محاولة تُتُش ضم حلب
المؤلف:
أ.د. محمد سهيل طقوش
المصدر:
تاريخ السلاجقة في خراسان وإيران والعراق
الجزء والصفحة:
ص 132 ــ 134
2025-09-14
362
تعرضت القوى السياسية في حلب للانقسام بعد وفاة نصر بن محمود في (شوال 468هـ / أيار 1076م)، إذ تنازع أخواه سابق ووثاب على حكم الإمارة، ونجح الأول في اعتلاء الحكم بمساعدة أحمد شاه التركي ما أزعج الثاني ومن سانده من العرب، فالتجأ إلى السلطان ملكشاه في خراسان وطلب منه أن يساعده ضد أخيه سابق وأقنعه بصوابية موقفه، فوعده بالمساعدة ووقع له إقطاعاً في بلاد الشام. الواقع أن التجاء وثَّاب إلى السلطان السلجوقي أملته ظروف منطقة الشرق الأدنى، والواقع السياسي على الأرض، فالقوى المحيطة ببلاد الشام مثل البيزنطيين والفاطميين لا تملك القدرة على التأثير والتغيير ودمشق واقعة تحت حكم أتسز، وأن القوة الوحيدة التي كانت تملك سلطة اتخاذ القرار وفرضه موجودة في خراسان وتتمثل في السلطان ملكشاه.
تحرك تنش غرباً في (محرم 470 هـ / آب 1077م) متوجهاً إلى حلب لانتزاعها من يد سابق بن محمود المرداسي وضمها إلى الأملاك السلجوقية، وعندما وصل إلى ديار بكر انضم إليه الحاجب أيتكين السليماني وعدد من أمراء بني كلاب العرب ممن ساندوا وثاباً وساروا في ركابه (1).
وعندما علم سابق بزحف تتش باتجاه أراضي إمارته استعد للتصدي له، وأرسل إلى أحمد شاه وكان يحاصر أنطاكية، يستدعيه لمساندته وتعرضت حلب للحصار في (3 ذي القعدة 470هـ / 18 آذار 1078م) الذي استمر مدة أربعة أشهر تقريباً من دون أن يتمكن تُنش من اقتحامها واضطر أخيراً أن يفك الحصار عنها، ويبدو أن لذلك علاقة بـ:
- تجدد الصحوة العربية ضد الوجود التركي قادها مسلم بن قريش، وكان يعمل ضمنياً مع سابق، وذلك بدافع عروبته، إذ كان يُنكر على بني كلاب خلطتهم بعسكر الترك، ويبدو أن الذي شجعه على اتخاذ هذا الموقف مقتل أحمد شاه أثناء الحصار حيث ضعفت قوة الأتراك بعد مقتله وانحسر نفوذهم في المدينة (2)، ومن جهته رأى سابق أن مصلحته تقضي بفك ارتباطه مع الأتراك والعودة إلى الحظيرة العربية، فراسل بني كلاب وتألفهم (3).
- انسحاب مسلم بن قريش بعد أن كشف تتش توجهه العربي ووقوفه إلى جانب سابق، ما أضعف موقف الأمير السلجوقي، إذ لا يمكنه الاستمرار في حصار حلب من دون مساعدة العرب.
- تدمير النجدة التي طلبها تتش من أخيه بعد تخلي العرب عنه، وتُقدَّر بألف فارس مجهزين بآلات الحصار، بقيادة تركمان التركي، وقد قضى عليها سابق بالتعاون مع مسلم بن قريش في وادي بزاعة، فتحرج موقف تنش نتيجة ذلك.
وهكذا تفرَّق التحالف الذي أنشأه السلطان ملكشاه، وأخفق أمام أسوار حلب وذلك بفعل وعي العرب وكتب تُنش. من مشتاه إلى أخيه يشرح له ما آلت إليه الأوضاع في شمالي بلاد الشام، ويطلب منه نجدة أخرى، ولما وصلت وضع. عسكرية جديدة تقضي بتجريد حلب من أعمالها وعزلها قبل أن ينقض عليها، وبدأ بمنبج، فاستولى عليها كما استولى على حصون الفايا والدير، وبزاعة، وعزاز، وجبرين، وسرمين والخناقية وترك فيها حاميات عسكرية وبذلك يكون قد عزل حلب، ثم توجه إليها ووصل إلى أسوارها في (ذي الحجة 471هـ/ حزيران 1079م)، وقبل أن يستكمل استعدادات فرض الحصار انقضت القوات الحلبية على قواته وفاجأتها، فأسقط في يده، وأدرك عدم جدوى الاستمرار في الحصار والاستيلاء على حلب، ويمم وجهه نحو الجنوب (4).
.......................................................
(1) ابن القلانسي: ص 181 ابن العديم: ج1 ص 289
(2) العظيمي: ص331. ابن القلانسي ص 183. ابن العديم: ج1 ص 289، 290
(3) ابن العديم ج1 ص290.
(4) ابن القلانسي ص 183. ابن العديم: ج1 ص 293، 294.
الاكثر قراءة في التاريخ
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة