أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1527
التاريخ: 28-01-2015
1697
التاريخ: 8-10-2014
1995
التاريخ: 8-10-2014
3078
|
إِنّ هذه الآيات {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 128، 129],برأي بعض المفسّرين، هي آخر الآيات التي نزلت على النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبها تنتهي سورة براءة، فهي في الواقع إِشارة إِلى كل المسائل التي مرّت في هذه السورة، لأنّها تبيّن من جهة لجميع الناس، سواء المؤمنون منهم أم الكافرون والمنافقون، أنّ جميع الضغوط والتكاليف التي فرضها النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)والقرآن الكريم، والتي ذكرت نماذج منها في هذه السورة، كانت كلها بسبب عشق النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لهداية الناس وتربيتهم وتكاملهم.
ومن جهة أُخرى فإِنّها تخبر النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا يقلق ولا يتحرق لعصيان وتمرد الناس، والذي ذكرت منه ـ أيضاً ـ نماذج كثيرة في هذه السورة، وليعلم أنّ الله سبحانه حافظه ومعينه على كل حال. ومن هنا فإِنّ خطاب الآية الأُولى موجه للناس، فهي تقول: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم)، خاصّة وأنّه قد وردت لفظة (من أنفسكم) بدل (منكم)، وهي تشير إِلى شدة إرتباط النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) بالناس، حتى كأنّ قطعة من روح الناس والمجتمع قد ظهرت بشكل النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم). ولهذا السبب فإِنّه يعلم كل آلامهم، ومطلع على مشاكلهم، وشريكهم في غمومهم وهمومهم، وبالتالي لا يمكن أن يُتصور صدور كلام منه إلاّ في مصلحتهم، ولا يخطو خطوة إلاّ في سبيلهم، وهذا في الواقع أوّل وصف للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ذكر في هذه الآية.
ومن العجيب أنّ جماعة من المفسّرين الذين وقعوا تحت تأثير العصبية القومية والعربية قالوا: إِنّ المخاطب في هذه الآية هم العرب! أي أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جاءكم من هذا الأصل!.
إِنّنا نعتقد أن هذا هو أسوأ تفسير ذكر لهذه الآية، لأنا نعلم أنّ الشيء الذي لم يجر له ذكر في القرآن الكريم هو مسألة الأصل والعرق، ففي كل مكان تبدأ خطابات القرآن بـ(يا أيّها الناس) و (يا أيّها الذين آمنوا) وأمثالها، ولا يوجد في أي مورد «يا أيّها العرب» و «يا قريش» وأمثال ذلك.
إِضافة الى أنّ ذيل الآية الذي يقول : (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ) ينفي هذا التّفسير بوضوح، لأنّ الكلام فيه عن كل المؤمنين، من أي قومية أو عرق كانوا.
وممّا يثير الأسف أنّ بعض العلماء المتعصبين قد حجّموا عالمية القرآن وعموميته لكل البشر، وحاولوا حصره في حدود القومية والعرق المحدودة.
وعلى كل حال، فبعد ذكر هذه الصفة (من أنفسكم) أشارت الآية إِلى أربع صفات أُخرى من صفات النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) السامية، والتي لها الأثر العميق في إِثارة عواطف الناس وجلب انتباههم وتحريك أحاسيسهم.
ففي البداية تقول : (عزيز عليه ماعنتم) أي أن الأمر لا ينتهي في أنّه لا يفرح لأذاكم ومصاعبكم، بل إِنّه لا يقف موقف المتفرج تجاه هذا الأذى، فهو يتألم لألمكم، وإِذا كان يصرّ على هدايتكم ويتحمل الحروب المضنية الرهيبة، فإِنّ ذلك لنجاتكم أيضاً، ولتخليصكم من قبضة الظلم والإستبداد والمعاصي والتعاسة.
ثمّ تضيف أنّه (حريص عليكم) ويتحمس لهدايتكم.
«الحرص» في اللغة بمعنى قوة وشدة العلاقة بالشيء، واللطيف هنا أن الآية أطلقت القول وقالت: (حريص عليكم) فلم يرد حديث عن الهداية، ولا عن أي شيء آخر، وهي تشير إِلى عشقه (صلى الله عليه وآله وسلم) لكل خير وسعادة ورقي لكم. وكما يقال: إِن حذف المتعلق دليل على العموم.
وعلى هذا، فإنّه إذا دعاكم وسار بكم إلى ساحات الجهاد المريرة، وإذا شدّد النكير على المنافقين، فإِنّ كل ذلك من أجل عشقه لحريتكم وشرفكم وعزتكم. وهدايتكم وتطهير مجتمعكم.
ثمّ تشير إِلى الصفتين الثّالثة والرّابعة وتقول: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ) وعلى هذا فإِنّ كل الأوامر الصعبة التي يصدرها، (حتى المسير عبر الصحاري المحرقة في فصل الصيف المقرون بالجوع والعطش لمواجهة عدو قوي في غزوة تبوك) فإِنّ ذلك نوع من محبته ولطفه.
وهناك بحث بين المفسّرين في الفرق بين «الرؤوف» و «الرحيم»، إلاّ أنّ الذي يبدو أن أفضل تفسير لهما هو أنّ الرؤوف إِشارة إِلى محبّة خاصّة في حقّ المطيعين، في حين أنّ الرحيم إِشارة إِلى الرحمة تجاه العاصين، إلاّ أنّه يجب أن لا يغفل عن أن هاتين الكلمتين عندما تفصلان يمكن أن تستعملا في معنى واحد، أمّا إِذا اجتمعتا فتعطيان معنى مختلفاً أحياناً.
وفي الآية التي تليها، وهي آخر آية في هذه السورة، وصف للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)بأنّه شجاع وصلب في طريق الحق، ولا ييأس بسبب عصيان الناس وتمردهم، بل يستمر في دعوتهم إِلى دين الحق: (فإِن تولوا فقل حسبي الله لا إِله إلاّ هو) فهو حصنه الوحيد .. أجل لا حصن لي إلاّ الله، فإِليه استندت و (عليه توكلت وهو ربّ العرش العظيم).
إِنّ الذي بيده العرش والعالم العلوي وما وراء الطبيعة بكل عظمتها، وهي تحت حمايته ورعايته، كيف يتركني وحيداً ولا يعينني على الأعداء؟ فهل توجد قدرة لها قابلية مقاومة قدرته؟ أم يمكن تصور رحمة وعطف أشد من رحمته وعطفه؟
إِلهنا، الآن وقد أنهينا تفسير هذه السورة، ونحن نكتب هذه الأسطر، فإِن أعداءنا قد أحاطوا بنا، وقد ثارت أُمتنا الرشيدة لقلع جذور الظلم والفساد والإستبداد، بوحدة لا نظير لها، واتحاد بين كل الصفوف والطبقات بدون استثناء حتى الأطفال والرضع ساهموا في هذا الجهاد والمقارعة، ولم يتوان أي فرد عن القيام بأي نوع من التضحية والفداء.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|