أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-9-2016
1177
التاريخ: 7-7-2020
2248
التاريخ: 9-8-2016
1593
التاريخ: 26-8-2016
1621
|
هل يجوز التمسّك بالعام قبل الفحص عن المخصّص أولا؟
قد يقال بعدم الجواز؛ لأنّا نعلم إجمالا بوجود مخصّصات كثيرة للعمومات بحيث قيل: ما من عام إلّا وقد خصّ، والعام مع هذا العلم الإجمالي وإن لم يسقط عن الظهور لثبوت الظهور له في العموم وجدانا، إلّا أنّه يصير مجملا وبلا ظهور حكما يعني يسقط عن الحجيّة، ولا نحتاج في باب الظهورات إلى كون العلم الإجمالي على خلافها منجّزا للتكليف في إسقاطها عن الحجيّة بخلاف باب الاصول.
ولهذا لو علم بعد ورود أكرم العلماء بعدم وجوب إكرام زيد أو عمرو يسقط العام بالنسبة إلى كلا الفردين عن الحجيّة مع أنّه مثبت للتكليف، والعلم الإجمالي متعلّق بنفيه، وهذا بخلاف ما إذا علم بحصول طهارة أحد الثوبين بعد الشكّ في طهارتهما ونجاستهما مع العلم بالنجاسة سابقا، فإنّ استصحاب النجاسة في كليهما جار، ولا يضرّ العلم الإجمالي بطهارة أحدهما بعدم كونه منجّزا لتكليف، وإنّما هو مثبت للإباحة، والاصول يعمل بها ما لم يلزم المخالفة العمليّة القطعيّة وإن قطع بمخالفة مضمونها للواقع.
وفيه أنّ المدّعى مركّب من قضيتين كليّتين، إحداهما: لا يجوز العمل بكلّ عام قبل الفحص، والاخرى: يجوز العمل بكلّ عام بعده، وهذا الدليل لا يفيد هذا المدّعى؛ لأنّه لو كان المراد العلم الإجمالي بوجود مخصّصات كثيرة في الواقع أعمّ ممّا يكون موجودا في ما وصل إلينا من الكتاب والسنّة ومن غيره فربّما يحصل الفحص ولا ينحّل هذا العلم، وذلك بأن يكون القدر المتيقّن من المخصّصات الواقعيّة أزيد ممّا نجده من المخصّصات في الكتاب والسنّة بعد الفحص، كما لو كان ما وجدناه خمسمائة مخصّص لجميع العمومات والمتيقّن تخصيص تمام العمومات بستمائة، فحينئذ يلزم أن لا يجوز العمل بالعام بعد الفحص أيضا لبقاء العلم الإجمالي وعدم انحلاله.
وأيضا ربّما ينحّل العلم الإجمالي قبل الفحص كأن يكون المتيقن خمسمائة مخصّصا لتمام العمومات ووجدنا في الكتاب والسنّة خمسمائة لأربع مائة عام فيلزم جواز العمل بغير هذه الأربعمائة من العمومات قبل الفحص لخروجه عن أطراف العلم الإجمالي، وإنّما تعلّق الشّك البدوي بتخصيصه، فعلى هذا التقدير لا يستقيم الكليّة في شيء من الجانبين، لا في الجواز بعد الفحص ولا في عدمه قبله، ولو كان المراد العلم الإجمالي بوجود المخصّصات في ما بأيدينا من الكتاب والسنّة، فحينئذ وإن كان يجوز العمل بالعامّ بعد الفحص دائما؛ لانحلال العلم الإجمالي بعده كذلك، إلّا أنّه قد يجوز قبل الفحص أيضا؛ لانحلاله قبله، كما لو وصلنا في خمسمائة عامّ بخمسمائة مخصّص، فانحلّ العلم الإجمالي وتبدّل في سائر العمومات التي لم نفحص عن مخصّصاتها بالشكّ البدوي، فعلى هذا التقدير لا يثبت الكليّة في جانب عدم الجواز قبل الفحص وإن كان يثبت في جانب الجواز بعده.
وربّما يوجّه وجوب الفحص بما ذهب إليه المحقّق القمي قدّس سرّه من أنّا نتبع في باب الظهورات للظنون الشخصيّة ولا نكتفي بالظنون النوعيّة، وليس للظهورات عنوان مستقلّ للحجيّة وإنّما حجيّتها من باب مطلق الظن، ولا شكّ أنّا إذا احتملنا احتمالا عقلائيّا أن يكون للعام تخصيص أو تخصيصات لا يحصل لنا الظنّ بمدلوله، فيتوقّف حصول الظن الشخصي الذي هو المناط للحجيّة على الفحص.
وفيه مضافا إلى أنّ هذه الطريقة مردودة عند الأكثر لا يفيد كليّة الدعوى، بل يلزم اختلاف الحال بالنسبة إلى الأشخاص، فربّما لا يجوز العمل بعد الفحص أيضا بالنسبة إلى من لم يحصل له الظن بالمدلول بعده أيضا، وربّما يجوز قبله بالنسبة إلى من حصل له الظن قبله.
والحقّ أن يقال: إنّ وجه وجوب الفحص أحد أمرين، وذلك لأنّا إمّا أن نقول في ما إذا كان المخصّص منفصلا عن العام بأنّ العام يصير موضوعا للحجيّة ويستقرّ له الظهور، وإمّا أن نقول بأنّه في مكالمات من ليس من عادته ذكر المخصّصات بجملتها في مجلس واحد، بل ذكرها في مجالس متفرّقة حاله في تلك المكالمات بالنسبة إلى المخصّصات المنفصلة حال العام في مكالمات غيره بالنسبة إلى المخصّصات المتّصلة، فكما يجب الصبر هناك ولا يستقرّ الظهور قبل انقضاء الكلام، كذلك هنا أيضا لا يستقرّ الظهور إلّا بعد عدم وجود ما ينافيه في مجلس متأخّر، فعلى الثاني يكون من الواضح وجوب الفحص؛ فإنّه حينئذ لأجل توقّف استقرار الظهور عليه، وأمّا على الأوّل فلأنّه وإن كان موضوعا للحجيّة ومستقرّ الظهور إلّا أنّه معلّق على عدم وجود الحجّة الأقوى في قباله، ولا يصدق موضوع عدم مزاحمة حجّة أقوى بمجرّد عدم الوجدان الابتدائي، كما لا يصدق موضوع قبح العقاب بلا بيان بمجرّد عدم الاطّلاع على البيان قبل الفحص عنه مع احتمال وجوده في الواقع واحتمال أنّه لو فحص لوصل إليه، فإنّه حينئذ لو كان في الواقع موجودا ولم يفحص عنه لم يكن البيان بالنسبة إليه معدوما، فالاحتمال هاهنا بمنزلة البيان وإن كان لو فحص ولم يصل إليه ينكشف عدم البيان بالنسبة إليه من الأوّل.
وفيما نحن فيه أيضا مجرّد الاحتمال المذكور بمنزلة الحجّة الأقوى، فلو كان في الواقع ولم يفحص لم يكن معذورا عند العقلاء، والفرق بين الفحص في باب الظهورات وبينه في باب الاصول هو أنّه في الأوّل يكون لاستعلام وجود حجّة أقوى في قبال حجّة غير أقوى، وفي الثاني يكون لاستعلام ما يكون هو الحجّة، وما في قباله يكون لا حجّة مع وجوده، والفرق بين المبنيين في العام المخصّص بالمنفصل هو أنّه على الأوّل لا نحتاج بعد الفحص وعدم وجدان المخصّص إلى إجراء أصالة عدم التخصيص؛ إذ لو فرض وجود الحجّة الأقوى في الواقع ولم يصل إليه المكلّف فهو ليس بحجّة على المكلّف، فالحجّة بالنسبة إليه يكون بلا مزاحم، بل يكشف الفحص حينئذ أنّ العام كان من الأوّل بلا مزاحم بحجّة اخرى أقوى، وعلى الثاني نحتاج إلى إجرائه لإحراز عدم ورود مخصّص آخر غير ما ظفر به المكلّف، فإنّه لا بدّ على هذا من إحراز عدم المخصّص في استقرار الظهور إمّا بالأصل وإمّا بالوجدان والقطع.
«إيقاظ»
قد ردّد الشيخ الأجلّ المرتضى قدّس سرّه في موضعين من رسائله في أنّه هل المتّبع في باب ظهور اللفظ هو أصالة الحقيقة أو أصالة عدم القرينة؟ وأورد عليه المحقّق الخراساني قدّس سرّه في الحاشية على الرسائل بأنّه لا وجه للترديد بين الشقّين، بل الحقّ أنّ الشكوك مختلفة، فربّ شكّ يكون المرجع فيه والرافع له هو الأصل الأوّل، وربّ شكّ يكون مرجعه الأصل الثاني، وربّ شكّ يكون مرجعه كلا الأصلين، فالأوّل هو ما إذا شكّ في مرحلة الإرادة اللبيّة بعد الفراغ عن مرحلة الاستعمال، والثاني ما إذا كان الأمر بعكس ذلك، والثالث ما إذا شكّ في كلا الأمرين أعني أنّ اللفظ استعمل في الحقيقي أو المجازي، وعلى أيّ التقديرين يكون المستعمل فيه مرادا جدّيا أولا.
والحقّ أن يقال: إنّ الكلام في هذا المقام يكون مع قطع النظر عن مرحلة تطابق الإرادتين وبعد الفراغ عن أنّ الأصل الجاري في كلام كلّ متكلّم شاعر قاصد أن يكون مريدا لظاهر كلامه فيشكّ في أنّ ظاهر كلامه ما ذا؟
فحينئذ إمّا أن نقول بأنّ ذات اللفظ التي هو المقسم لما يكون مع القرينة ولما يكون بدونها في الألفاظ التي يكون لها معنى موضوع له يكون حجّة وظاهرا من دون حاجة إلى إحراز قيد آخر، فتكون القرينة المخالفة من باب تعارض الحجّتين، أو أنّ دائرة موضوع الظاهر والحجّة يكون ضيقا وهو اللفظ المقيّد بالتجرّد عن القرينة، فلا يكفي مجرّد اللفظ بدون إحراز تجرّده، وليس له ظهور لا في الحقيقي ولا في المجازي، بل متى احرز قيد التجرّد يصير ظاهرا في الحقيقي، كما أنّه متى احرز قيد الاقتران مع القرينة يكون ظاهرا في المجازي، فالمرجع عند الشكّ على الأوّل هو أصالة الحقيقة وعلى الثاني أصالة عدم القرينة، وكذلك الحال بعينه في أصالة العموم وأصالة عدم التخصيص.
وتظهر ثمرة هذا النزاع في مواضع:
منها: ما إذا كان في الكلام ما يصلح للقرينيّة، وبعبارة اخرى كان الشّك في قرينيّة الموجود، فعلى الأوّل يكون الأصل جاريا؛ إذ الحجّة وهو نفس اللفظ موجود بالفرض، ولم يعلم الحجّة الأقوى في قباله بل يعلم بعدمه؛ إذ ليس في البين إلّا المشكوك القرينيّة وهو غير حجّة لإجماله، وعلى الثاني لا يجري الأصل؛ إذ لا بدّ من إحراز عدم القرينة أو التخصيص على هذا إمّا بالأصل وإمّا بالقطع، والقطع منتف بالفرض، وأمّا الأصل فالقدر المتيقّن من مورده ما إذا كان الشكّ في أصل وجود القرينة لا في قرينيّة ما يقطع بوجوده.
ومنها: أنّه على الأوّل لا بدّ من ملاحظة العام القطعي السند مع الخاصّ الظنّي السند والترجيح بينهما؛ إذ يقع التعارض بين ظهور العام وبين دليل اعتبار سند الخاص، وظهور العام يكون أقوى من ظهور دليل السند، والحاصل لا بدّ من ملاحظة مرجّحات باب التعارض فيما بين العام والخاص لا تقديم الخاص مطلقا، بخلافه على الثاني فإنّ الخاص بعد الفراغ عن سنده بمعنى دخوله في موضوع الحجيّة وإن كان ضعيفا يكون مقدّما على العام وإن كان بحسب السند أقوى؛ إذ قد عرفت أنّ العام لا يستقرّ له ظهور ولا يندرج في موضوع الحجيّة إلّا بعد ملاحظة الخاص.
ومنها: أنّه على الأوّل لا يسري الإجمال من المخصّص المنفصل المجمل إلى العام، بل يكون العام متّبعا بعمومه لكونه في نفسه حجّة وعدم وجدان حجّة أقوى في قباله؛ فإنّ المجمل ليس بحجّة، وعلى الثاني يسري الإجمال منه إلى العام كما مرّ بيانه فيما تقدّم فراجع.
والحقّ أن يقال: إنّه ينبغي القطع بالشقّ الثاني وهو حجيّة أصالة عدم القرينة فيما يكون من القرائن والقيود والمخصّصات متّصلة بالكلام، حيث إنّ المجموع كلام واحد، فلا يستقرّ لبعض أجزائه ظهور في معنى إلّا بعد إحراز عدم وجود ظهور أقوى منه في لو احق هذا الكلام يكون قرينة على صرف ذلك الظهور البدوي عن مقتضاه، وأمّا فيما يكون منها منفصلا عن الكلام فينبغي التفصيل بين متكلّم يكون غرضه مقصورا على تحصيل الأغراض الشخصيّة وبين من يتكلّم في تأسيس القوانين لإصلاح امور العامّة، ففي الأوّل تكون المتّبع أصالة الحقيقة وأصالة العموم، وفي الثاني هو أصالة عدم القرينة وعدم التخصيص، ووجه الفرق هو استقرار الظهور في الأوّل بمجرّد انقضاء الكلام بدون انتظار شيء آخر وعدم استقراره في الثاني وكونه مراعى إلى أن يظهر عدم القرينة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|