإن لم يدخل في ملك المشتري لكنه قد زال عن ملك البائع بالإجماع وحق الشفعة يعتمد زوال ملك البائع لا ثبوت ملك المشتري" البدائع " (5/264-266 )
وجاء في " فتح القدير " : او خيار البائع يمنع خروج المبيع عن ملكه ، لأن تمام هذا السبب، الذي هو البيع، بالمراضاة... ولا يتم الرضا مع الخيار لأنه يفيد عدم الرضا بزوال ملكه، فلم ينم السبب في حق البائع لأنه لا يعمل إلا مع وجود الشرط وهو الرضا، فلا يوجب حكمه في حقه ، فلا يخرج المبيع عن ملكه , فلهذا جاز تصرفه فيه، فنفذ عتقه فيه ولو كان في يد المشتري، ولا يملك المشتري التصرف فيه وإن قبضه بإذن البائع، لبقاء ملك البائع فيه بلا اختلال. وبالتعليل المذكور يعرف أن خيار المشتري بمنع خروج الثمن عن ملكه الاتحاد نسبته إلى كل من له الخيار، وأنه إذا كان الخيار لهما لا يخرج المبيع عن ملك البائع ولا الثمن عن ملك المشتري . ولو نبض المشتري المبيع وكان الخيار للبائع، فهلك في يده في مدة الخيار، ضمنه بالقيمة، لأن البيع ينفسخ بالهلاك، لأنه كان موقونة في حق المبيع. ولا يمكن نفاذة بالهلاك لأنه لا نفاذ بلا محل، فبقي في يد المشتري مقبوضة لا على وجه الأمانة المحضة كالوديعة والإعارة ... لأنه ما رضي البائع بقبضه إلا على جهة العقد، فأقل ما فيه أن يكون كالمقبوض على سوم الشراء... وبثبوت الضمان بالقيمة على المشتري قال مالك والشافعي في المشهور. وعندهم وجه في ضمانه بالثمن، وهو نباس قول أحمد، لأنه قال : يخرج المبيع عن ملك البائع بثبوت الخيار له، لأن السبب قد تم بالإيجاب والقبول، وثبوت الخيار ثبوت حق الفسخ، وليس من ضرورة ثبوت حق الفسخ انتفاء حق الملك كخيار العيب. قلنا: قولك ثم البيع بالإيجاب والقبول، إن أردت في حق حكمه منعناه، أو تمت صورته فمسلم ولا يفيد في ثبوت حكمه حتى يوجد شرط عمله وهو تمام الرضا على ما ذكرنا... ولو ملك المبيع في يد البائع والحال أن الخيار له، ولا إشكال في أنه ينفسخ... وخبار المشتري لا يمنع خروج المبيع عن ملك البائع... إلا أن المشتري لا يملكه ... وهذا عند أبي حنيفة وقالا : يملكه المشتري، وبه قال مالك وأحمد والشافعي في قول، لأنه لما خرج عن ملك البائع، لو لم يدخل في ملك المشتري ، يكون زائلا لا إلى ملك مالك، ولا عهد لنا به في الشرع في باب التجارة والمعارضة، فيكون كالسائبة ... ولأبي حنيفة رضي الله عنه أنه لما لم يخرج الثمن عن ملكه، فلو قلنا إنه بدخل المبيع في ملكه، اجتمع البدلان الثمن والمبيع في ملك أحد المعارضين حكمة للمعارضة، ولا أصل له في الشرع، وأني بكون والمعارضة تقتضي المساواة بين المتعارضين في تبادل ملكيهما... فإن هلك المبيع في يد المشتري ولو في مدة الخبار، هلك بالثمن.. وقد انبرم العقد وإبرام العقد يوجب الثمن لا القيمة " فتح القدير" (5/115-118)
ثانيا: بعد انقضاء مدة الخيار او بعد استعماله:
كيف تنقضي مدة الخيار: تنقضي
مدة الخيار بأحد طرق ثلاثة :
1- بانقضاء المدة التي عينها العاقدان، بحسب الأحوال، وفقا للتفصيل الذي قدمنا.
2- بموت من له حق الخيار، وذلك لأن حق الخيار لا يورث، فإذا مات من يملكه لم ينتقل إلى ورثته بل يزول، ويعتبر البيع لازمة لا خيار فيه. أما عند الشافعي فخيار الشرط يورث، ويقوم وارث من له الخيار مقامه فيه.
