المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7456 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) حجّة الله يوم القيامة
2024-04-26
امساك الاوز
2024-04-26
محتويات المعبد المجازي.
2024-04-26
سني مس مربي الأمير وزمس.
2024-04-26
الموظف نفرحبو طحان آمون.
2024-04-26
الموظف نب وعي مدير بيت الإله أوزير
2024-04-26

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تعارض الاستصحابين  
  
1106   07:40 صباحاً   التاريخ: 28-5-2020
المؤلف : الشيخ محمد علي الأراكي
الكتاب أو المصدر : أصول الفقه
الجزء والصفحة : ج‏2، ص: 651
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاستصحاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016 930
التاريخ: 20-5-2020 1159
التاريخ: 23-8-2016 571
التاريخ: 14-5-2020 3789

وهو على قسمين:، أن يكون أحدهما جاريا في الشكّ السببي، والآخر في المسبّبي، وأن يكونا جاريين في شكّين مسبّبين عن ثالث.

 

أمّا القسم الأوّل، فمثاله ما إذا علم بطهارة ماء قليل ثمّ شكّ فيه لاحتمال وقوع نجاسة فيه ثمّ غسل الثوب القطعي التنجّس بصبّ ذلك الماء القليل عليه مع مراعاة شرائط التطهير، فإنّ هنا استصحابين، واستصحاب طهارة الماء من أثره طهارة الثوب، واستصحاب نجاسة الثوب ليس من أثره نجاسة الماء؛ إذ لو كان نجسا ليعلم أنّه بغير نجاسة الثوب.

وعلى هذا فالتقريبان المتقدمان من الحكومة والورود تامّان في الاستصحاب الجاري في السبب، بيانه أمّا على الحكومة فلأنّه يحكم في موضوع الشكّ في الماء بطهارته، وفي الطول بطهارة الثوب المغسول به، فحكمه بطهارة الثوب نظير حكم الأمارة حكم بالثبوت بلسان الواقع بدون التعليق على الشكّ، وإنّما علّق على الشكّ في شي‏ء آخر، وأمّا الحكم بالنجاسة في جانب استصحاب المسبّب فهو حكم معلّق على الشكّ في نفسه، فمفاد أحدهما «الثوب طاهر» ومفاد الآخر الثوب عند الشكّ فيه نجس، فيكون الأوّل حاكما لو اريد من الشكّ الصفة بالملاك الأخصّ، وواردا لو اريد به ذاك بالملاك الأعمّ، ولا عكس؛ إذ استصحاب المسبّب ليس له نفي وإثبات في جانب السبب، لعدم حجيّة الأصل المثبت.

نعم يتمّ فيه أيضا ذلك لو قيل بطريقيّة الاستصحاب وأنّه من باب جعل الظنّ النوعي بأنّ ما ثبت يدوم معتبرا وحجّة، أو بأصليّته مع القول بحجيّة الأصل المثبت، وقد رام على هذين شيخنا الاستاد في درره أيضا تقديم الأصل السببي بواسطة تقدّم الرتبة طبعا.

ولكنّه- كما نبّه هو دام بقاء في مجلس بحثه- مخدوش أولا بأنّا نرى وجدنا انقداح التعارض بين أمارتين إحداهما تخبر بالعلّة والاخرى بعدم المعلول، أو تقول إحداهما: هذا الرجل ابن زيد والاخرى: زيد لا يقتل ابنه، ثمّ رأينا الزيد قتل الرجل، ولو كان التقدّم الطبعي كافيا في حيازة الأمارة الأسبق حكم الحجيّة والاعتبار لما انقدح التعارض في المثال، والتالي باطل بالضرورة.

وثانيا بأنّ التقدّم والتأخّر في الرتبة بين الفردين للعام بحسب الوجود الخارجي لا ينافي عرضيّتها بحسب المشموليّة للعام وفي لحاظ المنشئ للعموم، فالمنشئ لأكرم العلماء لاحظ العالم الأب والعالم الابن في فرض واحد وإن كانا في الخارج مترتبين.

إن قلت: نعم لكنّ الكبرى بدون الصغرى غير مفيدة، والصغرى أبدا محقّقة في المتقدّم أسبق منها في المتأخّر.

قلت: وإن كان الحكم على الفرد المحقّق فعليّا دون الغير المتحقّق، لكنّه في غير المتحقّق أيضا موجود في تقدير الوجود، فيتحقّق المنافاة بين الحكمين الفعلي والمشروط، وهذان الإشكالان كما ترى وارد في عامّة مقامات الترجيح بالتقدّم الطبعي.

وثالثا وهو خاص بالمقام، بأنّ الترتّب بين طهارة الماء وطهارة الثوب بحسب الواقع كما لا يلازم الترتّب بينهما بحسب العلم فقد يكون علم المعلول سببا لعلم العلّة، وقد يكونان معلولين لثالث، فكذا الحال في شكّيهما، فليس أبدا شكّ طهارة الثوب متولّدا عن شكّ الماء، بل قد ينعكس، فيتولّد شكّ الماء من شكّ الثوب، وقد يكونان حاصلين دفعة، فالكلام المذكور لا يصحّح المطلب على وجه الكليّة، بل يوجب عكس المدّعي في بعض المقامات.

ورابعا وهو أيضا خاص بالمقام، بأنّه كما لا تنافي بين الأحكام الواقعيّة والأحكام الظاهريّة، كذلك لا تنافي بين طبقات الأحكام الظاهريّة، أعني ما بين الأحكام الطريقيّة والأحكام الاستصحابية، وما بين الأحكام الاستصحابية والأحكام البراءتيّة؛ إذ عين النسبة الكائنة بين الأحكام الواقعيّة والظاهريّة حاصلة بين الطائفتين في المقامين الأخيرين، مثلا لو كان طريق في الواقع حجّة وقائما على الوجوب مثلا ولم يظفر به المكلّف بعد الفحص بالمقدار اللازم وكان الاستصحاب مفيدا للحرمة مثلا، فهو واقعا موضوع للاستصحاب، لا أنّه يجري أوّلا أصلا في عدم وجود الطريق المعتبر، ثمّ يعمل بالاستصحاب حتّى يكون حكما ظاهريّا في ظاهري، بحيث لو تبيّن الخلاف له انقدح أنّه ما كان موظّفا بوظيفة الاستصحاب.

والحاصل أنّ وجود الطريق واقعا ليس بأعلى من وجود نفس الواقع، فكما أنّه بوجوده لا يوجب تقييد دليل الأصل، بل بعلمه، كذلك الطريق المعتبر أيضا بوجوده الواقعي غير مقيّد ورافع للحكم الأصلي، وإنّما يرفعه بلسان الحكومة أو الورود على المذاقين السابقين بوصوله وحجيّته وصيرورته علميّا عند المكلّف.

وكذا الحال في الاستصحاب السببي مع المسبّبي وفي الاستصحاب مع سائر الاصول، مثلا لو اعتقد أحد بعدم جريان الأصل السببي باعتقاد خطائي فلا شبهة أنّه محكوم بالأصل المسبّبي.

والحاصل: لا تنافي بين المجعولين في جميع هذه المقامات بحسب واقعهما، وإنّما يحدث التنافي في مرتبة الوصول والعلم.

وحينئذ نقول: تعدّد الرتبة لو سلّم في المقام فإنّما هو في مقام أصل الجعل، يعني جعل الأصل السببي أسبق من المسبّبي، وقد عرفت عدم التنافي بينهما في هذا المقام، والمقام الذي يحدث التنافي بينهما وهو عند علم المكلّف فلا تعدّد وترتّب بينهما، لأنّهما في رتبة واحدة معلومان، ولو فرض حصول الترتب بين العلمين أحيانا بملاك ترتّب المتعلّقين أعني الحكمين فانّما هو أحيانا وفي بعض المقامات، وأين هذا من دعوى الكليّة.

وأمّا القسم الثاني وهو ما إذا كان الشكّ في كليهما ناشئا عن أمر ثالث، ومثاله لو علم إجمالا بنقض الحالة السابقة في أحد المستصحبين، ومحصّل القول في ذلك أنّ العمل بالاستصحابين تارة يوجب المخالفة القطعيّة العمليّة، واخرى لا يوجب ذلك، أمّا الأوّل وهو ما إذا كان العلم الإجمالي بالتكليف، والاستصحابان نافيين له، كما لو علم بنجاسة أحد الإنائين وكان مقتضى الاستصحاب طهارتهما.

تنقيح المقام يبتني على الكلام أوّلا في إمكان الترخيص على الخلاف في مورد العلم الإجمالي بالتكليف وعدمه.

فنقول: أمّا على قول من يجعل للحكم مراتب من الشأنيّة والفعليّة فإمكان الترخيص في كلا الطرفين فضلا عن الطرف الواحد واضح، بل وكذا مع العلم التفصيلي، نعم لمّا يكون الإيصال من مرتبة الشأنيّة إلى الفعليّة أمرا وظيفته للشارع أمكن أن يجعل الشارع العلم الإجمالي كالتفصيلي موصلا.

وأمّا على ما هو الحقّ من عدم المرتبة للحكم وأنّه فعلي أبدا، فمجمل الكلام أنّه‏ لا يحتمل مع العلم التفصيلي أن يكون غرض آخر أهمّ من امتثال المعلوم؛ إذ لو كان لكان جعل ذلك الحكم لغوا، وأمّا مع العلم الإجمالي فلا يحتمل أيضا حدوث غرض أهمّ مزاحم لحرمة المخالفة القطعيّة للزوم اللغويّة، ولكن يحتمل حدوث غرض أقوى وأهمّ من إدراك الموافقة القطعيّة، وحيث إنّ هذا الغرض يعلم عدم مربوطيته بالغرض المعلوم الإجمالي فهو كالاضطرار إلى واحد لا معيّن، لا إلى الواحد المعيّن، فلا يوجب التقييد في الواقع، بل هو على ما عليه من المطلوبيّة التامّة، والمكلّف قادر على امتثاله، غاية الأمر جاهل به تفصيلا، وهو غير مناف مع قدرته واختياره المصحّح لتكليفه.

ولا يصحّ القول بأنّ التكليف حينئذ مشروط بعدم اختياره دفع ذلك المحذور الأقوى في الواقع وفي علم اللّه في ضمن الطرف المشتمل على الواقع، وأمّا مع ذلك فلا تكليف؛ إذ الفرض أنّه مع اختياره ذلك أيضا يفعله باختياره لا خارجا عن قدرته واختياره.

وبالجملة، يصير مع وجود هذا المزاحم حال المقام حال الحرج المخلّ بالنظام اللازم من الموافقة القطعيّة، فكما أنّ العقل يستقلّ حينئذ برفع اليد عن الموافقة القطعيّة مع ثبوت التكليف الواقعي على ما هو عليه من المطلوبيّة التامّة، ولهذا لا ينقلب العلم احتمالا، كذلك مع وجود هذا الغرض الذي لا يدركه عقولنا.

إن قلت: نعم لكن الفرق أنّ الحاكم بالترخيص هناك هو العقل، ولا يلزم من حكمه نقص وكسر في ناحية حكم الآمر، وأمّا هنا فالآمر والمرخّص واحد وهو الشارع، فحينئذ فلا محالة يرفع اليد عن أمره عند وجود متعلّقة في الطرف المرخّص فيه؛ إذ لا يمكن طلب الواقع مطلقا بنحو الإيجاب الكلّي مع الإذن في مخالفته في بعض التقادير، ضرورة مناقضة الإيجاب الكلّي مع السلب الجزئي، وحينئذ فيلزم من الترخيص ارتفاع العلم الإجمالي، فلا مقتضى للاحتياط بالنسبة إلى الطرف الآخر الغير المرخّص فيه أيضا.

قلت: يمكن دفع الإشكال بأنّ الترخيص صادر منه بما هو حكيم ومرشد للعباد إلى ما لا يصل إليه عقولهم، والأمر صادر منه بما هو مولى وشارع، ويمكن نقض الحاكم الواحد غرض نفسه باختلاف الحيثيّتين، وكم له من نظير.

وبالجملة، فلا مانع عقلا من شمول أدلّة الترخيص لبعض أطراف العلم الإجمالي جمعا بين الغرضين وبما أنّ الشارع حكيم مرشد لعباده إلى مصالحهم، هذا بحسب الثبوت.

أمّا بحسب الإثبات فاعلم أن العلم الإجمالي غير رافع لموضوع الاصول؛ إذ العلم الذي غايتها ويرفع موضوعها هو ما يزول الشكّ ويتبدّل هو به، وأمّا مع محفوظيّة الشكّ كما هو المفروض فلا، وذلك لأنّ هذا هو الظاهر من أدلّتها.

وحينئذ فحيث لا يمكن الإجراء في كلا الطرفين، فلا بدّ من التخصيص على وجه لا يلزم ذلك بحكم العقل، والإجراء في واحد معيّن ترجيح بلا مرجّح، لوضوح كون نسبة العموم إلى هذا كنسبته إلى ذاك.

فيبقى القول بإبقاء الواحد المبهم المعرّى عن الخصوصيّة تحته، وهو مبتن على كونه مدلولا للعموم حتّى يكون حفظه حفظ ظهور للعامّ، وغاية ما يمكن أن يقال لتقريب ذلك أنّه كما أنّ الجمع مفاد التزامي للعام عند بقاء كلا الفردين تحت العموم، كذلك لو لم يمكن بقاء كلا الفردين لمحذور في الجمع يكون الأحد المبهم حينئذ مدلوله الالتزامي، والدليل على ذلك صحّة الاستثناء.

ألا ترى صحّة قولك: جئني بهذه العشرة إلّا واحدا، والاستثناء دليل العموم، ولهذا نراهم يتمسّكون ظاهرا بعموم قوله تعالى: «أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ» لجواز نكاح إحدى الاختين بعد خروج الجمع بقوله تعالى‏ «وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ».

فإن قلت: العلم الإجمالي إنّما هو مقتض بالنسبة إلى إيجاب الموافقة القطعيّة بمعنى الاكتفاء بجعل البدل، بمعني أنّه لو كان العلم بالحرام يجعل أحد الأطراف حراما ظاهريا، ولو كان بالواجب يجعل أحدها واجبا كذلك، فحينئذ لا مانع من الرخصة في ارتكاب أو ترك البقيّة.

وأمّا بلا جعل بدل أصلا للواقع في مرحلة الظاهر فالعقل لا يجوّز المخالفة الاحتماليّة حينئذ، ووجه الاكتفاء في الأوّل أنّه جازم بإتيان الواقع إمّا نفسا، وإمّا بدلا، وأمّا بدون ذلك فلا جزم بالامتثال بأحد النحوين، نعم يحتمل الامتثال، والامتثال الاحتمالي لا يجوّزه العقل، وعلى هذا فحيث ليس في أدلّة الترخيص في المشكوكات عين ولا أثر من جعل البدل، فلا يمكن القول بشمولها للمقام.

قلت: لم يحدث للمقام شي‏ء زائد على سائر المقامات التي تحكمون بورود دليل الترخيص الجائي من غير ناحية الشكّ في أطراف العلم، مثل دليل رفع الاضطرار ورفع الحرج إذا كانا شرعيّين، فكما تقولون بشمول تلك الأدلّة لمورد العلم وتبعضون في الاحتياط فكذلك نقول في أدلّة المشكوكات والحلّ في الكلّ هو الكشف إنّا عن جعل البدل وجعل الطرف الآخر حراما ظاهريّا وممنوعا.

إن قلت: ما ذكرت حقّ لو كان الترخيص حكما فعليّا، وأمّا إذا كانا حيثيّتيّا فمعناه أنّك لا تعاقب لأجل أنّك ارتكبت أو تركت المشكوك، وهذا لا ينافي ثبوت العقاب من حيث ارتكاب أو ترك المعلوم الإجمالي، وعلى هذا ففي كلّ مورد كان العلم الإجمالي موجبا للاحتياط بحسب العقل ولم يكن في أحد الأطراف أصل لخروجه عن محلّ الابتلاء أو غير ذلك، لا يمكن لنا إجراء الأصل في الطرف الخالي عن المزاحم؛ لأنّه لا يفيد إلّا حكما حيثيتيّا، وهو غير نافع، فيبقي اقتضاء العلم بحاله.

قلت: كونه حكما حيثيتيّا خلاف الظاهر، فكما أنّه قبل العلم حكم فعليّ، فكذلك بعده، ويشهد له فهم العلماء منه ذلك، فهم بين مرخّص في جميع الأطراف تدريجا، وبين مرخّص في أحد لا بعينه تخييرا قائلا بجعل البدل، ويشهد له أيضا قوله عليه السلام في بعض الأخبار الواردة في الجبن ونحوه ممّا يعلم إجمالا بوجود الحرام فيها: «كلّ شي‏ء فيه حلال وحرام فهو لك حلال» وقد مضى في أصل البراءة.

هذا غاية ما يمكن أن يقال، ولكنّه مع ذلك لا يخلو عن الخدشة، وذلك لأنّ الأحد الذي قلنا بدخوله تحت العامّ إنّما هو أحد مندكّ في المعيّنات والحكم عليه‏ من باب أنّ الحكم إذا تعلّق بالمعيّنات كما هو المفروض من كون القضيّة محصورة أو طبيعيّة ملحوظا فيها الطبيعة بالوجود الساري يتعلّق بالمهملة فيها أيضا بالتبع، فيصحّ نسبة الحكم إليه بالحقيقة، ولكن هذا الحكم المتعلّق بالمهملة بهذا النحو لا إطلاق فيه ولا تقييد، وليس اختيار تطبيقه بيد المكلّف.

والحاصل فرق بين وقوع الأحد تحت الحكم أوّلا وأصالة. فحينئذ نحكم بمقدّمات الإطلاق بأنّ تطبيقه على كلّ مصداق شاء المكلّف جائز، وبين المقام الذي وقع تحت الحكم بتبع الحكم على المصاديق، فليس هذا الحكم بأزيد من علمنا، لأنّا نعلم أيضا بأنّ الأحد لا منع منه، ولكنّ الشأن كلّه في إثبات أنّ لنا اختيار تعيينه في ما شئنا، وليس في البين مقدّمات إطلاق حتى نحكم بواسطتها بذلك، هذا.

ولإثبات الرخصة في الواحد التخييري طريقان آخران، الأوّل التمسّك بإطلاق المادّة بعد سقوط الهيئة في المعيّنات، للزوم المخالفة القطعيّة والترجيح من غير مرجّح، فيكون الحال كما لو ابتلي المكلّف بغريقين لا يقدر إلّا على إنقاذ أحدهما، حيث إنّ الهيئة ساقطة ويحكم بإطلاق المادّة بمطلوبيّة الإنقاذ، وحيث لا ترجيح فالعقل حاكم بالتخيير، فكذا هنا بعد سقوط الهيئة للقصور اللفظي والمانع العقلي العقل حاكم بعد استظهار وجود مقتضيين للترخيص في الطرفين من إطلاق المادّة وعدم إحراز الأهميّة بالتخيير، وليس الحكم من الشارع حتّى يقال بعدم الاستظهار من الدليل، بل من العقل، كما في أمثال المقام.

وفيه أنّ الفرق بين المقام ومثال الإنقاذ عدم ابتلاء المكلّف بجهة اخرى احتمل مزاحمتها لمطلوبيّة الإنقاذ، ولهذا استقلّ العقل بالتخيير، وأمّا هنا فيزاحم التخيير مع وجوب الموافقة القطعيّة الذي اقتضاه العلم الإجمالي ولم يحرز أهميّة مقتضى الترخيص عن هذا المقتضى لعدمه.

فإن قلت: كما يستكشف بإطلاق المادّة عن وجود المقتضي، كذلك يستكشف به عن عدم المانع والمزاحم، والمفروض تسليم كون الهيئة على تقدير جريانها في أطراف العلم مفيدة لحكم فعلي ناظر إلى جميع الطوارى حتّى هذا الطاري، ولازم ذلك أنّها على تقدير السقوط أفادت مادّتها الاقتضاء الغير المزاحم بشي‏ء في هذا الحال.

قلت: أوّلا يمكن منع استكشاف عدم المانع من إطلاق المادّة، والقدر المسلّم بمناسبة الحكم مع الموضوع هو وجود المقتضي، وعدم المانع إنّما يستكشف إنّا من فعليّة الحكم المستفاد من الهيئة، فإذا سقط الهيئة فلا دليل على عدم المانع.

وثانيا: سلّمنا استكشاف عدم المانع أيضا، لكنّ المسلّم هو وجود العلّة التامّة من حيث القيود والشروط الراجعة إلى الغرض المولوي، دون الجهات الراجعة إلى صحّة الحكم وعدمها عقلا، فالخطاب من حيث هذه الجهات ساكتة، ومن المعلوم أن اقتضاء العلم لوجوب الموافقة حكم عقليّ في مرحلة الامتثال غير راجع إلى أغراض الشرع.

فإن قلت: حكم العقل باللزوم في جانب الموافقة حكم تعليقي معلّق على عدم الترخيص والمؤمّن في بعض الأطراف، وليس كحكمه بحرمة المخالفة القطعيّة حكما مطلقا غير قابل للرفع، وعلى هذا فبعد فرض أنّ المقتضي للترخيص في بعض الأطراف من حيث الغرض الشرعي موجود والمانع منه من هذا الحيث أيضا مفقود بواسطة إطلاق المادّة، فهذا مؤمّن.

قلت: المفروض عدم مزاحمة ذلك الغرض المقتضي للترخيص بالغرض المعلوم الإجمالي، وإنّما يزاحم الموافقة القطعيّة له، فحاصل إطلاق المادّة أنّ هنا مقتضيا تامّا للترخيص غير مزاحم بشي‏ء أصلا في الأغراض الآمري، مع السكوت عن حاله من حيث مزاحمة احتمال مخالفة الغرض المعلوم الذي هو محذور عقلي في مرحلة الامتثال، والذي علّق عليه حكم العقل هو الترخيص المطلق حتّى من هذا الحيث.

نعم لو فرض حفظ الهيئة كان ذلك مستكشفا من فعليّة الحكم بطريق الإنّ، إذ ليس هذا من الشرائط العقليّة لحسن الخطاب حتّى لا يمكن استكشافها من أصالة العموم لاشتراط الخطاب الظاهري أيضا كالواقعي، بل هو كالمصالح والمفاسد المستكشفة من العموم والإطلاق في الحكم الفعلي.

الطريق الثاني، التمسّك بإطلاق الهيئة، بمعنى أن الترخيص في كلّ طرف شامل لحال ارتكاب الآخر وحال تركه، فيتقيّد عقلا في الشبهة التحريميّة بحال تركه، وفي‏ الوجوبيّة بحال فعله، ولا مانع من هذا الوجه إلّا امور كلّها مردودة.

الأوّل: أنّه يلزم التفكيك في مدلول دليل الترخيص بالنسبة إلى الشبهات البدويّة والمقرونة بالعلم بحمله على الترخيص المطلق في الاولى والمشروط في الثانية، وجوابه أنّ التّصرف إنّما هو في اللبّ مع بقاء الاستعمال بحاله.

والثاني: أنّه يلزم الترخيص في كلا الطرفين في صورة تحقّق شرط الترخيص فيهما وهو تركهما في التحريمية وفعلهما في الإيجابيّة، وجوابه أنّ إطلاق الحكم تكليفا وترخيصا لا يشمل حال وجود المتعلّق، ولا حال عدمه، لامتناع طلب الحاصل أو المعدوم والزجر عنهما والإذن فيهما، فمورد الحكم هو الذات، وأثره إمّا طرد الوجود وجلب العدم أو العكس أو التخيير فيهما، وهذا واضح.

والثالث: أن الأمر دائر بين التقييد على الوجه الذي ذكرت وبين التخصيص بالأخذ إمّا مخيّرا وإمّا مبهما، وحيث قد مرّ عدم فائدة الإذن في الأحد المبهم فيحصل الإجمال ويسقط الدليل عن قابليّة الاستدلال، وجوابه أنّ الأحد المبهم طرح للظهور بالنسبة إلى الخصوصيّات، بخلاف الوجهين الآخرين، أعني الأحد المخيّر والتقييد، فإن الأحد المبهم حاصل مع الخصوصيّة، فاختيار الأوّل مع إمكان هذين طرح للظهور بلا جهة، وحينئذ فيدور الأمر بينهما، وكلّ منهما كان فنتيجته الرخصة في الواحد والمخيّر بشرط لا، ولا وجه لتساقطهما في ما توافقا عليه.

أمّا القسم الثاني فهو على قسمين، أحدهما: أن يكون مقتضى الاستصحاب في أحد الطرفين ثبوت التكليف وفي الآخر عدمه، ونحن نعلم بعدم التفكيك بينهما، والثاني: أن يكون مقتضاه ثبوت التكليف في كليهما، ونحن نعلم بعدمه في أحدهما.

أمّا الأوّل فلا مانع من الأخذ بالاستصحاب فيه، لعدم لزوم المخالفة القطعيّة، ومجرّد العلم بعدم التفكيك واقعا لا يؤثّر شيئا إلّا أن يعلم بعدم التفكيك وثبوت الملازمة حتّى في مرحلة الظاهر، كما لو قام الإجماع على وحدة الماءين المختلطين طهارة ونجاسة حتّى في الظاهر، فيتعارض استصحاب طهارة أحدهما واستصحاب نجاسة الآخر، ويرجع إلى قاعدة الطهارة في الماء المذكور.

أمّا الثاني فإن احتمل وجود التكليف في الآخر فالظاهر عدم المانع من الاستصحاب أيضا، ففائدته تنجيز ذلك التكليف المحتمل في كلّ طرف على تقدير ثبوته.

وأمّا إن علم بثبوته في الآخر، كما علم بنفيه في أحدهما، فإن ترتّب على الاستصحابين أثر آخر غير تنجيز الواقع المعلوم مثل نجاسة الملاقي في الإنائين المشتبهين المعلوم نجاسة أحدهما وطهارة الآخر فلا مانع أيضا، وإن انحصر الفائدة في تنجيز المعلوم بالإجمال فالظاهر عدم الجريان؛ لأنّ الأحكام الظاهريّة ليست بنفسيّة مجعولة لمصلحة في متعلّقاتها، وإنّما روعي حال الواقعيّات في جعلها، والمفروض في المقام العلم بعدم التكليف في أحد الطرفين، والعلم بثبوته في الآخر، فالتكليف الموجود معلوم، وقد مرّ في محلّة أنّ التكليف بعد ما علم لا محلّ لأمر مولويّ آخر بنفس متعلّقه؛ لأنّ شأن الأمر المولوي هو الصالحيّة لإيجاد الداعي في المكلّف، والأمر الثاني غير صالح لذلك، بل إمّا لغو وإمّا جزء المؤثّر.

فإن قلت: مؤثّرية العلم في التحريك إنّما هو بحكم العقل، وهو معلّق على عدم بيان من الشرع، فإذا ورد حكم الشرع ارتفع موضوع حكم العقل، كما هو الحال في البراءة الشرعيّة، حيث إنّها واردة على العقليّة، ولا يوجب استقلال العقل في موردها بالبراءة لغويّتها وسقوطها عن المولويّة، فكذلك المقام بلا فرق.

قلت: الظاهر الفرق بين المقامين، فإنّ موضوع حكم العقل بقبح العقاب هو عدم البيان مطلقا، لا على الوجود ولا على العدم، والبراءة الشرعيّة بيان العدم، وأمّا المقام فبابه باب التكليف، ولا بدّ فيه من صلاحيّة العلّة التّامة المفقودة بالفرض.

وبعبارة اخرى: يمكن القناعة في باب البراءة بالتأكيد بأن يكون الغرض من بيان العدم مع كفاية اللابيانيّة هو التأكيد، ولكن لا يمكن في باب الأمر والنهي المولويين، فتدبّر، والحمد للّه ربّ العالمين.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحسيني الثاني عشر في جامعة بغداد تعلن مجموعة من التوصيات
السيد الصافي يزور قسم التربية والتعليم ويؤكد على دعم العملية التربوية للارتقاء بها
لمنتسبي العتبة العباسية قسم التطوير ينظم ورشة عن مهارات الاتصال والتواصل الفعال
في جامعة بغداد.. المؤتمر الحسيني الثاني عشر يشهد جلسات بحثية وحوارية