المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



تفسير الآية (81-89) من سورة الزخرف  
  
2968   10:20 صباحاً   التاريخ: 29-5-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الزاي / سورة الزخرف /

قال تعالى : {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81) سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83) وَهُو الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُو الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف : 81 - 89] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

{قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} اختلف في معناه على أقوال (أحدها) أن معناه إن كان للرحمن ولد في قولكم وعلى زعمكم فأنا أول العابدين أي أول من عبد الله وحده (2) فقد دفع أن يكون له ولد والمعنى فأنا أول الموحدين لله المنكرين لقولكم عن مجاهد (وثانيها) أن إن بمعنى ما النفي والمعنى ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين لله المقرين بذلك عن ابن عباس وقتادة وابن زيد (وثالثها) إن معناه لوكان له ولد لكنت أنا أول الأنفين من عبادته لأن من كان له ولد لا يكون إلا جسما محدثا ومن كان كذلك لا يستحق العبادة لأنه لا يقدر على النعم التي يستحق بها العبادة عن الجبائي وغيره (ورابعها) أنه يقول كما أني لست أول من عبد الله فكذلك ليس لله ولد وهذا كما تقول إن كنت كاتبا فأنا حاسب تريد لست كاتبا ولا أنا حاسب عن سفيان بن عيينة (وخامسها) أن معناه لوكان له ولد لكنت أول من يعبده بأن له ولدا ولكن لا ولد له عن السدي وأبي مسلم وهذا كما يقال لودعت الحكمة إلى عبادة غيره لعبدته لكن الحكمة لا تدعو إلى عبادة غيره ولو دل الدليل على أن له ولدا لقلت به ولكنه لا يدل فهذا تحقيق لنفي الولد وتبعيد له لأنه تعليق محال بمحال .

ثم نزه سبحانه نفسه عن ذلك فقال {سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون} أي تنزيها لمالك السماوات والأرض وخالقهن وخالق العرش ومدبره عما يصفونه به من اتخاذ الولد لأن من قدر على ذلك استغنى عن اتخاذ الولد ثم خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) على وجه التهديد للكفار فقال {فذرهم يخوضوا} في باطلهم {ويلعبوا} في دنياهم {حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون} فيه بعذاب الأبد وهو يوم القيامة {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} أي هو الذي تحق له العبادة في السماء وتحق له العبادة في الأرض وإنما كرر لفظ إله لأمرين (أحدهما) التأكيد ليتمكن المعنى في النفس (والثاني) لأن المعنى هو إله في السماء يجب على الملائكة عبادته وإله في الأرض يجب على الإنس والجن عبادته {وهو الحكيم} في جميع أفعاله {العليم} بمصالح عباده .

{وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما} أي دامت بركته فمنه البركات وإيصال السعادات وجل عن أن يكون له ولد أو شبيه من له التصرف في السماوات والأرض وفيما بينهما بلا دافع ولا منازع {وعنده علم الساعة} أي علم يوم القيامة لأنه لا يعلم وقته على التعيين غيره {وإليه ترجعون} يوم القيامة فيجازي كلا على قدر عمله .

ثم ذكر سبحانه أنه لا شفاعة لمعبوديهم فقال {ولا يملك الذين يدعون من دونه} أي الذي يدعوه الكفار إلها ويوجهون عبادتهم إليه من الأصنام وغيرها {الشفاعة} لمن يعبدهم كما توهمه الكفار وهي مسألة الطالب العفو عن غيره وإسقاط العقاب عنه {إلا من شهد بالحق} وهم عيسى بن مريم وعزير والملائكة استثناهم سبحانه ممن عبد من دون الله فإن لهم عند الله منزلة الشفاعة عن قتادة وقيل معناه لا يملك أحد من الملائكة وغيرهم الشفاعة إلا لمن شهد بالحق أي شهد أن لا إله إلا الله وذلك أن النضر بن الحارث ونفرا من قريش قالوا إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن نتولى الملائكة وهم أحق بالشفاعة لنا منه فنزلت الآية فالمعنى أنهم يشفعون للمؤمنين بإذن الله {وهم يعلمون} أي يعلمون بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم وفي هذا دلالة على أن حقيقة الإيمان هو الاعتقاد بالقلب والمعرفة لأن الله شرط مع الشهادة العلم وهوما اقتضى طمأنينة القلب إلى ما اعتقده بحيث لا يتشكك إذا شكك ولا يضطرب إذا حرك .

{ولئن سألتهم} يا محمد {من خلقهم} أي أخرجهم من العدم إلى الوجود {ليقولن الله} لأنهم يعلمون ضرورة أن أصنامهم لم تخلقهم {فأنى يؤفكون} أي فكيف يصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره {وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون} قال قتادة هذا نبيكم يشكو قومه إلى ربه وينكر عليهم تخلفهم عن الإيمان وذكر أن قراءة عبد الله وقال الرسول يا رب أن هؤلاء قوم لا يؤمنون وعلى هذا فالهاء في {وقيله} يعود إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) {فاصفح عنهم} أي فأعرض عنهم يا محمد بصفح وجهك كما قال وأعرض عن الجاهلين {وقل سلام} أي مداراة ومتاركة وقيل هو سلام هجران ومجانبة لا سلام تحية وكرامة كقوله {سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} وقيل معناه قل ما تسلم به من شرهم وأذاهم وهذا منسوخ ب آية السيف عن قتادة وقيل معناه فاصفح عن سفههم ولا تقابلهم بمثله . ندبه سبحانه إلى الحلم فلا يكون منسوخا عن الحسن ثم هددهم سبحانه بقوله {فسوف يعلمون} يعني يوم القيامة إذا عاينوا ما يحل بهم من العذاب .

_____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص96-100 .

2- في الحجري زيادة وهي ((ومن عبد الله وحده)) وهو المطلوب .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) 

 

{قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ} . ذكر صاحب مجمع البيان لهذه الآية خمسة معان ، وأطال الكلام من غير موجب ، لأن المعنى واضح ، وهو قل يا محمد لمن يدعي بأن للَّه ولدا : أنا معك شريطة أن تثبت ذلك بالدليل القاطع . . ولكن لا دليل على هذا الزعم ، بل قام الدليل على عكسه وفساده ، لذا أنا من الموحدين المؤمنين بأن اللَّه لم يلد ولم يولد . . واختصارا ان الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) علق اعترافه بعبادة اللَّه الذي يلد ، علقه على محال ، وليس من شك ان وجود المعلق على محال محال مثله . . وهذا أسلوب معروف بين العلماء في الجدل والنقاش ، وهو أبلغ في افحام الخصم .

{سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ والأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} من نسبة الولد والشريك إليه تعالى {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا ويَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} .

ذرهم تهديد ووعيد ، والمراد بالخوض واللعب هنا القول في اللَّه بغير علم ، ويومهم هو يوم القيامة {وهُو الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وفِي الأَرْضِ إِلهٌ وهُو الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} . اللَّه وحده خالق الكون بأرضه وسمائه ، ومدبره بعلمه وحكمته ، ولا أحد سواه يستحق العبادة .

{وتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأَرْضِ وما بَيْنَهُما وعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} . قوله تعالى : {وما بَيْنَهُما} يومئ إلى أن في الفضاء كائنات لا نعلم حقيقتها ، والساعة يوم القيامة ، ولا أحد يعلم متى تقوم الا اللَّه {وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} للحساب والجزاء {ولا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وهُمْ يَعْلَمُونَ} .

أنهم يعبدون الأصنام لأنها تشفع لهم عند اللَّه بزعمهم . فقال سبحانه : كلا ، لا يشفع عنده إلا من نطق بكلمة التوحيد ، وآمن بها عن علم ، وكان المشفوع له أهلا للشفاعة والعفو عنه .

{ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} . هم يعترفون باللَّه وانه هو الذي خلقهم ومع ذلك ينصرفون عن عبادته إلى عبادة الأصنام . وتقدم مثله في الآية 9 من هذه السورة {وقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} . ضمير قيله يعود إلى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) ، وهو على حذف مضاف عطفا على علم الساعة أي وعنده علم قول الرسول ، والمعنى ان الرسول قال لربه : ان الذين بعثتني إليهم لم يستجيبوا لي . فقال له سبحانه :

لا تحتفل بإعراضهم فإن العاقبة لك عليهم . والمراد بالسلام هنا هو المراد بالسلام في قوله تعالى : {وإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً} –[63 الفرقان] .

كتبت القسم الأخير من هذا المجلد في العشرة الأولى من شهر المحرم سنة 1390 ه بفندق كربلاء المقدسة في جوار سيد الشهداء سبط الرسول الأعظم صلى اللَّه عليه وآله وسلم .

_________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص561-562 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

قوله تعالى : {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} إبطال لألوهية الولد بإبطال أصل وجوده من جهة علمه بأنه ليس ، والتعبير بأن الشرطية دون لو الدالة على الامتناع - وكان مقتضى المقام أن يقال : لوكان للرحمن ولد ، لاستنزالهم عن رتبة المكابرة إلى مرحلة الانتصاف .

والمعنى : قل لهم إن كان للرحمن ولد كما يقولون ، فأنا أول من يعبده أداء لحق بنوته ومسانخته لوالده ، لكني أعلم أنه ليس ولذلك لا أعبده لا لبغض ونحوه .

وقد أوردوا للآية معاني أخرى : منها : أن المعنى لوكان لله ولد كما تزعمون فأنا أعبد الله وحده ولا أعبد الولد الذي تزعمون .

ومنها : أن {إن} نافية والمعنى : قل ما كان لله ولد فأنا أول العابدين الموحدين له من بينكم .

ومنها : أن {العابدين} من عبد بمعنى أنف والمعنى : قل لوكان للرحمن ولد فأنا أول من أنف واستنكف عن عبادته لأن الذي يلد لا يكون إلا جسما والجسمية تنافي الألوهية .

ومنها : أن المعنى : كما أني لست أول من عبد الله كذلك ليس لله ولد أي لو جاز لكم أن تدعوا ذاك المحال جاز لي أن أدعي هذا المحال .

إلى غير ذلك مما قيل لكن الظاهر من الآية ما قدمناه .

قوله تعالى : {سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون} تسبيح له سبحانه عما ينسبون إليه ، والظاهر أن {رب العرش} عطف بيان لرب السماوات والأرض لأن المراد بالسماوات والأرض مجموع العالم المشهود وهو عرش ملكه تعالى الذي استوى عليه وحكم فيه ودبر أمره .

ولا يخلو من إشارة إلى حجة على الوحدانية إذ لما كان الخلق مختصا به تعالى حتى باعتراف الخصم وهومن شئون عرش ملكه ، والتدبير من الخلق والإيجاد فإنه إيجاد النظام الجاري بين المخلوقات فالتدبير أيضا من شئون عرشه فربوبيته للعرش ربوبية لجميع السماوات والأرض .

قوله تعالى : {فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون} وعيد إجمالي لهم بأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإعراض عنهم حتى يلاقوا ما يحذرهم منه من عذاب يوم القيامة .

والمعنى : فاتركهم يخوضوا في أباطيلهم ويلعبوا في دنياهم ويشتغلوا بذلك حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدونه وهو يوم القيامة كما ذكر في الآيات السابقة : {هل ينظرون إلا الساعة} إلخ .