3- باستعمال من له حق الخيار خياره حتي قبل انقضاء المدة. فإن أمضى العقد لزم، وإلا انفسخ، على الوجه الذي ستبينه .
كيف يستعمل حق الخيار:
من له حق الخيار ، بائعة كان أن مشتريا أو أجنبيا، يجوز له فسخ العقد أو إمضاؤه. ولا يشترط في ذلك حكم القاضي، بل لا يشترط أن يكون ذلك بحضور العاقد الآخر عند أبي يوسف والشافعي، وعند أبي حنيفة ومحمد يشترط أن يكون ذلك بحضوره أي بعلمه. وإذا انقضت مدة الخيار دون أن يفسخ من له الحق فيه ودون أن يمضي العقد، اعتبر عدم الفسخ إلى انقضاء المدة إمضاء للعقد، كما اعتبر موت من له الخيار في مدة الخيار إمضاء للعقد ويتم الفسخ أو الإمضاء بالقول أو بالفعل. ويكون صريحة أو بطريق الدلالة . أما الصريح فنحو أن يقول البائع : أجزت البيع أو أوجبنه أو أسقطت الخيار أو أبطلنه أو لم أجز البيع أو أسقطنه، وأما الفسخ أو الإمضاء بطريق الدلالة فهو أن يوجد منه تصرف في البدل الموقوف، المبيع أو الثمن، يدل على الفسخ أو الإمضاء. فإن كان الخيار للبائع وتصرف في المبيع تصرف الملاك ، بأن باعه أو وهبه أو أجره مثلا، كان هذا فسخة بطريق الدلالة. وإذا تصرف في الثمن، بأن أبرا المشتري منه أو وهبه إياه أو اشترى منه شيئا به، كان هذا إجازة، وإذا كان الخبار للمشتري، ووهب المبيع أو باعه أو أجره، كان هذا إجازة، وإذا استأجره من البائع أو استعاره منه كان هذا فسخا.
الأثر المترتب على استعمال حق الخيار:
فإذا فسخ من له حق الخيار العقد على النحو الذي قدمناه ، انفسخ العقد واعتبر كأن لم يكن، وذلك دون حاجة إلى حكم، أو رضاء العاقد الآخر، أو حضوره وقت الفسخ عند أبي يوسف والشافعي.
أما إذا أمضى العقد بالقول أو بالفعل، صراحة أو دلالة، أو مات في مدة الخيار، أو سكت عن الفسخ أو الإمضاء حتى انقضت مدة الخيار، فقد زال حق الخيار ولزم العقد، واستند ذلك بأثر رجعي إلى وقت نشوء العقد.
النصوص:
جاء في "المبسوط" : " وإن كان الخيار للمشتري ثلاثة أيام فمات قبل أن يختار، فقد انقطع خياره ولزم البيع. وكذلك إذا كان للبائع فمات البائع، أو كان الخيار لهما جميعا فماتا، فقد لزم البيع ، وأجمعوا على أنه إذا مات من عليه الخيار، فإن الخيار باقً . ولا يورث خيار الشرط عندنا . وقال الشافعي يورث ويقوم وارث من له الخيار مقامه في التصرف بحكم الخيار، لأن هذا حق لازم ثبت في عقد بيع فيخلف الوارث فيه المورث كما في ملك المبيع والثمن والكفالة والرهن، بخلاف خبار القبول فإنه غير لازم ولا ثابت في بيع منعقد، وبخلاف الأجل فإنه ليس بثابت في البيع ولكنه صفة الدين ثم الإرث فيما ينتفع به الوارث أو المورث ولا منفعة لواحد منهما في إبقاء الأجل فإن ذمة الميت مرتهنة بالدين ما لم يقض عنه فلا تبسط بد الوارث في التركة لقيام الدين على المورث. فأما في توريث الخبار، فيه منفعة للوارث والمورث جميعا، فإن الضرر والغبن يدفع به ، وربما يقولون: هذا خيار ثابت في عين مبيعه فيخلف الوارث المورث فيه كخيار العيب ، ولأن البدل الذي من جانب من له الخيار يبقى على ملكه ما بقي له خياره والوارث يخلف المورث فيما كان مملوكة له، فإذا كان الملك باقية للبائع في المبيع إلى وقت موته انتقل إلى وارثه ، ولا يبطل العقد بهذا الانتقال، فمن ضرورة انتقال الملك إلى الوارث مع بقاء العقد انتقال الخيار إليه ليقوم الوارث منام المورث في التصرف بحكمه. وحجتنا ما قال في الكتاب إن البيع منعقد مع الخيار، وقد كان الخيار مشيئة في رده ، ولا بنحول بالموت مشيئته إلى غيره، لأن إرادته ومشيئته صفة فلا تحتمل الانتقال منه إلى غيره. وإنما يورث ما يحتمل الانتقال إلى الوارث، فأما ما لا يحتمل الانتقال إلى الوارث لا يورث كملكه في منكوحته وأم ولده، وكذلك العقد لا ينتقل إلى الوارث، لأنه إنما يورث ما كان قائمة والعقد قول قد مضى ولا يتصور انتقاله إلى الوارث، وإنما يملك الوارث الإقالة لقيامه مقام المورث في الملك لا في العقد فإن الملك يثبت ولاية الإقالة ، ألا ترى أن إقالة الموكل مع البائع صحيحة والعاقد هو الوكيل دون الموكل، وإنما يخلفه في الملك الباقي بعد موته، ولما انقطع خياره بالموت صارت العين مملوكة للمشتري ووارث البائع لا يخلفه في ملك العين ... فأما خيار العيب لا نقول بأنه يورث، ولكن سبب الخيار يتقرر في حق الوارث وهو استحقاق المطالبة بتسليم الجزء الفائت لأن ذلك جزء من المال مستحق للمشتري بالعقد، فإذا طالب البائع بتسليمه وعجز عن التسليم فسخ العقد لأجله، وقد وجد هذا المعنى في حق الوارث لأنه يخلف المشتري في ملك ذلك الجزء... فالمقصود هناك ليس هو الفسخ ولكن المطالبة بتسليم ما هو المستحق بالعقد، حتى إذا تعذر الرد بالعيب بحمة العيب من الثمن، والوارث يخلف المورث فيما هو مال، " المبسوط" (13/42-43)
وجاء في "البدائع" : " وأما بيان ما يسفط به الخيار ويلزم البيع فنقول وبالله التوفيق : أما خيار البائع ، فما يسقط به خباره ويلزم البيع نوعان في الأصل، أحدهما اختباري والأخر ضروري. أما الاختياري فالإجازة، لأن الأصل هو لزوم البيع، والامتناع بعارض الخيار وقد بطل بالإجازة فيلزم البيع، والإجازة نوعان : صريح وما هو في معنى الصريح ودلالته. أما الأول فنحو أن يقول البائع أجزت البيع أو أوجبنه أو أسقطت الخيار أو أبطلته وما يجري هذا المجرى، سواء علم المشتري الإجازة أو لم يعلم، وأما الإجازة بطريق الدلالة فهي أن يوجد منه تصرف في الثمن يدل على الإجازة وإيجاب البيع، فالإقدام عليه يكون إجازة للبيع دلالة.. وعلى هذا يخرج ما إذا كان الثمن عينة يتصرف البائع فيه تصرف الملاك بأن باعه أو ساومه أو أعتقه أو دبره أو كاتبه أو أجره أو رهنه ونحو ذلك، لأن ذلك يكون إجازة للبيع.. وكذا لو كان الثمن دينا فأبرا البائع المشتري من الثمن أو اشتري به شيئا منه أو وهب من المشتري، فهو إجازة للبيع كما قلنا. ولو اشترى بالثمن شيئا من غيره لم يصح الشراء وكان إجازة، أما عدم صحة الشراء فلانه شراء بالدين من غير من علبيه الدين،
وأما كونه إجازة للبيع فلان الشراء به من غيره إن لم بصع لكنه قصد التملك وذا دليل الإجازة ، كما إذا ساومه بل أولى لأن الشراء به في الدلالة على قصده التملك فوق المساومة، فلما كانت المساومة إجازة فالشراء أولى. بخلاف ما إذا كان البائع نبض الثمن الذي هو دين فاشترى به شيئا إنه لا يكون إجازة للبيع، لأن عين المقبوض ليس بمستحق الرد عند الفسخ لأن الدراهم والدنانير لا تتعين عندنا في الفسخ كما لا يتعينان في العقد، فلم يكن المقبوض فيه مستحق الرد، فلا يكون التصرف فيه دليل الإجازة . بخلاف ما إذا اشتري به قبل القبض لأنه أضاف الشراء إلى عين ما هو مستحق بالعقد، فكان دليل القصد إلى الملك أو تقرر الملك فيه على ما قلنا. ولو كان الخبار للمشتري فابرأه البائع من الثمن، قال أبو يوسف رحمه الله لا يصح الإبراء لأن خيار المشتري بمنع وجوب الثمن، والإبراء إسقاط، وإسقاط ما ليس بثابت لا يتصور . وروي عن محمد رحمه الله أنه إذا أجاز البيع نفذ الإبراء، لأن الملك يثبت مستندة إلى وقت البيع، فتبين أن الثمن كان واجبة، فكان إبراؤه بعد الوجوب، فينفذ والله عز وجل أعلم. وأما الضروري فثلاثة أشياء : أحدها مضى مدة الخبار، لأن الخيار مؤقت به، والمؤقت إلى غاية ينتهي عند وجود الغاية. لكن هل تدخل الغاية في شرط الخيار ، بأن شرط الخيار إلى الليل أو إلى الغد، هل يدخل الليل أو الغد؟ قال أبو حنيفة عليه الرحمة تدخل، وقال أبو يوسف ومحمد: لا تدخل ... والثاني موت البائع في مدة الخيار عندنا، وقال الشافعي رحمه الله لا يبطل الخيار بمونه بل يقوم وارثه مقامه في الفسخ والإجازة أجمعوا على أن خبار العيب وخبار التعيين يورث، وأما خيار الرؤية فلم يذكر في الأصل، وذكر في " الحيل " ، أنه لا يورث، وكذا روى ابن سماعة عن محمد أنه لا يورث ... والثالث إجازة أحد الشريكين عند أبي حنيفة رحمه الله بأن تبايعا على أنهما بالخيار فأجاز أحدهما، بطل الخيار ولزم البيع عنده حتى لا يملك صاحبة الفسخ، وعندهما لا يبطل وخبار الآخر على حاله"، "البدائع "، (5/267-268)
وجاء في " الهداية": اومن شرط له الخيار فله أن يفسخ في المدة. وله أن يجيز . فإن أجازه بغير حضرة صاحبه جاز، وإن فسخ لم يجز إلا أن يكون الآخر حاضرة عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يجوز، وهو قول الشافعي. والشرط هو العلم، وإنما كني بالحضرة عنه. له أنه مسلط على الفسخ من جهة صاحبه فلا يتوقف على عمله كالإجارة، ولهذا لا يشترط رضاه، وصار كالوكيل بالبيع. ولهما أنه تصرف في حق الغير وهو العقد بالدفع، ولا يعري عن المضرة، لأنه عساه يعتمد تمام البيع السابق فيتصرف فيه، فتلزمه غرامة القيمة بالهلاك فيما إذا كان الخيار للبائع أو لا يطلب لسلعته مشتريا فيما إذا كان الخيار للمشتري، وهذا نوع ضرر فيتوقف على علمه ، وصار كعزل الوكيل، بخلاف الإجازة لأنه لا إلزام فيه، ولا تقول إنه مسلط وكيف يقال ذلك وصاحبه لا يملك الفسخ ولا تسليط في غير ما يملكه المسلط , ولو كان فسخ في حال غيبة صاحبه وبلغه في المدة، تم الفسخ لحصول العلم به ، ولو بلغه بعد مضي المدة تم العقد بمضي المدة قبل الفسخ.... ومن اشتري دارة على أنه بالخيار، فبيعت أخرى بجنبها فأخذها بالشفعة، فهو رضا،
لأن طلب الشفعة يدل على اختباره الملك فيها، لأنه ما ثبت إلا لرفع ضرر الجوار وذلك بالاستدامة، فيتضمن ذلك سقوط الخيار سابقة عليه، فيثبت الملك وقت الشراء، فيتبين أن الجوار كان ثابتا، " فتح القدير" (5/120-134 ) وجاء في "الشرح الكبير" على "متن المقنع" : «ينتقل الملك في بيع الخيار بنفس العقد في ظاهر المذهب (مذهب احمد)، ولا فرق بين كون الخيار لهما أو لأحدهما أيهما كان، وهو أحد أقوال الشافعي، وعن أحمد أن الملك لا ينتقل حتى ينتفض الخيار، وهو قول مالك والقول الثاني للشافعي وبه قال أبو حنيفة ، إذا كان الخيار لهما أو للبائع، وإن كان للمشتري خرج عن ملك البائع ولم يدخل في ملك المشتري، لأن البيع الذي فيه الخيار عقد قاصر فلم بنقل الملك كالهبة قبل القبض، وللشافعي قول ثالث إن الملك موقوف، فإن أمضيا البيع تبينا أن المال للمشتري، وإلا تبينا أنه لم ينتقل عن البائع، ولنا قول النبي : من باع عبدة وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، وقوله : من باع نخلاً بعد أن يؤبره فثمره للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، منفق عليه، فجعله للمبتاع بمجرد اشتراطه، وهو عام في كل بيع. ولأنه بيع صحيح، فنقل الملك عقيبه كالذي لا
خيار فيه، ولأن البيع تمليك بدليل أنه يصح بقوله : ملكتك، فيثبت به الملك كسائر البيع، لأن التمليك يدل على نقل الملك إلى المشتري ويقتضيه لفظه، وقد اعتبره الشرع وقضى بصحته فوجب اعتباره كما يقتضيه ويدل عليه لفظه، وثبوت الخيار فيه لا ينافيه كما لو باع عرضة بعرض فوجد كل واحد منهما بما اشتراه عيبا. وقولهم: إنه ناصر غير صحيح، وجواز فسخ لا يوجب نصوره ولا يمنع نقل الملك فيه كبيع المعيب، وامتناع التصرف إنما كان لأجل حق الغير، فلا بمنع ثبوت الملك كالمرهون، وقولهم : إنه يخرج عن ملك البائع ولا يدخل في ملك المشتري لا يصح، لأنه يفضي إلى وجود ملك بغير مالك وهو محال، ويفضي أيضا إلى ثبوت الملك للبائع في الثمن عن غير حصول عوض للمشتري، أو إلى نقل ملكه من المبيع من غير ثبوته في عرضه، وكون العقد معاوضة بأبي ذلك . وقول أصحاب الشافعي إن الملك موقوف إن أمضيا البيع تبينا أنه انتقل وإلا فلا غير صحيح، فإن انتقال الملك إنما يبنى على سييه الناقل وهو البيع، وذلك لا يختلف بإمضائه وفسخه، فإن إمضاءه ليس من المقتضي ولا شرطا فيه إذ لو كان كذلك لما ثبت الملك قبله ، والفسخ ليس بمانع فإن المنع لا يتقدم المانع كما أن الحكم لا يتقدم سببه ولا شرطه. ولأن البيع مع الخبار سبب بسبق الملك عقيبه فيما إذا لم يفسخ، فوجب أن يثبته وإن فسخ كبيع المعيب، وهو ظاهر إن شاء الله تعالى. فما حصل من كسب أو نماء فهو له، أمضيا العقد أو فسخاه: ما يحصل من غلات المبيع ونمائه في مدة الخيار، فهو للمشتري أمضيا العقد أو نسخاه. قال محمد فيمن أشتري عبدة ووهب له مال قبل التفرق ثم اختار البائع العبد، فالمال للمشتري وقال الشافعي : إن أمضيا العقد وقلنا: الملك للمشتري فالنماء المنفصل له، وإن قلنا: الملك للبائع فالنماء له ، وإن فسخا العقد وقلنا : الملك للبائع أو موقوف فالنماء له وإلا فهو للمشتري . ولنا قول النبي : " الخراج بالضمان" .. وهذا من ضمان المشتري فيجب أن يكون نمازه للمشتري كما بعد انقضاء الخبار، ويتخرج أن يكون النماء المنفصل للبائع إذا فسخا العقد بناء على قولنا: إن الملك لا ينتقل. وأما النماء المتصل فهو تابع للمبيع بأي حال، كما يتبعه في الرد بالعيب والمقابلة، الشرح الكبيرة على متن «المقنع، (4/70-71) وجاء في نفس المصدر (4/70) : " إذا شرط الخبار حيلة على الانتفاع بالقرض ليأخذ غلة المبيع ونفعه في مدة انتفاع المفترض بالثمن، ثم يرد المبيع بالخيار عند رد الثمن، فلا خيار فيه لأنه من الحيل، ولا يحل لأخذ الثمن الانتفاع به في مدة الخيار ولا التصرف فيه" .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|