أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2020
3817
التاريخ: 1-8-2020
4860
التاريخ: 1-8-2020
4836
التاريخ: 30-7-2020
3883
|
قال تعالى: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) وَإِنَّ رَبَّكَ هُو يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } [الحجر: 19 - 25]
لما تقدم ذكر السماء وما فيها من الأدلة والنعم أتبعه بذكر الأرض فقال{ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}أي: بسطناها وجعلنا لها طولا وعرضا{ وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}أي: طرحنا فيها جبالا ثابتة { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا}أي: في الأرض{ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ }أي: مقدر معلوم عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقيل من كل شيء يوزن في العادة كالذهب والفضة والصفر والنحاس ونحوها عن الحسن وقيل: يعني بذلك كل ما تخرجه الأرض عن أبي مسلم قال وإنما خص الموزون بالذكر دون المكيل لوجهين.
أحدهما : أن غاية المكيل تنتهي إلى الوزن لأن جميع المكيلات إذا صار طعاما دخل في الوزن فالوزن أهم والآخر: أن في الوزن معنى الكيل لأن الوزن هو طلب المساواة وهذا المعنى ثابت في الكيل فخص الوزن بالذكر لاشتماله على معنى الكيل ورد عليه السيد الأجل المرتضى قدس الله روحه فقال ظاهر لفظ الآية يشهد بغير ما قاله فإن المراد بالموزون المقدار الواقع بحسب الحاجة فلا يكون ناقصا عنها ولا زائدا عليها زيادة مضرة داخلة في باب العبث ونظير ذلك قولهم كلام فلان موزون وأفعاله موزونة والمراد ما ذكرناه وعلى هذا المعنى تأول المفسرون ذكر الموازين في القرآن على أحد التأويلين وأنها التعديل والمساواة بين الثواب والعقاب(2).
{ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}أي: خلقنا لكم في الأرض معايش من زرع أونبات عن ابن عباس والحسن وقيل: معايش أي: مطاعم ومشارب تعيشون بهما وقيل: هي التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة{ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ}يعني العبيد والدواب يرزقهم الله ولا ترزقونهم ومعناه يدور على ما تقدم ذكره في الإعراب وأتى بلفظة من دون لفظة ما لأنه غلب العقلاء على غيرهم{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ}أي: وليس من شيء ينزل من السماء وينبت من الأرض{ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ}معناه إلا ونحن مالكوه والقادرون عليه وخزائن الله سبحانه مقدوراته لأنه تعالى يقدر أن يوجد ما شاء من جميع الأجناس ويقدر من كل جنس على ما لا نهاية له وقيل: المراد به الماء الذي منه النبات وهو مخزون عنده إلى أن ينزله ونبات الأرض وثمارها إنما تنبت بماء السماء وقال الحسن: المطر خزائن كل شيء{ وما ننزله }أي: وما ننزل المطر{ إلا بقدر معلوم } تقتضيه الحكمة وقيل إنه سبحانه استعار الخزائن للقدرة على إيجاد الأشياء وعبر عن الإيجاد بالإنزال لأن الإنزال في معنى الإعطاء والرزق والمعنى أن الخير كله من عند الله لا يوجد ولا يعطي إلا بحسب المصلحة والحاجة ثم بين سبحانه كيفية الإنزال فقال:
{ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}أي: أجرينا الرياح لواقح أي ملقحة للسحاب محملة بالمطر(3){ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}أي: مطرا{ فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ}أي: فأسقيناكم ذلك الماء ومكناكم منه { وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}أي: وما أنتم أيها الناس له بحافظين ولا محرزين بل الله يحفظه ثم يرسله من السماء ثم يحفظه في الأرض ثم يخرجه من العيون بقدر الحاجة ولا يقدر أحد على إحراز ما يحتاج إليه من الماء في موضع{ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ}أخبر سبحانه أنه يحيي الخلق إذا شاء ويميتهم إذا أراد{ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ}الأرض ومن عليها أخبر أنه يرث الأرض لأنه إذا أفنى الخلق ولم يبق أحد كانت الأشياء كلها راجعة إليه يتفرد بالتصرف فيها{ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}قيل فيه أقوال ( أحدها ) أن معناه ولقد علمنا الماضين منكم ولقد علمنا الباقين عن مجاهد والضحاك وقتادة ( وثانيها ) علمنا الأولين منكم والآخرين عن الشعبي ( وثالثها ) علمنا المستقدمين في صفوف الحرب والمتأخرين عنها عن سعيد بن المسيب ( ورابعها ) علمنا المتقدمين في الخير والمبطئين عنه عن الحسن ( وخامسها ) علمنا المتقدمين إلى الصف الأول في الصلاة والمتأخرين عنه فإنه كان يتقدم بعضهم إلى الصف الأول ليدركوا فضيلته وكان يتأخر بعضهم لينظروا إلى أعجاز النساء فنزلت الآية فيهم عن ابن عباس ( وسادسها ) أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) حث الناس على الصف الأول في الصلاة وقال خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن الله وملائكته يصلون على الصف المتقدم فازدحم الناس وكانت دور بني عذرة بعيدة عن المسجد فقالوا لنبيعن دورنا ولنشترين دورا قريبة من المسجد حتى ندرك الصف المقدم فنزلت هذه الآية عن الربيع بن أنس فعلى هذا يكون المعنى إنا نجازي الناس على نياتهم{ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ } معناه إن ربك يا محمد أوأيها السامع هو الذي يجمعهم يوم القيامة ويبعثهم بعد إماتتهم للمجازاة والمحاسبة{ إنه حكيم }في أفعاله { عليم }بما استحق كل منهم .
____________
1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص109-112.
2- وقال بعض علماء أهل العصر :إن من الأسرار التي كشف عنها الوحي الألهي ،ما في هذه الآية ، حيث أنها دلت على أن كل ماينبت في الأرض له وزن خاص ، وقد ثبت أخيراً أن كل نوع من أنواع النبات مركب من أجزاء خاصة على وزن مخصوص،بحيث لوزيد في بعض أجزائه اونقص ، لكان ذلك مركباً اخر، وان نسبة بعض الاجزاء الى بعض الدقة ، بحيث لا يمكن ضبطها تحقيقاَ بأدق الموازين المعروفة للبشر.
3- وربما يقال إن الرياح لاتحمل السحاب ، وانما تدفعه من مكان الى مكان اخر .ولو سلم فليس في التنبيه على هذا المعنى كبير أهتمام ، بل النظرة الصحيحة في معنى الاية ،بعد ملاحظة ما اكتشفه علماء النبات ، تفيدنا سراً دقيقاً ام ندركه كما في المشمش والصنوبر، والرمان والقطن ، ونبات الحبوب . فإذا نضجت حبوب الطلع ،انتفخت الاكياس وانتثرت خارجها محمولة على أجنحة الرياح ،فنسقط على مياسم الازهار الاخرى عفواً.
{ والأَرْضَ مَدَدْناها وأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ } .
سبق الكلام مفصلا عما حوته هذه الآية عند تفسير الآية 3 من سورة الرعد ، وقوله تعالى : « كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ » في معنى قوله : « وكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ - 9 الرعد » . وقوله : « وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً - 2 الفرقان » .
أي مراعى فيه كمية المواد والعناصر ، وكيفية الشكل والصورة ، والهدف الذي وجد من أجله ، ولوكان للصدفة والعشوائية شيء من الأثر في وجود الأشياء لما كان فيها هذا الأحكام والتدبير .
{ وجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ } . ضمير فيها يعود إلى الأرض ، والمعايش أسباب العيش من الزراعة والتجارة والصناعة ، أما العيش بالسلب والنهب والغش والاحتيال فهومن صنع الشيطان ، لا من جعل اللَّه وخلقه .
{ ومَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ } . وكل حي في الأرض لسنا نحن له برازقين ولا مكلفين برزقه ، وانما الغرض من هذه الإشارة أن نعلم أن جميع الأحياء تعيش على رزق اللَّه ، ولا حي يرزق حيا سواه إطلاقا ، حتى الأطفال الذين نعول ، والدواب والانعام التي نملك . . فإن رزقها جميعا على اللَّه وحده ، لا على غيره .
{ وإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ } . قال الرازي « اتفق المفسرون : على أن المراد بقوله : { مِنْ شَيْءٍ }هو المطر لأنه سبب الأرزاق والمعايش » . والصحيح ان المراد من شيء في الآية المطر وغيره ، لأنها نكرة في سياق النفي ، ومعناها العموم ، تماما كما لوقلت : ما رأيت أحدا ، والمراد بالانزال العطاء ، وبالقدر المعلوم أسباب الرزق ، والمعنى ان الخير كله عند اللَّه ، وهويعطيه للعاملين المجدين ، لا للكسالى المخنثين : « هُو الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ - 15 الملك » . أنظر « هل الرزق صدفة أوقدر » في ج 3 ص 131 .
{ وأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ } .
الرياح توصف باللواقح لأنها تحمل السحاب الماطر ، فتلقح الشجر بما تنزل عليه من الأمطار ، والى هذا أشارت الآية 57 من سورة الأعراف : « وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت - أي حملت - سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت » . أنظر تفسير هذه الآية في ج 3 ص 342 . وأيضا توصف الرياح باللواقح لأنها تنقل لقاح الأزهار الذكور إلى الأزهار الإناث لتخرج الثمر والفواكه .
وليس المراد بقوله تعالى : { وما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ } ان الماء بكامله مجموع في خزان عظيم عند اللَّه ينزل منه الماء إلى الأرض ساعة يشاء كما قال بعض المفسرين بل المراد ان اللَّه ينزل الماء بالأسباب الطبيعية للنزول ، وتحفظه الأرض ، وتخرجه العيون شيئا فشيئا لسد الحاجات .
{ وإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي ونُمِيتُ ونَحْنُ الْوارِثُونَ } . نحن الوارثون كناية عن أن كل من عليها فان ، وانه لا يبقى الا وجه ربك ذوالجلال والإكرام { ولَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ ولَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ } ذكر الرازي والطبرسي ستة أقوال في معنى المستقدمين والمستأخرين ، والصحيح ان المراد بهما ان اللَّه لا يخفى عليه شيء من أحوال الأولين والآخرين{ وإِنَّ رَبَّكَ هُويَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } . يحشرهم جميعا للحساب والجزاء ، وه وحكيم في حشرهم هذا ، حيث يجد فيه المحسن ثواب إحسانه ، والمسيء عقاب إساءته ، وأيضا هو عليم بمن أحسن وأساء .
______________
1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية، ج4،صفحه 471-473.
قوله تعالى:{ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} مد الأرض بسطها طولا وعرضا وبذلك صلحت للزرع والسكنى ولوأغشيت حبالا شاهقة مضرسة لفقدت كمال حياة الحيوان عليها.
والرواسي صفة محذوفة الموصوف والتقدير وألقينا فيها جبالا رواسي وهوجمع راسية بمعنى الثابتة إشارة إلى ما وقع في غير هذا الموضع أنها تمنع الأرض من الميدان كما قال:{ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ }: النحل: 15.
والموزون من الوزن وهو تقدير الأجسام من جهة ثقلها ثم عمم لكل تقدير لكل ما يمكن أن يتقدر بوجه كتقدير الطول بالشبر والذراع ونحو ذلك وتقدير الحجم وتقدير الحرارة والنور والقدرة وغيرها، وفي كلامه تعالى:{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ }: الأنبياء: 47، وهو توزين الأعمال ولا يتصف بثقل وخفة من نوع ما للأجسام الأرضية منهما.
وربما يكنى به عن كون الشيء بحيث لا يزيد ولا ينقص عما يقتضيه الطبع أوالحكمة كما يقال: كلامه موزون وقامته موزونة وأفعاله موزونة أي مستحسنة متناسبة الأجزاء لا تزيد ولا تنقص مما يقتضيه الطبع أوالحكمة.
وبالنظر إلى اختلاف اعتباراته المذكورة ذكر بعضهم أن المراد به إخراج كل ما يوزن من المعدنيات كالذهب والفضة وسائر الفلزات، وقال بعضهم: إنه إنبات النباتات على ما لكل نوع منها من النظام البديع الموزون، وقيل: إنه خلق كل أمر مقدر معلوم.
والذي يجب التنبه له التعبير بقوله:{من كل شيء موزون} دون أن يقال: من كل نبات موزون فهو يشمل غير النبات مما يظهر وينمو في الأرض كما أنه يشمل النبات لمكان قوله:{وأنبتنا} دون أن يقال: أخرجنا أوخلقنا وقد جيء بمن وظاهرها التبعيض فالمراد - والله أعلم - إنبات كل أمر موزون ذي ثقل مادي يمكن أن يزيد وينقص من الأجسام النباتية والأرضية، ولا مانع على هذا من أخذ الموزون بكل من معنييه الحقيقي والكنائي.
والمعنى: والأرض بسطناها وطرحنا فيها جبالا ثابتة لتسكنها من الميد وأنبتنا فيها من كل شيء موزون - ثقيل واقع تحت الجاذبة أومتناسب - مقدارا تقتضيه الحكمة.
قوله تعالى:{وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين} المعايش جمع معيشة وهي ما به يعيش الحيوان ويديم حياته من المأكول والمشروب وغيرهما ويأتي مصدرا كالعيش والمعاش.
وقوله:{ومن لستم له برازقين} معطوف على الضمير المجرور في{لكم} على ما ذهب إليه من النحاة الكوفيون ويونس والأخفش من جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وأما على قول غيرهم فربما يعطف على معايش والتقدير وجعلنا لكم من لستم له برازقين كالعبيد والحيوان الأهلي، وربما جعل{من} مبتدأ محذوف الخبر والتقدير: ومن لستم له برازقين جعلنا له فيها معايش وهذا كله تكلف ظاهر.
وكيف كان، المراد بمن العبيد والدواب - على ما قيل - أتي بلفظة من وهي لأولي العقل تغليبا هذا، وليس من البعيد أن يكون المراد به كل ما عدا الإنسان من الحيوان والنبات وغيرهما فإنها تسأل الرزق كما يسأله العقلاء ومن دأبه سبحانه في كلامه أن يطلق الألفاظ المختصة بالعقلاء على غيرهم إذا أضيف إليها شيء من الآثار المختصة بهم كقوله تعالى في الأصنام:{ فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ }: الأنبياء: 63، وقوله:{فإنهم عدولي}: الشعراء: 77، إلى غير ذلك من الآيات المتعرضة لحال الأصنام التي كانوا يعبدونها ولا يستقيم للمعبود إلا أن يكون عاقلا، وكذا قوله:{ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }: فصلت: 11، وغير ذلك.
والمعنى: وجعلنا لكم معشر البشر في الأرض أشياء تعيشون بها مما تدام به الحياة ولغيركم من أرباب الحياة مثل ذلك.
قوله تعالى:{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ } الخزائن جمع خزانة وهي مكان خزن المال وحفظه وادخاره، والقدر بفتحتين أوفتح فسكون مبلغ الشيء وكميته المتعينة.
ولما كانت الآية واقعة في سياق الكلام في الرزق الذي يعيش به الإنسان والحيوان كان المراد بالشيء الموصوف في الآية النبات وما يتبعه من الحبوب والثمرات فالمراد بخزانته التي عند الله وهو ينزل بقدر معلوم المطر النازل من السماء الذي ينبت به النبات فيأتي بالحبوب والأثمار ويعيش بذلك الإنسان والحيوان هذا ملخص ما ذكره جمع من المفسرين.
ولا يخفى عليك ما فيه من التكلف فتخصيص ما في قوله:{وإن من شيء} من العموم وحصره في النبات من تخصيص الأكثر من غير شك والمورد لا يخصص وأردى منه تسمية المطر خزائن النبات وليس إلا سببا من أسبابه وجزء من أجزاء كثيرة يتكون النبات بتركبها الخاص، على أن المطر إنما تتكون حينما ينزل فكيف يسمى خزانة وليس بموجود ولا أن الذي هو خزانته موجود فيه.
وذكر بعض المفسرين أن المراد بكون خزائن كل شيء عند الله سبحانه شمول قدرته المطلقة له.
فله تعالى من كل نوع من أنواع الأشياء كالإنسان والفرس والنخلة وغير ذلك من الأعيان وصفاتها وآثارها وأفعالها مقدورات في التقدير غير متناهية عددا لا يخرج منها دائما من التقدير والفرض إلى التحقق والفعلية إلا قدر معلوم وعدد معين محدود.
وعلى هذا فالمراد من كل شيء نوعه لا شخصه كالإنسان مثلا لا كزيد وعمرو، والمراد من القدر المعلوم الكمية المعينة من الأفراد والمراد من وجود خزائنه ووجوده في خزائنه وجوده بحسب التقدير لا بحسب التحقق فيرجع إلى نوع من التشبيه والمجاز.
وأنت خبير بأن فيه تخصيصا للشيء من غير مخصص، وفيه قصر للقدر في العدد من غير دليل، والقدر في اللغة قريب المعنى من الحد وهو المفهوم من سياق قوله تعالى:{ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا }: الطلاق: 3، وقوله:{وكل شيء عنده بمقدار}: الرعد: 8، وقوله:{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }: القمر: 49، وقوله:{ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا }: الفرقان: 2 إلى غير ذلك.
وفيه إرجاع الكلام إلى معنى مجازي استعاري من غير موجب مع ما فيه من ورود الخزائن بصيغة الجمع من غير نكتة ظاهرة.
وذكر بعض معاصري المفسرين وجها آخر وهو أن المراد بالخزائن العناصر المختلفة التي تتألف منها الأرزاق وغيرها وقد أعد الله منها في عالمنا المشهود كمية عظيمة لا تنفد بعروض التركيب والأسباب الكلية التي تعمل في تركب المركبات كالضوء والحرارة والرياح الدائمة المنظمة وغيرها التي تتكون منها الأشياء مما يحتاج إليه الإنسان في إدامة حياته وغيره.
فكل من هذه الأشياء مدخرة بأجزائها والقوى الفعالة فيها في تلك الخزائن غير القابلة للنفاد من جهة عظمة مقداره ومن جهة ما يعود إليه من الأجزاء الجديدة بانحلال تركيب المركبات بموت أوفساد ورجوعها إلى عناصرها الأولية كالنبات يفسد والحيوان يموت فيعود عناصرها بانحلال التركيب إلى مقارها ويتسع بذلك المكان لكينونة نبات وحيوان آخر يخلفان سلفهما.
فالضوء وخاصة ضوء الشمس الذي يعمل الليل والنهار والفصول الأربعة ويربي النبات والحيوان وسائر المركبات ويسوقها إلى غاياتها ومقاصدها من خزائن الله تعالى والرياح التي تلقح النبات وتسوق السحب وتنقل الأهوية من مكان إلى مكان وتدفع فاسد الهواء وتجري السفن خزانة أخرى، والماء النازل من السماء الذي تحتاج إليه المركبات ذوات الحياة في كينونتها وبقائها خزانة أخرى، وكذلك العناصر البسيطة التي تتركب منها المركبات كل منها خزانة تنزل من مجموعها أومن عدة منها الأشياء المركبة، ولا ينزل قط إلا عدد معلوم من كل نوع من غير أن تنفد به الخزائن.
وعلى هذا فمراد الآية بالشيء هو نوعه لا شخصه كما تقدم في الوجه الأول والمراد بخزائنه مجموع ما في الكون من أصوله وعناصره وأسبابه العامة المادية ومجموع الشيء موجود في مجموع خزائنه لا في كل واحد منها والمراد بنزوله بقدر معلوم كينونة عدد محدود منه في كل حين من غير أن يستوفى عدد جميع ما في خزائنه.
وهذا وجه حسن في نفسه تؤيده الأبحاث العلمية عن كينونة هذه الحوادث وتصدقه آيات كثيرة متفرقة في الكتاب العزيز كقوله في الآية التالية:{ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} وقوله:{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ }: الأنبياء: 30، وقوله:{ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ}: إبراهيم: 33، وقوله:{ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }: البقرة: 164 إلى غير ذلك من الآيات.
لكن الآية وهي من آيات القدر كما يعطيه سياقها تأبى الحمل عليه كما تأبى عنه أخواتها وكيف يحمل عليه قوله:{ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا }؟: الفرقان: 2، وقوله:{الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى}: الأعلى: 3، وقوله:{ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}: الرعد: 8، وقوله:{ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ }: النمل: 57، وقوله:{ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ }: عبس: 19، وقوله:{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } إلى آخر السورة إلى غير ذلك من الآيات.
على أنه يرد عليه بعض ما أورد على الوجهين السابقين كتخصيص عموم{شيء} من غير مخصص وغير ذلك.
والذي يعطيه التدبر في الآية وما يناظرها من الآيات الكريمة أنها من غرر كلامه تعالى تبين ما هو أدق مسلكا وأبعد غورا مما فسروها به وهو ظهور الأشياء بالقدر والأصل الذي لها قبل إحاطته بها واشتماله عليها.
وذلك أن ظاهر قوله:{وإن من شيء} على ما به من العموم بسبب وقوعه في سياق النفي مع تأكيده بمن، كل ما يصدق عليه أنه شيء من دون أن يخرج منه إلا ما يخرجه نفس السياق وهو ما تدل عليه لفظة{نا} و{عند} و{خزائن} وما عدا ذلك مما يرى ولا يرى مشمول للعام.
فشخص زيد مثلا وهو فرد إنساني من الشيء ونوع من الإنسان أيضا الموجود في الخارج بأفراده من الشيء والآية تثبت لذلك خزائن عند الله سبحانه فلننظر ما معنى كون زيد مثلا له خزائن عند الله؟.
والذي يسهل الأمر فيه أنه تعالى يعد هذا الشيء المذكور نازلا من عنده والنزول يستدعي علوا وسفلا ورفعة وخفضة وسماء وأرضا مثلا ولم ينزل زيد المخلوق مثلا من مكان عال إلى آخر سافل بشهادة العيان فليس المراد بإنزاله إلا خلقه لكنه ذوصفة يصدق عليه النزول بسببها، ونظير الآية قوله تعالى:{ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}: الزمر: 6، وقوله:{وأنزلنا الحديد}: الحديد: 25.
ثم قوله:{وما ننزله إلا بقدر معلوم} يقرن النزول وهو الخلقة بالقدر قرنا لازما غير جائز الانفكاك لمكان الحصر، والباء إما للسببية أوالآلة أوالمصاحبة والمآل واحد فكينونة زيد وظهوره بالوجود إنما هو بماله من القدر المعلوم فوجوده محدود لا محالة، كيف؟ وهو تعالى يقول:{إنه بكل شيء محيط}: حم السجدة: 54، ولولم يكن محدودا لم يكن محاطا له تعالى فمن المحال أن يحاط بما لا حد له ولا نهاية.
وهذا القدر هو الذي بسببه يتعين الشيء ويتميز من غيره ففي زيد مثلا شيء به يتميز من عمرووغيره من أفراد الإنسان ويتميز من الفرس والبقر والأرض والسماء ويجوز لنا به أن نقول ليس هو بعمرو ولا بالفرس والبقر والأرض والسماء ولولا هذا الحد لكان هو هي وارتفع التميز.
وكذلك ما عنده من القوى والآثار والأعمال محدودة مقدرة فليس إبصاره مثلا إبصارا مطلقا في كل حال وفي كل زمان وفي كل مكان ولكل شيء وبكل عضو مثلا بل إبصار في حال وزمان ومكان خاص ولشيء خاص وبعضوخاص وعلى شرائط خاصة، ولو كان إبصارا مطلقا لأحاط بكل إبصار خاص وكان الجميع له ونظيره الكلام في سائر ما يعود إليه من خصائص وجوده وتوابعه فافهم ذلك.
ومن هنا يظهر أن القدر خصوصية وجود الشيء وكيفية خلقته كما يستفاد أيضا من قوله تعالى:{الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى}: الأعلى: 3، وقوله:{ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }: طه: 50 فإن الآية الأولى رتبت الهداية وهي الدلالة على مقاصد الوجود على خلق الشيء وتسويته وتقديره، والآية الثانية رتبتها على إعطائه ما يختص به من الخلق، ولازم ذلك - على ما يعطيه سياق الآيتين - كون قدر الشيء خصوصية خلقه غير الخارجة عنه.
ثم إنه تعالى وصف قدر كل شيء بأنه معلوم إذ قال:{وما ننزله إلا بقدر معلوم} ويفيد بحسب سياق الكلام أن هذا القدر معلوم له حينما يتنزل الشيء ولما يتم نزوله ويظهر وجوده فهومعلوم القدر معينة قبل إيجاده، وإليه يئول معنى قوله:{ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}: الرعد: 8، فإن ظاهر الآية أن كل شيء بما له من المقدار حاضر عنده معلوم له فقوله هناك:{عنده بمقدار} في معنا قوله هاهنا{بقدر معلوم} ونظير ذلك قوله في موضع آخر:{ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا }: الطلاق: 3، أي قدرا لا يتجاوزه معينا غير مبهم معلوما غير مجهول وبالجملة للقدر تقدم على الشيء بحسب العلم والمشية وإن كان مقارنا له غير منفك عنه في وجوده.
ثم إنه تعالى أثبت بقوله:{عندنا خزائنه وما ننزله} إلخ، للشيء عنده قبل نزوله إلى هذه النشأة واستقراره فيها خزائن، وجعل القدر متأخرا عنها ملازما لنزوله فالشيء وهو في هذه الخزائن غير مقدر بقدر ولا محدود بحد وهو مع ذلك هو.
وقد جمع في تعريف هذه الخزائن بين كونها فوق القدر الذي يلحق الشيء وبين كونها خزائن فوق الواحدة والاثنتين، ومن المعلوم أن العدد لا يلحق إلا الشيء المحدود وأن هذه الخزائن لولم تكن محدودة متميزة بعضها من بعض كانت واحدة البتة.
ومن هنا يتبين أن هذه الخزائن بعضها فوق بعض وكل ما هو عال منها غير محدود بحد ما هو دان غير مقدر بقدره ومجموعها غير محدود بالحد الذي يلحق الشيء وهو في هذه النشأة، ولا يبعد أن يكون التعبير بالتنزيل الدال على نوع من التدريج في قوله:{وما ننزله} إشارة إلى كونه يطوي في نزوله مرحلة بعد مرحلة وكلما ورد مرحلة طرأه من القدر أمر جديد لم يكن قبل حتى إذا وقع في الأخيرة أحاط به القدر من كل جانب قال تعالى:{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا }: الدهر: 1، فقد كان الإنسان ولكنه لم يكن شيئا مذكورا.
وهذه الخزائن جميعا فوق عالمنا المشهود لأنه تعالى وصفها بأنها عنده وقد أخبرنا بقوله:{ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ } أن ما عنده ثابت لا يزول ولا يتغير عما هو عليه فهذه الخزائن كائنة ما كانت أمور ثابتة غير زائلة ولا متغيرة، والأشياء في هذه النشأة المادية المحسوسة متغيرة فانية لا ثابتة ولا باقية فهذه الخزائن الإلهية فوق عالمنا المشهود.
هذا ما يعطيه التدبر في الآية الكريمة وهو وإن كان لا يخلومن دقة وغموض يعضل على بادىء الفهم لكنك لو أمعنت في التدبر وبذلت في ذلك بعض جهدك استنار لك ووجدته من واضحات كلامه إن شاء الله تعالى وعلى من لم يتيسر له قبوله أن يعتمد الوجه الثالث المتقدم فهو أحسن الوجوه الثلاثة المتقدمة والله ولي الهداية وسنرجع إلى بحث القدر في كلام مستقل يختص به إن شاء الله في موضع يناسبه.
قوله تعالى:{ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } اللواقح جمع لاقحة من اللقح بالفتح فالسكون يقال لقح النخل لقحا أي وضع اللقاح - بفتح اللام – وهو طلع الذكور من النخل على الإناث لتحمل بالتمر، وقد ثبت بالأبحاث الحديثة في علم النبات أن حكم الزوجية جار في عامة النبات وأن فيه ذكورية وأنوثية وأن الرياح في مهبها تحمل الذرات من نطفة الذكور فتلقح بها الإناث، وهو قوله تعالى:{وأرسلنا الرياح لواقح}.
وقوله:{ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ } إشارة إلى المطر النازل من السحاب وقد تسلم الأبحاث العلمية الحديثة أن الماء الموجود في الكرة الأرضية من الأمطار النازلة عليها من السماء على خلاف ما كانت تعتقده القدماء أنه كرة ناقصة محيطة بكرة الأرض إحاطة ناقصة وهو عنصر من العناصر الأربعة.
وهذه الآية التي تثبت بشطرها الأول:{وأرسلنا الرياح لواقح} مسألة الزوجية واللقاح في النبات، وبشطرها الثاني:{ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} أن المياه الموجودة المدخرة في الأرض تنتهي إلى الأمطار، وقوله تعالى السابق:{ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ } الظاهر في أن للوزن دخلا خاصا في الإنبات والإنماء من نقود العلم التي سبق إليها القرآن الكريم الأبحاث العلمية وهي تتلو المعجزة أوهي هي.
قوله تعالى:{ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} الكلام مسوق للحصر يريد بيان رجوع كل التدبير إليه، وقد كان ما عده من النعم كالسماء ببروجها والأرض برواسيها، وإنبات كل شيء موزون وجعل المعايش وإرسال اللواقح وإنزال الماء من السماء إنما يتم نظاما مبنيا على الحكمة والعلم إذا انضم إليه الحياة والموت والحشر، وكان مما ربما يظن أن بعض الحياة والموت ليس إليه تعالى ولذا أكد الكلام وأتى بالحصر دفعا لذلك.
ثم جاء بقوله:{ونحن الوارثون} أي الباقون بعد إماتتكم المتصرفون فيما خولناكموه من أمتعة الحياة كأنه تعالى يقول إلينا تدبير أمركم ونحن محيطون بكم نحييكم بعد ما لم تكونوا فنحن قبلكم، ونميتكم ونرثكم فنحن بعدكم.
قوله تعالى:{ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ } لما كانت الآيات السابقة التي تعد النعم الإلهية وتصف التدبير مسوقة لبيان وحدانيته تعالى في ربوبيته، وكان لا ينفع الخلق والنظم من غير انضمام علمه تعالى وخاصة بمن يحييه ويميته عقبها بهذه الآية الدالة على علمه بمن استقدم منهم بالوجود ومن استأخر أي المتقدمين من الناس والمتأخرين على ما يفيده السياق.
وقيل: المراد بالمستقدمين المستقدمون في الخير، وقيل: المستقدمون في صفوف الحرب، وقيل: المستقدمون إلى الصف الأول في صلاة الجماعة والمستأخرون خلافهم، وهي أقوال ردية.
قوله تعالى:{ وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} الكلام مسوق للحصر أي هو يحشرهم لا غير فهو الرب.
وأورد عليه أنه في مثل ذلك من الحصر يكون الفعل مسلم الثبوت والنزاع إنما هو في الفاعل، وهاهنا ليس كذلك فإن الخصم لا يسلم الحشر من أصله هذا.
وقد ذهب على هذا المعترض أن الآية حولت الخطاب السابق للناس عنهم إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التفاتا فقيل:{وإن ربك هو يحشرهم} ولم يقل إن ربكم ه ويحشركم، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مسلم للحشر.
وبذلك يظهر نكتة الالتفات في الآية في مورده تعالى من التكلم مع الغير إلى الغيبة، وفي مورد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الغيبة إلى الخطاب وفي مورد الناس بالعكس.
وقد ختمت الآية بقوله:{إنه حكيم عليم} لأن الحشر يتوقف على الحكمة المقتضية لحساب الأعمال ومجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، وعلى العلم حتى لا يغادر منهم أحد.
_____________
1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج12،ص112-120.
وإِتماماً لما سبق يتناول القرآن بعض آيات الخلق، ومظاهر عظمة الباري على وجه البسيطة، ويبدأ بنفس الأرض {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا}.
«المد»، في الأصل بمعنى: التوسعة والبسط، ومن المحتمل أن يراد به إِخراج القسم اليابس من الأرض من تحت الماء، لأنّ سطح الأرض (كما هو معلوم) كان مغطىً بالمياه بشكل كامل نتيجة للأمطار الغزيرة، واستقرت المياه على سطح الأرض بعد أن مرّت السنين الطويلة على انقطاع الأمطار، وبشكل تدريجي ظهرت اليابسة من تحت الماء، وهو ما تسمّيه الرّوايات بـ «دحو الأرض».
ثمّ يتطرق إِلى خلق الجبال بما تحمله من منافع جمّة كآية من آيات التوحيد {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ}.
عبّر سبحانه عن خلق الجبال بالإِلقاء، ولعل المراد بـ «إلقاء» هنا بمعنى (إِيجاد) لأنّ الجبال هي الإِرتفاعات الشاخصة على سطح الأرض الناشئة من برودة قشرة الأرض التدريجي، أو من المواد البركانية.
ومن بديع خلق الجبال إِضافةً إِلى كونها أوتاداً لتثبيت الأرض وحفظها من التزلزل نتيجة الضغط الداخلي، فإِنّها تقف كالدرع الحصين في مواجهة قوّة العواصف، بل وتعمل على تنظيم حركة الهواء وتعيين اتجاهه، ومع ذلك فهي المحل الأنسب لتخزين المياه على صورة ثلوج وعيون.
واستعمال كلمة «رواسي» جمع (راسية) بمعنى الثابت والراسخ، إِشارة لطيفة لما ذكرناه.
فهي: ثابتة بنفسها، وسبب لثبات قشرة الأرض وثبات الحياة الإِنسانية عليها.
ثمّ ينتقل إِلى العامل الحيوي الفعال في وجود الحياة البشرية والحيوانية، ألاَ وهو النبات { وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}.
ما أجمل هذا التعبير وأبلغه! «موزون» من مادة (وزن)(2)، ويشير بذلك إِلى: الحساب الدقيق، النظام العجيب، والتناسق في التقدير في جميع شؤون النباتات، وكل أجزائها تخضع لحساب معين لا يقبل التخلخل من الساق، الغصن، الورقة، الوردة، الحبة وحتى الثمرة.
يتنوع على وجه البسيطة مئات الآلاف من النباتات، وكل تحمل خواصاً معينة ولها من الآثار ما يميزها عن غيرها، وهي بابُ بمعرفة واسع وصولا لمعرفة الباريء المصور جل شأنه، وكل ورقة منها كتاب ينطق بعرفة الخالق.
وقد ذهب البعض إِلى أن المقصود هو إِحداث المعادن والمناجم المختلفة في الجبال، لأنّ كلمة «إِنبات» تستعمل في اللغة العربية للمعادن أيضاً.
وقد وردت الإِشارة في بعض الرّوايات لهذا المعنى، ففي رواية عن الإِمام الباقر (عليه السلام) عندما سئل عن تفسير هذه الآية أنبتنا فيها من كل شيء موزون، أنّه قال: «فإنّ اللّه تبارك وتعالى انبت في الجبال الذهب والفضة والجوهر والصفر والنحاس والرصاص والكحل والزرنيغ وأشباه هذه لايباع إِلاّ وزناً»(3).
وهناك من ذهب إِلى أن المقصود من الإِنبات في الآية إِلى معنىً أوسع يشمل جميع المخلوقات على هذه الأرض، كما يشير إِلى ذلك نوح (عليه السلام) حين مخاطبته قومه {واللّه أنبتكم من الأرض نباتاً}( نوح،17).
وعليه، فليس هناك ما يمنع من إِطلاق مفهوم الإِنبات في الآية ليشمل النبات والبشر والمعادن... الخ.
وبما أنّ وسائل وعوامل حياة الإِنسان غير منحصرة بالنبات والمعادن فقط، ففي الآية التالية يشير القرآن الكريم إِلى جميع المواهب بقوله: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}.
ليس لكم فقط، بل لجميع الكائنات الحية حتى الخارجة عن مسؤوليتكم {ومَن لستم له برازقين}. نعم، لقد كفينا الجميع احتياجاتهم.
«معايش» جمع «معيشة»، وهي: الوسائل والمستلزمات التي تتطلبها حياة الإِنسان، والتي يحصل عليها بالسعي تارة، وتأتيه بنفسها تارة أُخرى.
ومع أن بعض المفسّرين قد حصر كلمة «معايش» بالزراعة والنبات أو الأكل والشرب فقط، ولكنّ مفهومها اللغوي أوسع من أن يخصص، ويطلق ليشمل كل ما يرتبط بالحياة من وسائل العيش.
وانقسم المفسّرون في تفسير {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} إِلى قسمين:
الأوّل: أنّ اللّه تعالى يريد أن يبيّن مواهبه ونعمه الشاملة للبشر والحيوان والكائنات الحية الأُخرى التي لا يملك الإِنسان أمر تغذيتها ولا يستطيعه.
الثّاني: أنّ اللّه تعالى يريد تذكير الإِنسان بأنّه سبحانه هو الرازق، وقد تكفل بإيصال رزقه إِلى كل محتاج له سواء كان بواسطة الإِنسان أو بواسطة أُخرى(4).
ويبدو لنا أنّ التّفسير الأوّل أكثر صواباً، ويعزز ذلك الحديث المروي في تفسير علي بن إِبراهيم، حيث يتناول معنى {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} على أنّه: (لكل ضرب من الحيوان قدّرنا له مقدراً)(5).
أمّا آخر آية من الآيات المبحوثة، فتحوي جواباً لسؤال طالما تردد على أذهان كثير من الناس، وهو: لماذا لم تهيأ النعم والأرزاق بما لا يحتاج إِلى سعي وكدح؟! فتنطق الحكمة الإِلهية جواباً: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}. فليست قدرتنا محدودة حتى نخاف نفاذ ما نملك، وإِنّما منبع ومخزن وأصل كل شيء تحت أيدينا، وليس من الصعب علينا خلق أي شيء وبأي وقت يكون، ولكنّ الحكمة إقتضت أن يكون كل شيء في هذا الوجود خاضعاً لحساب دقيق، حتى الأرزاق إِنّما تنزل إِليكم بقدر.
ونقرأ في مكان آخر من القرآن: { وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ }(الشورى،27).
إِنّ السعي والكدح في صراع الحياة يضفي على حركة الإِنسان الحيوية والنشاط، وهو بقدر ما يعتبر وسيلة سليمة ومشروعة لتشغيل العقول وتحريك الأبدان، فإِنه يطرد الكسل ويمنع العجز ويحيي القلب للتحرك والتفاعل مع الآخرين.. وإِذا ما جعلت الأرزاق تحت اختيار الإِنسان بما يرغب هو لا حسب التقدير الرباني، فهل يستطيع أحد أن يتكهن بما سيؤول إِليه مصير البشرية؟
فيكفي لحفنة ضئيلة من العاطلين، ذوي البطون المنتفخة، وبدون أيّ وازع انضباطي، يكفيهم لأن يعيثوا في الأرض الفساد. لماذا؟
لأنّ الناس ليسوا كالملائكة، بل هناك الأهواء التي تلعب بالقلوب والمغريات التي تُدني إِلى الإِنحراف.
لقد اقتضت الحكمة الرّبانية أن يكون الإِنسان حاملا لجميع الصفات الحسنة والسيئة، ويمتحن على هذه الأرض بما يحمل، وبماذا يعمل، وعن ماذا يتجاوز؟.. والسعي والحركة لما هو مشروع، المجال الأمثل للإِمتحان.
والفقر والغنى من البلاء الذي يدخل ضمن مخطط التمحيص والإمتحان، فكما أنّ الفقر والعوز قد يجران الإِنسان نحو هاوية السقوط في مهالك الإِنحراف، فكذلك الغنى في كثير من حالاته يكون منشأً للفساد والطغيان.
دور الرّياح والأمطار:
بعد أن عرض القرآن الكريم في الآيات السابقة قسماً من أسرار الخليقة والنعم الإِلهية كخلق الأرض والجبال والنباتات وما تحتاجه الحياة من مستلزمات، يشير في أولى الآيات المبحوثة إلى حركة الرياح وما لها من آثار في عملية نزول المطر، فيقول: { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}.
«لواقح» جمع «لاقح» .. وهي تشير هنا إِلى دور الرياح في تجميع قطع الحساب مع بعضها لتهيئة عملية سقوط الأمطار.
وقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إِلى أن الآية تشير إِلى عملية تلقيح النباتات بواسطة الرياح، وبها يستدلون على الإِعجاز العلمي للقرآن، على اعتبار أن عصر نزول القرآن ما كان يحظى بما وصل إِليه عصرنا من العلوم الحديثة، وأنّ إِخبار القرآن بهذه الحقيقة العلمية (علمية التلقيح) من ذلك الوقت لدليل على إِعجازه العلمي.
مع قبولنا بحقيقة تلقيح النباتات ودور الرياح فيها، إِلاّ أنّنا لا نرى ما يشير لما ذهب إِليه علماء اليوم لسببين:
الأوّل: وجود قرينة نزول المطر بعد كلمة لواقح مباشرة.
ثانياً: وجود فاء السببية بينها (بين لواقح ونزول المطر).
ممّا يبيّن بشكل جلي أن تلقيح الرياح يعقبه نزول المطر.
ويعتبر ما جاء في الآية المباركة من روائع الكلم، حيث شبّه قطع الحساب بالآباء والأمهات يتم تزاوجهم بأئر الرياح، فتحمل الأُمهات، ثمّ تلقي بما حملت (قطرات المطر) إلى الأرض.
ويمكن حمل {ما أنتم له بخازنين} على أنّها إِشارة لخزن ماء المطر في السحب قبل نزوله، أي إِنّكم لا تستطيعون استملاك السحب التي هي المصدر الأصلي للأمطار.
ويمكن حملها على أنّها إِشارة إِلى جمع وخزن الأمطار بعد نزولها، أي إِنّكم لا تقدرون على جمع مياه الأمطار بمقادير كبيرة حتى بعد نزوله، وأنّ اللّه عزَّوجلّ هو الذي يحفظها ويخزنها على قمم الجبال بهيئة ثلوج، أو ينزلها في أعماق الأرض لتكون بعد ذلك عيوناً وآباراً.
ثمّ ينتقل من مظاهر توحيد اللّه إِلى المعاد ومقدماته: { وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ}، فيذكر مسألة الحياة والموت التي تعتبر من أهم المقدمات لبحث موضوع المعاد، إِضافة لكون هذه المسألة من مكملات موضوع التوحيد، باعتبار مسألة الحياة منذ بدايتها وحتى انتهائها بالموت تشكل نظاماً مترابطاً في عالم الوجود لا يمكن تصور تشكيله إِلاّ بوجود علم وقدرة مطلقين، بالإِضافة إِلى أن وجود الحياة والموت بحد ذاته دليل على أنّ موجودات هذا العالم لا تملك زمام أنفسها ناهيك عمّا هو بأيديها، وأنّ الوارث الحقيقي لكل شيء هو اللّه تعالى.
ثمّ يضيف: { وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ}.
أيْ، نحن على علم بهم وبما يعملون، وإِن أمر محاسبتهم وجزائهم في المعاد علينا سهل يسير.
ولهذا، نرى الآية التي تليها: { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } مرتبطة تماماً مع ما قبلها ومتممة من خلال طرحها مسألة ما سيكون بعد الموت.. فحكمة الباري أوجبت أن لا يكون الموت نهاية لكل شيء.
فلو أنّ الحياة انحصرت بهذه الفترة الزمنية المحدودة وينتهي كل شيء بالموت لكانت عملية الخلق عبثاً، وهذا غير معقول، لأنّه تعالى منزّه عن العبث.
فالحكمة الإِلهية اقتضت من «حياة الدنيا أن تكون مرحلة استعداد لمسيرة دائمة نحو المطلق»، وبتعبير آخر. مقدمة لحياة أبدية خالدة. وأمّا كونه سبحانه عليماً.. فهو عليم بصحائف أعمال الجميع المثبتة في قلب هذا العالم الطبيعي من جهة، وكذلك في اعماق وجود الانسان من جهة أُخرى، ولا تخفى عليه خافية يوم يقوم الحساب.
وكونه سبحانه الحكيم العليم في هذا المورد دليل قوي وعميق الغور على مسألة الحشر والمعاد.
______________
1- تفسير الامثل،ناصر مكارم السيرازي،ج6،ص601-609.
2- الوزن: معرفة قدر الشيء ـ مفرادت الراغب.
3- تفسير نور الثقلين، ج3، ص6 (يعود ضمير «فيما» بناءاً على هذا التّفسير إِلى الجبال).
4 ـ بناء على التّفسير الأوّل يكون الإِسم الموصول «مَنْ» في «مَنْ لستم له برازقين» عطفاً على ضمير «لكم» وبناء على التّفسير الثّاني عطفاً على «معايش»، وبعض المفسّرين اعترض على التّفسير الأوّل بأنّ الإِسم الصريح المجرور لا يعطف على ضمير مجرور إِلاّ بإِعادة ذكر حرف الجر، أيْ.. دخول اللام على «مَنْ» هنا واجباً، وثمة اعتراض آخر يقول: كيف يطلق الإِسم الموصول «مَنْ» على غير العاقل؟
والإِعتراضان مردودان، لأنّ عدم تكرار حرف الجر جار على لسان العرب، وكذا الحال بالنسبة لا ستعمال «مَنْ» لغير العاقل. بل التّفسير الثّاني يواجهه ما لسعة المفهوم للـ «معايش»، حيث يشمل جميع وسائل الحياة حتى الحيوانات الداجنة وما شابهها.. وعلى هذا الأساس رجحنا التّفسير الأوّل.
5 ـ تفسير نور الثّقلين، ج3، ص6،ح18.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|