قوله تعالى : {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم} أي هو الذي هو في السماء إله مستحق للمعبودية وهو في الأرض إله أي هو المستحق لمعبودية أهل السماوات والأرض وحده ، ويفيد تكرار {إله} كما قيل التأكيد والدلالة على أن كونه تعالى إلها في السماء والأرض بمعنى تعلق ألوهيته بهما لا بمعنى استقراره فيهما أوفي أحدهما .

وفي الآية مقابلة لما يثبته الوثنية لكل من السماء والأرض إلها أو آلهة ، وفي تذييل الآية بقوله : {وهو الحكيم العليم} الدال على الحصر إشارة إلى وحدانيته في الربوبية التي لازمها الحكمة والعلم .

قوله تعالى : {وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون} ثناء عليه تعالى بالتبارك وهو مصدريته للخير الكثير .

وكل من الصفات الثلاث المذكورة حجة على توحده في الربوبية أما ملكه للجميع فظاهر فإن الربوبية لمن يدبر الأمر والتدبير للملك ، وأما اختصاص علم الساعة به فلأن الساعة هي المنزل الأقصى إليه يسير الكل وكيف يصح أن يرب الأشياء من لا علم له بمنتهى مسيرها فهو تعالى رب الأشياء لا من يدعونه ، وأما رجوع الناس إليه فإن الرجوع للحساب والجزاء وهو آخر التدبير فمن إليه الرجوع فإليه التدبير ومن إليه التدبير له الربوبية .

قوله تعالى : {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} السياق سياق العموم فالمراد بالذين يدعون ، أي يعبدونهم من دونه ، كل معبود غيره تعالى من الملائكة والجن والبشر وغيرهم .

والمراد {بالحق} الحق الذي هو التوحيد ، والشهادة به الاعتراف به ، والمراد بقوله : {وهم يعلمون} حيث أطلق العلم علمهم بحقيقة حال من شفعوا له وحقيقة عمله كما قال : { لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} [النبأ : 38] ، وإذا كان هذا حال الشفعاء لا يملكونها إلا بعد الشهادة بالحق فما هم بشافعين إلا لأهل التوحيد كما قال : {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء : 28] .

والآية مصرحة بوجود الشفاعة .

قوله تعالى : {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون} أي إلى متى يصرفون عن الحق الذي هو التوحيد إلى الباطل الذي هو الشرك ، وذلك أنهم معترفون أن لا خالق إلا الله والتدبير الذي هو ملاك الربوبية غير منفك عن الخلق كما اتضح مرارا فالرب المعبود هو الذي بيده الخلق وهو الله سبحانه .

قوله تعالى : {وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون} ضمير {قيله} للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا إشكال ، والقيل مصدر كالقول والقال ، و{قيله} معطوف - على ما قيل - على الساعة في قوله : {وعنده علم الساعة{ ، والمعنى : وعنده علم قوله : {يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون} .

قوله تعالى : {فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون} أمر بالإعراض عنهم وإقناط من إيمانهم ، وقوله : {قل سلام} أي وادعهم موادعة ترك من غير هم لك فيهم ، وفي قوله : {فسوف يعلمون} تهديد ووعيد .

__________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج12 ، ص98-104 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

ذرهم في خوضهم يلعبون :

لما كان البحث في الآيات السابقة ـ وخاصة في بداية السورة ـ عن مشركي العرب واعتقادهم بأنّ لله ولداً ، وأنّهم كانوا يظنون الملائكة بنات الله ، ولما مر البحث في عدة آيات مضت عن المسيح(عليه السلام) ودعوته إلى الوحدانية الخالصة والعبودية لله وحده ، فقد ورد البحث في هذه الآيات في نفي هذه العقائد الفاسدة عن طريق آخر .

تقول الآية : {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} لأن ايماني بالله أقوى من ايمانكم جميعاً ، ومعرفتي به أكبر ، وعليه فيجب أن أعظّم ولده وأطيعه قبلكم .

وبالرغم من أنّ مضمون هذه الآية بدا معقداً لجماعة من المفسّرين ، فذكروا توجيهات مختلفة له كان بعضها عجيباً جدّاً(2) ، لكن لا يوجد في الواقع أي تعقيد في محتوى الآية ، وهذا الأسلوب الرائع يستعمل مع الأفراد العنودين المتعصبين ، كما لو قال شخص : إن فلاناً أعلم من الجميع ، في حين أنّه لا يعلم شيئاً ، فيقال له : إذا كان هو الأعلم فأنا أوّل من يتبعه ، وذلك ليبذل القائل جهده في البحث عن دليل يدعم به مدعاه ، وعندما يصطدم بصخرة الواقع يستيقظ من غفلته .

غاية ما في الأمر أنّ هناك نكتتين يجب الإِلتفات إليهما :

الأولى : أنّ العبادة لا تعني العبادة في كل الموارد ، فقد تأتي أحياناً بمعنى الطاعة والتعظيم والإِحترام ، وهي هنا بهذا المعنى ، فعلى فرض أن لله ولداً ـ وهو فرض محال ـ فلا دليل على عبادته ، لكنّه لما كان ـ طبقاً لهذا الفرض ـ ابن الله فيجب أن يكون مورد احترام وتقدير وطاعة .

والأُخرى : أنّ (لو) تستعمل بدل (أن) في مثل هذه الموارد عادة في أدب العرب ، وهي تدل على كون الشيء مستحيلاً ، وإنّما لم تستعمل في الآية ـ مورد البحث ـ مماشاة وانسجاماً في الكلام مع الطرف المقابل .

وعلى هذا ، فإنّ النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : لوكان لله ولد لبادرت قبلكم إلى احترامه وتعظيمه ، ليطمئن هؤلاء من إستحالة أن يكون لله ولد .

بعد هذا الكلام ذكرت الآية دليلاً واضحاً على نفي هذه الادعاءات ، فقالت : {سبحان ربّ السماوات والأرض ربّ العرش عما يصفون} فإنّ من كان مالكاً للسماوات والأرض ومدبراً لها ، وربّاً للعرش العظيم ، لا يحتاج إلى الولد ، فهو الوجود اللامتناهي ، والمحيط بكل عالم الوجود ، ومربي كل عالم الخلقة ، بل يحتاج الولد من يموت ، ولا يستمر وجوده إلاّ عن طريق الولد .

الولد لازم لمن يحتاج العون والأنس في وقت العجز والوحدة .

وأخيراً فإن وجود الولد دليل على الجسمانية والانحصار في حيّز الزمان والمكان .

إنّ ربّ العرش ، والسماء والأرض ، والمنزّه عن كل هذه الأُمور ، غني عن الولد .

والتعبير بـ(رب العرش) بعد (رب السماوات والأرض) من قبيل ذكر العام بعد الخاص ، لأنّ العرش ـ وكما قلنا سابقاً ـ يقال لمجموع عالم الوجود ، والذي هو عرش حكومة الله عزَّ وجلّ .

ويحتمل أيضاً أن يكون العرش إشارة إلى عالم ما وراء الطبيعة ، فيكون في مقابل السماوات والأرض التي تشير إلى عالم المادة .

لمزيد الإِطلاع على معنى العرش ، راجع التّفسير الأمثل ذيل الآية (255) من سورة البقرة ، وأوسع منه ما جاء في ذيل الآية (7) من سورة المؤمن .

ثمّ تضيف الآية الأُخرى كاحتقار لهؤلاء المعاندين وتهديد لهم ، وهو بحد ذاته أسلوب آخر من أساليب البحث مع أمثال هؤلاء الأفراد (فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) ليجنوا عاقبة أعمالهم ، وليذوقوا وبال أمرهم .

من الواضح أن المراد من هذا اليوم الموعود هو يوم القيامة ، وما احتمله البعض من أن المراد هو لحظة الموت فيبدوا بعيداً جدّاً ، لأنّ الجزاء على الأعمال يكون في يوم القيامة لا في لحظة الموت .

إنّه نفس اليوم الموعود الذي أقسمَ الله تعالى به في الآية (2) من سورة البروج ، حيث تقول الآية : {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} [البروج : 2] .

وتواصل الآيتان التاليتان البحث حول مسألة التوحيد ، وهما تشكلان نتيجة للآيات السابقة من جهة ، ومن جهة أُخرى دليلاً لتكملتها وإثباتها . وفيهما سبع من صفات الله سبحانه ، ولجميعها أثر في تحكيم وتقوية مباني التوحيد .

فتقف الآية الأولى بوجه المشركين الذين كانوا يعتقدون بانفصال إله السماء عن إله الأرض ، بل ابتدعوا للبحر إلهاً ، وللصحراء إلهاً وآخر للحرب ، ورابعاً للصلح والسلم ، وآلهة مختلفة ومتعددة بتعدد الموجودات ، فتقول : {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله} لأنّ كونه إلهاً في السماء والأرض يثبت كونه ربّاً ومعبوداً فيهما ـ وقد مرّ ذلك في الآيات السابقة ـ لأنّ المعبود الحقيقي هوربّ العالم ومدبره ، لا الأرباب المختلفة ، ولا الملائكة ، ولا المسيح ولا الأصنام ، فكلها ليست أهلاً لأن تكون أرباباً وآلهة ، إذ ليس لها مقام الربوبية ، فكلها مخلوقة في أنفسها ومربوبة ، وتتمتع بأرزاق الله ، وكلها تعبده سبحانه .

وتقول في الصفتين الثّانية والثّالثة {وهو الحكيم العليم} فكل أعماله تقوم على أساس الدقّة والحساب والنظم ، وهو عليم بكل شيء ومحيط به ، وبذلك فإنّه يعلم أعمال العباد جيداً ، ويجازيهم عليها طبقاً لحكمته .

وتتحدث الآية الثانية في الصفتين الرابعة والخامسة ، بركات وجوده الدائمة الوفيرة ، وعن امتلاكه السماء والأرض وما بينهما ، فتقول : {تبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما} .

«تبارك» من مادة بركة ، وتعني امتلاك النعمة الوفيرة ، أو الثبات والبقاء ، أوكليهما ، وكلاهما يصدقان في شأن الله تعالى ، فإنّ وجوده باق وخالد ، وهو مصدر النعم الكثيرة .

وليس للخير الكثير كمال المعنى إذا لم يكن ثابتاً وباقياً ، فإنّ الخيرات مهما كانت كثيرة ، فهي تعد قليلة إذا كانت مؤقتة وسريعة الزوال .

وتضيف في الصفتين السّادسة والسّابعة : {وعنده علم الساعة وإليه ترجعون} وعلى هذا فإذا أردتم الخير والبركة فاطلبوها منه لا من الأصنام ، فإن مصائركم إليه يوم القيامة ، وهو المرجع الوحيد لكم ، وبيده كل شيء ، وليس للأصنام والآلهة أي دور في هذه الأُمور .

وقوله تعالى : {وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِن سَألْتَهُم مَّن خَلَقهُمْ لَيقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) وَقِيلِهِ يَرَبِّ إِنَّ هَؤُلآءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ (88) فاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} .

 

من يملك الشفاعة ؟

لا زال الحديث في هذه الآيات ـ وهي آخر آيات سورة الزخرف ـ حول إبطال عقيدة الشرك وتفنيدها ، وعاقبة المشركين المُرّة ، وهي توضح بطلان عقيدتهم بدلائل أُخرى .

تقول الآية الأولى : {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة} فلا تقام الشفاعة عند الله إلاّ بإذنه ، ولم يأذن الله الحكيم بها لهذه الأحجار والأخشاب التي لا قيمة لها ، والفاقدة للعقل والشعور والإِدراك مطلقاً .

لكن لما كانت الملائكة وأمثالها من بين آلهة هؤلاء ، فقد استثنوا في ذيل الآية ، فقالت : {إلاّ من شهد بالحق} وهم الذين أسلموا لوحدانية الله سبحانه في جميع المراحل ، وأذعنوا لها . نعم ، هؤلاء هم الذين يشفعون بإذن الله تعالى .

لكن ليس الأمر كما تتوهمون أنّهم يشفعون لأي كان ، حتى وإن كان وثنياً ومشركاً ومنحرفاً عن طريق التوحيد وضالاً عن الصراط المستقيم ، بل (وهم يعلمون) جيداً لمن يشفعون .

وعلى هذا فإنّهم يقطعون الأمل من شفاعة الملائكة لسببين :

الأوّل : أنّها كانت بنفسها تقرّ بوحدانية الله وتشهد بها ، ولذلك حصلت على إذن الشفاعة .

والآخر : أنهم يعرفون جيداً من له أهلية الشفاعة ومستحقها (3) .

واعتبر البعض جملة (وهم يعلمون) مكملة لجملة (إلاّ من شهد بالحق) وعلى هذا يصبح معنى الآية : إن الذين يشهدون بالتوحيد ويعلمون حقيقته هم الذين يملكون حق الشفاعة فقط . إلاّ أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب .

وعلى أية حال ، فإن هذه الآية تبيّن الشرط الأساس الذي ينبغي توفره في الشفعاء عند الله تعالى ، وهم الشاهدون بالحق ، والعالمون به على الدوام والمحيطون بروح التوحيد جيداً ، وهم كذلك عالمون بأحوال المشفوع لهم وأوضاعهم .

ثمّ تدين المشركين من أفواههم ، وتجيبهم جواباً قاطعاً ، فتول : {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله} .

لقد قلنا مراراً إن من النادر أن يوجد من بين مشركي العرب وغيرهم من يعتقد أن الأصنام هي الخالقة لهم ، فإنّ الأعم الأغلب منهم يعتبرون الأصنام وسائط وشفعاء يقربونهم إلى الله زلفى ، أو أنها دلائل وعلامات لأولياء الله المقدسين ، ثمّ يضمون إليها ذريعة أن معبودنا يجب أن يكون موجوداً ملموساً ومحسوساً لنأنس به ، فيعبدونها ، ولذا فإنّهم متى ما سئلوا عن خالقهم فسيقولون : الله .

وقد ذكّر القرآن مراراً بحقيقة أن العبادة لا تليق إلاّ بخالق هذا الكون ومدبره ، وإذا كنتم تعلمون أن الله هو الخالق والمدبر ، فلم يبق لكم إلاّ أن تقصروا عبادتكم عليه ، وتخصوه بها .

ولذلك فإنّ الآية تقول في نهايتها (فأنى تؤفكون) وهو لوم وتوبيخ لهم . . فإنّكم إذا علمتم حقيقة الأمر فلم تعرضون عن الله وتعبدون غيره؟

وتحدثت الآية التالية عن شكوى النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الله سبحانه من هؤلاء القوم المتعصبين الذين لا منطق لديهم ، فقالت : {وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون} .

إنّه يقول : لقد تحدثت مع هؤلاء القوم ليلاً ونهاراً ، فأتيتهم من طريق التبشير والإِنذار ، وذكرت لهم قصص الأقوام الماضين المؤلمة ، وحذرتهم من عذابك ، ورغبتهم في رحمتك إن هم رجعوا عن طريق الضلال ، وخلاصة القول : إنّي أبلغتهم الأمر ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ، وقلت كل ما ينبغي أن يقال ، إلاّ أن حرارة كلامي لم تؤثر في برودة قلوبهم ، فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة ، فلم يؤمنوا (4) .

ويأمر الله سبحانه نبيّه في آخر آية أن (فاصفح عنهم) ولا يكن إعراضك عنهم إعراض افتراق وغضب وأذى وجرح للمشاعر ، بل أعرض عنهم (وقل سلام) لا سلام تحية ومحبّة ، بل سلام وداع وافتراق .

إنّ هذا السلام يشبه ذلك السلام الذي ورد في الآية (63) من سورة الفرقان : {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان : 63] سلام هو علامة اللامبالاة بهم ممتزجةً بالعلو والعزة .

ومع ذلك فإنّه تعالى يهددهم ويحذرهم بجملة عميقة المعنى ، لئلا يتصوروا أن الله تاركهم بعد هذا الفراق والوداع ، فيقول : {فسوف يعلمون} .

نعم ، سوف يعلمون أي نار محرقة قد أوقدوها لأنفسهم بعنادهم ، وأي عذاب أليم قد هيأوا أسبابه ليطالهم فيما بعد؟

وقد ذكر البعض سبب نزول الآية {ولا يملك الذين يدعون . . .} وهو : أن «النضر بن الحارث» ونفراً من قريش قالوا : إنّ كان ما يقوله محمّد حقاً ، فلا حاجة لنا بشاعته ، فإننا نحبّ الملائكة وهم أولياؤنا ، وهم أحق بالشفاعة ، فنزلت هذه الآية ونبهتهم على أن الملائكة لا تشفع يوم القيامة إلاّ لمن يشهدون بالحق ، أي للمؤمنين (5) (6) .

وهنا تنتهي سورة الزخرف .

______________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص423-429 .

2 ـ فمثلاً : إن بعض المفسّرين قد فسّر (إن) هنا بمعنى النفي ، و(أنا أول العابدين) بمعنى أول من عبد الله ، وعلى هذا التّفسير فإن معنى الآية يصبح : لا ولد لله أبداً ، وأنا أوّل من عبد لله!

وفسر البعض الآخر (العابدين) بالذي يأبى العبادة ، وعلى هذا يكون المعنى : إن كان لله ولد فإني سوف لا أعبد مثل هذا الرب أبداً ، لأنه بأبوته لا يمكن أن يكون رباً .

وواضح أن مثل هذه التفاسير لا تنسجم مع ظاهر الآية بأي وجه من الوجوه .

3 ـ طبقاً لهذا التّفسير فإن استثناء (إلاّ من شهد بالحق) استثناء متصل ، لكنه يصبح منقطعاً فيما إذا كان المراد من جملة (الذين يدعون من دونه الشفاعة) خصوص الأصنام . لكن يبدو أن المعنى الأوّل هو الأنسب ، خاصة بملاحظة (الذين) وهي للعاقل ، أو التغليب من العاقل وغير العاقل .

4 ـ هنا اختلاف كبير بين المفسّرين في أن (قيله) معطوفة على ماذا؟ فالبعض يعتقد أنها معطوفة على الساعة التي مرت قبل ثلاث آيات ، وعلى هذا يصبح معنى الجملة : إنّ الله عنده علم الساعة ، وشكوى النّبي من الكفار .

والبعض الآخر اعتبرها معطوفة على (علم الساعة) بشرط أن تكون (علم) مقدرة قبل (قيله) كمضاف محذوف . وهولا يختلف كثيراً عن التّفسير الأول .

واعتبر جماعة الواو واو القسم . وهناك احتمالات أُخرى لو ذكرناها هنا لطال بنا المقام .

وهنا احتمال آخر لعله أفضل من كل ما قيل في هذا الباب ، وهو أنّها معطوفة على محذوف جملة : (انى يؤفكون) ، وتقدير ذلك : {أنى يؤفكون عن عبادته وعن قيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون} .

5- وفقا لهذا التفسير ان جملة : { الا من شهد بالحق} توصيف للمشفعين لا للشافعين .

6- تفسير القرطبي ، ج9 ، ص5942 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .