تتش يستولي على دمشق
المؤلف:
أ.د. محمد سهيل طقوش
المصدر:
تاريخ السلاجقة في خراسان وإيران والعراق
الجزء والصفحة:
ص 134 ــ 135
2025-09-14
372
غادر تنش وقواته المنهكة مدينة حلب وفي نفسه شيء منها متوجهاً نحو الجنوب، فاستولى على حماة والمعرَّة وما جاورهما، وأطاعه أمير حمص خلف بن ملاعب فأقره على حكمها.
وإذا كان الاستقرار السلجوقي في بلاد الشام قد بدأ بوصول تتش إلا أنه لم يُحقق حتى ذلك الوقت أي إنجاز يُذكر، وتبيَّن من خلال أعماله أنه قائد تركي آخر لا يختلف عن القادة الذين سبقوه بما أحدثه من تدمير وسلب ونهب، لكن الفرصة ما لبثت أن سنحت له ليضع يده على مقدرات بلاد الشام، ويؤسس دولة سلجوقية في ربوعها وكان لذلك علاقة بالمحاولات الفاطمية الهادفة إلى استعادة نفوذ الفاطميين في هذه البلاد. فقد حدث أن أرسل بدر الجمالي جيشاً فاطمياً بقيادة ناصر الدولة الجيوشي إلى بلاد الشام لإعادة بسط السيادة الفاطمية عليها، فحاصر دمشق في عام (471 هـ / 1079م واستولى على أعمالها وأعمال فلسطين (1).
أدرك أتسز أنه لا قِبَلَ له بهذا الجيش الكبير، فاضطر أن يطلب المساعدة من تنش، ووعده بتسليمه دمشق، ويكون تابعاً له (2)، وكان هذا هو الحل الوحيد أمامه، يضع نفسه تحت الحماية المباشرة للسلاجقة العظام. رحب تُنش بهذه الدعوة، وسار قاصداً المدينة لنجدتها، ولم يكد يقترب منها حتى فك ناصر الدولة الجيوشي الحصار عنها وانسحب باتجاه الجنوب؛ لأن قواته كانت عاجزة عن أن تقف في وجه القوة السلجوقية، وبخاصة أن طرابلس وصور امتنعتا عن تقديم المساعدة له، بل إن حكامهما صانعا السلاجقة بالهدايا والملاطفات، وعندما وصل تتش إلى المدينة استقبله أتسز عند أسوارها ولم يذهب أبعد من ذلك للقائه، فسلمه إياها وبذل له الطاعة (3).
ويبدو أن تتش اغتاظ من هذا الاستقبال الفاتر، فعاتب أتسز، فاعتذر هذا بأمور لم يقبلها الأمير السلجوقي والراجح أنه خشي من طموحات أتسز، ولم يطمئن إلى وجوده إلى جانبه، فاتخذ من ذلك حجة وتخلص منه، كما قتل أخاه جاولي، وتسلَّم دمشق من دون قتال وأسس لنفسه ولأسرته حكماً فيها (4).
والراجح أن هذا العمل يندرج ضمن لعبة التنافس على النفوذ الذي كان سائداً بین الأمراء السلاجقة وبين ولاتهم في الجزرة الفراتية وبلاد الشام، وبذلك أضحى تتش يسيطر على الأقاليم الوسطى من بلاد الشام، وجهد بعد ذلك للعمل على:
- بسط سلطانه على كامل بلاد الشام، وبخاصة المدن الساحلية التي كانت تدين بالطاعة للدولة الفاطمية أو تُحكم من قبلها مباشرة.
.................................................
(1) المصدران نفساهما: ص 183 ص 293، 294
(2) ابن القلانسي: المصدر نفسه.
(3) المصدر نفسه: ص 182. ابن الأثير: جـ 8 ص 268، 269.
(4) ابن القلانسي: ص 182، 183. ابن الأثير: جـ 8 ص 269.
الاكثر قراءة في التاريخ
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة