أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-06
978
التاريخ: 2023-05-27
1230
التاريخ: 2-5-2017
1855
التاريخ: 30-10-2018
2213
|
رواد الإبداع في علم التاريخ العربي
يقارن ابن خلدون ين نوعين من المؤرخين الإساميين الذين سبقوهـ، يقول عن النوع الأول إنهـ استوعب ما قبل الملهـ من الدول والأمم والأمر العمم كالمسعودي ومن نحا منحاهـ، ويقول عن النوع الثاني أنهـ” عدل عن الإطلاق إلى التقييد، وإستوعب أخبار أفقهـ وقطرهـ واقتصر على أحاديث دولتهـ ومصرهـ...” (1). على أن وتيرة بروز المؤرخين العرب تصاعدت عمودياً وتوسعت أفقياً مع تطور الحضارة العربية الإسلامية عبر القرون، بل إن زيادة الإهـتمام بالتاريخ تضاعف وتنوعت مواضيعهـ واختلفت مذاهـبهـ وتشعبت مجالاتهـ وتعددت مدارسهـ. وإذا كان العرب في الجاهـلية لم يمتلكوا فكراً تاريخيا ناضجاً ولم يظهـر منهـم اي مؤرخ فإنهـ يمكننا أن نقرر أن التاريخ وعياً وفكراً، بل تدويناً ونشأة قبل ذلك، قد اقترن بالإسلام وفكرهـ، وعوائدهـ ونظمهـ ومؤسساتهـ وعلومهـ، وظروف انتشارهـ في الأمصار (2). إذ أول من اهـتم بتدوين التاريخ أهـل السيرهـ والحديث والمغازي، وأولهـم إبان بن عثمان (ت 95هــ - 105هــ) وكذلك عروة بن الزبير (ت 94هــ)، ثم محمد بن اسحق (ت 15هــ) ومحمد بن عمر الواقدي (ت 207هــ)، ومحمد بن جرير الطبري( 310هــ) وأبو إسحاق (كعب الأخبار) (ت 35هــ) وعبداللهـ بن سام (ت 40هــ) وعبيد بن شريهـ (ت 70 هــ) وعبداللهـ بن العباس(ت 78هــ) وقد استوعب أصحاب المغازي معنى التاريخ منذ أعمالهـم الأولى وبرز ابن شهـاب الزهـري و موسى بن عقبة(ت 141 هــ) ومحمد بن سعد (ت 230هــ) ومنذ مطلع القرن الثاني الهـجري توسعت الكتابة التاريخية لتشمل الفتوحات والطبقات وسواهـا من المواضيع التاريخية. وظهـر مؤرخون مبدعون من مثل: عوانة بن الحكم (ت 147هــ)، ولوط بن يحي (ت 157هـ)، وسيف بن عمر(ت 180 هـ)، ونصر بن مزاحم (ت 212 هـ)، وعلي بن محمد المدائني (ت 225هـ) والشعبي أبو عمر شرحبيل (ت 105 هـ) وقد وضع هـؤلاء الأسس التي قام عليهـ صرح التاريخ الإسلامي، بما تميز به الكثير منهـم من دقة في الكتابة التاريخية، ورصد منطقي للحوادث على أساسهـا الزمني وكانت هـذه المؤلفات مصدراً مهـما للمؤرخين الذين جاءوا من بعدهـم(3). وقد برز من المؤرخين للعصر الجاهـلي عبيد بن شريهـ الجرهـمي، وهـب بن منبه) ت 110 هـ(، وهـشام بن محمد الكلبي )ت 146 هـ( وأبو اليقظان (ت 190 هـ) (4) وفي القرن الثالث عشر الهـجري إكتملت دعائم التاريخ العربي الإسلامي بظهـور ابن قتيبه (ت 270 هـ) والباذري (ت 279 هـ)،والدينوري )ت 282 هـ( واليعقوبي )ت 284هـ(وابن طيفور )ت 280 هـ(، وفي القرن الرابع الهـجري ظهـر عدد كبير من المؤرخين يفوق عددهـم بقية القرون، وظهـر المسعودي (ت 346 هـ) والجهـشياري) ت 331 هـ( وابن عبد الحكم ) ت 353 هـ(، والأفغاني (ت 360 هـ)، وفي القرن الخامس برز من المؤرخين مسكويهـ )ت 421 هـ(، والخطيب البغدادي )ت 364 هـ(، وابن عساكر )ت 571 هـ(، وابن الجوزي (ت 597 هـ)، والصولي (ت 335 هـ) وابن النديم(ت 385 هـ( ومحمد بن أعثم الكوفي )ت 314 هـ( ومسكويه )ت 421 هـ( والثعالبي )ت 429 هـ( والماوردي )ت 450 هـ(، وفي القرن السادس والسابع برز ابن الأثير (ت 620 هـ) ثم في القرن الثامن الهـجري ظهـر مؤرخون عديدون أبرزهـم ابن خلدون ) 808 هـ(، والذهـبي )ت 748 هـ( والنويري )ت 732 هـ( وياقوت الحموي )ت 626 هـ( وأبو الفداء )ت 732 هـ، وكان التاريخ في مرحلة تطورية نظر إليه على أنه يتحمل هـو نفسهـ الدراسات والبحث والتحليل والإستقصاء، فوضع العلماء المسلمون مصنفات في علم التاريخ، ومن هـؤلاء الصفدي )ت 674 هـ( ومحمد بن سلمان الكافيجي ) ت 879 هـ(، ومحمد بن شمس الدين السخاوي )ت 902 هـ( ويعتبر هـؤلاء وفي مقدمتهـم ابن خلدون، من كبار علماء التاريخ الذين ارتقوا به إلى مدارج العلوم الرصينة الثابتة المعالم والقواعد والأسس، وقد أذهـل هـؤلاء المؤرخون العرب المسلمون، العلماء، والمفكرين في العالم لما إجترحوه من إنجازات في مجال علم التاريخ سبقت عصرهـم بأجيال عديدة. على أن ابن خلدون فاق الجميع بما طرحهـ من نظريات وما وضعه من فلسفة تاريخية متميزة ولامعة عرفت بإسمهـ. وجاءت طروحاته سابقة لزمانه بما أثارهـ من مواضيع تحتاج إلى رؤية حضارية شاملة. لكن العرب أصيبوا بالتصحر الحضاري في معظم مجالات العلوم والمعارف ومنهـا علم التاريخ في مرحلة الإنحطاط التي شملت المرحلة المملوكية ثم العثمانية ولم يبرز من المؤرخين إلا العدد القليل في التاريخ الحديث بعد أن فقد التاريخ العربي الإسلامي هـويته الحضارية تبعاً للواقع السياسي الذي عاشتهـ الأمة وهـي تعاني التخلف والأمية والجهـل والإستعمار والغزو..؟؟
لكن الأخطر في شأن عصر الإنحطاط كان الجمود الفكري والتصحر العلمي عند العرب المسلمين فيما انطلقت حركة النهـضة وعصر التنوير في أوروبا، فلم يبرز في مجالات العلوم والمعارف من الحضارة العربية الإسلامية من يستكمل مسيرة الإبداع والإبتكار والتفوق، وأصيب علم التاريخ هـو أيضاً بالعقم حتى فترة التاريخ الحديث والمعاصر لتبدأ بوادر نهـضة عربية في العديد من الشؤون والمجالات وظهـر بعض المؤرخين أمثال قسطنطين زريق وأسد رستم وعبدالرحمن الكواكبي وشكيب ارسان ونبيه أمين فارس وأسامة الخالدي وناصر الدين الأسد وولي الدين يكن ومالك بن نبي وجواد علي ونقولا زيادهـ والبرت حوراني وشارل عيساوي وعبدالعزيز الدوري وحنا بطاطو وأحمد عزت عبدالكريم ومحمد أنيس وشاكر مصطفى وكمال الصليبي وابراهـيم حركات ومحمد القبلي والهـادي الشريف وعبداللهـ العروي ومحمد طالبي وهـشام جعيط...
وآخرون في المغرب العربي والمشرق. ولم تخل بعض هـذهـ الكتابات التاريخية من النظرة الإبداعية والإبتكار والإتقان خصوصاُ ما أطلقهـ كمال الصليبي من أفكار وآراء في البحث التاريخي تعتبر رائدة في مجالهـا وثورة في علم التاريخ العربي (5).
إن رواد علم التاريخ العربي وفي مقدمتهـم ابن خلدون والكافيجي والسخاوي إضافة إلى أساطين المؤرخين العرب كأمثال الطبري والواقدي وابن عساكر والمسعودي وابن الأثير... الخ ممن لا يتسع المجال لذكرهـم، هـؤلاء العلماء والمؤرخون هـم الذين أعطوا للتأريخ العربي الإسلامي قيمتهـ وللتاريخ العالمي مكانتهـ فأدوا بذلك رسالة جليلة للبشرية جمعاء وللعلم دفع بالتاريخ إلى مكانتهـ المرموقة بين العلوم والمعارف الإنسانية، وهـذا ما أمكن من إستكمال مسار علم التاريخ نحو التطور والتوسع ليحيط بكل ما يمكن للإنسان أن يدركه في الكون والحياة. ولهـذا قال مارك بلوك” أحد رواد مدرسة الحوليات التاريخ أشبه بتنين أسطوري طريدته كل ما هـو إنساني” (6). ثم إن التاريخ دخل مع ابن خلدون إلى مراحل متقدمة من خال تفسيرهـ لمسار التاريخ الذي سجل فيه ريادة في فلسفة التاريخ فيقول في علم التاريخ) ... وفي باطنهـ نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئهـا دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابهـا عتيق” (7).
______________
(1) ابن خلدون، أبو زيد عبد الرحمن بن محمد، مقدمة ابن خلدون، بولاق، المطبعة الأميرية، ص 27
(2) جميل موسى النجار، فلسفة التاريخ، المرجع السابق، ص 61.
(3) أحمد رمضان أحمد، تطور علم التاريخ الإسلامي حتى نهـاية العصور الوسطى، الهـيئة المصرية العامة للكتاب، القاهـرة 1989، ص 167.
(4) عبد العزيز الدوري، بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب، المرجع السابق، ص45.
(5) خالد مصطفى مرعب، المؤرخ الصادق وصحوة الضمير) تجربة كمال الصليبي (، كتاب أعمال وأبحاث مؤتمر إشكاليات كتابة تاريخ لبنان في العصرين الوسيط والحديث، شركة آدامز، طرابلس - لبنان، 2017، ص 369.
(6) Marc Bloch, Metier D’historien, Armand colin , ))) راجع: 1949
(7) ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ص 38
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|